.. ظهر اليوم، خرج من تحت قبة البرلمان، مائة نائب - معارض ومستقل - إلي شارع مجلس الشعب، للإعلان عن مشروع قانون جديد، تقدموا به، لمباشرة الحقوق السياسية. .. القانون الجديد، مجرد اقتراح بمشروع قانون، قد لا يري النور، في ظل إصرار النظام علي أن يظل قابضاً علي مقدرات أي عملية انتخابية، برلمانية، أو رئاسية، أو حتي محلية!! .. أتصور أن فتحي سرور، قد لا يعرض الاقتراح بمشروع القانون متمسكاً بسبب لائحي «مضحك»، حيث تنفرد اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري، بنص عجيب يضع سقفاً لعدد الموقعين، علي أي اقتراح بمشروع قانون، بعشرة نواب، لا أكثر!! .. الغريب في النص الشاذ، أنه يسير عكس المنطق الطبيعي، الذي ينزع الشرعية والأهمية عن مشروع قانون، مؤيد من «خمس» أعضاء البرلمان - لحظة تقديمه - ويعطي الشرعية اللائحية لمشروع مقدم من نائب واحد وبحد أقصي تسعة نواب !! .. في عام 1996 تقدم خالد محيي الدين، زعيم حزب التجمع الوطني، بمقترح بمشروع قانون لتعديل قانون الصحافة، الذي صدر عام 1995 - ومسمي وقتها - قانون اغتيال الصحافة، ووقع علي مشروع خالد محيي الدين، أكثر من 40 عضواً، كنت في مقدمتهم، إلا أني تلقيت من النقابة تعديلات جديدة - لاحقاً - فقدمتها في إطار اقتراح بمشروع مستقل .. فكان قرار المجلس هو استبعاد الاقتراح المقدم من 40 نائباً، وقبول اقتراحي!! .. سألت يومها الدكتور سرور، عن هذا المنطق الصادم، وعن الحكمة من هذا الشرط اللائحي المعكوس؟! فقال لي: إن المشرع اللائحي، أراد بهذا النص تفادي أن يوقع علي أي اقتراح - مثلاً - نصف أعضاء المجلس، فيصبح الاقتراح قبل إقراره من المجلس في حكم الصادر فعلياً، بحكم تأييد 50% من النواب له منذ لحظة تقديمه !! .. لم يقنعني منطق سرور، لأنه يتصادم مع العقل والمنطق الذي يقول بإعطاء كل الشرعية وكل الأهمية للاقتراح المؤيد من العدد الأكبر للنواب، وليس العكس !! لكن من قال إن البرلمان في مصر مهمته أن يعكس إرادة ممثلي الأمة فيما يصدره من تشريعات؟! .. في الكونجرس الأمريكي وفي كثير من برلمانات العالم الحر، تنص اللوائح علي حد أدني يجب أن يحصل عليه أي اقتراح بمشروع، كي يدخل إلي لجان البرلمان، ثم عدد آخر لينتقل المشروع من اللجان إلي الجلسة العامة وليس العكس!! .. الشرعية والهيمنة، في برلمانات الاستبداد - فقط - للمشروعات المقدمة من الحاكم أو من الحكومة، التي تدخل تشريعاتها إلي البرلمان مباشرة، دون عرضها علي لجنة الاقتراحات، التي كنا دائماً نسميها ثلاجة التشريعات حيث تدخل إليها اقتراحات النواب - فقط - ولا تخرج منها إلا إذا تحركت بمناسبة تقديم الحكومة أو رئيس الجمهورية قانوناً في ذات الموضوع، حيث تنص اللائحة - أيضاً علي أنه في حالة تقدم الحكومة أو الرئيس بمشروع قانون، ويكون هناك مشروع مشابه مقدم من النواب يكون مشروع الحكومة هو الأساسي في المناقشة!! .. البرلمان في الدول الاستبدادية لا يراقب، ولا يحاسب، ولا يشرع، بل يقتصر دوره علي بصم ما يصل إليه - ولو في منتصف الليل - من تشريعات يقدمها الرئيس أو الحكومة!! .. أؤيد اقتراح ال 100 نائب .. وأحذر من كمين سرور!!