تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    الجبهة الوطنية يندد بدعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج "لها أهداف تحريضية"    جوتيريش: ما يحدث في غزة أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي    «اللي خايف يروح».. رسالة مثيرة من رئيس قناة الأهلي السابق بعد الفوز على البنزرتي    لا مزيد من القمصان الممزقة.. هالك هوجان أسطورة المصارعة يسقط خارج الحلبة    حمادة عبداللطيف: عبدالله السعيد مكسب للزمالك.. ومن الصعب الحكم على الصفقات الجديدة    بطاقة طرد توقف مباراة الأهلي بنغازي والأهلي طرابلس وتتسبب في دخول الشرطة    موجة حارة جدًا.. بيان مهم يكشف طقس الساعات المقبلة وموعد انخفاض درجات الحرارة    الشامى يشيد بالجمهور المصرى: "شرف كبير أغنى بينكم"    الذهب يهبط وسط تفاؤل بشأن مفاوضات التجارة وتعافي الدولار    روما يوافق على رحيل سعود عبدالحميد إلى الدوري الفرنسي    نادين الحمامي تضرب موعدًا مع أمينة عرفي في نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    وزير الخارجية يختتم جولته الإفريقية بعد زيارة 6 دول    رئيسة المفوضية الأوروبية تلتقي ترامب في أسكتلندا الأحد المقبل لبحث العلاقات التجارية عبر الأطلسي    قصور الثقافة تواصل تقديم فعاليات جودة حياة دعما للوعي المجتمعي بالمناطق الجديدة الآمنة    بعد أزمة القبلات.. راغب علامة يعلن عن حفل غنائي رفقة نانسي عجرم    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    محافظ شمال سيناء: مين يقدر يقول لأمريكا لأ؟ مصر قالت لأمريكا لأ (فيديو)    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    هل يستطيع مجلس الزمالك الاعتراض على قرارات جون إدوارد؟.. سليمان يرد    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    إيزاك يتصدر الصحف العالمية بعد طلبه الرحيل عن نيوكاسل يونايتد (صور)    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناتالي الخوري غريب : قصصي تتناول الإنسان في ظلّ الحروب
نشر في صوت البلد يوم 02 - 02 - 2017

ناتالي الخوري غريب أديبة لبنانية تمتلك عناصر الوعي النظري والفلسفي بالكتابة، حيث لفتت الانتباه بباكورتها الروائية "حين تعشق العقول" لأنها جاءت باحثة عن الحقائق في محاولة منها للخروج عن المألوف بنكهة صوفية. تخصصت في أدب اللغة العربية وحصلت على درجة الدكتوراه فيها، كما أنها ساهمت في العديد من النشاطات الثقافية والعلمية. صدر لها العديد من الكتب والأبحاث في شتى المجالات. حول تجربتها في عالم الكتابة الروائية والقصصية والأكاديمية كان لنا معها هذا الحوار:
قالت عن لذة الكتابة البحثية والأدبية: لكلّ نوع كتابي نكهته الخاصّة، فالكتابة البحثيّة عمل لا بدّ منه للأكاديمي من أجل تطوير عدّته النقديّة، والاطلاع على المناهج، والبحث عن الجديد لشعراء لم تتم الإضاءة عليهم، أو مقاربة أدباء بطريقة مغايرة، وهنا لذّة الكتابة البحثية في إظهار جديد لم تتمّ مقاربته من قبل نقّاد أو باحثين سابقين. كذلك تكمن متعة العمل البحثي في أنّك تجدّد أسلوبك بحيث تتأثّر بمن تدرسهم في إطار التراكمات التي تخلق جديدا، ليس تلك التي تجعلك مقلّدًا أعمى.
لكن في الكتابة الأدبية، أنت أكثر حريّة، لا تقيّدك المناهج، أنت حرّ في اختيار القالب، أكان مقالة أو قصّة أو رواية. ولكلّ من هذه الأنواع متعة خاصّة في الكتابة. لا أخفي انحيازي إلى كتابة الرواية أو القصّة، لأنّها تجعلني أحلّق في فضاءات التعدّدية، عند اختيار شخصيات متناقضة، تجعلني أجد مبرّرات لتصرّفات كلّ منها، وأغوص إلى أعماقها. في الرواية، القلم يسيّرك، وليس العكس، أنت تتعاطف مع أبطالك، تناضل معهم، تحزن حزنهم، تكون هم جميعًا، ويكونوا أنت.
وهي ترى أن الشجن هو ما نراه كثيفا حولنا، في مآسي الناس ومآزمهم، وهذا ما ينعكس في عيونهم ونظراتهم، المظالم الكثيرة حولنا لا تحتاج إلى حسّ مرهف كبير لتشعر بالآخرين، يكفي أن تضع نفسك مكانهم، فينتقل إلى داخلك كلّ الحزن الساكن في عيونهم. أبطالي هم شخصيات من المجتمع الذي أعيش فيه.
وعن قراءاتها في التصوف ترى أن تلك القراءات جعلتها ترى أن التصوّف يشكّل درب الخلاص بطريقة ما، من ناحية الانفتاح على الجوهر الإنساني بابا للإيمان بالعدالة الإلهيّة وإيمانا بالجوهر الواحد الذي ينطلق منه مهب وحدة الأديان. وقالت: إذا كانت إليف شافاق اعتمدت على سيرة حياة مولانا جلال الدين الرومي وشمس تبريز لإظهار الحقيقة الصوفية، فإني آثرت أن يكون تصويري للحقيقة الصوفية من باب الواقع الإنسان المعاش عند الناس العاديين في ارتقائهم إلى هذا الفكر.
وعن روايتها الموسومة "هجرة الآلهة والمدائن المجنونة" قالت: ربّما يكون العنوان هو أكثر ما أثار الجدل، فبعضهم يتوقّف عنده من دون الغوص على أعماق الرواية، العنوان بحدّ ذاته يحمل التباسًا في الدلالة، "من هجر من"؟ الناس هجروا الله أم هو الذي هجرهم؟ تحمل الرواية مأساة الإنسان العربي في ظلّ الحروب، انطلاقا من الحرب السورية تحديدا وصولا إلى معاناة الايزيديين، وصولا إلى افريقيا ومعاناة إيبولا. هي معاناة الإنسان في وقفته أمام الموت، ووصف مآزمه الإيمانية بين هجر الله أو التمسّك بإلإيمان به، من خلال وقفات مختلفة أمام الموت، لأعرض من خلال قصّة رجل دين فقد عائلته أمام عينيه في الحرب علاقته مع الله بين مدّ وجزر، وكيف تعاطى الماركسي والصوفي والعبثي والمؤمن مع هذه الفاجعة التي يعانيها جميعهم.
وتحدثت ناتالي عن مشروع أطروحتها للدكتوراه عن ميخائيل نعيمة وكمال جنبلاط وقالت: كان هدفي من الدراسة الإضاءة على شعر صوفي لم يدرس سابقًا، في محاولة لاستخراج منظومة صوفيّة متكاملة تحكم شعرهما، وفقا لمنهج البنوية التكوينيّة. نعيمة دُرس كثيرا في أدبياته، لكنّ شعره لم يدرس صوفيًّا، كذلك المعلّم كمال جنبلاط، دراستي هي الدراسة الأولى التي تناولت شعره كاملا، وقد حاولت وفاقا لمشاربهما المختلفة أقامة مقارنة بينهما.
وعن مجموعتها القصصية "العابرون" قالت: لم أبتعد في مجموعتي القصصيّة عن المنحى العام لروايتي السابقتين. بقيت شجون الإنسان في ظلّ الحروب مهيمنة، كما في أقصوصة "قوارب الموت" التي يخبّر عنوانها عن مضمونها،" وجبل الأماني" التي تتناول موضوع الاتجار بالأعضاء، و"كتاب الأسرار" التي تتناول الموروث الديني، كذلك "عودة الابنة الضالّة". أمّا "الغريبان"، فلها فضاء مختلف نسبيًّا لرومانسيتها وتوقها الى إلغاء الحواجز بين البشر التي افتعلوها، ولغتها الشعريّة. المختلف في هذه المجموعة القصصية، أنّها تجمع بين الأسلوب الواقعي والرمزي، يقترب من الأسطورة أحيانا لينقل الواقع إلى فضاءات عالم المثل. لست مكتفية بمجموعة واحدة، وآمل أن تطلّ أخوات هذه المجموعة قريبًا.
ناتالي خوري ليست من المتشائمات في موضوع الحراك النقدي، وترى أنّ مستوى الحركة النقديّة يصوّر مستوى الحركة الأدبية، على صعيد الصفحات الثقافية ومنابر الندوات والإصدارات الجديدة، كذلك على صعيد الدراسات الأكاديمية والأعمال البحثية. كلّ يختار منهجه وفق اقتناعاته هذا حقّه. ونموّ حركة النشر في الأعمال النقديّة يعبّر عن عافية النقد في لبنان والعالم العربي.
وعن "حركة إصدار ونقاش" التي تعد ناتالي من مؤسسيها قالت: في ظلّ المنتديات الشعرية الكثيرة في لبنان، كذلك المنتديات الثقافية، فكّرت بحركة نقدية لا تشبه أخواتها، بدأنا بإنشائها مع طلابنا وبعض الزملاء الجامعيين والإعلاميين، من حيث ضرورة حضور ثلاثة أجيال متخصّصين على المنبر الواحد لمناقشة الأعمال الأدبيّة، ولقاء الأدباء. نعمل الآن على تمتين حضور الطلاب، أي الجيل الجديد من خلال لقاء الأدباء وعرض أبحاث ودراسات حول أعمالهم، ومن ثمّ نشرها في الصفحات الثقافيّة، ليتمّ الانطلاق لاحقا إلى الهدف الأساسي من حركتنا وفق مشروع نقدي يجمع بين الأكاديميّة وترغيب القرّاء غير المتخصّصين بالنقد.
وأضافت: لا يمكن لأيّ عمل أدبي أن يكتمل أو ينصف من دون عمل نقدي يواكبه، وإعلام يظهره. وقد كنت محظوظة أن تناول الكثير من الأقلام الناقدة أعمالي الأدبيّة، بكلّ موضوعيّة إظهارًا لما فيها من مكامن فنية وتجديديّة. أحييهم جميعًا.
وتقول عن العالم الافتراضي إنه: لا يمكن لنا أن ننكر أنّ العالم الافتراضي جعل الأدباء العرب يقرأون نتاجات بعضهم ويتعرفون إلى بعضهم بعضًا، وهذا ما خلق توليفة جديدة ولو أنكر كثيرون ذلك. فالهواجس العربية واحدة، ما عادت الجغرافيا لتفصل بينهما، واللغة واحدة، والنبع الذي نستقي منه جميعًا واحد.
وهي تتمنى أن على من يكتبون الرواية، أن يكتبوا نصوصًا تشبههم، تعبّر عن هواجسهم، وتحمل رسالة تجعل الآخرين يؤمنون بالتعدديات، ويقبلون على الحياة وجمالاتها بكلّ إنسانيّة وانفتاح وحسّ كوني، وألا يهملوا متطلّبات الروح وصوتها، وذلك بلغة عربيّة أنيقة وصحيحة.
ناتالي خوري تعمل الآن على رواية جديدة، تحمل خطًّا جديدًا مغايرًا لما كتبته سابقًا، تجمع بين التصوّف والأديان والحضارات، وتشبهها كثيرًا.
ناتالي الخوري غريب أديبة لبنانية تمتلك عناصر الوعي النظري والفلسفي بالكتابة، حيث لفتت الانتباه بباكورتها الروائية "حين تعشق العقول" لأنها جاءت باحثة عن الحقائق في محاولة منها للخروج عن المألوف بنكهة صوفية. تخصصت في أدب اللغة العربية وحصلت على درجة الدكتوراه فيها، كما أنها ساهمت في العديد من النشاطات الثقافية والعلمية. صدر لها العديد من الكتب والأبحاث في شتى المجالات. حول تجربتها في عالم الكتابة الروائية والقصصية والأكاديمية كان لنا معها هذا الحوار:
قالت عن لذة الكتابة البحثية والأدبية: لكلّ نوع كتابي نكهته الخاصّة، فالكتابة البحثيّة عمل لا بدّ منه للأكاديمي من أجل تطوير عدّته النقديّة، والاطلاع على المناهج، والبحث عن الجديد لشعراء لم تتم الإضاءة عليهم، أو مقاربة أدباء بطريقة مغايرة، وهنا لذّة الكتابة البحثية في إظهار جديد لم تتمّ مقاربته من قبل نقّاد أو باحثين سابقين. كذلك تكمن متعة العمل البحثي في أنّك تجدّد أسلوبك بحيث تتأثّر بمن تدرسهم في إطار التراكمات التي تخلق جديدا، ليس تلك التي تجعلك مقلّدًا أعمى.
لكن في الكتابة الأدبية، أنت أكثر حريّة، لا تقيّدك المناهج، أنت حرّ في اختيار القالب، أكان مقالة أو قصّة أو رواية. ولكلّ من هذه الأنواع متعة خاصّة في الكتابة. لا أخفي انحيازي إلى كتابة الرواية أو القصّة، لأنّها تجعلني أحلّق في فضاءات التعدّدية، عند اختيار شخصيات متناقضة، تجعلني أجد مبرّرات لتصرّفات كلّ منها، وأغوص إلى أعماقها. في الرواية، القلم يسيّرك، وليس العكس، أنت تتعاطف مع أبطالك، تناضل معهم، تحزن حزنهم، تكون هم جميعًا، ويكونوا أنت.
وهي ترى أن الشجن هو ما نراه كثيفا حولنا، في مآسي الناس ومآزمهم، وهذا ما ينعكس في عيونهم ونظراتهم، المظالم الكثيرة حولنا لا تحتاج إلى حسّ مرهف كبير لتشعر بالآخرين، يكفي أن تضع نفسك مكانهم، فينتقل إلى داخلك كلّ الحزن الساكن في عيونهم. أبطالي هم شخصيات من المجتمع الذي أعيش فيه.
وعن قراءاتها في التصوف ترى أن تلك القراءات جعلتها ترى أن التصوّف يشكّل درب الخلاص بطريقة ما، من ناحية الانفتاح على الجوهر الإنساني بابا للإيمان بالعدالة الإلهيّة وإيمانا بالجوهر الواحد الذي ينطلق منه مهب وحدة الأديان. وقالت: إذا كانت إليف شافاق اعتمدت على سيرة حياة مولانا جلال الدين الرومي وشمس تبريز لإظهار الحقيقة الصوفية، فإني آثرت أن يكون تصويري للحقيقة الصوفية من باب الواقع الإنسان المعاش عند الناس العاديين في ارتقائهم إلى هذا الفكر.
وعن روايتها الموسومة "هجرة الآلهة والمدائن المجنونة" قالت: ربّما يكون العنوان هو أكثر ما أثار الجدل، فبعضهم يتوقّف عنده من دون الغوص على أعماق الرواية، العنوان بحدّ ذاته يحمل التباسًا في الدلالة، "من هجر من"؟ الناس هجروا الله أم هو الذي هجرهم؟ تحمل الرواية مأساة الإنسان العربي في ظلّ الحروب، انطلاقا من الحرب السورية تحديدا وصولا إلى معاناة الايزيديين، وصولا إلى افريقيا ومعاناة إيبولا. هي معاناة الإنسان في وقفته أمام الموت، ووصف مآزمه الإيمانية بين هجر الله أو التمسّك بإلإيمان به، من خلال وقفات مختلفة أمام الموت، لأعرض من خلال قصّة رجل دين فقد عائلته أمام عينيه في الحرب علاقته مع الله بين مدّ وجزر، وكيف تعاطى الماركسي والصوفي والعبثي والمؤمن مع هذه الفاجعة التي يعانيها جميعهم.
وتحدثت ناتالي عن مشروع أطروحتها للدكتوراه عن ميخائيل نعيمة وكمال جنبلاط وقالت: كان هدفي من الدراسة الإضاءة على شعر صوفي لم يدرس سابقًا، في محاولة لاستخراج منظومة صوفيّة متكاملة تحكم شعرهما، وفقا لمنهج البنوية التكوينيّة. نعيمة دُرس كثيرا في أدبياته، لكنّ شعره لم يدرس صوفيًّا، كذلك المعلّم كمال جنبلاط، دراستي هي الدراسة الأولى التي تناولت شعره كاملا، وقد حاولت وفاقا لمشاربهما المختلفة أقامة مقارنة بينهما.
وعن مجموعتها القصصية "العابرون" قالت: لم أبتعد في مجموعتي القصصيّة عن المنحى العام لروايتي السابقتين. بقيت شجون الإنسان في ظلّ الحروب مهيمنة، كما في أقصوصة "قوارب الموت" التي يخبّر عنوانها عن مضمونها،" وجبل الأماني" التي تتناول موضوع الاتجار بالأعضاء، و"كتاب الأسرار" التي تتناول الموروث الديني، كذلك "عودة الابنة الضالّة". أمّا "الغريبان"، فلها فضاء مختلف نسبيًّا لرومانسيتها وتوقها الى إلغاء الحواجز بين البشر التي افتعلوها، ولغتها الشعريّة. المختلف في هذه المجموعة القصصية، أنّها تجمع بين الأسلوب الواقعي والرمزي، يقترب من الأسطورة أحيانا لينقل الواقع إلى فضاءات عالم المثل. لست مكتفية بمجموعة واحدة، وآمل أن تطلّ أخوات هذه المجموعة قريبًا.
ناتالي خوري ليست من المتشائمات في موضوع الحراك النقدي، وترى أنّ مستوى الحركة النقديّة يصوّر مستوى الحركة الأدبية، على صعيد الصفحات الثقافية ومنابر الندوات والإصدارات الجديدة، كذلك على صعيد الدراسات الأكاديمية والأعمال البحثية. كلّ يختار منهجه وفق اقتناعاته هذا حقّه. ونموّ حركة النشر في الأعمال النقديّة يعبّر عن عافية النقد في لبنان والعالم العربي.
وعن "حركة إصدار ونقاش" التي تعد ناتالي من مؤسسيها قالت: في ظلّ المنتديات الشعرية الكثيرة في لبنان، كذلك المنتديات الثقافية، فكّرت بحركة نقدية لا تشبه أخواتها، بدأنا بإنشائها مع طلابنا وبعض الزملاء الجامعيين والإعلاميين، من حيث ضرورة حضور ثلاثة أجيال متخصّصين على المنبر الواحد لمناقشة الأعمال الأدبيّة، ولقاء الأدباء. نعمل الآن على تمتين حضور الطلاب، أي الجيل الجديد من خلال لقاء الأدباء وعرض أبحاث ودراسات حول أعمالهم، ومن ثمّ نشرها في الصفحات الثقافيّة، ليتمّ الانطلاق لاحقا إلى الهدف الأساسي من حركتنا وفق مشروع نقدي يجمع بين الأكاديميّة وترغيب القرّاء غير المتخصّصين بالنقد.
وأضافت: لا يمكن لأيّ عمل أدبي أن يكتمل أو ينصف من دون عمل نقدي يواكبه، وإعلام يظهره. وقد كنت محظوظة أن تناول الكثير من الأقلام الناقدة أعمالي الأدبيّة، بكلّ موضوعيّة إظهارًا لما فيها من مكامن فنية وتجديديّة. أحييهم جميعًا.
وتقول عن العالم الافتراضي إنه: لا يمكن لنا أن ننكر أنّ العالم الافتراضي جعل الأدباء العرب يقرأون نتاجات بعضهم ويتعرفون إلى بعضهم بعضًا، وهذا ما خلق توليفة جديدة ولو أنكر كثيرون ذلك. فالهواجس العربية واحدة، ما عادت الجغرافيا لتفصل بينهما، واللغة واحدة، والنبع الذي نستقي منه جميعًا واحد.
وهي تتمنى أن على من يكتبون الرواية، أن يكتبوا نصوصًا تشبههم، تعبّر عن هواجسهم، وتحمل رسالة تجعل الآخرين يؤمنون بالتعدديات، ويقبلون على الحياة وجمالاتها بكلّ إنسانيّة وانفتاح وحسّ كوني، وألا يهملوا متطلّبات الروح وصوتها، وذلك بلغة عربيّة أنيقة وصحيحة.
ناتالي خوري تعمل الآن على رواية جديدة، تحمل خطًّا جديدًا مغايرًا لما كتبته سابقًا، تجمع بين التصوّف والأديان والحضارات، وتشبهها كثيرًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.