أنا شاب 20 سنة، ما زلت طالب.. ولم يكن في ذهني موضوع الزواج نهائي إلا بعد التخرج من الكلية والسفر وتكوين نفسي، وحينها أستطيع أن أتزوج من أي فتاة، أنا من أسرة الحمد لله مستورة، ويستطيعون مساعدتي في تكاليف الزواج؛ لكني أحب أن أعتمد على نفسي، فأنا أعمل في مجال السياحة منذ أن كنت 16 عاما، وعرفت حينها كيف يأتي الدخل وفيما يصرف؛ لكن كان وما زال في ذهني السفر وتكوين نفسي بنفسي، ولكن رأيت فتاة من أسرة متواضعة وأهلها طبيين، وأعجبت بها وفاتحت أهلي في الموضوع وتقبلوه بكل سرور. لكن أنا ما زلت غير موافق على موضوع الزواج في هذا السن إلا بعد أن أعيش حياتي بعد الكلية؛ مثلما يقولون إن للزواج معايير، واتجوز صغير.. تشيل الهم.. صغير تموت صغير.
خائف جدا من هذه المقولة، ومما أرى من تجارب كثيرة من ناس مقربين بيقولوا: "غلطة إني أتجوزت وأنا صغير"؛ لكن أرجع وأقول لنفسي صوابعك مش زي بعضها، لكن أنا تقبلت هذا الموضوع، واقتنعت به مما أراه من معظم البنات، ومما أراه خاصة في الجامعة من تجمعات البنات والشباب وما يفعلوه وما يقولوه وما يدور بينهم سواء داخل الجامعة وخارجها؛ خاصة بعد الانفتاح على الدول الأخرى.. فقلت ليس أمامي سوى هذه الفتاة.. هي متدينة وتعليمها عالي وعلى قدر من الجمال.
فماذا أفعل رغم المشكلات؟ هل أتقدم لها؟ أم أتركها وكل شيء نصيب أم.. أم...؟؟ آسف على الإطالة.
darklight
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته صديق "بص وطل" العزيز.. واسمح لي أن أحييك على اجتهادك بالعمل في سن اللعب والجري، وعلى عقلك المستنير، وتفكيرك العاقل في أن الزواج مسئولية لها وقتها وسنها والتزاماتها.
وسن العشرين صديقي يعني أنك لا تزال في الجامعة، ولا تزال أمامك سنوات لتنتهي من الدراسة والجيش، أو الترقي في عملك حتى تختبر الحياة العملية ومسئولياتها كتدريب؛ لتكون مسئول بعد ذلك عن أسرة وأولاد.
فالزواج صديقي ليس بيتا ممهدا يجهزه الأهل، وليس شابا وفتاة يتمتعان فيه بمباهج الشباب على طريقة شباب الجامعة؛ ولكن في الحلال.. إنما الزواج التزام أدبي وأخلاقي بين شاب وفتاة وبين عائلتهما؛ ليكونا أسرة قوامها المحبة والاستمرار والدوام.
وعلاقات الشباب التي نراها حولنا ما أسهل أن تنفسخ، كما نرى أيضا زيجات انفسخت؛ لأنها لم تقم على هذا الالتزام الديني والأدبي والأخلاقي الذي يضمن دوام الحب واستمراره.
كذلك الزواج صديقي ليس فتاة وجدناها بالصدفة تملك مواصفات الشرف والأمانة والأخلاق، فمثل هذه الفتاة موجودة في كل مكان حولنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم الدين"، وفي الآية الكريمة: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}.. فلو أنت طيب بمعنى شريف ونزيه ولا تفعل المعصية مع بنات الناس لا بالوعود الكاذبة ولا بالتلامس؛ فسيرزقك الله بالطيبة صاحبة الدين التي تتمتع بالخلق والكمال مع الجمال.
إذن زواجك في سن العشرين ما دام على غير رغبتك وضد احتياجك لا ضرورة له، أما إذا كان لغرض الإحصان، وعدم الوقوع في الزلات، وأنت مقتنع بالعروس بمعنى أنها تكافؤك في العقل والفكر، وأن هناك تآلف عقلي ونفسي بينكما؛ فعلى بركة الله.
أما قصة "تزوج بدري تموت بدري"؛ فهذه مقولة كاذبة، فأهل الريف الذين يتزوجون بدري.. يتزوج أحفادهم وأحفاد أحفادهم في حياتهم، وتزداد أعداد أجيالهم؛ مما يجعلهم دائما في دائرة الضوء، ومحط اهتمام الكبير والصغير، ولا يحتاجون لدور المسنين، ولا لجليسات المسنين، أو الموت وحيدا بعيدا عن الأبناء الذين انشغلوا بحياتهم وأبنائهم.
خلاصة القول صديقي: فكر في احتياجاتك، وفي ما يوفي هذه الاحتياجات بما يوافق عقلك أولا ثم قلبك ثانيا، على أن تتأكد أن شريكة حياتك هذه لديها القدرة على الوقوف بجوارك في مشوار الحياة بحلوها ومرها، وأنها وسيلة دفع للأمام، وليست حجرا عثرة سيعرقل مسيرتك أو يجمدك مكانك.
فأنت في الأول والآخر الذي ستتزوج، وأنت الذي ستعيش، ومهما كانت نصائح الآخرين فلن تعادل إحساسك أنت واقتناعك أنت.. فالزواج تجربة شخصية دائمة مستقرة عندما -لا قدر الله- تفشل تترك أثرا سيئا يُذكر بالفشل هذا إذا لم تؤذي أطفال لا ذنب لهم إلا أب وأم لم يفكرا مليا في الاختيار.
ولتساعد نفسك في هذا الاختيار؛ عليك باستخارة الله سبحانه في الصلاة والدعاء قائلا: "اللهم إذا كان تقدمي لهذه الفتاة خيرا لي في عاجل آمري وآجله فيسره لي ويسرني له، وإذا كان شرا لي في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه".
وسبحان الله الذي بيده الخير وقادر عليه أن يوفقك إلى ما فيه الخير إن شاء الله.