عودة انقطاع الكهرباء في مناطق بالجيزة وخروج كابل محطة محولات جزيرة الذهب عن الخدمة    هآرتس: ترامب يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لضم أجزاء من غزة    200 مليون دولار، ليفربول يجهز عرضا خرافيا لحسم صفقة مهاجم نيوكاسل    رابطة الأندية: بدء عقوبة "سب الدين والعنصرية" فى الدوري بالموسم الجديد    السيسي يوجه بتوفير الرعاية الصحية اللازمة والاهتمام الطبي الفوري للكابتن حسن شحاتة    المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في المريوطية    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    الكشف الطبي على 540 مواطنًا بقرية جلبانة ضمن القافلة الطبية لجامعة الإسماعيلية    بمناسبة اليوم العالمي.. التهاب الكبد خطر صامت يمكن تفاديه    نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة رد عملي على حملات التضليل    سميرة صدقي: عبلة كامل أفضل فنانة قدمت دور المرأة الشعبية    بدء الدراسة بجامعة الأقصر الأهلية.. رئيس الجامعة والمحافظ يعلنان تفاصيل البرامج الدراسية بالكليات الأربع    «ما تراه ليس كما يبدو».. شيري عادل تستعد لتصوير حكاية "ديجافو"    قبل عرضه.. تفاصيل فيلم بيج رامى بطولة رامز جلال    علاج الحموضة بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    الداخلية: لا توجد تجمعات بالمحافظات والإخوان وراء هذه الشائعات    برومو تشويقى ل مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو".. سبع حكايات ومفاجآت غير متوقعة    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    حزب الجيل: السيسي يعيد التأكيد على ثوابت مصر في دعم فلسطين    أمانة الشؤون القانونية المركزية ب"مستقبل وطن" تبحث مع أمنائها بالمحافظات الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    تنفيذي الشرقية يكرم أبطال حرب أكتوبر والمتبرعين للصالح العام    ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    هندسة المنوفية الأولى عالميًا في المحاكاة بمسابقة Formula Student UK 2025    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    السفارة الأمريكية: كتائب حزب الله تقف وراء اقتحام مبنى حكومي ببغداد    قنا: القبض على شاب متهم بالاعتداء على طفل داخل منزل أسرته في قرية الدرب بنجع حمادي    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    12 راحلا عن الأهلي في الانتقالات الصيفية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    تصعيد خطير ضد الوجود المسيحي بفلسطين.. مستوطنون يعتدون على دير للروم الأرثوذكس    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    منال عوض تتابع ملفات وزارة البيئة وتبحث تطوير منظومة إدارة المخلفات    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المقدس» للإنكليزي سيمون ويست: دولنة اللصوصية وعدالة الصعاليك
نشر في صوت البلد يوم 02 - 10 - 2017

يعتبر الفيلم الأمريكي «المقدس» (126 دقيقة/ يونيو/حزيران 2017/ إنتاج أمريكي/ المغامرات / الجريمة/ اللصوصية / المخرج سيمون ويست) نسخة مكررة من نسخ 007 وأفلام اللصوصية والجاسوسية. يطرح الفيلم الحالة الراهنة لعولمة يكثر فيها اللصوص والمارقون من الساسة ورجال الاقتصاد والمافيات والجرائم التي تنتعش على فقر الشعوب.
من بطولة انريك موسيانو (اللص سيمون تمبلر) إليزا دوسكو (اللصة) والممثل القدير روجيه مور. يسافر بنا الفيلم في العالم المعاصر، حيث يسود اللصوص وتحكم المافيات. كما يصفها المفكر جان جاك روسو «العمل هو واجب أساسي للإنسان الاجتماعي. الغني أو الفقير، القوي أو الضعيف، كل مواطن خمول هو لص».
عدالة الصعاليك
تنطلق اللقطات الأولى للفيلم من موسكو، بحضور بطل الفيلم اللص سيمون تملبر، لإفشال عملية بيع الأسلحة مقابل الذهب. وحصول سيمون على قطع الذهب وإيداعها عند محامي في رومانيا وتوصيته بأن يمنح قيمة هذا الذهب لجمعية تعنى بالأطفال اليتامى. تنطلق الأحداث إلى مجموعة من المدن والدول، (الولايات المتحدة الأمريكية.. نيجيريا.. باريس.. لندن.. العراق..رومانيا) يركز بطل الفيلم على إحقاق العدالة بمفهومه الخاص، ولكن عن أي عدالة يمكن تصورها؟ تبدو هذه العدالة التي لا تستند إلى فهم مؤسساتي، بل هي وليدة انتقام في أصلها وتنبني في مجملها على طفولة سيمون تمبلر، الذي قتل والداه أمام عينيه ويرغب في الانتقام. يمتاز هذا البطل بجسم رياضي رشيق ومهارات ومواهب متعددة، كما هي العادة في أفلام 007.. لأن أجواء الفيلم تتطلب هذه الخفة، وهذا النوع من الشخصيات الشابة والأنيقة ذات الوجه الحسن والقادرة على الجري والتسلق، وتمتلك مهارات السرقة والقدرة على مواجهة الآخرين. كل هذه الصفات الجسدية والحنكة التي اكتسبها طيلة حياته في عوالم الجريمة والسرقة، لاعتقاده الراسخ بأنه يدافع فعلا عن قيم العدل. العدل يتجسد من خلال محاولة انقاد ابنة المليونير وإرجاع الأموال التي أرسلها إلى طالب الفدية، وهو مسار ثان من الفيلم يدخل في دوائر تمنح مفاتيح لنهاية الفيلم.
ما هو المقدس؟
المقدس في الفيلم، وكما في العنوان هو تحقيق العدل وإرجاع الشابة المختطفة إلى والدتها سالمة ومعافاة، وكذلك إرجاع الذهب المنهوب إلى رومانيا وإرجاع الأموال إلى نيجيريا، والمساهمة في الحد من المافيات العالمية التي تفقر الشعوب في كل من نيجيريا والعراق وأفغانستان. المقدس كذلك عند تامبلر هو عدم رغبته في القتل في أكثر من مناسبة ومحاولة مساعدة وكالة المخابرات الأمريكية، التي تعجز بكل عملائها وأجهزتها، ويتدخل هو بدون إراقة للدماء، سواء في روسيا أو سان أنطونيو أو في نهاية الفيلم، حينما لا يرغب من الانتقام من المافيوزي داخل قصره وقاتل أسرته وتقديمه للعدالة، على طريقة تضحية الأبطال الكبار، كما تعودنا منذ الخامس من اكتوبر/تشرين الأول1962 انطلاق السلسلة الفيلمية 007 مع روجيه مور.. دانييل غريغ.. بريس بروسنان.. تيموتي دالتون.. دافيد نيفان.. جورج لازنبي.. سين كونري بدون ترتيب كرونولوجي.
دولنة اللصوصية المبلقنة
في انتقال الفيلم ما بين جنرالات وعسكر روسيا ونيجيريا ورومانيا… يحط البطل الرحال في باريس.. لندن.. جنوة .. سان أنطونيو في الولايات المتحدة.. هذا الحضور الدولي يغطي جانبا مهما من اللصوصية العابرة للقارات ولتهريب الأموال بين الدول. وهنا يطرح الفيلم في أحد أبعاده دولنة اللصوصية. والغريب في الأمر أن اللص سيمون تامبلر ورفيقته ورفيقه يشكلون عصابة «لصوص ظرفاء» أو «لصوص الأمل» كما يصفهم الشاعر الإسباني أنطونيو ماتشادو، الذين يقتفون السرقات وتتبعها وتتبع المافيات الكبيرة المندسة بين علب الساسة ومزارع الاقتصاد، وبورجوازيين همهم الأول الاغتناء، سواء بالسرقة أو الاختطاف أو بيع الأسلحة أو تهريب العملات الوطنية.
فيلموغرافية العنف والحركة:
المخرج الإنكليزي والهوليوودي سيمون ويست (من مواليد 1961 في ليتش وورد في المملكة المتحدة) بترسانة أفلام عالمية ودعم هوليوودي كبير، وهو المنجز لأفلام عالمية شهيرة حققت إيرادات مليونية في شباك التذاكر وشهرة عالمية وجعلته من أعز المخرجين المطلوبين في قوائم هووليود، ومن بينها فيلم «لعبة متوحشة» (2015) و»الميكانيكي» (2011) مع النجم جيسون ستاثام وفيلم «المرتزقة» (2012) مع النجم سيلفستر ستالون. وفيلم «ضد الساعة «(2012) مع نيكولاس كيدج والفيلم الشهير «لارا كروفيت» (2011) مع النجمة أنجلينا جولي وفيلم «ابنة الجنرال» (1999) مع النجم جون ترافولتا، والعديد من المسلسلات والأفلام… في فيلموغرافية هذا المخرج والسيناريست والمنتج العالمي ذو الأرقام الصعبة في معادلات إنتاج الأفلام العالمية. فقط حضور سيمون ويست وراء الفيلم يمنحه بعدا دوليا، ومستوى كبيرا من الترويج على المستوى العالمي بميزانية ضخمة.. مع الاستفادة من تجربة المنتج والسيناريست والمخرج سيمون ويست في تعاطيه مع هذه العينة من الأفلام منذ مدة طويلة، والحضور القوي لنجوم سينمائيين دوليين من الوزن الثقيل، بالإضافة إلى حضور لمسة تقنية مشوقة داخل الفيلم وحركية كبيرة واشتغال جيد على مستوى المشاهد وطريقة تصويرها من زوايا تضعنا في قلب عوالم المافيا وظاهرة اللصوصية ذات البعد المعولم.
الشخصيات المعذبة والمأزومة:
تعكس شخصيات الفيلم ماضيا مجهضا وطفولات معذبة ونفسيات مأزومة وجشع كبير، فاللص سيمون تامبلر الطفل عاش جحيم طفولة قاسية محروم الأب والأم، بعد قتلهما من طرف معلمه، وفي عقر داره ورغبته الكبيرة في أن يكون طبيبا نفسيا يقدم خدماته لبني البشر. رفيقته اللصة بدورها تظهر في إحدى المشاهد مكبلة في العراق من طرف جماعات إرهابية داعشية.. وتستطيع تحرير نفسها وهي منفصلة عن لص ستجابهه في نهاية الفيلم، يتم تقييده وتسليمه للعدالة الأمريكية. المافيوزي الكبير، الذي يحاربه سيمون تامبلر وقاتل أسرته هو الذي قتل عائلته حينما كان صغيرا وتسبب في تشرده. أما في الحاضر فهذه الشخصيات تعيش وضعا ماديا مريحا وتنتقل بين القصور والإقامات الفخمة واليخوت والسفر بين الدول والفنادق الكبرى والشواطئ هاجسها الانتقام وتهريب مزيد من الأموال.
الإثارة البعيدة عن الجنس
تأخذ الإثارة داخل الفيلم بعدا غير جنسي، حيث نجد مشاهد البذخ والإثراء المنتقلة بين الدول وأنماط العيش داخل القصور الفخمة والفنادق الضخمة وهنا إثارة الإبهار. الإثارة في التقنيات التي يستعملها بطل الفيلم في عمليات السرقة واستبدال البصمات الحديثة والخفة وطريقة قيادة السيارات ومطاردته بطريقة جنونية.. كل هذه الإثارات غير الجنسية والحسية جعلت منه فيلما مثيرا في سرعة الانتقال بين المشاهد والأمكنة.
الانتقام وزيف العدالة
يكاد يكون فعل الحب منعدما داخل صراع المصالح داخل طبقة البورجوازية وأسهمها وأرصدتها البنكية، فالثري الذي اختطفت ابنته يسعى لاسترجاع أمواله قبل ابنته، وتظاهره برغبته الكبيرة في استرجاع ابنته الشابة المختطفة. في حين يسيطر هاجس الانتقام واستغلال ماضي الشخصيات المعذب، لإضافة حقنة جديدة من الانتقام وحضور القوي في الواجهة كشخصية تمتلك حسا من المعرفة وقدرة كبيرة في التحكم في دواليب السياسة والاقتصاد بعلاقاتها المتشعبة. باستثناء البطل سيمون تامبلر صحبة رفيقته السارقة في محاولة إصباغ عملهما اللصوصي بطابع إنساني فيه الكثير من الصعلكة ويحاول مد يد العون للشابة المختطفة وإنقاذها في نهاية المطاف وتقديم المجرمين إلى العدالة بدون الانتقام في أكثر من مناسبة. يقدم الفيلم وعيا زائفا كبيرا بأن قيم العدالة تبني في جزء كبير منها على المؤسسات وعلى نزاهة الأفراد وليس على الانخراط في فعل اللصوصية، كطرف يبتغي الانتقام، ويسعى لتحقيق شعار العدل المقدس. يحضر بشكل كبير الصراع على المال واستغلال عملية الاختطاف لتصفية الحسابات المالية بين الكبار.
المقدس وسينما النجوم
يمتاز فيلم «المقدس» بحضور قوي لشبكة من النجوم إنريك موسيانو (اللص سيمون تمبلر).. إليزا دوسكو ( اللصة).. والممثل القدير روجيه مور، بالإضافة إلى نجوم آخرين… هذه الطائفة من النجوم تقوم بشرعنة هذا المنجز الفيلمي ومنحه طعما بشغف الحاضرين فيه.. فليس من السهل حضور هذه الكوكبة من النجوم لو لم تكن شركة إنتاج يقودها المنتج والمخرج سيمون ويست. هذا الحضور القوي يصب في خانة الفيلم التجاري الهوليوودي العابر للقارات والمجسد للعولمة، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وأخواتها. الأجور العالية للنجوم وتنقل أطقم الفيلم بين مجموعة من الدول… والاقامة في الفنادق الفخمة واليخوت ما يعكس حجم الميزانية الضخمة للفيلم، ويعكس أن الفعل السينمائي ليس فقط القدرة على إبداع الشخصيات وحبكة السيناريو، ولكن أيضا الجوانب التقنية والإنتاجية في الفيلم. يبقى فيلم «المقدس» فيلما مسليا وسياحيا بالمناظر السياحية التي يختزلها داخل مشاهده وذاك بعد جديد في السينما التجارية والعالمية الحالية. فلا شيء بالمجان حتى داخل مشاهد الفيلم الترويحي والسياحي، وداخل مشاهد العنف ولقطات الحركة.
ختاما تلخص مقولة الشاعر بابلو نيرودا هذا الفيلم إلى حد كبير «المجد والشرف للص الكبير والسجن لسارق الخبز
يعتبر الفيلم الأمريكي «المقدس» (126 دقيقة/ يونيو/حزيران 2017/ إنتاج أمريكي/ المغامرات / الجريمة/ اللصوصية / المخرج سيمون ويست) نسخة مكررة من نسخ 007 وأفلام اللصوصية والجاسوسية. يطرح الفيلم الحالة الراهنة لعولمة يكثر فيها اللصوص والمارقون من الساسة ورجال الاقتصاد والمافيات والجرائم التي تنتعش على فقر الشعوب.
من بطولة انريك موسيانو (اللص سيمون تمبلر) إليزا دوسكو (اللصة) والممثل القدير روجيه مور. يسافر بنا الفيلم في العالم المعاصر، حيث يسود اللصوص وتحكم المافيات. كما يصفها المفكر جان جاك روسو «العمل هو واجب أساسي للإنسان الاجتماعي. الغني أو الفقير، القوي أو الضعيف، كل مواطن خمول هو لص».
عدالة الصعاليك
تنطلق اللقطات الأولى للفيلم من موسكو، بحضور بطل الفيلم اللص سيمون تملبر، لإفشال عملية بيع الأسلحة مقابل الذهب. وحصول سيمون على قطع الذهب وإيداعها عند محامي في رومانيا وتوصيته بأن يمنح قيمة هذا الذهب لجمعية تعنى بالأطفال اليتامى. تنطلق الأحداث إلى مجموعة من المدن والدول، (الولايات المتحدة الأمريكية.. نيجيريا.. باريس.. لندن.. العراق..رومانيا) يركز بطل الفيلم على إحقاق العدالة بمفهومه الخاص، ولكن عن أي عدالة يمكن تصورها؟ تبدو هذه العدالة التي لا تستند إلى فهم مؤسساتي، بل هي وليدة انتقام في أصلها وتنبني في مجملها على طفولة سيمون تمبلر، الذي قتل والداه أمام عينيه ويرغب في الانتقام. يمتاز هذا البطل بجسم رياضي رشيق ومهارات ومواهب متعددة، كما هي العادة في أفلام 007.. لأن أجواء الفيلم تتطلب هذه الخفة، وهذا النوع من الشخصيات الشابة والأنيقة ذات الوجه الحسن والقادرة على الجري والتسلق، وتمتلك مهارات السرقة والقدرة على مواجهة الآخرين. كل هذه الصفات الجسدية والحنكة التي اكتسبها طيلة حياته في عوالم الجريمة والسرقة، لاعتقاده الراسخ بأنه يدافع فعلا عن قيم العدل. العدل يتجسد من خلال محاولة انقاد ابنة المليونير وإرجاع الأموال التي أرسلها إلى طالب الفدية، وهو مسار ثان من الفيلم يدخل في دوائر تمنح مفاتيح لنهاية الفيلم.
ما هو المقدس؟
المقدس في الفيلم، وكما في العنوان هو تحقيق العدل وإرجاع الشابة المختطفة إلى والدتها سالمة ومعافاة، وكذلك إرجاع الذهب المنهوب إلى رومانيا وإرجاع الأموال إلى نيجيريا، والمساهمة في الحد من المافيات العالمية التي تفقر الشعوب في كل من نيجيريا والعراق وأفغانستان. المقدس كذلك عند تامبلر هو عدم رغبته في القتل في أكثر من مناسبة ومحاولة مساعدة وكالة المخابرات الأمريكية، التي تعجز بكل عملائها وأجهزتها، ويتدخل هو بدون إراقة للدماء، سواء في روسيا أو سان أنطونيو أو في نهاية الفيلم، حينما لا يرغب من الانتقام من المافيوزي داخل قصره وقاتل أسرته وتقديمه للعدالة، على طريقة تضحية الأبطال الكبار، كما تعودنا منذ الخامس من اكتوبر/تشرين الأول1962 انطلاق السلسلة الفيلمية 007 مع روجيه مور.. دانييل غريغ.. بريس بروسنان.. تيموتي دالتون.. دافيد نيفان.. جورج لازنبي.. سين كونري بدون ترتيب كرونولوجي.
دولنة اللصوصية المبلقنة
في انتقال الفيلم ما بين جنرالات وعسكر روسيا ونيجيريا ورومانيا… يحط البطل الرحال في باريس.. لندن.. جنوة .. سان أنطونيو في الولايات المتحدة.. هذا الحضور الدولي يغطي جانبا مهما من اللصوصية العابرة للقارات ولتهريب الأموال بين الدول. وهنا يطرح الفيلم في أحد أبعاده دولنة اللصوصية. والغريب في الأمر أن اللص سيمون تامبلر ورفيقته ورفيقه يشكلون عصابة «لصوص ظرفاء» أو «لصوص الأمل» كما يصفهم الشاعر الإسباني أنطونيو ماتشادو، الذين يقتفون السرقات وتتبعها وتتبع المافيات الكبيرة المندسة بين علب الساسة ومزارع الاقتصاد، وبورجوازيين همهم الأول الاغتناء، سواء بالسرقة أو الاختطاف أو بيع الأسلحة أو تهريب العملات الوطنية.
فيلموغرافية العنف والحركة:
المخرج الإنكليزي والهوليوودي سيمون ويست (من مواليد 1961 في ليتش وورد في المملكة المتحدة) بترسانة أفلام عالمية ودعم هوليوودي كبير، وهو المنجز لأفلام عالمية شهيرة حققت إيرادات مليونية في شباك التذاكر وشهرة عالمية وجعلته من أعز المخرجين المطلوبين في قوائم هووليود، ومن بينها فيلم «لعبة متوحشة» (2015) و»الميكانيكي» (2011) مع النجم جيسون ستاثام وفيلم «المرتزقة» (2012) مع النجم سيلفستر ستالون. وفيلم «ضد الساعة «(2012) مع نيكولاس كيدج والفيلم الشهير «لارا كروفيت» (2011) مع النجمة أنجلينا جولي وفيلم «ابنة الجنرال» (1999) مع النجم جون ترافولتا، والعديد من المسلسلات والأفلام… في فيلموغرافية هذا المخرج والسيناريست والمنتج العالمي ذو الأرقام الصعبة في معادلات إنتاج الأفلام العالمية. فقط حضور سيمون ويست وراء الفيلم يمنحه بعدا دوليا، ومستوى كبيرا من الترويج على المستوى العالمي بميزانية ضخمة.. مع الاستفادة من تجربة المنتج والسيناريست والمخرج سيمون ويست في تعاطيه مع هذه العينة من الأفلام منذ مدة طويلة، والحضور القوي لنجوم سينمائيين دوليين من الوزن الثقيل، بالإضافة إلى حضور لمسة تقنية مشوقة داخل الفيلم وحركية كبيرة واشتغال جيد على مستوى المشاهد وطريقة تصويرها من زوايا تضعنا في قلب عوالم المافيا وظاهرة اللصوصية ذات البعد المعولم.
الشخصيات المعذبة والمأزومة:
تعكس شخصيات الفيلم ماضيا مجهضا وطفولات معذبة ونفسيات مأزومة وجشع كبير، فاللص سيمون تامبلر الطفل عاش جحيم طفولة قاسية محروم الأب والأم، بعد قتلهما من طرف معلمه، وفي عقر داره ورغبته الكبيرة في أن يكون طبيبا نفسيا يقدم خدماته لبني البشر. رفيقته اللصة بدورها تظهر في إحدى المشاهد مكبلة في العراق من طرف جماعات إرهابية داعشية.. وتستطيع تحرير نفسها وهي منفصلة عن لص ستجابهه في نهاية الفيلم، يتم تقييده وتسليمه للعدالة الأمريكية. المافيوزي الكبير، الذي يحاربه سيمون تامبلر وقاتل أسرته هو الذي قتل عائلته حينما كان صغيرا وتسبب في تشرده. أما في الحاضر فهذه الشخصيات تعيش وضعا ماديا مريحا وتنتقل بين القصور والإقامات الفخمة واليخوت والسفر بين الدول والفنادق الكبرى والشواطئ هاجسها الانتقام وتهريب مزيد من الأموال.
الإثارة البعيدة عن الجنس
تأخذ الإثارة داخل الفيلم بعدا غير جنسي، حيث نجد مشاهد البذخ والإثراء المنتقلة بين الدول وأنماط العيش داخل القصور الفخمة والفنادق الضخمة وهنا إثارة الإبهار. الإثارة في التقنيات التي يستعملها بطل الفيلم في عمليات السرقة واستبدال البصمات الحديثة والخفة وطريقة قيادة السيارات ومطاردته بطريقة جنونية.. كل هذه الإثارات غير الجنسية والحسية جعلت منه فيلما مثيرا في سرعة الانتقال بين المشاهد والأمكنة.
الانتقام وزيف العدالة
يكاد يكون فعل الحب منعدما داخل صراع المصالح داخل طبقة البورجوازية وأسهمها وأرصدتها البنكية، فالثري الذي اختطفت ابنته يسعى لاسترجاع أمواله قبل ابنته، وتظاهره برغبته الكبيرة في استرجاع ابنته الشابة المختطفة. في حين يسيطر هاجس الانتقام واستغلال ماضي الشخصيات المعذب، لإضافة حقنة جديدة من الانتقام وحضور القوي في الواجهة كشخصية تمتلك حسا من المعرفة وقدرة كبيرة في التحكم في دواليب السياسة والاقتصاد بعلاقاتها المتشعبة. باستثناء البطل سيمون تامبلر صحبة رفيقته السارقة في محاولة إصباغ عملهما اللصوصي بطابع إنساني فيه الكثير من الصعلكة ويحاول مد يد العون للشابة المختطفة وإنقاذها في نهاية المطاف وتقديم المجرمين إلى العدالة بدون الانتقام في أكثر من مناسبة. يقدم الفيلم وعيا زائفا كبيرا بأن قيم العدالة تبني في جزء كبير منها على المؤسسات وعلى نزاهة الأفراد وليس على الانخراط في فعل اللصوصية، كطرف يبتغي الانتقام، ويسعى لتحقيق شعار العدل المقدس. يحضر بشكل كبير الصراع على المال واستغلال عملية الاختطاف لتصفية الحسابات المالية بين الكبار.
المقدس وسينما النجوم
يمتاز فيلم «المقدس» بحضور قوي لشبكة من النجوم إنريك موسيانو (اللص سيمون تمبلر).. إليزا دوسكو ( اللصة).. والممثل القدير روجيه مور، بالإضافة إلى نجوم آخرين… هذه الطائفة من النجوم تقوم بشرعنة هذا المنجز الفيلمي ومنحه طعما بشغف الحاضرين فيه.. فليس من السهل حضور هذه الكوكبة من النجوم لو لم تكن شركة إنتاج يقودها المنتج والمخرج سيمون ويست. هذا الحضور القوي يصب في خانة الفيلم التجاري الهوليوودي العابر للقارات والمجسد للعولمة، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وأخواتها. الأجور العالية للنجوم وتنقل أطقم الفيلم بين مجموعة من الدول… والاقامة في الفنادق الفخمة واليخوت ما يعكس حجم الميزانية الضخمة للفيلم، ويعكس أن الفعل السينمائي ليس فقط القدرة على إبداع الشخصيات وحبكة السيناريو، ولكن أيضا الجوانب التقنية والإنتاجية في الفيلم. يبقى فيلم «المقدس» فيلما مسليا وسياحيا بالمناظر السياحية التي يختزلها داخل مشاهده وذاك بعد جديد في السينما التجارية والعالمية الحالية. فلا شيء بالمجان حتى داخل مشاهد الفيلم الترويحي والسياحي، وداخل مشاهد العنف ولقطات الحركة.
ختاما تلخص مقولة الشاعر بابلو نيرودا هذا الفيلم إلى حد كبير «المجد والشرف للص الكبير والسجن لسارق الخبز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.