ظهرت بعض الأصوات التي تدعو لتشكيل لجان شعبية لتأمين الانتخابات القادمة التي ستبدأ مرحلتها الأولى يوم 28 نوفمبر الجاري.. وكانت أبرز تلك الأصوات ما أعلنه المستشار محمد عطية -وزير التنمية الإدارية- عن الاتجاه لتشكيل لجان من الشباب تعاون الجيش والشرطة في حماية صندوق الانتخاب. الأحزاب الإسلامية ما كدّبتش الخبر، وأعلنت تأييدها للخطوة، واستعدادها للمشاركة في هذه اللجان.. لكن السادة المحافظين تنوعت ردود أفعالهم ما بين مؤيد ومتحفظ ورافض، ومنهم محافظ كفر الشيخ اللواء أحمد زكي عابدين، فقد وصف قرار المستشار عطية بالمغامرة غير مضمونة العواقب، التي قد تؤدي إلى نتائج سلبية، مشيرا إلى أن هذا القرار قد يحفز بعض العناصر الأخرى إلى التقدم من أجل المشاركة في تلك اللجان، والتي من الصعب معرفة ميل اتجاهاتها، سواء أكانت سياسية أو دينية. طبعًا من المتوقع أن تكون الانتخابات القادمة أكثر عنفًا من أي انتخابات سابقة؛ لأن غياب الشرطة سمح بوجود البلطجية في عز الضهر، لدرجة أن أي خناقة عادية سريعًا ما يتحول المشهد فيها وكأننا في ساحة حرب!! وفين على ما تيجي الشرطة.. يكون اللي مات مات واللي اتقتل اتقتل!! المهم أن الانتخابات القادمة ستكون الحالة الأمنية فعلاً أبرز المشكلات فيها؛ لأن غياب الضبط والربط سيجعل النواب السابقين الذين اعتادوا تأجير البلطجية والاعتماد عليهم في تقفيل اللجان، يجدون في غياب الحزم فرصتهم المناسبة للتزوير أو لإرهاب المواطنين ومنعهم من المشاركة أصلاً. لكن الحل المطروح عن تشكيل لجان شعبية، لا يبدو لي أنه حل عملي!! لماذا؟! لأنه من الصعب تلاقي حد مستعد يضحي بروحه علشان الانتخابات، طبعًا إلا إذا كان بلطجيّا!! وهذا بخلاف اللجان الشعبية اللي تشكّلت أثناء الثورة؛ لأن ساعتها المواطنين كانوا بيدافعوا عن مصالحهم المباشرة وأموالهم وأعراضهم. ثم إذا وجدنا هؤلاء المواطنين المتطوعين، فمن السهل أن يندسّ فيهم من يُشعل الفتنة، وينزلق المشهد كله إلى حرب أهلية، خاصة إذا حاول بعض المرشحين زي فلول الحزب الوطني أن يصوروا اللجان الشعبية وكأنها تصبّ في صالح المرشحين الإسلاميين؛ لأنه عمليّا سيكون معظم أفراد اللجان الشعبية من أنصار الأحزاب الإسلامية.. مع أن الإسلاميين يعلنون ويؤكدون أنهم سيشاركون في هذه اللجان؛ لضمان الوصول إلى صندوق الاقتراع بغضّ النظر عمن سيصوت له الناخب. واللي عايز يصطاد في المية العكرة سيجد ألف وسيلة ووسيلة لإثارة الشائعات! ومش بعيد يقولوا إن الجيش والشرطة متواطئان مع اللجان الشعبية؛ لضمان التصويت لصالح الإسلاميين!! طيب ما البديل؟! هل نترك الناخبين المسالمين لأسلحة البلطجية؟! طبعًا لا.. ولكن الحل السليم في رأيي هو أن تتوافر الإرادة الحقيقية للجيش والشرطة لإجراء انتخابات نزيهة.. وأنا متأكد من أنهم لو عايزين يُؤمّنوا الانتخابات بجد هيقدروا إن شاء الله. حلّ اللجان الشعبية هو حل يبدو برّاقًا في ظاهره لكنه برأيي غير عملي بالمرة، بل ويحمل مخاطر كبيرة جدًا.. نعوذ بالله منها، وساعتها هنكون بنعالج خطأ بخطأ أشد! أو خطر محتمل بخطر مؤكد!