ما تخسره جماعة الإخوان المسلمين على صعيد السياسة، على خلفية تصاعد الاحتجاجات والعنف وهدر كرامة المصريين مثلما حدث فى واقعة سحل حمادة صابر، قد لا يهم كثيرًا إلا حلفاءها وخصومها السياسيين. أما ما قد تخسره على صعيد الاقتصاد، فبالتأكيد يهم كل الباقين، وبالذات أولئك الذين عولوا على ما يسمى ب«مشروع النهضة» الذى روجه حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة كبرنامج اقتصادى انتخابى للرئيس محمد مرسى، انتظارا لتحسن ولو طفيف فى مستويات المعيشة، إضافة إلى توفر الخدمات العامة. مشروع النهضة نص مثلا -ضمن الحديث عن سياسة نقدية جديدة- على «ابتكار وتطوير الأدوات المالية الإسلامية اللازمة لتمويل المشاريع التنموية: مؤسسات التمويل الإسلامى على مستوى الحكومة والشركات والأفراد، الصكوك الإسلامية كبديل ناجح للسندات الحكومية، أدوات المضاربة لتخفيف العبء على أطراف الأنشطة الاستثمارية، الصناديق الاستثمارية النوعية لإدارة الاستثمارات المختلفة بكفاءة». إلا أن الصكوك الإسلامية بالذات، كانت أول الغيث لتلك الأدوات المالية الإخوانية، على الأقل على إيقاع حجم هالة الزخم التى أحاطت به.
هذه الصكوك ليست بمعزل عن مخاطر السندات الحكومية، كما حاول مشروع النهضة أن يشيع، فتخفيض التصنيف الائتمانى للديون السيادية المصرية المتوقع من قبل مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتمانى -حسبما أعلنت فى وقت سابق- سيهبط بتصنيف مصر إلى أقل من تصنيف اليونان المفلسة، سيصيب المشروع كما أصاب من قبل سندات وأذون خزانة الحكومة المصرية. إذ تنص المادة 18 من مشروع قانون الصكوك على أن تتضمن نشرة إصدار صكوك المشروعات شهادة بالتصنيف الائتمانى للإصدار من إحدى وكالات التصنيف المعتمدة لدى الهيئة، بحيث لا يقل عن الحد المطلوب للوفاء بالالتزامات الواردة فى نشرة الإصدار العام.
هذا التصنيف يتأثر بالتصنيف الائتمانى السيادى للدولة، كما يعترف أحمد النجار، مستشار وزير المالية والمسؤول السابق عن الصكوك الإسلامية فى حزب الحرية والعدالة، حيث يقول ل«التحرير»، إن «التصنيف الائتمانى للمشروع بما يعتمد عليه من حساب للمخاطر يعتمد على التحليل من أعلى إلى أسفل، بمعنى أنه يبدأ بتحليل مخاطر الاستثمار عالميا ثم مخاطر الاستثمار فى الاقتصاد المصرى، وبعدها ينتقل إلى القطاع الاقتصادى الذى يتوجه إليه المشروع قبل أن يحلل مخاطر المشروع نفسه. أما فى سياق تحليل مخاطر الاقتصاد المصرى فإنه يتأثر بالتصنيف الائتمانى للديون السيادية بطبيعة الحال، لكن يعتمد مدى التأثير على الوزن النسبى لهذا التصنيف فى الخروج بنتيجة نهائية فى التصنيف الائتمانى للمشروع».
النجار قال إن تراجع التصنيف الائتمانى لمصر يعود إلى المخاطر السياسية بالدرجة الأولى، مضيفًا أنه يأمل فى تحسن التصنيف الائتمانى للديون السيادية المصرية قبل بدء طرح الصكوك مع التغيرات فى المشهد السياسى.
ومن جانب آخر، لا يبدو نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) بمعزل هو الآخر عن تأثيرات السياسة التى يسير التصنيف الائتمانى فى ركبها، وهو النظام الذى كان خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين يروج إلى ضرورة التوسع فيه فى مواجهة الارتفاع فى عجز الموازنة، حسبما قال خلال مؤتمر استضافته فيه غرفة التجارة المصرية الأمريكية. فى حين أوضح عاطر حنورة رئيس وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أن تقييم مخاطر أى مشروع يطرح بهذا النظام، وهى مراحل تحتاج ما بين أربعة إلى خمسة أشهر، تتضمن تحليل المخاطر المتعلقة بالدولة وبالقطاع الاقتصادى وبالمشروع نفسه، وقد يتأثر تحليل مخاطر الاستثمار فى الدولة نفسها طبعا بتخفيض التصنيف الائتمانى على نحو غير مباشر، بما يشير إليه من ارتفاع المخاطر السياسية.