أضاف رجال السياسة والبيزنس نكهة خاصة إلى رمضان هذا العام.. مما يجعل الدعوة إلى تسجيل رمضان عام 1431 هجرية في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، دعوة لها مبرراتها. فلأول مرة تصل تكلفة مسلسلات رمضان إلى ما يقارب المليار جنيه.. وتصل الحقائب الرمضانية التي وزّعها الحزب الوطني الحاكم للدعاية قبيل انتخابات مجلس الشعب القادم إلى نصف مليون شنطة. وكعادتهم كان لرجال الأعمال الصدارة في استغلال كل حدث ديني أو إنساني لتحقيق أكبر مكسب مادي.. ليلحقهم دائماً الساسة؛ خاصة إذا ارتبط ذلك بحدث سياسي مثل انتخابات مجلس الشعب المقررة في نوفمبر المقبل. سرق رجال السياسة والبيزنس أكثر سمتين معروفتين عن المصريين في هذا الشهر؛ أولاهما المسارعة بفعل الخير في رمضان؛ وذلك بعد أن أدّت سياسات حكومتنا الرشيدة إلى إفقار الشعب، وتحويل عدد كبير من المصريين من خانة تقديم الخير لوجه الله تعالى -في إطار ما يسود هذا الشهر المبارك من قِيَم دينية وتواصل اجتماعي وإنساني- إلى قائمة المنتظرين لإحسان الآخرين. وبعد أن أصبح تقديم هذا الخير مرتبطاً بالتوظيف السياسي له.. فقبل أكثر من شهرين على انتخابات مجلس الشعب بدأ المرشحون حملة الدعاية الانتخابية مبكراً، عبر توزيع حقائب رمضان على المواطنين بعد طباعة صورة واسم المرشّح عليها، بل وذهب بعضهم إلى وضع شعار الحزب الوطني ليُؤكّد انتماءه له، رغم أن الحزب لم يختر بعد أياً من مرشّحيه، ورغم مخالفة ذلك لتعليمات وزارة التضامن الاجتماعي التي حظرت استخدام الحقائب الرمضانية في الدعاية الانتخابية. أما السمة الثانية الخاصة بالمصريين في تعاملهم مع هذا الشهر الكريم؛ فهي الميل إلى الاحتفال والسهر والتواصل الاجتماعي؛ فمن المعروف منذ قديم الزمن -وكما ذكر "الجبرتي" في تناوله لتاريخ مصر- فقد ارتبط شهر رمضان لدى المصريين بشتى أنواع الاحتفال؛ فقبل ثلاثمائة عام كان المصريون يخرجون أفواجاً لاستطلاع هلال شهر رمضان في القلعة ليعودوا بعد ذلك في أجواء احتفالية وسط نغمات الناي ودقات الدفوف للاحتفال برؤية هذا الشهر، والسهر حتى يخرج المسحراتي استعداداً لصيام أوّل أيام هذا الشهر، وهي عادات نشأت منذ العهد الفاطمي. وتوصّل المصريون إلى معادلة سحرية خاصة بهذا الشهر من منطلق "ساعة لقلبك.. وساعة لربك"؛ فدائماً ما كانت المساجد عامرة بالمصلين، والمنازل ملأى بوفود الزائرين المشاركين في إفطار يضم العائلات والجيران طوال الشهر الكريم.. كما كانت الشوارع مكتظة بالمحتفلين من أطفال يحملون الفوانيس أو كبار يتسامرون فيما بينهم. وجّه رجال البيزنس ضربة لكل هذا بعد أن أنفقت شركات الإنتاج التليفزيوني حوالي 131 مليون دولار في إنتاج أكثر من 50 مسلسلاً تليفزيونياً بزيادة أكثر من 15 مسلسلاً عن العام الماضي.. يتجاوز ساعات عرضها عدد ساعات اليوم الأربعة والعشرين.. ولن يجد المواطن المصري والعربي، الذي تطارده 780 قناة فضائية بهذه المسلسلات، أيّ وقت للعبادة من نهار وليل هذا الشهر الفضيل. بعد أن حوّل رجال الأعمال شهر رمضان إلى شو بيزنس للمسلسلات.. وبعد أن حوّل رجال السياسة شهر العبادة الوحيد إلى شهر للحملات الانتخابية، أضمّ صوتي إلى الحملة التي شنّتها مواقع الفيس بوك لمقاطعة هذه المسلسلات على الشاشة.. وأدعو إلى مقاطعة المسلسل الكبير الذي سينطلق في نوفمبر القادم تحت مسمّى انتخابات مجلس الشعب. عن اليوم السابع بتاريخ 14/ 8/ 2010