هل تتطور الأزمة النووية بين أمريكا وإسرائيل مع إيران حتى تصل إلى حرب عالمية ثالثة، يلقى ويلاتها العالم أجمع عسكريا واقتصاديا وبشريا؟ حتى نقرر هذا لا بد لنا من نبذة صغيرة حول بداية إيران في الدخول إلى عالم الذرة وتخصيب اليورانيوم، لتصل إلى أن تكون دولة شبه نووية يشاع امتلاكها لسلاح نووي تخيف به مَن حولها، بدءا من العراق حتى إسرائيل، وربما الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها.. بداية الحكاية.. من إيران كفزّاعة للعرب إلى كونها فزّاعة لأمريكا في الواقع أمريكا نفسها هي السبب في دخول إيران إلى العالَم النووي، وهكذا يمكننا بالفعل أن نقول إن السحر قد انقلب على ساحره فعلا.. مثلما حدث يوماً ما عندما دعمت أمريكا الحركات الجهادية في الشيشان ضد الاتحاد السوفيتي، ثم عانت بعد ذلك من صنيعتها. بدأت قصة إيران مع الفكر النووي في عام 1968 في عهد الشاه محمد رضا بهلوي الذي حلم بأن تكون إيران قوة إقليمية عظمى، وقتها كان التوافق الاستراتيجي بين إيرانوالولاياتالمتحدةالأمريكية مع أوروبا على ما يرام.. هكذا قامت كل من أمريكا وأوروبا بتشجيع إيران على الدخول إلى العالَم النووي الرهيب، معتمدة على توتر العلاقات الإيرانية ودول الجوار العربية، بحيث لا ينتقل هذا العالَم النووي إلى الدول العربية.. وبهذا بدأت إيران في إنشاء جهاز للطاقة النووية، بمساعدات كبيرة من الولاياتالأمريكيةوألمانيا، بإنشاء مفاعلات نووية كبيرة الحجم، ووضع الشاه وقتها ميزانية وصلت إلى 6 مليارات من الدولارات في هذه الاستثمارات النووية.. بعد ذلك تورّطت إيران في الحرب مع العراق -والتي كانت الطفل المدلل للغرب وأمريكا في ذلك الوقت- كما ساءت علاقاتها مع الدول الأوروبية، مما جعل المشروع يتوقف لعدة سنوات.. إلا أن إيران لم تنسَ الحلم النووي، وقامت بإرجاع نشاط المشروع خاصة بعد زيادة التناحر بينها وبين العراق، وازداد أملها بعد حرب الكويت وحصار العراق وتخلي أمريكا عنها، لم يكن الأمر كما هو شائع يقتصر على أمريكا، بل أكد كثير من المحللين أن ذلك تم بمساعدة فرنسا والصين ثم روسيا بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي. وعلى هذا ففي أوائل التسعينيات وخلال عهد الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني كانت علاقات إيران النووية تمضي في شكل غاية في السرية مع كلٍ من: الأرجنتين، باكستان، الصين، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، بلجيكا، إيطاليا, وبريطانيا؛ لعدد من الأسباب المعقدة يمكن المرور على بعضها بمحاولة إبقاء شوكة في قلب العالم العربي والإسلامي وفرقة دائمة، واعتبار إيران فزاعة للعرب يمكن استغلالها في الوقت المناسب!! وبمرور 15 عاما كانت إيران ماضية في برنامج تسليح نووي قوي بدأ يثير سخط الغرب؛ فإيران لم ترضَ بدور الفزاعة فقط، بل أرادت أن تكون دولة نووية حقاً ذات سيادة مستقلة، وهو ما أرعب الغرب، وهكذا بدأت محاولات دول كثيرة في إثنائها عن برنامجها، ولم يفلح ذلك بكل تأكيد. واستمرت إيران في تحدي الجميع، وأعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عن دخول إيران النادي النووي وكان هذا يحمل في طياته رسالة خفية باحتمال بلوغ إيران المرحلة الأخيرة في سعيها لتصنيع أسلحة نووية، ولكن المشكلة الأساسية للغرب أنه لا يعرف هل نجحت إيران حقاً أم لا.. فتبعا لما يجري في العادة لا تعلن الدول عن امتلاكها لسلاح نووي إلا من خلال تجربة نووية لا تستطيع إخفاء تفجيراتها, وهو ما جعل العالم في حالة توجس من أن إيران ربما تفاجئه بإعلانها عن تجربة نووية.. عندما باعت إسرائيل السلاح الكيماوي لإيران لو أردنا أن نلقي نظرة على التفسير العسكري للعلاقة النووية بين إيران وأمريكا سنجد أن "الشيطان الأكبر" (وهي التسمية التي تطلقها إيران على الولاياتالمتحدةالأمريكية) و"الدولة الثانية في محور الشر" (وهو الاسم الذي تطلقه الولاياتالمتحدةالأمريكية على إيران) يتبادلان الاتهامات السياسية والعسكرية منذ فترة ليست بقليلة وصلت لأوجها قبل التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر منذ عدة أيام. ولفهم ذلك علينا التفتيش في الأوراق العسكرية الإسرائيلية الإيرانية حتى نصل إلى صلب الموضوع واتجاهاته، وهو ما نشرته إحدى الصحف العبرية من أن "إسرائيل تعترف ببيعها تكنولوجيا الأسلحة الكيماوية لإيران، كما أنها متورطة بعقود أسلحة ومعدات عسكرية مع الإيرانيين.. لا تتعجب؛ فتناقضات إسرائيل لا تنتهي، وثابت تاريخياً أن إسرائيل تعاونت مع هتلر بالحرب العالمية الثانية. ومع هذا فذلك لا يجعلنا نتخيل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل راضيتان عن النشاط النووي الإيراني، أو أنهما ستسمحان للإيرانيين بالاسترسال فيه.. ولكنها لعبة من توازنات القوى ومصالح بعض اللاعبين السياسيين والعسكريين التي تتم بعيداً عن العلن، وما دامت الأمور تحت السيطرة. لتتعرف على السيناريوهات المحتملة لصدام بين أمريكا وإسرائيل وإيران اضغط هنا