قامت منظمة تدافع عن الرق في موريتانيا بحرق عدد من أمهات كتب الفقه للإمام مالك؛ وهو ما أثار احتجاجا كبيرا في الشارع الموريتاني؛ خاصة أن فقه الإمام ارتبط بتاريخ إفريقيا المسلمة والمغرب العربي وأجزاء كبيرة من مصر والخليج. ووفقا لما ورد في موقع العربية نت؛ فقد لقي هذا التصرف استنكارا وإدانة من مختلف فئات المجتمع وهيئاته المدنية من أحزاب وحركات سياسية، واعتبره مراقبون تطورا خطيرا في موقف المنظمة، وإساءة إلى الدين الإسلامي وعلمائه، وإهانة للثقافة العامة التي تحكم الموريتانيين.
وفاجأ ولد أعبيدي -رئيس منظمة "إيرا"- الرأي العام الموريتاني أول أمس (الجمعة) بإشرافه مباشرة على حرق مجموعة من الكتب الفقهية؛ منها: كتاب الشيخ "خليل بن إسحاق"؛ بدعوى أنها تُمجد العبودية وتدعو لاستمرارها في موريتانيا.
وأصدرت عدة أحزاب سياسية بيانات شجب وتنديد لما أقدمت عليه منظمة "إيرا" بإشراف رئيسها؛ حيث أعلن الحزب الحاكم إدانته لهذا التصرف، وطالب النخب الدينية والثقافية بالتحرك في وجه ما أسماه "الفسق البواح الذي دنس به هؤلاء علاقتنا كمجتمع وكأمة بكل ما هو حميمي لدينا وعزيز على قلوبنا ونفوسنا وعقولنا ومرجعياتنا الدينية والعقدية".
وعن أسباب إقدام المنظمة على هذه الخطوة المثيرة للجدل في وقت توحدت فيه كل الأطياف السياسية المعارضة؛ للتصعيد ضد النظام الحاكم، قال الكاتب الصحفي محمد سالم ولد محمدو، صاحب كتاب "الرق في موريتانيا وأبعاده الشرعية": "إن ما أقدمت عليه المنظمة من حرق للكتب يُعتبر إهانة للذين ينظرون بتقدير ومرجعية إلى كتب الفقه المالكي؛ وخاصة الكتب التي امتدت إليها النيران".
وعن تأثير حرق الكتب -التي قامت بها منظمة "إيرا" المدافعة عن عرق "لحراطين" وهم الأرقاء السابقون في المجتمع الموريتاني- على تماسك المجتمع؛ قال ولد محمدو: "إن المجتمع لم يكن متماسكا في أي وقت مضى، ولديه تاريخ فظيع من التباين والأزمات، لكن الخطاب العنيف لمنظمة "إيرا" قد يحطم جهود كل الذين يحاولون التقارب بين المجموعات".
كما أوضح: "صمت الفقهاء الموريتانيين عن إدانة الرق هو الذي أدى إلى الضبابية في التعامل مع الملف بأكمله، ولو أننا وجدنا حركة علمية تقود التنوير في هذه القضية لما وجدنا أنفسنا أمام هذه الممارسة الفجّة".