استضافت مكتبة "ألف" (أ) بالزمالك أول أمس (الثلاثاء) الكاتب "باسم شرف" لتوقيع ومناقشة مجموعته القصصية "كفيف لثلاثة أيام"؛ دارت الندوة حول أسلوب كتابة "باسم شرف"، الذي يتضمن جزءاً عبثياً وفلسفياً, برز بصورة كبيرة في مجموعته الأولى واستمر معه بعد ذلك, في مجموعتة الثانية. حضر الندوة عدد كبير من المهتمين بمجال الأدب في مصر من بينهم الكاتب "طارق إمام" الذي قام بطرح رؤية نقدية عن مجموعة "كفيف لثلاث أيام", كما أبدى "باسم شرف" وجهة نظره حول صناعة "السيت كوم" في مصر, وغياب قدسية الكاتب المصري بشكل عام. بدأ الأستاذ "عماد عدلي" -مسئول القسم الثقافي بمكتبات "ألف" الندوة- بالحديث عن "باسم شرف" وبداية معرفته به ككاتب، وكيف أنه استطاع من خلال مسرحيته الأولى "جزمة واحدة مليئة بالأحداث"، أن يأتي بنوع جديد من الأدب غير مطروق إلى حد كبير لدى الجيل الجديد من الأدباء، وهذا النوع قائم على الاختزال؛ حيث يختزل الكلمات ليكثف المعنى الذي يتلافاه القارئ، واستشهد على ذلك بكلمة قالها الروائي الكبير "ماركيز" عندما سئل عن أفضل قصة قصيرة قرأها، وأثرت فيه فقال: "حينما استيقظت كان الديناصور لا يزال هناك". "باسم": فكرة المجموعة القصصية بدأت لدى مصاحبتي لكفيف لثلاثة أيام ظروف كتابة مجموعة "كفيف لثلاثة أيام" تحدث "باسم" عن ظروف كتابته للمجموعة، وكيف أنها أخذت وقتا طويلا للغاية حتى تخرج بشكلها الحالي, وكيف أن فكرتها بدأت معه لدى مصاحبته لكفيف لثلاثة أيام، في البداية كفكرة فيلم قصير، ولكنه عندما أقدم على كتابتها, تراءت أمامه كقصة قصيرة, مما فتح أمامه باباً للكتابة في هذه المجموعة التي كتب فيها أكثر من 130 نصاً؛ تم تصفيتهم إلى 35 قصة قصيرة. طارق إمام: "باسم شرف" كسر كل تابوهات الكتابة تحدث بعد ذلك الكاتب طارق إمام عن مجموعة "باسم شرف" وأوضح أن "باسم" ككاتب يقدّس اللعب بصورة كبيرة، ويستخدم منطق العبث واللامعقولية طوال الوقت في كتاباته, وتبرز هذه الفكرة في نوعية استخدامه لألفاظ وأفكار فلسفية غير مطروقة سعى من خلالها إلى تكسير التابوهات غير التقليدية. وأكمل طارق: "مشكلتنا أننا نشأنا تحت مظلة أنه هناك ثلاثة تابوهات متعارف عليها وهي الدين والسياسة والجنس؛ لكن "باسم" استطاع أن يبرز لنا تابوها مختلفاً تماماً وهو اللغة؛ حيث استطاع أن يلعب باللغة بصورة كبيرة ويطوعها لخدمة مجموعته. ويبرز هذا في قصص (أمنا الغولة, وعلاء الدين) التي كسّر "باسم" من خلالها تابوه الموروثات, وحدث الأمر نفسه في جملة جاءت في آخر النص اعتبرها جملة هامة للغاية من الممكن أن نؤسّس عليها هذا النص بأكمله وهي: "الله اختار لنا اللعب والقصيدة وعلم شيطاننا الإيقاع", صور باسم هنا اللعب والقصيدة كوسيلة تقرب من الله, وهذا الأمر يعتبر نسفاً لموروثاتنا، حيث إننا لدينا خصام دائم بين الله والقصيدة والشعراء بشكل عام. طارق إمام: مشكلتنا أننا نشأنا تحت مظلة ثلاثة تابوهات متعارف عليها كتابة "السيت كوم" في مصر يحكمها رأي المنتج فقط بعد هذا وجّه الأستاذ "عماد" سؤالاً ل"باسم" حول وجهة نظره في سوق كتابة "السيت كوم" في مصر بصفته واحداً من أبرز الأسماء في هذا المجال, فأجاب بنوع من المرارة حيث قال: "سوق السيت كوم في مصر تحكمه معايير مختلفة عن الخارج, حيث إننا في مصر نتعامل مع وجهة نظر المنتج ومدى قدرة السيناريو المكتوب على اجتذاب قنوات ومعلنين للفكرة. وأكمل "باسم": "في الخارج يتم التعامل مع السيناريو كعمل مكتمل ولا يتدخل المنتج في هذا الأمر؛ هنا الوضع يختلف مثلاً لا أستطيع أن أقدم سيت كوم أبطاله من العجائز حيث إنني لو عرضت هذه الفكرة على منتج سأسمع جملة: نجيب ممثلين منين نبيع بيهم العمل ده، مما يؤدي إلى إحداث نوع من أنواع الربكة لديك ككاتب, مسلسل تامر وشوقية مثلاً انتظرنا أكثر من 5 سنوات للبحث عن منتج يقتنع بالعمل, إلى أن تحمس له المخرج شريف عرفة وتم إنتاجه, نحن بالفعل لدينا أزمة في مسلسلات السيت كوم في مصر.
الكاتب في حاجة إلى التقدير وهو على قيد الحياة وليس بعد مماته! استنكر "باسم شرف" في نهاية النقاش ما يحدث بالنسبة للجوائز المقدمة إلى الكتّاب المبدعين قائلاً: "الكاتب في حاجة إلى تقدير مادي ومعنوي، وأغلب الكتاب يقدّمون في هذه الجوائز من أجل الحصول على عائد مادي، يوفر لهم جواً مناسباً للإبداع وهذا شيء نسعى له ككتّاب في مصر؛ على الرغم من أنه يُقدم للكاتب في الخارج على طبق من ذهب؛ فيكفي مثلاً في دولة مثل فرنسا أن تكون مبدعاً حتى تحصل على دعم وتقدير مادي ومعنوي.