السادة الكرام أعضاء موقع "بص وطل".. أنا مشكلتي مالهاش حل بواجهها من أكتر من 23 سنة وهي سنوات عمري. تخيل حياتك مافيهاش أي عقد، بنت وحيدة متدلعة متفوقة جميلة، ولكن أخوها الأصغر مجنون، أيوه يا سادة أنا عايشة مع أخ متوحد ذو احتياجات خاصة، أصعب حالة ممكن تتخيلوها من الأطفال المتوحدين.
طبعا تتخيلوا الحياة مع طفل بيصرخ معظم اليوم، مش بينام بالأيام، بيضربنا كلنا حتى أبي وأمي العجائز الكبار بالسن، صرفنا عليه دم قلبنا علشان يتعالج، سافرنا بيه بره، وبرضه عجز الطب إنه يعالجه، ورضينا بقضاء الله علينا وصبرنا بس الصبر طال.
وأنا كبرت وعلى وش جواز، بس للأسف فقدت الأمل إني أستقر وأتجوز، لأني ببساطة استحالة أجيب طفل أبدا يكون زيه، ويضيع باقي اللي فاضل من عمري، وأصلا ده لو اتقدم لي حد لأن مافيش عاقل يرضى يرتبط بواحدة بظروفي.
حياتي كلها صعبة من صغري، باحاول إني أتمرد وأقول معلش الظروف الصعبة هي اللي هتخليكي إنسانة ناجحة، بس زي ما قلت صبري طال جدا، نجحت في كليتي واشتغلت في مصلحة حكومية من غير تثبيت ولا حتى عقد ورضيت، وقلت معلش يمكن أتعين أو حياتي تبقى أفضل، وإلى الآن سنتين ومافيش فايدة، والشغل مش بيرحم، والشخص الضعيف بيدوسوا عليه ومالوش حقوق وعليه كل الواجبات.
إحساسي كل يوم بالفشل بيزيد، وعندي إحساس إن ربنا غضبان عليّ، مع إني عمري ما عملت حاجة غلط ومتدينة وراضية بنصيبي، مش عارفة أعمل إيه..
كل يوم بابعد زيادة عن الصلاة، مش قادرة حتى أسجد -أستغفر الله العظيم- وأنا اللي كنت باصلي الفجر حاضر، تخيلوا وأنا باصلي أخويا بيصرخ في ودني ومش قادرة أركز، قولوا لي أتصرف إزاي؟ مش عارفة أعمل حاجة، حاسة إن عقلي وقف، وخلاص يئست من كل حاجة.. أرجو الرد.. وآسفة على الإزعاج والإطالة.
isyman
لماذا نتخيل دائما عندما يبتلينا الله عز وجل بابتلاء ما فهو غاضب علينا؟ لماذا لا نفكر ولو للحظة واحدة في أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه؟ لماذا لا نفكر في أن تحمّل بلاء الله عز وجل فيه ثواب عظيم ويعقبه فرج أعظم؟ لماذا نسيء الظن بالله مع أنه هو عز وجل وعد من يحسن الظن بأن يكون عند حسن ظنه؟
يا صديقتي العزيزة أنا أشعر بكم المعاناة والحزن الذي تدمع بهما تلك السطور الرقيقة والمعذبة في الوقت ذاته، حياة يصعب احتمالها، أخ مصدر تهديد لكل من في البيت طوال الوقت، فبسببه ربما لا تستطيعين استقبال أي من أصدقائك بالمنزل أو كذا الحال بالنسبة إلى أقاربك، فيكفي أن يُطل عليهم طلة واحدة وينتهي الأمر، النوم أصبح أمرا نادر الحدوث، والصلاة يتم أداؤها وكأنها مهمة عسكرية وكل هذا بسببه.
ولكن هل فكرت ولو للحظة في أن هذا الولد لا ذنب له فيما فطر عليه، هل من العدل أو الإنصاف أن نحمّله مسئولية وضع لم يختره ولن يفضّله بالتأكيد لو عاد إليه عقله ولو لدقيقة واحدة.
أعرف أنك تقولين بينك وبين نفسك وما ذنبي أنا الأخرى أن أحتمل هذا الوضع، وربما تكوني محقّة، ولكن إجابة هذا السؤال أن الله عز وجل قد ابتلاكم ابتلاء وعد من يصبر عليه كما أسلفت بثواب وفرج عظيم، فهذا الصبي الذي لا يكف عن الصراخ في وجوهكم والضرب في أجسادكم ربما يأخذ بأياديكم إلى الجنة، ربما يكون أول من ينادي عليكم من الفردوس ويوصي بجلوسكم جواره، وصبي كهذا طلباته عند الله عز وجل سيكون لها وضعها واعتبارها، ومكانه محجوز في الجنة وربما يوصي بمجاورة أهله وأحبابه فتخطونها دون حساب أو عقاب.
هل تتخيلين هذا الثواب العظيم الذي ينتظرك والذي سيكافئك به الله عز وجل لو صبرتِ وعلمتِ حكمة الله عز وجل فيما فعل.
أما فيما يتعلق بتلك المخاوف التي تنتابك بين الفينة والأخرى من أن تلدي طفلا مصابا بذات العلة، فهذا أمر لا يمكننا الجزم به بهذا الشكل قبل أن نسأل عددا من الأسئلة.
هل هذا الطفل نتاج حمل في مرحلة عمرية متأخرة للوالدين، أم أنه نتاج مرض موجود بالأساس في سلسال الأسرة؟ وهناك حالات مشابهة سبق وأن ولدت بهذه الشاكلة، فلو كان نتاج حمل في مرحلة عمرية متأخرة فأعتقد أن المسألة لن تتعدى كونها حالة فردية لن تتكرر مع باقي أفراد الأسرة.
أما إذا كان هذا المرض موجود ومتأصل بالأساس في سلسال الأسرة فالرأي الطبي وقته هو أمر لا مفر منه، وهو وحده القادر على حسم هذه المسألة حول احتمالات تكرار هذا الأمر، على أي حال لا أريد أن أدلو بدلوي في مجال ليس بمجالي، ولكن مقصدي بكل ما سبق أن التنبؤ بشيء كهذا لا يكون إلا بعد استشارة الأطباء، والمشيئة في النهاية للواحد القهار.
صديقتي العزيزة.. إن الله يبتلينا حتى نسأله التخفيف، هل أنت مدركة لمعنى هذه الجملة؟ أي أنه يصيبنا بالبلاء حتى نتقرب منه وندعوه، فهو يحب تلك اللحظات التي نضعف فيها أمامه ونسأله الفرج، فكيف يدعونا ونرفض الدعوة، عودي إلى سابق عهدك بالصلاة، فصدقيني.. الفرج عنده والحل عنده وكل شيء يبدأ وينتهي لديه، فلا تدعي الشيطان يصور لك ابتلاء الله على أنه غضب منه عليك ولا أمل لك في التوبة، إنه يحاول أن يفي بوعده منذ بداية الخليقة بأن يجعل بني آدم يعرضون عنه فهل ستستمعين له؟!