هل هناك مفاوضات سرية بين سوريا وإسرائيل؟ وإلى أي مدى ستنجح؟ وهل ستعلن عنها دمشق أم تل أبيب؟ وماذا عن مضمون ومحتوى هذه المفاوضات؟ وإلى ماذا ستؤول؟ ثمة أسئلة تطرح نفسها بقوة على القارئ العربي من كثرة الكتابة عن الرئيس السوري بشار الأسد، وعن سوريا بشكل عام في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وبصورة لافتة للنظر، وإن كان أغلبها بشكل إيجابي، بمعنى أن الحديث عن الأسد يأتي في سياق تفهّم بشار لمجريات الأمور في المنطقة وتثبيت علاقاته بحليفه التقليدي إيران، وتعزيز علاقاته بتركيا وقطر وأكثر من دولة وتعدد زياراته خارج سوريا، وعن احتمال وجود تحالف سوي إيراني تركي.
بداية الخيط جاءت مع تصريحات لعضو الكنيست عن حزب العمل الإسرائيلي "دانيال بن سيمون"، خلال لقاء ثقافي مساء السبت الماضي في مدينة بئر السبع بالجنوب الإسرائيلي حينما قال إن مسار المفاوضات مع السوريين ما زال مستمرا ولم يتوقف وينتظر فحسب على التوقيع عليه، حيث قال: "أعتقد أن هناك اتصالات سورية إسرائيلية لم تُنشر بعد أو لم يعلن عنها وإن ثمة مفاوضات في طريقها للتوقيع على اتفاق ثنائي بين الطرفين".
تحت عنوان "مفاوضات سرية بين إسرائيل وسوريا" كتب "رامي شناي" المحلل السياسي للموقع الإلكتروني الإسرائيلي "والا" الأحد أن ثمة مفاوضات سرية تجرى بين الطرفين السوري والإسرائيلي للوصول إلى خطوط عريضة لإنهاء قضية أو ملف هضبة الجولان السورية المحتلة، حيث نقل عن بن سيمون عضو الكنيست الإسرائيلي أن الاتصالات السورية الإسرائيلية لا تزال مستمرة رغم توقفها لفترات ما نتيجة للحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، لكنها في طور متقدم، ويتبقى فحسب التوقيع على البنود الرئيسية للاتفاق الثنائي، وهي التصريحات التي جاءت على هامش تعليقات بن سيمون على صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وإسرائيل والإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
بيد أن تلميح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين بأن هناك تقدما على المسار السوري، بما يخص المفاوضات، مشيرا إلى أن السوريين جاهزون لاستئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، وإن كان الرئيس الأسد قد طلب مرارا ضمانات موقّعة من الجانب الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من هضبة الجولان السورية المحتلة، فقد أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت الاثنين أن نتنياهو ألمح ببعض المفردات إلى أنه على استعداد للتفاوض بدون شروط مسبقة مع السوريين، وذلك خلال جلسة للجنة الأمن والخارجية بالكنيست عقدت الاثنين أيضا.
الغريب أنه رغم العلاقات التركية الإسرائيلية منذ اعتراف أنقرة بإسرائيل عام 1949، وتحقيق تقدم بين السوريين والإسرائيليين عبر الوسيط التركي خلال العامين الماضيين، فإن إسرائيل لا تريد وساطة تركيا بينها وبين السوريين، وتفضل عليهم الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي، وما يؤكد ذلك أن الرئيس الأسد قد زار العاصمة الفرنسية باريس الشهر الماضي، وكذلك نتنياهو كما أن ساركوزي كان في زيارة لمنطقة الشرق الأوسط في الشهر نفسه، ما يعني أنه من المحتمل أن يكون ساركوزي نفسه الوسيط الحالي بين الطرفين السوري والإسرائيلي، وذلك مع توتر العلاقات التركية الإسرائيلية على خلفية الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة.
كلها احتمالات، وإن كانت زيارات ساركوزي للمنطقة والأسد لباريس مؤشرات قوية على توسط الرئيس الفرنسي بين الطرفين.
فهل هناك مفاوضات سرية بين الجانبين السوري والإسرائيلي، وإلى أي مدى ستنجح هذه المفاوضات رغم احتلال إسرائيل لهضبة الجولان منذ عام 1967؟