أسعار الدولار في تعاملات اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    18 و19 أغسطس.. «الإسكان»: إجراء 3 قرعات لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    فجر متوتر في إسرائيل: صاروخ حوثي من اليمن وسلاح الجو يعترضه "تفاصيل"    مواعيد مباريات الخميس والقنوات الناقلة.. منتخب مصر يواجه إسبانيا بكأس العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    لحق بوالده.. وفاة " احمد " نجل مدير مكتب الامن الصناعي بالعدوة في حادث صحراوي المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    بعد تعرضها لحادث سير.. ليلى علوي تتصدر تريند "جوجل"    لهذا السبب.. بدرية طلبة تتصدر تريند "جوجل"    موعد التصويت في جولة الإعادة بانتخابات الشيوخ    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    خائفة من محمد صلاح.. صحفي إسرائيلي يهاجم "يويفا" بسبب أطفال غزة    جامعة القناة تنفذ حملة توعوية حول التأمين الصحي الشامل ومخاطر المخدرات (صور)    بالأسماء.. حركة محلية جديدة تتضمن 12 قيادة في 10 محافظات    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    مبادرة تخفيض الأسعار بدأت بعد إعلان رئيس الوزراء والجيزة تتوسع في أسواق اليوم الواحد    قانون الإيجار القديم قيد التنفيذ.. المطلقات والمعيلات أولوية في وحدات بديلة    تعرف على إيرادات فيلم "درويش" في أول أيام عرضه بالسينمات    «دوري المكتبات» يواصل فعالياته في ثقافة القليوبية    الصحة تشيد بتقرير وكالة "فيتش" عن إنجازات مصر في صناعة الأدوية والتقدم الملحوظ بالمؤشرات الصحية    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    تفاصيل القبض على «أم ملك وأحمد» صانعة المحتوى    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    بسبب انتشار حرائق اليونان.. اشتعال مئات المركبات    سموتريتش يعطى الضوء الأخضر لبناء 3400 وحدة استيطانية    جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للموظفين وجدول الحد الأدنى للأجور    ياسين السقا يروي كواليس لقائه الأول مع محمد صلاح وأول تواصل بينهم    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    «زيزو اللي بدأ.. وجمهور الزمالك مخرجش عن النص».. تعليق ناري من جمال عبد الحميد على الهتافات ضد نجم الأهلي    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي اليوم والقنوات الناقلة في الدوري المصري    أزمة نفسية تدفع فتاة لإنهاء حياتها بحبة الغلة في العياط    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كواليس تواصل جهاز منتخب مصر الفني مع إمام عاشور    بالقليوبية| سقوط المعلمة «صباح» في فخ «الآيس»    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    "سيدير مباراة فاركو".. أرقام الأهلي في حضور الصافرة التحكيمية لمحمد معروف    نتنياهو: يمكننا قصف غزة كما قصف الحلفاء درسدن الألمانية بالحرب العالمية الثانية    انطلاق بطولتي العالم للشباب والعربية الأولى للخماسي الحديث من الإسكندرية    تفاصيل استقبال وكيل صحة الدقهلية لأعضاء وحدة الحد من القيصريات    محافظ قنا ووزير البترول يبحثان فرص الاستثمار التعديني بالمحافظة    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    انتهاء تصوير «السادة الأفاضل» تمهيدًا لطرحه في دور العرض    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    الرياضية: بسبب أمم إفريقيا.. أهلي جدة يسعى لضم حارس سعودي    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن القصة القصيرة.. اعرف فنون الطبخة!
نشر في بص وطل يوم 13 - 04 - 2010

اختلف كثيرون حول الدكتور رشاد رشدي.. والسبب أن اسمه يذكر دائماً -مع د. محمد عناني ويوسف السباعي وغيرهما- مرتبطاً بالثورة المضادة التي قام بها السادات؛ لتصفية كُتّاب الستينات.
إن كُتّاب الستينات رمز مهمّ من رموز الناصرية، وقد كانت لهم السيطرة على الحركة الأدبية حتى أطيح بهم في حركة التصحيح التي يختلف الجميع تقريباً حول قيمتها وصدقها.
وأنا ناصري أقرب إلى التعصب؛ لكن هذا الكتاب وقع في يدي في سنّ لم أكن أعرف فيها تلك الخلفيات؛ مما جعلني أقرؤه بتجرّد من حيث قيمته، ككتاب له وجوده المستقل المتفرد، وبلا أي تحيّز أيديولوجي مسبق.
في ذات السن تقريباً شاهدت أوبرا "عيون بهية" التي كتبها الدكتور رشاد رشدي، وبرغم حداثة سني؛ فقد أدركت أنها سخيفة.
لكن هذا الكتاب كان عصا الساحر التي أوقعتني في هوى القصة القصيرة، وجعلتني أعرف بالضبط عناصر ومقادير الطبخة التي تصنع هذا الفن الساحر. أنا مدين لهذا الأستاذ العظيم بطريقته السهلة المرنة التي ظلّت تعيش داخلي طويلاً.
هذا -إذن- من الكتب التي أحسبها قد وجدت طريقها إلى خلاياي لتقيم هنالك للأبد.
اسم الكتاب هو "فن القصة القصيرة". الطبعة الأولى صدرت عام 1959 عن مكتبة الأنجلو المصرية شارع "محمد فريد"، وتتكون من 192 صفحة، لطباعته ذات الطابع الرخيص العملي المغري بالقراءة والمميز لكتب الستينات، كطابع أغاني أم كلثوم القديمة، مقارنة بأغاني إليسا المبهرجة بالتكنولوجيا. والسعر الذي ابتاعه أبي به مكتوب على الغلاف: ثلاثون قرشاً، وهو ثمن باهظ طبعاً بمقاييس تلك الأيام.
منذ اللحظة الأولى يخبرنا الكتاب بحقيقة صادمة: القصة القصيرة ليست بالضرورة قصيرة في عدد الصفحات.. هناك روايات كتبت في خمس صفحات، وقصص قصيرة كتبت في مائة صفحة. ثم يحكي لك نبذة مهمة عن تاريخ نشأة هذا الفن منذ القرن الرابع عشر في أوروبا في شكل فني اسمه (الفاشيتيا).
ثم ظهور الأب الحقيقي للقصة القصيرة "جيوفاني بوكاتشيو" بقصصه (الديكاميرون) التي تحكي عن رجال ونساء التقوا في قصر أحدهم أثناء انتشار وباء الطاعون، وقرروا أن يحكوا قصصاً قصيرة اسمها (النوفلا) لتزجية الوقت. وهي قصص تتحدث في الغالب عن الخيانات الزوجية ونهاياتها هي الموت أو الزواج.
ثم جاء العملاق الفرنسي "موباسان" في القرن التاسع عشر وشعاره هو: لنحْكِ قصصاً عن أشخاص عاديين في عالم عادي. وكان يرى أن المهم هو (اقتناص اللحظة).. لحظة قصيرة عابرة في حياة أناس عاديين تصلح لتكون قصة، أما إذا أردت أن تعرف كل شيء عن الأبطال بعد هذه اللحظة فسبيلك -غصباً- هو الرواية لا القصة القصيرة يا صاحبي.
نأتي الآن إلى تشريح القصة ذاتها:
أولاً: يجب أن تقص القصةُ أخباراً.. ويجب أن ترتبط هذه الأخبار ببعضها.. ويجب أن يكون للخبر بداية ووسط ونهاية.. هذه هي القواعد الأرسطوطالية منذ قديم الأزل. أية محاولة مفتعلة لربط أخبار غير مترابطة منطقياً هو ما أطلق عليه أرسطو اسم (القصة الخبرية).. ومكانها سلة مهملات القصص.
وهنا نلاحظ مزية مهمة في الكتاب هي أنه لا يكفّ عن تقديم قصص قصيرة كاملة كأمثلة، وهي أمثلة واضحة جدّاً وغير متعالية، ثم يخبرنا الكاتب بالحقيقة التي لم أنسها قط: القصة الجيّدة لا يمكن تلخيصها.. أما القصة الخبرية فيسهل ذلك؛ لأنها لا تزيد على مجموعة أخبار. وهي تكتفي بتقديم الفعل دون الفاعل ولا المفعول به، ولتوضيح مثاله يقدّم لنا قصة "في ضوء القمر" وهي تحفة من تحف الفرنسي (جي دي موباسان).
بعد هذا ينتقل د. رشاد إلى توضيح أن القصة القصيرة يجب أن يكون لها معنى يرمي له الكاتب في النهاية، يجب أن يحاول أن يقول شيئاً ما.. كل تفاصيل القصة ترمي إلى نقطة واحدة هي التي كتبت القصة من أجلها.. هذه هي (نقطة التنوير).
وكما هي العادة لا يتركنا حائرين نتظاهر بالفهم؛ بل يقدّم لنا قصة قصيرة مفككة ل"سومرست موم" وقصة قصيرة محكمة لها نقطة تنوير واضحة ل"كاترين مانسفيلد".
أحياناً ما أشعر أنهم يتحاملون على "موم"؛ لكن القصة التي أوردها د. رشاد في هذا المثال فاضحة فعلاً. لقد تهاوى سيد القصة البريطاني الوقور أمام ضربة صائبة من الفتاة الرقيقة المريضة كاترين مانسفيلد.
من دون نقطة التنوير تظلّ الخيوط كلها معلّقة ولا معنى لها.. ثم تأتي نقطة التنوير فنفهم: رباه!.. هذا ما كان يريد قوله منذ البداية!.. ونقطة التنوير هي أهمّ ما يميز القصة القصيرة عن الرواية؛ فالرواية تقوم على التجميع وتأخذ راحتها في الوصف، أما القصة القصيرة فمهمتها التركيز، الرواية تتابع النهر من النبع إلى المصب؛ بينما القصة القصيرة تهتم بدوامة واحدة على صفحة مياهه.
يقدم لنا من جديد نموذجاً أقوى للكاتب الإيطالي "لويجي برانديللو"، ثم يأتي د. رشاد لنصيحة أخرى بالغة الأهمية وينساها الجميع -بمن فيهم أنا- وهي: لا تصف شيئاً لمجرد الوصف؛ بل لأن بطلك يراه كذا ولأن هذا مهمّ في السياق. لا يعنينا أن تكون الفتاة جميلة إلا إذا رآها البطل كذلك، وكان لهذا دور في الأحداث.
ويهاجم الكاتب الأدباء الذين يستعملون الفصحى في حوار الشخصيات؛ لأن هذا يبعد القصة عن الواقعية.. ويرى -ولا أوافقه على الإطلاق- أن استعمال الفصحى في الحوار جزء من تراثنا المتشبث بالجوهر اللغوي.
النصيحة التالية هي: لا تقرر شيئاً يفرض على الشخصيات... لا تقل إن "إيفان" كان تعساً؛ بل دع القارئ يعرف هذا من كلماته وأفعاله. ويورد لنا قصة (شقاء) لتشيكوف؛ تلك القصة سعيدة الحظ التي تجدها في كل كتب دراسات القصة القصيرة تقريباً.
على كل حال سوف نلاحظ في الكتاب أن (سومرست موم) ارتكب كل أنواع الأخطاء تقريباً، برغم هذا أجده مسلّياً جداً؛ لذا كوّنت نظريتي الخاصة عن الموضوع: يمكنك أن تكتب عملاً شائقاً برغم أنك تخالف الكثير من القواعد.
كتاب "فن القصة القصيرة" كتاب شديد الأهمية والإمتاع، ولا أعرف إن كان العثور عليه ممكناً اليوم أم لا، وهل قدّمته مكتبة الأسرة أم لا؛ لكني أنصحك بأن تقتنيه فوراً إذا وجدته في أي مكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.