في ذكرى رحيله.. ما زلنا نتذكره.. ما زالت كلماته تختلط بفناجين القهوة.. ما زالت أفكاره تتردد رغم خطورتها.. ورغم الخطوط الحمراء التي تخطاها.. ما زلنا نحتمي بكلماته حتى لا تلتفّ حول رقابنا هذه الخطوط "حبال مشانق".. وتقتل كلمات عزائه في حلوقنا كما قتلتها وقت وفاته.. نزار الذي لم يُقم له عزاء.. عزاؤه الوحيد هو كلماته التي لم تمُت.. وعاشت، وستعيش في وجداننا.. تعالوا نجمعها من قصاصاتنا.. المخبأة في دفاترنا.. ونصنع له منها "دفتر عزاء" منه لنا. من قصيدة (أحبك.. أحبك.. والبقية تأتي) لماذا أُحبُّكِ؟ إنَّ السفينةَ في البحر، لا تتذكَّرُ كيف أحاط بها الماءُ.. لا تتذكَرُ كيف اعتراها الدُوارْ.. لماذا أُحبّكِ؟ إنَّ الرصاصةَ في اللحم لا تتساءلُ من أينَ جاءتْ.. وليست تُقدِّمُ أيَّ اعتذارْ.. من قصيدة (هوامش على دفتر النكسة) إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ لأننا ندخُلها.. بكلِّ ما يملكُه الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها.. بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ من قصيدة ( إلى تلميذة) إذا وقفت أمام حسنك صامتاً فالصمتُ في حَرَم الجمال.. جمالُ كَلماتُنا في الحبّ.. تقتل حبّنا إن الحروفَ تموت حينَ تقالُ ....... ما زلت في فن المحبة طفلة بيني وبينك أبحر وجبال لم تستطيعي بعد أن تتفهمي أن الرجال جميعهم أطفال من قصيدة (أسألك الرحيلَ) لنفترق.. ونحنُ عاشقان.. لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان فمن خلالِ الدمعِ يا حبيبي أريدُ أن تراني ومن خلالِ النارِ والدُخانِ أريدُ أن تراني.. لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي فقد نسينا نعمةَ البكاءِ من زمانِ لنفترق.. كي لا يصيرَ حبُّنا اعتيادا وشوقنا رمادا.. من قصيدة (منشورَاتٌ فِدَائيّة على جُدْرَانِ إسْرائيل) ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعامْ لا ينتهي بخمسةٍ.. أو عشرةٍ.. ولا بألفِ عامْ طويلةٌ معاركُ التحريرِ كالصيامْ ونحنُ باقونَ على صدوركمْ.. كالنقشِ في الرخامْ.. باقونَ في صوتِ المزاريبِ.. وفي أجنحةِ الحمامْ باقونَ في ذاكرةِ الشمسِ، وفي دفاترِ الأيامْ باقونَ في شيطنةِ الأولادِ.. في خربشةِ الأقلامْ باقونَ في الخرائطِ الملوّنهْ باقونَ في شعر امرئ القيس.. وفي شعر أبي تمّامْ.. باقونَ في شفاهِ من نحبّهمْ باقونَ في مخارجِ الكلامْ.. ....... نأتي بكوفيّاتنا البيضاءِ والسوداءْ نرسمُ فوقَ جلدكمْ إشارةَ الفداءْ من رحمِ الأيامِ نأتي كانبثاقِ الماءْ من خيمةِ الذُّل التي يعلكُها الهواءْ من وجعِ الحسينِ نأتي.. من أسى فاطمةَ الزهراءْ من أُحدٍ نأتي.. ومن بدرٍ.. ومن أحزانِ كربلاءْ نأتي لكي نصحّحَ التاريخَ والأشياءْ ونطمسَ الحروفَ.. في الشوارعِ العبريّةِ الأسماء..