اعتبر صناع فيلم "أسماء" أن العمل يمثّل صرخة موجّهة لمجتمعات يرون أنها تتجاهل حقوق الآخرين، ومحاولة قوية لتسليط الضوء على بعض العلل الاجتماعية. شارك مؤلف ومخرج الفيلم عمرو سلامة ومنتجه محمد حفظي وبطلته هند صبري في ندوة أُعقبت بعرض خاص أُقيم بمقر نقابة الصحفيين مساء أمس (الإثنين)، افتتحها الكاتب علاء العطار -عضو مجلس النقابة- بكلمة شدّد فيها على أن الحرص على عرض الفيلم جزء من دور النقابة في دعم السينما الجادة، وإتاحة الفرصة للآراء الحرة للظهور بعد سنوات طويلة من القمع والمنع؛ وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية. وبدأ عرض الفيلم في دور العرض قبل أسبوع، وتدور أحداثه حول سيدة فقيرة مصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة (إيدز)، وتحاول لسنوات أن تخفي مرضها عن المحيطين؛ خوفا من أن يتجنّبوها في ظل ثقافة مجتمعية سائدة بأن المصابين بالمرض ليسوا إلا منحرفين جنسيا؛ لكنها في النهاية تقرّر أن تواجه المجتمع بحقيقة مرضها، لكشف الأمراض التي يُعانيها المجتمع كله. وقالت هند صبري في الندوة إن "أسماء" شخصية مختلفة تماما عن كل ما قدّمته سينمائيا، وإن الفيلم عمل إنساني بالأساس يقدّم وجهة نظر مغايرة للثقافة السائدة مجتمعيا، ويسعى لاستخراج أنبل ما في النفس البشرية، وهو الإنسانية التي بات الكثيرون يفتقدونها أحيانا. وقال عمرو سلامة إن الفيلم مأخوذ عن قصة شخصية حقيقية، وأنه ظلّ يعمل عليه طيلة أربع سنوات؛ في محاولات حثيثة ليخرج الفيلم للنور في "ظل ظروف سينمائية لا تسمح بتلك النوعية من الأفلام، ورقابة سينمائية ومجتمعية؛ ترفض طرح الموضوعات الإشكالية". وردا على سؤال -لوكالة الأنباء الألمانية- حول الرقابة قبل وبعد الثورة، قال سلامة إن الرقابة كانت وما زالت موجودة، وربما باتت أكثر توحّشا بعد الثورة؛ خشية موجة الأفلام السياسية التي ينتظر إنتاجها، والتي تكشف الكثير مما جرى في العام الأخير، وبالتالي فمن المتوقّع أن تلجأ الرقابة الحكومية إلى المزيد من التقييد والمنع. وقال إنه لا يخشى من حكومة دينية أو تنامي التيار الديني، وإنه لا يوجد دين منع الناس من الكلام؛ لكن معركتنا القادمة مع الجهل والعادات المتخلفة، وهي معركة تستحقّ أن نخوضها حتى تكتمل الثورة. ومن جانبه، قال المنتج محمد حفظي إن موجة من الأفلام المختلفة بدأت في الظهور خلال السنوات الأخيرة على أيدي مخرجين شباب كانت إرهاصا لثورة سينمائية، والثورة الجديدة لن تتوقّف حتى تتغيّر المفاهيم السائدة والتقليدية؛ خاصة أن جيل السينمائيين الجديد يحمل مفاهيم مغايرة لما كان عليه الأجيال السابقة. وفيما يخصّ ظهورها في دور الأم الشعبية بملابس رثة طيلة الأحداث؛ قالت هند صبري: "أنا ممثلة ولست عارضة أزياء، ولا أشعر أني امرأة فائقة الجمال حتى أحرص في أعمالي على أناقتي وشكلي؛ لأني أؤمن بضرورة التغيير في أفلامي لتقديم شخصيات جيدة تُقنع الناس، وليس عندي حدود في هذا ما دمتُ أستطيع تقديم شخصية تفيد الجمهور". وقال عمرو سلامة إن الأزمة القائمة حاليا في المجتمع المصري وبعض المجتمعات العربية أن المواطنين باتوا يخافون من بعضهم أكثر من خوفهم من السلطة الحاكمة مثلما كان الأمر في الماضي، مشيرا إلى أن الفيلم يطرح فكرة مجتمعية تبرز أسوأ ما في المجتمع من انعدام للرغبة في مساعدة الآخر؛ لأنه مختلف شكلا أو ثقافة أو حتى منهجا. وأوضحت الفنانة التونسية أن الظروف السياسية لن تمكّنها أبدا أن تمنع الفن الجاد؛ وإلا فإنه لم يكن بالإمكان أن نشاهد أعمالا فنية راقية جدا في دول مثل إيران أو أفغانستان، وقالت: "العيب فينا نحن؛ فنحن نلقي بكل التهم على الأوضاع السياسية وعلى الساسة، بينما الأزمة الحقيقية أننا كمجتمع مدني وأشخاص لا نريد أن نقاوم"؛ وذلك على حد تعبيرها. وأضافت هند أن البعض يحاول تخويفها من القادم؛ سواء في مصر أو تونس مع وصول الإسلاميين إلى الحكم؛ لكنها أكّدت أنها ليست خائفة ولن تهاجر، وستظلّ تعيش في مصر وتونس كما تعوّدت في السنوات الماضية؛ لأنها تدرك جيدا أن الثروة الحقيقية في البلدين هي الاختلاف الذي يدعمه ثقافة وحضارة طويلة.