اتفقت قلوب المصريين -وهي التي لا تتفق- على الدعاء له في أزمته الصحية الخطيرة التي وضعته وجهاً لوجه مع "عزرائيل".. بعد الخروج منها بمعجزة التقينا به لنطمئن عليه، ولنعرف ما هو الجديد الذي ينوي فعله بعد هذه المرحلة الخطيرة التي كانت -بلا شك- علامة فارقة في حياته، لكن دعونا نخبركم مقدماً أن كل ما حدث له لم يفقده قدرته التلقائية على "الهزار"، وانتزاع الضحكات مِن كل مَن يشاهده أو يسمعه.. إنه الكوميديان الكبير "طلعت زكريا". عم "طلعت" ألف سلامة عليك.. وعايزين نطمّن على صحتك ونطَمن جمهورك؟ الله يسلمك، أنا بخير والحمد لله ربنا ستر، وكتب لي عمر جديد، عشان ما يحرمنيش من جمهوري اللي أنا اتأكدت دلوقتي إنه أكبر مكسب أنا طلعت بيه من الفن. كلّمنا عن التجربة ورحلة كفاحك ضد الموت؟ والله معظم اللي حصل في التجربة دي أنا مش فاكره؛ لأني كنت في الغيبوبة، وده يمكن من نعمة ربنا عليّ، لأن الألم كان هيبقى شديد جداً، وبالمناسبة هي مش تجربة واحدة... دول تجربتين؛ في الأولى جالي فيروس نادر وخطير أثّر على عملية التنفس، فدخلت في غيبوبة، وسافروا بي إلى فرنسا للعلاج، ولم أستطِع مشاهدة معالمها السياحية الجميلة سوى شجرة عابرة رأيتها وأنا في سيارة الإسعاف، حيث عدت إلى الوعي دقائق معدودة رأيت فيها الشجرة ثم عدت للغيبوبة (يضحك ويواصل). وبعد حيرة طويلة أمام هذا الفيروس اللعين، لجأ الأطباء إلى إجراء عملية توسيع في القصبة الهوائية حتى يمكنني التنفس، وبمجرد انتظام عملية التنفس، تماثلت للشفاء بفضل الله، وفقت من الغيبوبة. لكن بكل أسف كانت عملية التوسيع زيادة عن المطلوب حبتين؛ لأن الذي أجراها لم يكن بالخبرة الكافية؛ نظراً لأن عدد من يملكون الخبرة في التعامل مع القصبة الهوائية نادر جداً. وكان المفروض أن يجريها خبير عالمي، فدخل في الجسم -بحكم الفتحة الكبيرة- كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، بشكل جعل نسبة ثاني أكسيد الكربون أكثر من نسبة الأوكسجين في الدم، فانتكست مرة أخرى ودخلت في غيبوبة عميقة كان من الصعب أن أخرج منها، وكانت عودتي للحياة ضعيفة جداً، حتى أن أحد الأطباء المعالجين لي ويُدعى د.كريم مشهور أخبرني بعد العودة إلى الوعي أنني كنت أصعد إلى فوق، وهم يسحبوني بأقصى ما يستطيعون إلى تحت، وأنني في وجهة نظر الطب مت 3 مرات ثم عدت للحياة بأعجوبة! أكيد طبعاً تجربة رهيبة زي دي تركت أثراً كبيراً في شخصية "طلعت زكريا"؟ بكل تأكيد... فقد تعلّمت أموراً كثيرة من الأزمة الصحية الخطيرة التي مررت بها، أولها أن الإنسان لابد وأن يستيقظ من الغفلة التي يعيش فيها؛ لأن الروح تغادر الجسد في لحظة، دون أن يملك له أهله ولا معارفه ولا أصدقاؤه شيئاً، بعد أن يقع البني آدم ويُصبح أمام قدرة الله، كما تعلّمت أن حياة الشهرة أثرت كثيراً على سلوكياتي، فأخذتني الدنيا بعيداً عن الله، وصرت أهتم بالفن والسهر والفلوس، والفيلا والعربية، أما الآن فصرت أسعى لإرضاء الله في عملي وفي حياتي بشكل أكبر، واهتمام يفوق الماضي بكثير. وما تأثير هذه الأزمة على عائلتك؟ ياه... تأثير كبير أيضاً، فمثلاً "أميمة" ابنتي قطعت عهداً على نفسها أنها لن تبتعد عن الصلاة، وستظل تواظب عليها للأبد، وابني "عمر" صار أكثر تحملاً للمسئولية، أما زوجتي فتعلّمت كيفية الصبر عند البلاء، وكيفية مواجهة الخطر بقلب سليم. وما هي أخبار صحتك حالياً؟ الحمد لله تعالى تماثلت للشفاء إلى حد كبير، ولكني أخضع حالياً للعلاج الطبيعي مع الدكتور فيصل عبد الوهاب، الذي يضحك معي ويقول لي كل حاجة خلصت ناقص بس "الفينيش"؛ نظراً لأن عضلات الجسم حدث لها نوع من التراخي؛ بسبب عدم الحركة على مدار 3 شهور، وربنا يسهل. بصراحة شديدة.. مَن الذي لم يسأل عنك في محنتك الأخيرة، وماذا فعلت معه عندما عدت إلى وعيك؟ الحمد لله الجميع سأل عني، ومن لم يسأل أنا لا أتذكره من الأساس، ولم يعد في حياتي. سمعنا أن مرضك تكلّف تكلفة عالية للغاية، وكان هناك تقصير من نقابة الممثلين؟ المرض بالفعل تكلّف تكلفة رهيبة، وصلت إلى أكثر من 6 ملايين جنيه، لكن بأمانة لم يكن هناك تقصير من النقابة حيث إنها ساهمت بجزء من نفقة العلاج، وتحمّلت الدولة جزءاً آخر، وتحمّلت أنا الباقي، وجاءت أسرتي عروضاً عديدة من رؤساء وملوك عرب للمساعدة في العلاج، لكني الحمد لله تعافيت ولم أحتج لهذه المساعدات. سمعنا أن القيادة السياسية أعجبها فيلمك الأخير "طباخ الرئيس".. فماذا كان موقف السيد الرئيس في مرضك؟ فوجئت باتصال هاتفي من الرئيس شخصياً، ليطمئن على حالتي، وقال لي مداعباً: "هتوكلني إيه النهارده".. وهي الجملة الشهيرة التي كان يرددها دائماً "خالد زكي" في الفيلم، وكان الرئيس مرحاً خفيف الظل للغاية، ولم أصدق نفسي حينما وعدني بزيارة شخصية بمجرد أن تسمح حالتي الصحية. ولكن وبصراحة شديدة... ألم يُؤثّر الفيلم على جماهيريتك، خاصة أن البعض رأى أنه وصلة من النفاق السياسي المبالَغ فيه؟ نعم سمعت ذلك من البعض، وكنت أسكت طبعاً، فماذا أقول يعني! وهل تدخّل الرئيس ليتم الموافقة على الفيلم رقابياً؟ لا... ولكني أصبحت الآن الفنان الوحيد المسموح له بتقديم عمل فني عن الرئيس؛ لأن الرقابة أغلقت هذا الباب تماماً وبشكل نهائي، ولم يعد من المتاح تقديم عمل عن الرئيس أو رئيس الوزراء أو الشرطة، وأفكر حالياً بتقديم جزء ثانٍ من طباخ الرئيس، أو عمل آخر عن أحد العاملين مع الرئيس مثل "البودي جارد" أو الحارس الشخصي له، وكيف يتعامل مع الرئيس، وما المواقف التي يمر بها. هل هذا هو عملك القادم؟ كلا... فأنا أحضّر حالياً لفيلم جديد بعنوان "سعيد حركات" ويتحدّث عن فكهاني غشاش وله سلوكيات "زبالة"، حيث إن لسانه لا يسلم منه أحد، ويحب معرفة كل صغيرة وكبيرة عن الناس حتى أولئك الذين لا يخصونه، ولكن سعيد هذا يتعرّض لموقف ما يُمثل له علامة فارقة في حياته، عندما ترشّحه المخابرات للعمل معها في عملية مخابراتية خارج الحدود، فيتحوّل رغم كل عيوبه إلى بطل قومي، ويتم تكريمه، فيتغير للأفضل ويصبح إنساناً آخر. ألم يُواجه العمل أي اعتراض من المخابرات.. خاصة أن فيلم "كريم عبد العزيز" الأخير كاد أن يتوقف بسبب المخابرات؟ المخابرات المصرية يُشرّفها أن أعمل عمل فني عن بطولاتها؛ لأني لم أفكر في السخرية منها أو تهزيقها، بل أقدّمها في عمل يُوضّح مجهوداتها الجبارة لحماية البلد ولكن بطريقة كوميدية. ولماذا قمت بكتابة الفيلم بنفسك ولم تَعرض الفكرة على كاتب آخر ليكتبها.. ألا تخشى من "نفسنة" المؤلفين وحسدهم؟ يضحك قائلاً: ربنا يكفينا شر الحسد.. هيتعمل فينا إيه تاني أكتر من كده، وعلى فكرة أنا عرضت الفكرة على الكاتب الساخر "يوسف معاطي"، لكنه كان مشغولا وقتها بفيلم مع الأستاذ "عادل إمام"، فقررت أن أكتبها بنفسي خاصة إن شخصية "سعيد حركات" شخصية حقيقية، وقد عشت معها لفترة طويلة من الوقت، وأنا أدرى الناس بتفاصيلها، وطريقة كلامها وتفكيرها، وأتمنى من الله أن يوفقني في تقديمها بشكل يُعجب الجمهور. هل هذا اتجاه من "طلعت زكريا" لكتابة أفلامه القادمة بنفسه؟ لا... لأن لكل فيلم "ظروفه"، وليس معنى أني أكتب "سعيد حركات" أني سأستغني عن المؤلفين؛ لأن رصيد أفكاري حتماً سينتهي في يوم من الأيام، كما أني أحتاج إلى التنويع في الأفكار، وبالمناسبة فهناك فكرة أخبرني بها الكاتب الساخر "بلال فضل" عن مفتش أغذية حرامي، وربنا يسهل.. هي موجودة في الحصالة. ومن الذي سيُمثل معك في فيلمك الجديد "سعيد حركات"؟ الفنان الكبير "حسن حسني" والجميلة "مي كساب"، والمفاجأة أن ابنتي "أميمة" ستمثل فيه؛ لأنها تشعر أن لديها طاقة تمثيل، وستقوم بدور أختي، في تجربة واختبار لها مع الجمهور وربنا يسهل. ألا تلاحظ أن مصير معظم الكوميديانات هو المرض والفقر مثل إسماعيل ياسين الذي مات فقيراً، وعبد الفتاح القصري الذي مات مديوناً، وزينات صدقي التي ماتت مريضة وفقيرة؟ فعلاً يا أخي دي حاجة تخوّف بجد، مش عارف ليه دايماً مصير الكوميديان كده، وهو اللي بيبقى عايش طول عمره عشان يضحك الناس ويبسطهم، وعموماً ربنا يستر. هل من الممكن بعد أن لعبت دور البطولة المطلقة، أن تعود مرة أخرى لعمل دور ثانٍ؟ أنا قلت قبل كده لو ما نجحتش إني أكمل في البطولة المطلقة هرجع أشتغل تاني مع كريم عبد العزيز ومحمد سعد وسمير غانم، وبعدين مش عيب إن أكتر من فنان كوميديان يشتغلوا في عمل واحد، ويا ريت ده يحصل، ما عرفش ليه ما بيحصلش.. تخيّل كده لو 4،3 كوميديانات عملوا مع بعض فيلم كوميدي.. شوف الفيلم هينجح إزاي. ما رأيك في الأعمال الكوميدية الموجودة على الساحة حالياً؟ هي فين دي؟!! أنا ما سمعتش إن فيه حاجة كوميدية أتعملت غير فيلمين.. واحد بتاع "أحمد حلمي" والتاني بتاع "أحمد مكي"، ودي حاجة زعلتني لأن الناس محتاجة تضحك. وهل كل الأعمال الكوميدية بتضحك الناس؟ لأ طبعاً... بس كفاية إن يكون فيه اجتهاد من الفنانين، ما أنا مثلاً عملت مسلسل "سيت كوم" بعنوان "راسين في الحلال" واتعرض على قناة "دبي" مؤخراً، ولم يعجبني وزعلت إني عملته، لكن كفاية إني حاولت أضحك الناس واجتهدت عشان أسعدهم. أخيراً.. كلمنا عن أكتر المواقف الطريفة اللي حصلت لك في مشوارك الفني؟ كتيييييييييير... عندك مثلاً وأنا في "تايلاند" أثناء تصوير فيلم "حرامية في تايلاند"، دخلت مطعم كل القايمة بتاعته مش مفهومة، فاختارت حاجة كده عشوائي، وكانت أكلة جميلة جداً وآخر طعامة، وبعد ما خلصت أكل اكتشفت إنها كانت أكلة "صراصير"! وكله كوم وعم "بوذا" ده كوم تاني، الناس هناك بتروح عند تمثال "بوذا"، وتسيب اللي فيه النصيب من لبن وعيش وعصير كنوع من العبادة، وبعد كده يقفوا يصلوا شوية ويمشوا، وإحنا بقى كنا بنقاسم عم "بوذا" في رزقه.