عرض- محمود الغنام نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للدكتور علي جمعة بعنوان "النبي محمد رحمة للعالمين"، في إطار الحملة التي تبنّتها دار الإفتاء للتعريف بالنبي محمد في أمريكا وأوروبا في أعقاب نشر مقاطع من الفيلم المسيء "براءة المسلمين" على الإنترنت، وما أعقبه من احتجاجات عارمة اشتعل بها العالم الإسلامي، كان أعنف نتائجها مقتل السفير الأمريكي في ليبيا وأربعة من موظفي السفارة في بنغازي.. وتستهل الصحيفة المقال بصورة امرأة ليبية تحمل باقة من الزهور عليها صورة السفير الأمريكي الذي قتل في بلادها في أسف بالغ.. ويبدأ الدكتور علي جمعة -الذي عرّفته الصحيفة بأنه "مفتي مصر، وواحد من العلماء الأكثر شهرة في العالم"- مقاله برفض العنف تحت أي مسمى سواء كان نابعا من المشاعر الدينية أو غيرها، وأدان بشكل قاطع تبرير العنف؛ مؤكدا أن هذه هي أخلاق الإسلام، وأخلاق النبي محمد نفسه الذي تعرّض كثيرا لأسوأ معاملة من قبل أعدائه، إلا أنه كان باستمرار يتجاهل هذه الإهانات، ويواجهها باللين والرحمة والمغفرة. وأكد جمعة أن العالم كله في حاجة ماسة لمثل هذه التعاليم، التي هي تعاليم أصيلة في القرآن ورسول الإسلام -عليه الصلاة والسلام- مؤكدا أننا في حاجة ماسّة إلى قادة ورجال دين ومؤسسات شرعية تتفاعل مع الواقع المعاصر بأدواته، من أجل خلق بيئة يمكن للناس فيها أن يتعايشوا جنبا إلى جنب.. ولفت جمعة نظر الغرب في مقاله إلى ضرورة أن يحرصوا على تفهّم مشاعر أكثر من مليار مسلم في حقهم في الغضب لنبيهم -صلى الله عليه وسلم- واصفا إياه بأنه الأحب إليهم من أنفسهم كما يذكر القرآن.. مؤكدا أن محمد هو استمرار لمسيرة الأنبياء التي سبقت الإسلام من إبراهيم وموسى وعيسى، وهو ما عليه محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي علّمنا الغاية من وراء حياتنا وعلمنا كيفية العبادة الحقة لله.. ونتيجة لذلك، فإن المسلمين يحاولون الاقتداء بنبيهم -صلى الله عليه وسلم- في كل جانب من جوانب حياتهم، وغرس القيم الإنسانية بشكل عميق، بما يشمل القدرة على مواجهة الاستفزازات بمزيد من التسامح والصبر والرحمة، فهذه القيم الروحية في غاية الأهمية، وأفضل مثال عليها هو حياة النبي محمد نفسه. وروى جمعة القصة الشهيرة للمرأة التي كانت تؤذي النبي بأن تلقي في طريقه القاذورات، وحين لم يجد النبي يوما ما اعتاده منها من استفزاز ومضايقة سأل عنها فعلم أنها مريضة.. هذا هو خلق النبي، موضحا أنه من الصعب أن يرتقى الجميع إلى هذا المستوى المثالي. وفسّر فضيلة المفتي غضب المسلمين عند الإساءة لنبيهم بأنهم يرون أن النبي رمز مقدس، وحتى عندما لا يستطيعون الوصول إلى المستوى الذي علمهم إياه من التسامح والرقي، فإن الإساءة له تقابَل بغضب أكثر من الإساءة الشخصية ضد والديهم وعائلاتهم، بل من أنفسهم ذاتها؛ لأن محمد -صلى الله عليه وسلم- يُعتبر عند المسلمين شخصية مقدسة، وهدية من الله -سبحانه وتعالى- لهم. وأشار فضيلته في مقاله إلى أن هذه المواد الاستفزازية التي يتم بثّها وتوجيهها بهدف الإساءة إلى مشاعر أكثر من مليار مسلم في جميع أنحاء العالم لا تهدف إلى تحقيق هدف غير الاستفزاز، دون وجود فائدة واضحة أخرى لها.. ناصحا المسلمين بتجاهل هذه الاستفزازات، أو التعبير عن غضبهم ولكن بشكل سلمي، متحضر بحسب الحدود التي وضعها لهم دينهم، معترفا بأن هذه الحدود قد تم تجاوزها في الأيام الأخيرة، ولكن المؤسسات الدينية الإسلامية وكذلك المسيحية قد انضمّت جميعا في الدعوة إلى التهدئة وعدم السماح بالتصعيد. وبعد أن رأينا هذه الصورة المشرفة في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على يد رجل من أفاضل العلماء بهذه الطريقة.. أيهما أوجب علينا -عزيزي القارئ- عندما يُساء إلى رسولنا الكريم.. أن نهاجم الآمنين ونقتل ونحرق؟ أم نبحث عن وسيلة تواصل مع الآخر ونحدّثه بلغته ليفهمنا كما نريد لا كما يريد أعداؤنا؟ اضغط هنا للاطلاع على نص المقال بالإنجليزية في واشنطن بوست