تعرف على سعر الذهب اليوم الجمعة.. عيار 21 يسجل 4590 جنيها    اعتراف الأمم المتحدة بمجاعة غزة.. ما أبرز مجاعات التاريخ الحديث؟    ترامب: الجمع بين بوتين وزيلينسكي أمر بالغ الصعوبة    رسمياً.. نقل مباراة الزمالك وفاركو إلى ستاد السلام    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارتين بالكيلو 102 من الطريق الصحراوي بالبحيرة    محمود فوزي: تأسيس الأحزاب حق دستوري ولا قيود على المعارضة    إنذار ب تسونامي بعد زلزال مدمر بقوة 7.5 ريختر في ممر دريك جنوب تشيلي    الخارجية البريطانية: إعلان المجاعة في قطاع غزة أمر مروع    محمود فوزي: الدولة لا تقبل ترك مواطني الإيجار القديم دون مأوى    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    انقلاب سيارة محملة بالعنب على الطريق الدائرى اتجاه قليوب    تفاصيل إحباط محاولة جلب أقراص مخدرة عبر طرد بريدي بميناء جوي    ضبط لص حاول سرقة حقيبة من شخص فى العمرانية    إقبال جماهيري على معرض السويس الثالث للكتاب- صور    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    خطيب الجامع الأزهر يحذر من زراعة اليأس والإحباط في القلوب: خطر كبير يواجه الأمة    الصحة: تقديم 57 مليون خدمة طبية مجانية ضمن حملة «100 يوم صحة» في 37 يومًا    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    جوارديولا: مواجهة توتنهام صعبة وفرانك مدرب كبير    الداخلية تكشف كواليس سرقة سيارة مُحملة بحقائب سفر بالسلام    تنفيذ 83 ألف حكم قضائي وضبط 400 قضية مواد مخدرة خلال 24 ساعة    حقيقة حرمان خريجي البكالوريا من الالتحاق بعدد من الكليات    أفضل فريق لخاصية "وايلد كارد" في فانتازي الدوري الإنجليزي    قانون الرياضة الجديد ينظم تأسيس شركات الخدمات الرياضية بمشاركة الهيئة بنسبة 51%.. تفاصيل    10 لقطات مبهرة تكشف أسرار الكنوز الغارقة بالإسكندرية (صور)    إيقاعات وألوان وحرف.. قصور الثقافة تفتح أبواب الإبداع أمام مواهب بورسعيد في برنامج مصر جميلة    الأردن يدين تصريحات إسرائيلية مؤيدة للاستيطان ويجدد دعوته لوقف الانتهاكات    فورين بوليسي: منطقة "دونباس" مفتاح الحرب والسلام في أوكرانيا    المقاومة العراقية تطالب بالانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من العراق    تسجيل مركز قصر العيني للأبحاث السريرية رسميا بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    حريق محدود يؤجل امتحانات مركز تقييم القدرات.. و«التنظيم والإدارة» يحدد مواعيد بديلة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    وزير الري: التكنولوجيا تلعب دورا محوريا في إدارة المياه والتنبؤ بمخاطر المناخ    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    صحيفة عبرية: نتنياهو يشجع بن جفير وسموتريتش على تقويض فرص التوصل إلى اتفاق    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    الاقتصاد المصرى يتعافى    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    ضبط المتهمين بالتسول واستغلال الأطفال أسفل كوبري بالجيزة    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السرد متاهة لا يمكن الخروج منها إلا بالنقد
نشر في صوت البلد يوم 04 - 02 - 2018

عنوان غريب اختاره الناقد شوقي بدر يوسف لأحدث كتبه، حيث يؤكد في مقدمة الكتاب على وصفه للسرد بالمتاهة التي تتسع لتشمل جميع الخطابات: أدبية أو غير أدبية، ويراه طريقة لاستدعاء الماضي عبر الحكي والقص، فالفن القصصي صورة من صور السرد المتجدد للأحداث التخييلية.
متاهات روائية
ضم الجزء الأول من الكتاب، الصادر عن وكالة الصحافة العربية – ناشرون، خمس دراسات أولاها عن رواية “أفراح القبة” لنجيب محفوظ، باعتبارها نموذجا للرواية الصوتية؛ فليست هناك شخصية محورية بعينها تستأثر بمجريات الحدث، إنما هناك عدة شخصيات لكل منها خصوصيتها، الشخصيات في “أفراح القبة” تعمل في مجال المسرح، وجميعها لها همومها الخاصة النابعة من تواجدها في هذا الجو الذي صوره الكاتب وكأنه ماخور، من خلال شخصيات متدنية هامشية من قاع المجتمع، وشخصيات أخرى بورجوازية قفزت اجتماعيا لتستأثر بالتسلط والتحكم جسديا ونفسيا في كل مَن حولها مِن شخصيات.
الدراسات التالية عن الرواية استأثرت بها الإسكندرية -موطن الكاتب- في أولاها تناول رواية “الأزمنة” لسعيد سالم، وصنفها ضمن نمط الرواية التي تجتر أزمتها وأزمنتها في عقل الراوي لتعيد صياغة الواقع، منشدا العدالة الغائبة، وفي “العطارين” لمحمد عبدالله عيسى، وهو مكان سكندري ذو خصوصية متفردة، فسكانه خليط من السكندريين والمصريين الوافدين على المدينة والشوام والأجانب.
تقوم الرواية على تجسيد الصراع بين مكونات الخليط في زمن الحرب، والدراسة الأخيرة عن الرواية جاءت بانورامية ترصد “الإسكندرية في الرواية المعاصرة”، وقد حظيت الإسكندرية الزمان والمكان باهتمام الرواية العالمية والعربية حتى أصبحت من العلامات الخاصة في هذا المجال الإبداعي، كما في روايتي نجيب محفوظ “ميرامار” و”السمان والخريف” بمحتواهما السياسي والاجتماعي واللتين تبدو فيهما الإسكندرية بظلالها الخاصة وكأنها تتحكم في مصائر من يعيشون فيها وتوجههم كيفما تشاء.
وكتب عبدالفتاح رزق روايته “الإسكندرية 47” التي تحكي عن بعض الأحداث الاجتماعية لمرحلة آخر أربعينات القرن الماضي في الإسكندرية، وصراع الطبقات في هذه الفترة، والسلم الاجتماعي المتباين في أحد أحياء الإسكندرية العريقة وهو حي محرم بك، من خلال طبقتين متناقضتين تعيشان معاً في قصر واحد، وهما نموذجان حقيقيان لواجهة أخرى من واجهات الإسكندرية إذ تمثلان الطبقة الأرستقراطية والطبقة الشعبية اللتين تحتويهما الإسكندرية معاً.
وكتب محمود عوض عبدالعال عن امتزاج البيئة الشعبية السكندرية في حي أبي قير بالبيئة الشعبية اليونانية المرتبطة بالتراث اليوناني متمثلة في مسيو “نانا” الباحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر في رواية “سكر مر”، كما عبر أيضاً عن البيئة الشعبية المخيفة الخاصة بحي باكوس في رواية “عين سمكة” من خلال فاطمة السودا القوادة التي تسكن سور كنيسة باكوس، والإحباط الذي صاحب المثقفين المحبطين بعد نكسة 1967.
وتعتبر روايتا إدوار الخراط “يا بنات إسكندرية”، و”ترابها زعفران” من أعمال السيرة الذاتية التي تعتمد على أماكن سكندرية حقيقية خبرها الكاتب وعبر عنها من خلال الخيال وصنعة الفن حتى أنه أطلق على كتابه “ترابها زعفران” عبارة “نصوص سكندرية”. وفي روايات إبراهيم عبدالمجيد تبرز الإسكندرية من خلال مراحل التغيير التي طرأت على المجتمع في مصر خاصة المرحلة التي أعقبت نكسة يونيو 1967 وكذا من خلال التلاحم بين الزمان والمكان وما يدور في المدينة من ممارسات، وما تتسم به شخصيتها من تميز خاص في ملامح التغيير. أما مصطفي نصر فهو الروائي الوحيد الذي اتخذ من الإسكندرية مسرحا لكل أعماله معبرا فيها عن عالمها السري وعن شخصياتها المأزومة التي صورها من قاع المجتمع السكندري، ومن أمثلتها “الصعود فوق جدار أملس” و”الشركاء” و”جبل ناعسة” و”الجهيني” و”الهماميل”.
وجه آخر للمتاهة
تمثل القصة القصيرة وجها آخر للمتاهة السردية التي قدمها الكاتب في دراساته التطبيقية، وكما بدأ القسم الأول بدراسة عن نجيب محفوظ انطلق بعدها في تناول روايات سكندرية، بدأ القسم الثاني بدراسة عن “محمود البدوي” أردفها بدراسات تناولت كتاب قصة سكندريين.
يرى شوقي بدر أن محمود البدوي هو “نبض القصة القصيرة”، ويخصه بدراسة تركز على رافدي القصة عنده: الواقعي والرومانسي. كما يتأمل فنه من حيث العلاقات التي تنشأ بين الشخصيات، ومن زاوية الدوافع الخفية والسلوك الإنساني للشخصيات التي يضع يده عليها، موضحا أنه أعاد اكتشاف البيئة المصرية في قصصه، خاصة عالم الريف.
ثم يتناول مجموعة “علامة الرضا” لمحمود عوض الذي استخدم أسلوب تيار الوعي بتقنياته السيكولوجية، ولغته التشكيلية المراد بها الإيهام والإيحاء وليس المحاكاة والتسجيل، سواء في روايتيه “سكر مر”، و”عين سمكة” أو في قصصه القصيرة، مما ميزه وسط أدباء جيله. ومن الشكل في “علامة الرضا” إلى المضمون في قصص مجموعة “حفل زفاف في وهج الشمس” لمصطفى نصر، حيث المسكوت عنه هو نفسه ما تمارسه شخصيات قصص المجموعة من قهر وعهر وقسوة.
وعن البناء الفني في مجموعة “عويل البحر” يرى أن القصة عند سعيد بكر تتميز بالصياغة التجريبية المحملة على الواقع من خلال التعامل الحذر مع لغة تهدف أولًا وأخيرًا إلى تشكيل اللحظة القصصية الحكائية المؤثرة، وإقامة بناء فني مليء بالدلالات والمعاني المستمدة من محور هذا الواقع. وذلك من خلال رؤية واعية استخدمها في التنقل بين هموم المجتمع وطموحاته، وجعلها محور اهتمامه وأحد مكونات عالمه الإبداعي.
اختتم شوقي بدر يوسف كتابه بحوار حول أدب الخيال العلمي، سبق أن أجراه مع الراحل نهاد شريف، ومثل الحوار نتوءا لا لزوم له في جسد “متاهات السرد” فلا هو دراسة، ولا محوره ذو صلة بما حدده الكاتب في مقدمة الكتاب من مفاهيم نظرية للسرد ودور الناقد. أما دراسته الطويلة عن “الإسكندرية في الرواية المعاصرة” فقد كانت بحاجة إلى المراجعة؛ فبين تاريخ كتابتها وتاريخ نشر الكتاب عقود شهدت صدور العشرات من الروايات المهمة عن الإسكندرية منها روايات الراحل سعيد بكر، وأغلب أعمال محمد جبريل خاصة “رباعية بحري” التي لم تشر إليها الدراسة.
عنوان غريب اختاره الناقد شوقي بدر يوسف لأحدث كتبه، حيث يؤكد في مقدمة الكتاب على وصفه للسرد بالمتاهة التي تتسع لتشمل جميع الخطابات: أدبية أو غير أدبية، ويراه طريقة لاستدعاء الماضي عبر الحكي والقص، فالفن القصصي صورة من صور السرد المتجدد للأحداث التخييلية.
متاهات روائية
ضم الجزء الأول من الكتاب، الصادر عن وكالة الصحافة العربية – ناشرون، خمس دراسات أولاها عن رواية “أفراح القبة” لنجيب محفوظ، باعتبارها نموذجا للرواية الصوتية؛ فليست هناك شخصية محورية بعينها تستأثر بمجريات الحدث، إنما هناك عدة شخصيات لكل منها خصوصيتها، الشخصيات في “أفراح القبة” تعمل في مجال المسرح، وجميعها لها همومها الخاصة النابعة من تواجدها في هذا الجو الذي صوره الكاتب وكأنه ماخور، من خلال شخصيات متدنية هامشية من قاع المجتمع، وشخصيات أخرى بورجوازية قفزت اجتماعيا لتستأثر بالتسلط والتحكم جسديا ونفسيا في كل مَن حولها مِن شخصيات.
الدراسات التالية عن الرواية استأثرت بها الإسكندرية -موطن الكاتب- في أولاها تناول رواية “الأزمنة” لسعيد سالم، وصنفها ضمن نمط الرواية التي تجتر أزمتها وأزمنتها في عقل الراوي لتعيد صياغة الواقع، منشدا العدالة الغائبة، وفي “العطارين” لمحمد عبدالله عيسى، وهو مكان سكندري ذو خصوصية متفردة، فسكانه خليط من السكندريين والمصريين الوافدين على المدينة والشوام والأجانب.
تقوم الرواية على تجسيد الصراع بين مكونات الخليط في زمن الحرب، والدراسة الأخيرة عن الرواية جاءت بانورامية ترصد “الإسكندرية في الرواية المعاصرة”، وقد حظيت الإسكندرية الزمان والمكان باهتمام الرواية العالمية والعربية حتى أصبحت من العلامات الخاصة في هذا المجال الإبداعي، كما في روايتي نجيب محفوظ “ميرامار” و”السمان والخريف” بمحتواهما السياسي والاجتماعي واللتين تبدو فيهما الإسكندرية بظلالها الخاصة وكأنها تتحكم في مصائر من يعيشون فيها وتوجههم كيفما تشاء.
وكتب عبدالفتاح رزق روايته “الإسكندرية 47” التي تحكي عن بعض الأحداث الاجتماعية لمرحلة آخر أربعينات القرن الماضي في الإسكندرية، وصراع الطبقات في هذه الفترة، والسلم الاجتماعي المتباين في أحد أحياء الإسكندرية العريقة وهو حي محرم بك، من خلال طبقتين متناقضتين تعيشان معاً في قصر واحد، وهما نموذجان حقيقيان لواجهة أخرى من واجهات الإسكندرية إذ تمثلان الطبقة الأرستقراطية والطبقة الشعبية اللتين تحتويهما الإسكندرية معاً.
وكتب محمود عوض عبدالعال عن امتزاج البيئة الشعبية السكندرية في حي أبي قير بالبيئة الشعبية اليونانية المرتبطة بالتراث اليوناني متمثلة في مسيو “نانا” الباحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر في رواية “سكر مر”، كما عبر أيضاً عن البيئة الشعبية المخيفة الخاصة بحي باكوس في رواية “عين سمكة” من خلال فاطمة السودا القوادة التي تسكن سور كنيسة باكوس، والإحباط الذي صاحب المثقفين المحبطين بعد نكسة 1967.
وتعتبر روايتا إدوار الخراط “يا بنات إسكندرية”، و”ترابها زعفران” من أعمال السيرة الذاتية التي تعتمد على أماكن سكندرية حقيقية خبرها الكاتب وعبر عنها من خلال الخيال وصنعة الفن حتى أنه أطلق على كتابه “ترابها زعفران” عبارة “نصوص سكندرية”. وفي روايات إبراهيم عبدالمجيد تبرز الإسكندرية من خلال مراحل التغيير التي طرأت على المجتمع في مصر خاصة المرحلة التي أعقبت نكسة يونيو 1967 وكذا من خلال التلاحم بين الزمان والمكان وما يدور في المدينة من ممارسات، وما تتسم به شخصيتها من تميز خاص في ملامح التغيير. أما مصطفي نصر فهو الروائي الوحيد الذي اتخذ من الإسكندرية مسرحا لكل أعماله معبرا فيها عن عالمها السري وعن شخصياتها المأزومة التي صورها من قاع المجتمع السكندري، ومن أمثلتها “الصعود فوق جدار أملس” و”الشركاء” و”جبل ناعسة” و”الجهيني” و”الهماميل”.
وجه آخر للمتاهة
تمثل القصة القصيرة وجها آخر للمتاهة السردية التي قدمها الكاتب في دراساته التطبيقية، وكما بدأ القسم الأول بدراسة عن نجيب محفوظ انطلق بعدها في تناول روايات سكندرية، بدأ القسم الثاني بدراسة عن “محمود البدوي” أردفها بدراسات تناولت كتاب قصة سكندريين.
يرى شوقي بدر أن محمود البدوي هو “نبض القصة القصيرة”، ويخصه بدراسة تركز على رافدي القصة عنده: الواقعي والرومانسي. كما يتأمل فنه من حيث العلاقات التي تنشأ بين الشخصيات، ومن زاوية الدوافع الخفية والسلوك الإنساني للشخصيات التي يضع يده عليها، موضحا أنه أعاد اكتشاف البيئة المصرية في قصصه، خاصة عالم الريف.
ثم يتناول مجموعة “علامة الرضا” لمحمود عوض الذي استخدم أسلوب تيار الوعي بتقنياته السيكولوجية، ولغته التشكيلية المراد بها الإيهام والإيحاء وليس المحاكاة والتسجيل، سواء في روايتيه “سكر مر”، و”عين سمكة” أو في قصصه القصيرة، مما ميزه وسط أدباء جيله. ومن الشكل في “علامة الرضا” إلى المضمون في قصص مجموعة “حفل زفاف في وهج الشمس” لمصطفى نصر، حيث المسكوت عنه هو نفسه ما تمارسه شخصيات قصص المجموعة من قهر وعهر وقسوة.
وعن البناء الفني في مجموعة “عويل البحر” يرى أن القصة عند سعيد بكر تتميز بالصياغة التجريبية المحملة على الواقع من خلال التعامل الحذر مع لغة تهدف أولًا وأخيرًا إلى تشكيل اللحظة القصصية الحكائية المؤثرة، وإقامة بناء فني مليء بالدلالات والمعاني المستمدة من محور هذا الواقع. وذلك من خلال رؤية واعية استخدمها في التنقل بين هموم المجتمع وطموحاته، وجعلها محور اهتمامه وأحد مكونات عالمه الإبداعي.
اختتم شوقي بدر يوسف كتابه بحوار حول أدب الخيال العلمي، سبق أن أجراه مع الراحل نهاد شريف، ومثل الحوار نتوءا لا لزوم له في جسد “متاهات السرد” فلا هو دراسة، ولا محوره ذو صلة بما حدده الكاتب في مقدمة الكتاب من مفاهيم نظرية للسرد ودور الناقد. أما دراسته الطويلة عن “الإسكندرية في الرواية المعاصرة” فقد كانت بحاجة إلى المراجعة؛ فبين تاريخ كتابتها وتاريخ نشر الكتاب عقود شهدت صدور العشرات من الروايات المهمة عن الإسكندرية منها روايات الراحل سعيد بكر، وأغلب أعمال محمد جبريل خاصة “رباعية بحري” التي لم تشر إليها الدراسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.