هل حدث أى تغيير منذ وصول الإخوان إلى الحكم.. وتولى محمد مرسى مهمة قصر الرئاسة؟ لم يحدث أى تغيير أو حتى إصلاح.. وهو الأمر الذى ينعكس على الناس الآن.. فى ظل إحساسهم بأنهم غيَّروا نظاما بنظام أسوأ وأقل كفاءة.. نظاما يعمل لجماعة لا من أجل الشعب.
فلماذا إذن كانت ثورة 25 يناير؟
منذ اليوم الأول فى الفترة الانتقالية بعد التخلص من مبارك.. استطاع الإخوان السطو على الثورة والتنسيق مع نظام الحكم الانتقالى من خلال جنرالات المجلس العسكرى، وكان لهم دور كبير فى هذه المرحلة السيئة من إدارة البلاد.
وكان جنرالات «العسكرى» يؤكدون دائما فى حواراتهم مع القوى السياسية قرار الإخوان فى أى شأن سياسى ومستقبلى.. فلم يكن يمر شىء إلا بموافقة الإخوان.. وكان هناك دائما حوار خاص بين العسكر والإخوان تمثل بعض أوجهه فى ما دعا إليه الطرفان من احتفالات الثورة فى 25 يناير 2013 التى أراداها كرنفالا.. واحتفالا على طريقة إخوان العسكر.. لا من أجل تحقيق أهداف الثورة.
ومن هناك كانت أحداث محمد محمود التى جرت فى ظل الوفاق والاتفاق بين الطرفين للتخلص من قوى الثورة.. وكذلك أحداث مجلس الوزراء وقصر العينى التى سقط فيها المزيد من الشهداء وكانت الجماعة -ومن قبلها العسكر- تتهم الثوار بأنهم بلطجية ويعملون وفق أجندات خارجية!! فقد اتفق الطرفان على إجهاض الثورة.. وتقاسم السلطة لكن الثوار الأصليين -لا ثوار الإخوان- أجهضوا كل خطط الطرفين.. فى إصرارهم على ثورتهم وأجبروا العسكر على تسليم السلطة فسلموها للإخوان.
وحاول الإخوان ارتداء ثياب الثورة من جديد.. ولكن على طريقتهم بمنهج السمع والطاعة.. لا من أجل التغيير وبناء مجتمع ديمقراطى يحقق العدالة الاجتماعية ودولة القانون.
ووعدوا الناس باعتبارهم أصبحوا ثوريين بأنهم سيعيدون بناء دولة الجمهورية الثانية وفقا لدولة المؤسسات، فإذا بهم يبنون دولتهم الخاصة.. لا الدولة التى ينشدها الشعب ودفع من دمه الكثير من أجلها.
واستطاعوا الضحك على الناس بوعودهم الكاذبة والمضللة و«المستحلة» ليصلوا إلى قصر الرئاسة لإعادة إنتاج حكم استبدادى جديد وأكثر توحشا.. ولم يقدموا أى شىء إلا مزيدا من التدهور وشد المجتمع إلى الخلف.
فالدستور الذى ناضل الشعب سنوات طويلة من أجل الحصول عليه.. جعلوه دستورا طائفيا لا يعبر عن الشعب المصرى كله.. ولا يعبر عن أهداف الثورة رغم ادعاءات القيادات الإخوانية -التى لم تضبط أبدا فى أى وقت من الأوقات وهى ثورية، أو كان يأتى على لسانها كلمة ثورة أبدا- بأنه دستور الثورة. ولم يحدث عليه أى توافق بما فى ذلك النتيجة التى اعتمدوها للاستفتاء المزور.. فهى نتيجة لا تعبر عن توافق. وحدث ولا حرج عما فعلوه فى المؤسسات التى ناضلت القوى السياسية الوطنية من أجل استقلالها فى هيكل بناء الدولة للوصول إلى مجتمع حديث. فهناك اعتداء على مؤسسة القضاء.. وتدخل خطير فى شؤونها لم يشهده النظام السابق باستبداده وفساده.
ولعل أزمة النائب العام الخصوصى الذى أتى به مرسى وفرضه بالقوة وبالتدخل فى شؤون مجلس القضاء الأعلى.. وإن حاول تحصين قراره وذلك من خلال نصائح واستشارات مجموعة «استغلال القضاء» التى يستخدمها مرسى بعد أن منحهم مناصب ومزايا ربما لو كانوا قد حصلوا عليها أيام مبارك لتغيرت مواقفهم.
أيضا ما جرى مع المحكمة الدستورية هو المهزلة الكبرى فى التعدى على القضاء.. ولم يكتف النظام من خلال أنصاره بمنع القضاة من دخول المحكمة -واستسلام القضاة لهذا الأمر- بل والتعدى على المحكمة نفسها دستوريا! وكذلك موقفهم من الإعلام والصحافة والملاحقة المتكررة للإعلاميين والصحفيين وتخويفهم وترهيبهم. ومع هذا فاشلون فى إدارة البلاد. فلم يستطع مرسى وجماعته استعادة الأمن حتى الآن.. فهم لا يفكرون من أجل الوطن ولم يحاولوا إجراء أى تغيير أو إصلاح فى الجهاز الأمنى.. إنما ما يفعلونه محاولات للحفاظ على هذا الجهاز كما كان.. ولكن يكون ولاؤه للجماعة لا للشعب. ولم يقدموا شيئا لحل أزمات هذا المجتمع التى تزداد يوما بعد يوم.. وتحدث الكوارث فلا يجدون حلولا. كل ذلك بفضل استعانتهم بأهل الثقة عديمى الكفاءة وعديمى الخيال.. فلا بد أن يكونوا فاشلين.
لم يتغير شىء.. بل الناس محبطة من الحكم الجديد وكأنها فى أجواء 25 يناير 2011.