«المالية»: تسليم 28 ألف سيارة للمستفيدين من مبادرة إحلال المركبات    الذهب يتجه لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني مع تفاؤل بشأن الفائدة الأمريكية    الدفاع التونسية تعلن مصرع طيار إثر سقوط مروحية عسكرية أثناء مناورة    البنتاجون: يحق لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا    هل الاتفاق العسكرى بين روسيا وكوريا الشمالية يمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة؟    الثانوية العامة 2024.. مواصفات امتحان اللغة العربية غدا    بيان عاجل للحكومة بشأن وفاة مئات المصريين في الحج    افتح الكاميرا وانتظر السجن.. عقوبة التقاط صور لأشخاص دون إذنهم    شروط التقدم للمدارس الثانوية الفنية لمياه الشرب والصرف الصحي لعام 2024 / 2025    لحظة بلحظة - الزمالك 0 × 0 فاركو .. الدوري المصري    البطريرك مار أغناطيوس في منزل القديس جان ماري فيانّي بفرنسا    مقتل موظف وإصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين أبناء عمومة بالفيوم    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات القطار بقليوب    سعاد حسني.. حياة حافلة بالحضور الطاغي ورحيل غامض أثار التكهنات    بعد ترميمه.. "أوقاف الفيوم" تفتتح مسجد العتيق بيوسف الصديق    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    الأرز الأبيض.. هل يرفع احتمالات الإصابة بداء السكر؟    خبراء الضرائب: نؤيد استمرار إعفاء السلع الأساسية من ضريبة القيمة المضافة    يورو 2024.. ليفاندوفسكى على مقاعد البدلاء فى مباراة بولندا ضد النمسا    في حال التصالح، هل يعرض إمام عاشور على النيابة في واقعة المول بالشيخ زايد؟    غدا، مكتبة مصر العامة تناقش كتاب «مسيرة تحرر.. مذكرات محمد فايق»    عيد الأب العالمي.. من أين جاءت الفكرة التي مر عليها أكثر من 100 عام؟    الأمين العام للأمم المتحدة: شعوب المنطقة لن تسمح بتحول لبنان إلى غزة أخرى    موقف وسام أبو علي من المشاركة في مباراة القمة    الزمالك يشارك في دوري الكرة النسائية الموسم المقبل    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    القسام فتحت النار عليهم.. إعلام إسرائيلي يكشف تفاصيل كمين نتساريم في غزة    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    التضامن تطلق النسخة الثانية لمبادرة "الأب القدوة"    السمسمية تختتم احتفالات قصور الثقافة ببورسعيد بعيد الأضحى    محافظ الغربية يتابع الحملات المستمرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية    الأمم المتحدة: عددا من الأسر فى غزة يتناولون وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    22 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة طلائع الجيش    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    استقرار أسعار عملات دول البريكس في البنوك المصرية    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    هآرتس: الجيش الإسرائيلى يستعد لإنهاء القتال فى غزة    ما مصير جثامين الحجاج المصريين «مجهولي الهوية»؟.. اتحاد المصريين بالسعودية يكشف (فيديو)    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    التشكيل الرسمي لمباراة أوكرانيا وسلوفاكيا في يورو 2024    لتعويض كروس.. موندو ديبورتيفو: ريال مدريد يدرس التعاقد مع أدريان رابيو    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    تركي آل الشيخ يرصد 60 مليون دولار لكأس العالم للرياضات الإلكترونية    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    الاحتلال: نهاية الحرب بعد عملية رفح الفلسطينية.. وخفض قوات محور صلاح الدين    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرمجة اللغوية العصبية في القرآن الكريم
نشر في بص وطل يوم 22 - 08 - 2011


كتب: شريف أبو فرحة
البرمجة اللغوية العصبية مصطلح نسمعه كثيرًا هذه الأيام، وقد يتضح معناه في أذهان البعض، ويتوه أو يختفي تمامًا في أذهان البعض الآخر، لكن الجميع يتفق على أنه مصطلح مهم جدًا في عوالم التنمية البشرية، أما من يعرفون تمامًا معنى البرمجة اللغوية العصبية، فهم يقولون إنها هي التعليمات لبرمجة العقل والتفكير أو هي علم التفوق والنجاح، علم التغيير والتأثير.
وباختصار شديد يمكننا أن نقول إنها نموذج وطريقة منظمة لمعرفة تركيب النفس الإنسانية والتعامل معها بوسائل وأساليب محددة؛ حيث يمكن التأثير بشكل حاسم وسريع في عملية الإدراك والأفكار والشعور، وبالتالي في السلوك والمهارات والأداء الإنساني الجسدي والفكري والنفسي.
وفي شهر القرآن يمكننا أن نفهم كيف كان القرآن الكريم يبرمج ويضع أسس البرمجة اللغوية العصبية للبشر جميعًا، وفي هذا المقال أسير باختصار مع أسس البرمجة اللغوية العصبية من القرآن الكريم.
فأول تلك الأسس التي يعتمد عليها بشكل قطعي: الخريطة الذهنية، فكل واحد من الناس ينظر للحياة كما يتصورها هو، وليس كما هي كائنة في الحقيقة، فإذا غيّرت الخريطة الذهنية للإنسان غيرت واقعه حوله، تمامًا كمن يخسر مالا في تجارة، فإنه يشعر بالأسى والحزن، لكنه حين يعرف أن هذا المال كان سيؤدي إلى موته على يد اللصوص وقطاع الطرق فإنه يتحول إلى السعادة والفرح.
ولعل أوضح إشارة إلى الخرائط الذهنية وتغيير الواقع، يظهر في قوله تعالى: {إنّ اللهَ لا يغيّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسِهِم}، فسنة التغيير أن يبدأ من داخلنا أولا، ثم يغير الله لنا الواقع حولنا.
وفي سورة الأنعام يقول تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فالمولى يرشد الإنسان إلى أول خطوة في برمجة خريطته الذهنية، أن يكرر على نفسه ما يريد أن يعيشه، أن يقول لنفسه ما يريد أن يراه في واقعه، فتكرار المقولة يؤدي إلى الإيمان بها، ومن ثم إلى تخيلها في الخريطة الذهنية، ثم إلى وجودها في تصرفاته، وبالتالي في واقعه.
وحتى يصبح مفهوم الخرائط الذهنية واضحًا، وكيف يمكن للإنسان أن يصنع خريطته الذهنية المناسبة عن العالم، كان لازمًا أن يتمتع هذا الإنسان بالفكر الإيجابي المرن، بحيث يتفهم ما يحدث حوله وينظر إليه نظرة منطقية إيجابية، فلكل حدث وجهان، أحدهما يسوء بظاهره، والآخر إيجابي نافع، كما ذكر لنا سبحانه في سورة الكهف، حينما شرح العبد الصالح لسيدنا موسى أسباب تصرفاته مع السفينة والغلام والجدار، فبعد هذا الشرح تغيرت الخريطة الذهنية لدى سيدنا موسى، ورأى الواقع بشكل مختلف عن نظرته الأولى، نتيجة لمرونته في التفكير، وتبدل تفكيره إلى التفكير الإيجابي الفعّال.
ومن أهم افتراضات البرمجة اللغوية العصبية أن تكرار نفس الفعل يؤدي دائمًا إلى نفس النتيجة، وبالتالي حين تريد تغيير النتائج حولك فعليك أن تغير أفعالك، فمن كان يبحث عن المال مثلا بطريقة ما أو بعمل ما ولا يحقق ما يريده من نتائج فعليه أن يغيّر طريقته في البحث عن المال، فطريقته الأولى لن تصل به إلا إلى نفس النتائج المرفوضة منه، وهذا الافتراض يتضح جدًا في حديث المولى سبحانه وتعالى عن قوم سيدنا يونس، اقرأ قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ} فلم يحدث أن تؤمن قرية كاملة وينفعها هذا الإيمان، إلا قرية سيدنا يونس، فإنهم لما شعروا باقتراب العذاب الذي توعدهم يونس به، لجأوا لله سبحانه وتعالى بطريقة جديدة لم يصنعها أحد قبلهم، فأخذوا يبكون جميعًا في تضرع وخوف، وأعلنوا إيمانهم إعلانا صريحا، فما كان من الرحمن إلا أن غفر لهم وكشف عنهم العذاب، فما حدث منهم أنهم خالفوا تصرفات من قبلهم من الأمم التي كانت تصرّ على عنادها، وبالتالي كانت تصل إلى نفس النتائج من العذاب والدمار.
وهنا أصل إلى الافتراض الرابع، ولعله أهم افتراضات البرمجة اللغوية العصبية، وهو افتراض النمذجة، أي أن ما يستطيعه إنسان يستطيعه الآخرون بشرط أن يسيروا كما سار، وينفذوا ما نفذ، وبالتالي فلا يوجد ما يسمى بالمستحيل على شخص، وممكن لشخص آخر، فما حققه العظماء والناجحون في حياتهم، يمكنك أن تحققه أنت أيضا بشرط أن تسير على خطاهم وتتبع نهجهم.
يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة الممتحنة: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ أنا بُرَآء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} فسبحانه يشير إلى قوم إبراهيم توضيحًا للمؤمنين في كيفية التعامل مع أهلهم من الكفار وغير المسلمين، فلا عداوة ولا محاربة إلا الدفاع عن النفس، ويؤكد المولى هذا المعنى في قوله في نفس السورة: {َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِنْهُمْ مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فالمولى يضع شروط النموذج الكامل، لا نؤيد تصرفاتكم الكافرة، ولا نعاديكم، بل ندعوكم بالحسنى ولعل الله أن يهديكم.
ثم أصل إلى افتراض من أهم افتراضات البرمجة اللغوية العصبية، وهو التعامل مع الناس، والتواصل مع الآخرين، فأنت لست وحيدًا في هذه الحياة، ولا يمكنك أن تعيش دون أن تتواصل مع الآخرين، تتفاعل معهم فتتأثر وتؤثر، فكيف تحفظ نفسك من مؤثرات البعض السلبية، وكيف تصبح فعالا بتأثير إيجابي في الناس؟
يقول تعالى: {قُلْ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءكُمُ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمۡ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا۟ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ}.
يضع المولى سبحانه وتعالى منهجًا في التعامل مع الناس في كثير من آيات القرآن الكريم، ولعل كلمة الناس التي ذكرت في القرآن مائة وثلاثُا وسبعين مرة توضح كيف اهتم القرآن برسم حدود التعامل مع الناس، وفي الآية السابقة على سبيل المثال بيان لتلك الحدود، فيقول المولى لنبيه أن ينذر الناس، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فعليها، وما هو عليهم بوكيل، فما بالك بنفسك أنت يا أخي؟ كيف تنصب نفسك وكيلا على أحد من معارفك؟ وكيف تتأثر بغيرك من الناس غير الإيجابيين، اثبت على منهجك تصل إلى غايتك.
وختامًا صدق الله العظيم إذ قال: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا في هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلًا}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.