90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    مسئول إسرائيلي: الاتفاق الشامل في غزة غير قابل للتطبيق    نيويورك تايمز: لا يمكن التحقق من ادعاء ترامب بشأن تحركات الغواصات النووية    رسميًا.. سون يعلن رحيله عن توتنهام هوتسبير    موعد نهائي كأس الدرع الخيرية بين ليفربول وكريستال بالاس والقنوات الناقلة    "شبكات الكهرباء تحت المجهر".. كيف يصنع استقرار العمود الفقري للطاقة في مصر؟    فلسطين.. جيش الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة قلقيلية من مدخلها الشرقي    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. هل يوم الإثنين إجازة رسمية؟    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 2 أغسطس 2025    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    3 أرقام مقلقة من وديات الزمالك قبل أسبوع من انطلاق الدوري    بينهم طفل ..إصابة 3 من أسرة واحدة في حادث مروري بالوادي الجديد    تشميع محال وإحالة الواقعة للنيابة.. محافظ سوهاج يتخذ إجراءات رادعة بعد مشاجرة "حي شرق" – صور    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    ترامب يحذر: الغواصات النووية تقترب من روسيا ويجب الاستعداد    إخلاء سبيل مسؤولي حفل محمد رمضان بكفالة 50 ألف جنيه    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب أفغانستان    يونس: محمد شحاتة قادر على التطور.. وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    نجاح علاج انسداد الشريان الحرقفي بمستشفى شرق المدينة بالإسكندرية    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    بينهم طفل.. إصابة أسرة كاملة في انقلاب دراجة نارية بالوادي الجديد    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    إصابة 5 عمال في مشاجرة بسوهاج لتنافس على الزبائن    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    روسيا ومدغشقر تبحثان إمكانية إطلاق رحلات جوية بمشاركة شركات طيران إقليمية    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    10 مصابين إثر انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج    خطوبة عبد الرحمن حميد حارس يد الأهلي على زينة العلمى لاعبة الطائرة    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    عمرو دياب الأعلى استماعا خلال شهر يوليو على أنغامي (صور)    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    الأسهم الأوروبية تتكبد خسائر أسبوعية بعد أسوأ جلسة منذ أبريل    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعترافات محفوظ عبدالرحمن لصبري أبوعلم
نشر في صوت البلد يوم 24 - 08 - 2017

كنتُ أسير في شوارع الإسكندرية مع الصديق محمد السيد عيد – قبل أن يبدأ في الكتابة للتليفزيون – واتفقنا على إن محفوظ عبدالرحمن هو أفضل كاتب سيناريو على مستوى البلاد العربية. وحكى لي الصديق صبري أبوعلم إنه رأى كاتب السيناريو السكندري محمود الطوخي يجثو على ركبتيه ويقبل يد محفوظ عبدالرحمن، تقديرا لمكانته، فازددت حبا لمحمود الطوخي.
أول مرة رأيت فيها محفوظ عبدالرحمن كان أمام مقر اتحاد الكتاب بالزمالك، يوم الانتخابات، وعندما قدمت نفسي، قال متساءلا:
- بتاع إسكندرية؟
ففرحت كثيرا لأنه سمع عني.
محفوظ عبدالرحمن وصبري أبوعلم
تقدم صبري أبوعلم لانتخابات مجلس إدارة اتحاد الكتاب، وتقرر أن يقوم كل مرشح بتقديم برنامجه الانتخابي، فوقف أحد المرشحين، ووعد بتخصيص نادٍ لاعضاء الإتحاد على شط النيل، وعندما جاء دور صبري ليقدم برنامجه، هاجم هذا العرض وقال: ألا يعلم هذا العضو أن القانون يحرّم بناء نوادٍ على شط النيل.
فصمت الرجل ولم يدافع عن فكرته، وكأنه ليس المقصود بالقول. لكن الراحل أحمد الشيخ – وكان يجلس في الصف الأول – قال: مين ده يا صبري؟
فأشار صبري إلى الرجل، الذي ثار وغضب.
هذه الجرأة أعجبت محفوظ عبدالرحمن من صبري أبوعلم، فتقدم إليه وطلب صداقته، ومن يومها، صارا صديقين. يرسل محفوظ سيارته لتنتظر صبري وأخذه لبيته في القاهرة.
إنني شديد الإعجاب بمقدمة مسلسل "بوابة الحلواني"، ففيها تظهر قدرات بليغ حمدي الموسيقية الرائعة، وتابعت المسلسل باهتمام شديد، عالم ساحر، يسجل دقائق ما كان يحدث في بداية عمل قناة السويس، ويتعرض لحياة الخديوي إسماعيل، وحياة الموسيقار الرائد عبده الحامولي.
كلما شاهدت المسلسل تساءلت: من أين استقى محفوظ عبدالرحمن معلوماته التاريخية التي وظفها في مسلسله هذا؟!
وأيقنت أن مصادره اعتمدت على ما كتبه الأجانب الذين زاروا مصر وعاشوا فيها فترة من حياتهم فسجلوها في مذكراتهم، وتذكرت ما كتبه يحيي حقي عن كتاب اشتراه من باعة الكتب القديمة، لمذكرات انجليزي عمل فترة طبيبا في قصور الخديوي عباس حلمي الثاني.
حكى هذا الطبيب أسرارا لا يمكن أن يعرفها مصري، ولو عرفها؛ سيخاف أن يسجلها أو يبوح بها، لكن ذلك الطبيب عاد لبلاده وذكر ما حدث أمامه، حكى عن أمينة الهامي (أم الخديوي) التي تمنع دخول أحد جناح ابنها طوال الليل، فشكا عباس حلمي لهذا الطبيب، فنصح أمه بألا تعامل ابنها بهذه الغلظة، واقتنعت برأيه فسمحت لثلاث جاريات أن يرافقن ابنها طوال الليل. وكانت النتيجة إنه تزوج واحدة منهن، وانجبت له ابناءه.
في مسلسل بوابة الحلواني، يعجب الممثل الرائع (حسن مصطفى) بأم الخديوي إسماعيل كامرأة، وقامت بالدور الجميلة ليلى فوزي، فتمتد يد حسن مصطفى للمس شعرها، فتأمر – الوالده باشا – بقطع يده التي لمست شعرها.
سأل صبري أبو علم، محفوظ عبدالرحمن:
- هل هذا حدث فعلا في التاريخ؟
فأجابه قائلا: - لا، إنها من تأليفي.
وقد دهشت عندما وجدت محفوظ عبدالرحمن يقدم في مسلسل أم كلثوم، زواجها من الملحن السكندري محمود الشريف على أنه مجرد خطوبة، مع أن الكثيرين يعرفون إنها تزوجته فعلا، وهذا ما كتبه مصطفى أمين في جريدته، مما جعل رامي يركب الأتوبيس برداء النوم، وجعل القصبجي يهجم على بيت الزوجية بين أم كلثوم ومحمود الشريف ويشهر مسدسه، ويطلق رصاصة في الهواء معبرا عن اعتراضه. كما أن محمود الشريف أكد هذا الزواج في مذكراته التي نشرت في مجلة الشاهد.
وحكى محفوظ عبدالرحمن بأن "واحد" من أسرة أم كلثوم قال له: لو ذكرت في مسلسلك إنها تزوجت محمود الشريف، سأقاضيك ولن تستطيع أن تثبت الزواج.
فاضطر أن يجعله مجرد خطوبة في المسلسل.
وموضوع زواج أم كلثوم كان مثار تعليقات كثيرة، ففي كتاب أنيس منصور "في صالون العقاد" ذكر إن العقاد ذكر لهم في جلسة من جلساته: يسألوني عن أم كلثوم، هل مازالت آنسة للآن، فأجبتهم قائلا: الذين تزوجوها يؤكدون إنها مازالت آنسة.
وقد تعرض محفوظ عبدالرحمن لهذا الموقف في مسلسله، بأن جاء بالممثل أحمد عقل، وجعله يرفع قضية ضد أم كلثوم في المحكمة الشرعية مطالبا بحقه عليها كزوج، لكن جعله غاوي شهرة، ولم يكن زوجا لها.
بل ذكر محفوظ عبدالرحمن بأن قريبة لأم كلثوم، قابلته في الكويت، وأكدت له بأن من تدعي بأنهما ابن وبنت أخت لأم كلثوم، هما في الحقيقة ابنها وابنتها.
كان محفوظ عبدالرحمن متعاطفا مع صبري أبو علم، وعندما عينوا محفوظ رئيسا للجنة للتفرغ (لا أدري ما هو المسمى الحقيقي للوظيفته) اتصل بصبري وسأله:
- ليه ما قدمتش للتفرغ؟!
فقال صبري:
- يعني لو قمت حاتقبلوني؟
فقال له: تفتكر لو قدمت، حا دخلك لجنة؟!
وبالفعل، اتصل به وقت فتح باب التقدم للتفرغ للعام التالي، قائلا:
- أول مرة اتصل بحد بخصوص الموضوع ده.
وحصل صبري على التفرغ لعامين، ولا أدري لماذا لم يكمل مدة الأربع سنين المتاحة – للذين ليست لديهم واسطة، فمن عنده واسطة، يمكن أن يحصل عليه طوال عمره.
محفوظ عبدالرحمن وهواية كاتب
جاء صبري أبو علم إلى بيتي، فقدمت إليه كتاب سليمان فياض "المثقفون – وجوه من الذاكرة " وحددت له مقالة بعنوان "هواية كاتب" يتحدث فيها عن كاتب حاذق في كتابة القصة القصيرة والحوارات الصحفية والتمثيليات الإذاعية والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية. عيبه إنه يهوى الكتابة لغيره. يكتب مقالات عن حي القلعة وعن قرية سنباط المليئة بالعاملين في مجال الغناء والرقص في الأفراح والموالد؛ لكن بإسم كاتب آخر.
ويكتب القصص القصيرة والتمثيليات الإذاعية لغيره مقابل مبالغ يسيرة. بل كتب العديد من سيناريوهات الأفلام لكاتب سييء، وعُرضت باسم هذا الكاتب السيئ؛ مقابل ألف جنيه. فيقول له سليمان فياض:
- أنت ترتكب جريمة، تصنع منه كاتبا وستقدم له يوما بسبب ذلك؛ منصباً يتحكم فيه في رقاب العباد.
فيجيب ببساطة:
- إن لم أكن أنا، فسيجد غيري ويحقق ما سوف يصل إليه، نلت منه ألف جنيه عن كل سيناريو، بعيدا عن الضرائب ولو استطعت تسليك هذه السيناريوهات لنفسي - وهذا عسير جدا - لفعلت ودفعت الضرائب.
قلت لصبري من هذا الكاتب؟ قال لا أعرف، فقلت له: هو صديقك محفوظ عبدالرحمن.
وحكى صبري له ما حدث مني، فقال في حدة:
- أيوه أنا وفيها إيه، أنا كنت باكتب للناس (أي لبعض الكتَّاب)، محدش كان بيكتب لي.
محفوظ عبدالرحمن وعبدالناصر
في يوم الثلاثاء 11 مايو/آيار 2010 – نشرت لي جريدة القاهرة مقالة بعنوان "موسم الهجوم على جمال عبدالناصر" وفوجئت بتليفون، من محفوظ عبدالرحمن، أكيد أخذ نمرة تليفوني من صبري أبوعلم، قال لي:
- اتصل بك لأهنئك على مقالك عن جمال عبدالناصر.
قال كلاما كثيرا، ما أذكره عبارة "حانسكت لامتى؟!" وأنا صامت لا أرد، فصاح مندهشا:
- أنت ما تعرفش أن مقالتك اتتنشرت النهارده في جريدة القاهرة؟
قلت: أعرف، بس أنا مش مصدق أن محفوظ عبدالرحمن بيكلمني.
فقال بتواضعه وعفويته: أنت كاتب كبير مش عارف قيمة نفسك.
**
أحب صبري أبو علم، محفوظ عبدالرحمن، وحدثه محفوظ عن رغبته في كتابة مسلسل تليفزيوني عن سيد درويش وبيرم التونسي معا، ويعرف صبري أن لدي كتابا عن بيرم من تأليف الزجال السكندري ميلاد واصف، بعنوان "بيرم – رائد الزجل - صدر عام 1961، وهو في رأيي ورأي صبري أيضا، أفضل كتاب، صدر عن بيرم التونسي. فطلب مني صبري أن يأخذ الكتاب ليعطيه لمحفوظ عبدالرحمن. لكنني رفضت لأن من أحلامي أن أكتب عن ميلاد واصف. وسيساعدني هذا الكتاب كثيرا في الكتابة عنه. فغضب صبري مني.
كنتُ أسير في شوارع الإسكندرية مع الصديق محمد السيد عيد – قبل أن يبدأ في الكتابة للتليفزيون – واتفقنا على إن محفوظ عبدالرحمن هو أفضل كاتب سيناريو على مستوى البلاد العربية. وحكى لي الصديق صبري أبوعلم إنه رأى كاتب السيناريو السكندري محمود الطوخي يجثو على ركبتيه ويقبل يد محفوظ عبدالرحمن، تقديرا لمكانته، فازددت حبا لمحمود الطوخي.
أول مرة رأيت فيها محفوظ عبدالرحمن كان أمام مقر اتحاد الكتاب بالزمالك، يوم الانتخابات، وعندما قدمت نفسي، قال متساءلا:
- بتاع إسكندرية؟
ففرحت كثيرا لأنه سمع عني.
محفوظ عبدالرحمن وصبري أبوعلم
تقدم صبري أبوعلم لانتخابات مجلس إدارة اتحاد الكتاب، وتقرر أن يقوم كل مرشح بتقديم برنامجه الانتخابي، فوقف أحد المرشحين، ووعد بتخصيص نادٍ لاعضاء الإتحاد على شط النيل، وعندما جاء دور صبري ليقدم برنامجه، هاجم هذا العرض وقال: ألا يعلم هذا العضو أن القانون يحرّم بناء نوادٍ على شط النيل.
فصمت الرجل ولم يدافع عن فكرته، وكأنه ليس المقصود بالقول. لكن الراحل أحمد الشيخ – وكان يجلس في الصف الأول – قال: مين ده يا صبري؟
فأشار صبري إلى الرجل، الذي ثار وغضب.
هذه الجرأة أعجبت محفوظ عبدالرحمن من صبري أبوعلم، فتقدم إليه وطلب صداقته، ومن يومها، صارا صديقين. يرسل محفوظ سيارته لتنتظر صبري وأخذه لبيته في القاهرة.
إنني شديد الإعجاب بمقدمة مسلسل "بوابة الحلواني"، ففيها تظهر قدرات بليغ حمدي الموسيقية الرائعة، وتابعت المسلسل باهتمام شديد، عالم ساحر، يسجل دقائق ما كان يحدث في بداية عمل قناة السويس، ويتعرض لحياة الخديوي إسماعيل، وحياة الموسيقار الرائد عبده الحامولي.
كلما شاهدت المسلسل تساءلت: من أين استقى محفوظ عبدالرحمن معلوماته التاريخية التي وظفها في مسلسله هذا؟!
وأيقنت أن مصادره اعتمدت على ما كتبه الأجانب الذين زاروا مصر وعاشوا فيها فترة من حياتهم فسجلوها في مذكراتهم، وتذكرت ما كتبه يحيي حقي عن كتاب اشتراه من باعة الكتب القديمة، لمذكرات انجليزي عمل فترة طبيبا في قصور الخديوي عباس حلمي الثاني.
حكى هذا الطبيب أسرارا لا يمكن أن يعرفها مصري، ولو عرفها؛ سيخاف أن يسجلها أو يبوح بها، لكن ذلك الطبيب عاد لبلاده وذكر ما حدث أمامه، حكى عن أمينة الهامي (أم الخديوي) التي تمنع دخول أحد جناح ابنها طوال الليل، فشكا عباس حلمي لهذا الطبيب، فنصح أمه بألا تعامل ابنها بهذه الغلظة، واقتنعت برأيه فسمحت لثلاث جاريات أن يرافقن ابنها طوال الليل. وكانت النتيجة إنه تزوج واحدة منهن، وانجبت له ابناءه.
في مسلسل بوابة الحلواني، يعجب الممثل الرائع (حسن مصطفى) بأم الخديوي إسماعيل كامرأة، وقامت بالدور الجميلة ليلى فوزي، فتمتد يد حسن مصطفى للمس شعرها، فتأمر – الوالده باشا – بقطع يده التي لمست شعرها.
سأل صبري أبو علم، محفوظ عبدالرحمن:
- هل هذا حدث فعلا في التاريخ؟
فأجابه قائلا: - لا، إنها من تأليفي.
وقد دهشت عندما وجدت محفوظ عبدالرحمن يقدم في مسلسل أم كلثوم، زواجها من الملحن السكندري محمود الشريف على أنه مجرد خطوبة، مع أن الكثيرين يعرفون إنها تزوجته فعلا، وهذا ما كتبه مصطفى أمين في جريدته، مما جعل رامي يركب الأتوبيس برداء النوم، وجعل القصبجي يهجم على بيت الزوجية بين أم كلثوم ومحمود الشريف ويشهر مسدسه، ويطلق رصاصة في الهواء معبرا عن اعتراضه. كما أن محمود الشريف أكد هذا الزواج في مذكراته التي نشرت في مجلة الشاهد.
وحكى محفوظ عبدالرحمن بأن "واحد" من أسرة أم كلثوم قال له: لو ذكرت في مسلسلك إنها تزوجت محمود الشريف، سأقاضيك ولن تستطيع أن تثبت الزواج.
فاضطر أن يجعله مجرد خطوبة في المسلسل.
وموضوع زواج أم كلثوم كان مثار تعليقات كثيرة، ففي كتاب أنيس منصور "في صالون العقاد" ذكر إن العقاد ذكر لهم في جلسة من جلساته: يسألوني عن أم كلثوم، هل مازالت آنسة للآن، فأجبتهم قائلا: الذين تزوجوها يؤكدون إنها مازالت آنسة.
وقد تعرض محفوظ عبدالرحمن لهذا الموقف في مسلسله، بأن جاء بالممثل أحمد عقل، وجعله يرفع قضية ضد أم كلثوم في المحكمة الشرعية مطالبا بحقه عليها كزوج، لكن جعله غاوي شهرة، ولم يكن زوجا لها.
بل ذكر محفوظ عبدالرحمن بأن قريبة لأم كلثوم، قابلته في الكويت، وأكدت له بأن من تدعي بأنهما ابن وبنت أخت لأم كلثوم، هما في الحقيقة ابنها وابنتها.
كان محفوظ عبدالرحمن متعاطفا مع صبري أبو علم، وعندما عينوا محفوظ رئيسا للجنة للتفرغ (لا أدري ما هو المسمى الحقيقي للوظيفته) اتصل بصبري وسأله:
- ليه ما قدمتش للتفرغ؟!
فقال صبري:
- يعني لو قمت حاتقبلوني؟
فقال له: تفتكر لو قدمت، حا دخلك لجنة؟!
وبالفعل، اتصل به وقت فتح باب التقدم للتفرغ للعام التالي، قائلا:
- أول مرة اتصل بحد بخصوص الموضوع ده.
وحصل صبري على التفرغ لعامين، ولا أدري لماذا لم يكمل مدة الأربع سنين المتاحة – للذين ليست لديهم واسطة، فمن عنده واسطة، يمكن أن يحصل عليه طوال عمره.
محفوظ عبدالرحمن وهواية كاتب
جاء صبري أبو علم إلى بيتي، فقدمت إليه كتاب سليمان فياض "المثقفون – وجوه من الذاكرة " وحددت له مقالة بعنوان "هواية كاتب" يتحدث فيها عن كاتب حاذق في كتابة القصة القصيرة والحوارات الصحفية والتمثيليات الإذاعية والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية. عيبه إنه يهوى الكتابة لغيره. يكتب مقالات عن حي القلعة وعن قرية سنباط المليئة بالعاملين في مجال الغناء والرقص في الأفراح والموالد؛ لكن بإسم كاتب آخر.
ويكتب القصص القصيرة والتمثيليات الإذاعية لغيره مقابل مبالغ يسيرة. بل كتب العديد من سيناريوهات الأفلام لكاتب سييء، وعُرضت باسم هذا الكاتب السيئ؛ مقابل ألف جنيه. فيقول له سليمان فياض:
- أنت ترتكب جريمة، تصنع منه كاتبا وستقدم له يوما بسبب ذلك؛ منصباً يتحكم فيه في رقاب العباد.
فيجيب ببساطة:
- إن لم أكن أنا، فسيجد غيري ويحقق ما سوف يصل إليه، نلت منه ألف جنيه عن كل سيناريو، بعيدا عن الضرائب ولو استطعت تسليك هذه السيناريوهات لنفسي - وهذا عسير جدا - لفعلت ودفعت الضرائب.
قلت لصبري من هذا الكاتب؟ قال لا أعرف، فقلت له: هو صديقك محفوظ عبدالرحمن.
وحكى صبري له ما حدث مني، فقال في حدة:
- أيوه أنا وفيها إيه، أنا كنت باكتب للناس (أي لبعض الكتَّاب)، محدش كان بيكتب لي.
محفوظ عبدالرحمن وعبدالناصر
في يوم الثلاثاء 11 مايو/آيار 2010 – نشرت لي جريدة القاهرة مقالة بعنوان "موسم الهجوم على جمال عبدالناصر" وفوجئت بتليفون، من محفوظ عبدالرحمن، أكيد أخذ نمرة تليفوني من صبري أبوعلم، قال لي:
- اتصل بك لأهنئك على مقالك عن جمال عبدالناصر.
قال كلاما كثيرا، ما أذكره عبارة "حانسكت لامتى؟!" وأنا صامت لا أرد، فصاح مندهشا:
- أنت ما تعرفش أن مقالتك اتتنشرت النهارده في جريدة القاهرة؟
قلت: أعرف، بس أنا مش مصدق أن محفوظ عبدالرحمن بيكلمني.
فقال بتواضعه وعفويته: أنت كاتب كبير مش عارف قيمة نفسك.
**
أحب صبري أبو علم، محفوظ عبدالرحمن، وحدثه محفوظ عن رغبته في كتابة مسلسل تليفزيوني عن سيد درويش وبيرم التونسي معا، ويعرف صبري أن لدي كتابا عن بيرم من تأليف الزجال السكندري ميلاد واصف، بعنوان "بيرم – رائد الزجل - صدر عام 1961، وهو في رأيي ورأي صبري أيضا، أفضل كتاب، صدر عن بيرم التونسي. فطلب مني صبري أن يأخذ الكتاب ليعطيه لمحفوظ عبدالرحمن. لكنني رفضت لأن من أحلامي أن أكتب عن ميلاد واصف. وسيساعدني هذا الكتاب كثيرا في الكتابة عنه. فغضب صبري مني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.