عندما ينتهي الأسبوع ويحال إلى التقاعد، لا نتذكر إلا أخطاءه، ولا نحاول أن نتصل به؛ فقد أصبح خارج الزمن وبلا سلطان إلا الذكرى، وإذا كان الزمن هو البُعد الرابع عند "آينشتاين"؛ فإنه أيضاً البُعد المؤلم عند المحبين.. لذلك يقال إن "الزوجة" تعلّق زكيبة أمامية على صدرها تضع فيها "أخطاء" الزوج، وزكيبة خلفية على ظهرها تضع فيها "حسناته"؛ فإذا تغيّر الزمن وقلت قيمة الزوج الاسمية أو هبطت أسهمه قذفته بمحتويات الزكيبة الأمامية، وإذا ملأ لها "الأنبوبة" قذفته بمحتويات الزكيبة الخلفية.. وعندما تغيّر الزمن وحدث "الانفصال" بين مصر وسوريا وقف السفير السوري "سامي الدروبي" أمام "جمال عبد الناصر" ليقدم أوراق اعتماده ويقول "أقدم اليوم لسيادتكم أوراق اعتمادي كسفير أجنبي لدولة أخرى؛ وكأنني ما كنت يوماً مواطناً في جمهورية أنت رئيسها"، فبكى جميع الحاضرين.. وقد بكى السادات في غرفة النوم أمام الفريق "الليثي ناصف" قائد الحرس الجمهوري، وبعدها قبض "الليثي" على الوزراء ورئيس وأعضاء مجلس الشعب المعارضين للسادات، وعندما استقر الأمر للمرحوم "السادات" دخل الرجل على السادات في مكتبه؛ ففوجئ بالرئيس يقول له: "جرى إيه يا ليثي"؟ إنت داخل عندي المكتب و"السترة" خارج "البنطلون"؟.. أدخل السترة في البنطلون واعدل هندامك". وهي ملحوظة لا تقال لجنرال؛ بل لجندي؛ لكنه الزمن وتغيّر الظروف.. و"علي ماهر" الذي وقف شامخاً أمام "الملك" يطلب منه التنازل عن العرش كان قبلها بأسبوع ينحني أمامه، ويرجو منه أن يكلفه بتشكيل الوزارة.. حتى "جورباتشوف" رئيس الدولة العظمى الذي انشغل بالإعلان عن "البرسترويكا" و"الجلاسنوست"؛ انشغل بعد المعاش بالإعلان عن "الشيبسي" و"الهامبورجر".. لذلك يرفض حكامنا أن يغادرونا مهما طال الزمن؛ بحجة أن الشعوب مثل الزوجة تضع زكيبة أمامية للأخطاء عند هبوط الأسهم وزكيبة خلفية للحسنات عند ملء الأنبوبة.. أنا شخصياً عندما تركت الخدمة بسبب ظروفي الصحية تغيّرت معاملة البواب معي، ونزع عني الباشوية، وعندما سألته عن السبب قال: "شكلك كده يا جلجل طلّعوك معاش، وبتمثل فيلم زوجة رجل مهم".. ثم طلب مني أن أملأ الأنابيب، وأوزع العيش على العمارة تحت إشرافه. عن المصري اليوم 18 فبراير