عرفتُ أحمد مطر في بدايات عمري ومن ذا الذي لا يعرف أحمد مطر؟! الجرأة والحق، وخفّة الظلّ، والسخرية اللاذعة في النقد، والتوقان إلى الحرية.. وقصيدته "عباس وراء المتراس" من أجمل قصائده وأشهرها.. يفصّل فيها شخصية قريبة الشبه بالشخصية العربية إلى حد بعيد؛ فعباس منتبه يلمّع سيفه منذ أيام الفتح؛ ولكنه لا ينتبه إلى اللص الذي أخذ يسرق منه أملاكه شيئاً فشيئاً، وهو منتبه؛ لكنه لا يرى لأنه في قمة التركيز في صقل السيف لوقت الشدة. إلى هذا الحد أبلغ "مطر" في وصف عباس، ولهذا استحقّ عباس الحالة والشخصية أن يخلّد في ذاكرة الأجيال.. و... إلى القصيدة.. عباس وراء المتراس.. يقظ منتبه حسّاس منذ سنين الفتح يُلمّع سيفه ويُلمّع شاربه أيضاً.. منتظراً محتضناً دبّه
بلع السارق ضفة قلّب عباس القرطاس ضرب الأخماس بأسداس (بقيت ضفة) لملم عباس ذخيرته والمتراس ومضى يصقل سيفه
عبر اللص إليه، وحَلّ ببيته (أصبح ضيفه) قدّم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفه
صرخت زوجة عباس: " أبناؤك قتلى، عباس ضيفك راودني، عباس قم أنقذني يا عباس" عباس -اليقظ الحساس- منتبه لم يسمع شيئاً (زوجته تغتاب الناس)
صرخت زوجته: "عباس، الضيف سيسرق نعجتنا" قلّب عباس القرطاس، ضرب الأخماس بأسداس أرسل برقية تهديد فلمن تصقل سيفك يا عباس؟ (لِوَقْت الشدة) إذن اصقل سيفك يا عباس!