لمدة تسعة أشهر كاملة.. كنت مستكيناً تماماً فيهم.. أتكوَّن وأتشكَّل وأنا مقرفص في هدوء.. غير شاغل بالي (بالي نفسه لم يكن قد تكوَّن أساس) بالغذاء أو بالشراب أو بالمستقبل أو حتي بالحاضر.. لمدة تسعة أشهر كاملة ظللت في بطن أمي في منطقة زمنية سرمدية غير محسوبة من عمري.. منطقة زمنية لا تنتمي إلي الماضي أو الحاضر أو المستقبل.. منطقة سحرية لا يشترك فيها تاريخي سوي مع كائن واحد فقط علي ظهر ذلك الكوكب.. أمي الجميلة! بعد مجيئي إلي الحياة وتشغيل العَدَّاد الزمني الخاص بعمري.. في فترة لم يكن فيها إدراكي للأشياء أو للحياة قد تشكَّل بعد.. كانت أمي هي الملاك الحارس المسئول عني وعن سلامتي الجسدية والنفسية والروحية طوال فترات طفولتي النَزقة.. الوضع طوال طفولتي كان كما ترونه في الصورة بالظبط.. أنا.. لست أكثر من مجرد طفل لاهي وعابث يمسك بمسدس لعبة في يده اليمني.. بينما يطوق باليسري عنق أمه.. ويبتسم غير منَشغل البال سوي بشيئين رئيسيين .. يا تري بابا حييجي إمتي من الشغل ومعاه ميكي جيب؟!، ويا تري ماما عاملة إيه ع الغدا النهاردة؟!، بينما أمي تطوقني بيديها الاثنتين وتربت علي رجلي بيدها زيادة في الأمان ومنعاً لوقوعي من فوق البوفيه! أمهاتنا وأبَّهَاتنا هُمَّه أكتر كائنات علي ضَهر الكوكب بيحبونا.. قاعدة رئيسية في الحياة كان ينبغي أن أعيش لوحدي لمدة 13 سنة حتي أتأكد أكثر وأكثر من مدي صدقها.. وربما كان هذا هو السبب في أنه كلما أبحرت سفينة روحي في بحر الحزن الذي هو ماعدش له جلال ياجدع .. أجد الموبايل بيرن وعلي الشاشة كلمة Home.. بينما صوت أمي يسألني بلهفة.. «خالد.. إنت كويس»؟! أمي الطيبة .. كل سنة وانتي جميلة..