السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أكتب لكم وأنا في أشد الحاجة للمساعدة.. أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما من أسرة محافظة، منذ تسعة شهور تقدّم لخطبتي شاب يكبرني بعامين يعمل محاسبا بإحدى الشركات الخاصة بالسعودية، تراسلنا الصور عبر البريد الإلكتروني، وتمّ القبول. اتفق أهلي وأهله وتمّت الخطبة، وبعد قراءة الفاتحة بدأ يتصل بيّ ليتعرف كل منا على الآخر، كنت أشعر بسعادة كبيرة؛ فهو يشبهني كثيرا، وبيننا صفات مشتركة وتوافق روحي، اتفقنا من البداية، ولكونه صادقا في مشاعره وصريحا ارتحت له وأحببته سريعا، كان متفاهما ومقدرا ومتعاونا جدا احتوى مشاعري وغمرني بالحنان والحب، وانسجمنا سويا، وبرغم سنه الصغير إلا أنه كان رجلا بمعنى الكلمة؛ قلبه كبير، وعقله حكيم، متحمل للمسئولية، فكان عونا لي وسندا.. أحسست معه بالأمان وبرغم كل ذلك الآن حبيبي كان بداخله طفل صغير أحببت ذلك الطفل وكنت له أمّا تغمره بحنانها وتُدلله برعايتها، وكنت له صديقة تسمعه وتشاركه الرأي، وكنت له حبيبة تحبه وتهواه وعاشقة تشتاق إليه وتؤنس وحدته.. أحببته بشدة وأصبحت أنتظر اتصاله بفارغ الصبر، كنت أشتاق إليه.. إلى حنان صوته وهمس كلماته، كنت أشتاق إليه وهو معي، كانت تمر الساعات وأنا أستمع إليه دون ملل، كان يمر الوقت سريعا وفي نهاية المكالمة كنت أحس بأن روحي ستذهب معه.. كنت أنتظره مجددا قبل أن يتركني، كنت أعد الدقائق والساعات في بُعده وفي انتظار مكالماته. أنا أكثر امرأة محظوظة على سطح هذا الكون لكونه حبيبي ونصيبي كنت أتساءل دوما أأستحق هذا الحب؟ أأستحق هذا الحنان؟ من أنا بغير حبه أكون؟ كنت أشكر الله عليه وأدعوه أن يبارك لي فيه ويحفظه.. اشتقت إليه كثيرا وأنا في انتظار رجوعه، كم حلمت باللحظة التي ستجمعنا سويا بعد طول غياب.. إنها أسعد لحظة بالنسبة لي. ومنذ شهرين تقريبا حدثت له بعض المشاكل في عمله بسبب زميل يتنافس معه، ولكنها كانت منافسة غير شريفة، فاستخدم أساليب كثيرة للشوشرة عليه وإثارة رؤسائه ضده، وأثّر ذلك عليه.. كان استياؤه لأنه لم يجد التقدير الذي كان يتوقعه من رؤسائه، وبالفعل يستحقه لتعبه ومجهوده الدائم بعمله، أبدى استياءه وأخبرني بتفكيره في ترك العمل والعودة إلى بلده، حاولت أن أهدئه وأخرجه من أزمته بكل الطرق، ومرّت الأزمة بسلام.. تغيّر حبيبي بعدها وأصبح طوال الوقت متعكر المزاج سريع الغضب، وبدأ يبتعد عني ومكالماته بدأت تقل رويدا رويدا، وأصبح صامتا لا ينطق بكلمة حب واحدة، اشتقت له وبشدة اشتقت لاحتوائه لي واشتقت لحبه وحنانه واشتقت لاهتمامه بي.. كيف أعيده إليّ وأعيد له السعادة من جديد؟ كيف أعينه وأسانده؟
flystar
صديقتي العزيزة.. مبارك عليك هذا الحب الرائع النقي الذي نما في رضا الله ومعرفة الأهل، وأحييك على حرصك على أن تكوني نعم الشريكة التي تحتوي الرجل الذي سترتبط به. إن كلمات رسالتك عبّرت بشدة على عمق شخصيتك ونضج فكرك، لذا فأطمئنك أنك بإذن الله سوف تنجحين ما دامت لديك تلك الإرادة والرغبة في نجاح علاقتك بشريك حياتك. إن خطيبك يا عزيزتي يمر بأزمة شديدة في حياته الآن، والعمل بالنسبة للرجل هو قمة أولوياته؛ لأنه هو قاعدة الأمان بالنسبة لحياته، فهذه هي وظيفته في الدنيا يعمل ويكد لكي يوفر لك حياة سعيدة، لذا فإن حدوث متاعب ومشاكل تهدد عمله الذي هو حياته فإنه لا بد وأن يمر بحالة نفسية قاسية، خاصة وأنه رجل بمعنى الكلمة كما قلت، وبالتالي فهو يشعر بالمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقه. بالتأكيد أنت لديك الكثير من المشاعر الجميلة والحنان الذي يدفعك لكي تخففي عنه آلامه، لكن قد تكون تلك المشاعر جارفة جدا لدرجة تدفعك للتصرف بشكل قد لا يريده هو في تلك اللحظة، فالرجل مختلف عن المرأة يا عزيزتي، وتكون المشكلة حين يعطي كل منهما الحب حسب احتياجاته هو لا حسب احتياجات الآخر، فمثلا يضرب لنا د. جون جراي مثالا على ذلك فيقول بأن المرأة تظن أنها تكون محبة عندما تسأل كثيرا من الأسئلة المعبرة عن رعايتها أو اهتمامها، يمكن أن يكون ذلك مزعجا جدا للرجل.. فربما يبدأ يشعر بأنه محكوم ويرغب في بعض الحرية.. إنها مشوشة؛ لأنها لو حظيت بمثل هذا النوع من الدعم فإنها ستكون ممتنّة.. وبطريقة مشابهة يظنّ الرجال أنهم محبون ولكن الطريقة التي يعبرون بها عن حبهم ربما تجعل المرأة تشعر بأن الثقة بها ضعيفة وأنها غير مدعومة.. فيعتقد الرجل أنه محبّ ومساند لها حين يلقي تعليقات تقلل من أهمية مشاكلها ربما يقول: لا عليك، إن الأمر ليس بتلك الأهمية، أو يتجاهلها تماما مفترضا أنها ستحتاج إلى مساحة كبيرة لتنفرد بنفسها وتهدأ. ومن السهل على المرأة أن تعطي ما تحتاج إليه، وتنسى أن رجلها ربما يحتاج إلى شيء آخر. أنا أقدّر أنك تحتاجين اهتمامه وحنانه ورعايته بك، لكن فترة الأزمة تلك تجعله ينغلق على نفسه فهذه هي طبيعة الرجل حتى يفكر في مشكلته ويتوصل إلى حل، وهو بحاجة إلى تلك المساحة من الحرية دوما، حتى بعد الزواج وهو عندما ينغلق هكذا وينفرد بنفسك ستجدينه قد عاد إليك بإذن الله أفضل مما كان. هو في تلك الفترة يحتاج إلى دعمك له بشكل ذكي جدا وخفيف، لا يريد نصائح أو رأيا؛ لأنه سيشعر أنه لا يستطيع السيطرة على الموقف أو أنه غير جدير بثقتك أو بإحساسك أنه قادر على حل المشكلة، ما يحتاجه هو تقبله كما هو والتأكيد على أنه سيتجاوز كل شيء بقوة شخصيته وبثقتك الدائمة فيه. فالرجل لديه يا عزيزتي أصناف حب أولية كما صنفها جون جراي إلى: "الثقة - التقبل - التقدير - الإعجاب - الاستحسان - التشجيع". فهو يريد منك الثقة التي تشعره باعتقادك بأنه يبذل أقصى الجهد وأنه يريد الخير لك دائما، ويريد منك التقبل بحب دون أن تحاولي تغييره بأن تثقي بقيامه بالتحسينات المتعلقة به، وليس بأن تريه بشكل كامل بل تثقي بأنه يستطيع السيطرة على أوضاعه وتحسينها، وفي نفس الوقت تقدرين ما يفعله لأجلك في ظل هذه الظروف الصعبة، فلا تثقلي عليه بأن يشعر أنك متعبة منه في تلك الفترة أو غير متقبلة له ولحالته، فهو يريد منك المساندة وبأن يشعر أنك بالفعل سكن لقلبه الذي يحتاجك في كل وقت، فهو يأخذ منك الطاقة الايجابية التي يحتاجها منك بتعبيرك عن الثقة في قدراته وشخصيته وهذا يعطيه الأمل والشجاعة مما يجعله يريد أن يخرج كل إمكانياته. وذلك على عكس أن تحاولي التحسين من سلوكه بشكل مباشر عندما تقدمين نصائح دون طلب فهذا قد يهيج عصبيته أكثر؛ لأنه سيشعر بأنه غير محبوب لأنك لم تعودي تثقين فيه، كذلك البوح بالضيق والمشاعر السلبية بشكل وكأن الأمر عقاب مثلا يشعره أنه غير محبوب؛ لأنك لا تتقبلينه كما هو، كما يشعر بأنه غير محبوب عندما لا تقدرين له ما يقوم به من خلال الشكوى مما لم يقم به. وفي هذا تكون الأنثى أكثر ذكاءً من الرجل في إدراك هذه النقطة فكما هو ينجح في أعماله الخارجية؛ لأنه خلق من الأرض تنجح هي أكثر في الاحتواء العاطفي لأنها خلقت من ضلعه الأعوج الذي يحمي القلب، والرجال عادة لا يميزون أساليب التواصل غير اللائقة مع النساء قد يعرف أنها غير سعيدة معه، ولكنه لا يستطيع تغيير أسلوبه إذا لم يفهم لماذا تشعر هي بأنها غير محبوبة وماذا تحتاج. استخدمي ذكاء الأنثى في معرفة احتياجات خطيبك، وحوالي مع الوقت معرفة طريقة تفكيره حتى تعامليه كما يرغب هو أن يعامل فيشعر أن احتياجاته ملبّاة، أما إذا تصرفت من وجهة نظرك أنت فستشعرين بأنك فعلت كل ما في وسعك بينما هو لا يقدر ذلك وسيزداد الوضع سوءا، استخدمي تلك الحاسة التي غرسها الله في كل أنثى وسوف تدركين غايتك بإذن الله خاصة عندما تستعينين بالله وتحتسبين الأجر في كل جهاد لك في حياتك، وجهادك مع زوجك هو أعظم جهاد لك، مع الصبر على متاعب الحياة، وتدربي على ذلك حتى تكونين نعم الزوجة في مسيرة الحياة الصعبة، ورسالتك تؤكد أنك ستكونين هذه الزوجة بإذن الله. مع تمنياتي لك بالحياة السعيدة.