عودة انقطاع الكهرباء في مناطق بالجيزة وخروج كابل محطة محولات جزيرة الذهب عن الخدمة    هآرتس: ترامب يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لضم أجزاء من غزة    200 مليون دولار، ليفربول يجهز عرضا خرافيا لحسم صفقة مهاجم نيوكاسل    رابطة الأندية: بدء عقوبة "سب الدين والعنصرية" فى الدوري بالموسم الجديد    السيسي يوجه بتوفير الرعاية الصحية اللازمة والاهتمام الطبي الفوري للكابتن حسن شحاتة    المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في المريوطية    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    الكشف الطبي على 540 مواطنًا بقرية جلبانة ضمن القافلة الطبية لجامعة الإسماعيلية    بمناسبة اليوم العالمي.. التهاب الكبد خطر صامت يمكن تفاديه    نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة رد عملي على حملات التضليل    سميرة صدقي: عبلة كامل أفضل فنانة قدمت دور المرأة الشعبية    بدء الدراسة بجامعة الأقصر الأهلية.. رئيس الجامعة والمحافظ يعلنان تفاصيل البرامج الدراسية بالكليات الأربع    «ما تراه ليس كما يبدو».. شيري عادل تستعد لتصوير حكاية "ديجافو"    قبل عرضه.. تفاصيل فيلم بيج رامى بطولة رامز جلال    علاج الحموضة بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    الداخلية: لا توجد تجمعات بالمحافظات والإخوان وراء هذه الشائعات    برومو تشويقى ل مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو".. سبع حكايات ومفاجآت غير متوقعة    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    حزب الجيل: السيسي يعيد التأكيد على ثوابت مصر في دعم فلسطين    أمانة الشؤون القانونية المركزية ب"مستقبل وطن" تبحث مع أمنائها بالمحافظات الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    تنفيذي الشرقية يكرم أبطال حرب أكتوبر والمتبرعين للصالح العام    ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    هندسة المنوفية الأولى عالميًا في المحاكاة بمسابقة Formula Student UK 2025    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    السفارة الأمريكية: كتائب حزب الله تقف وراء اقتحام مبنى حكومي ببغداد    قنا: القبض على شاب متهم بالاعتداء على طفل داخل منزل أسرته في قرية الدرب بنجع حمادي    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    12 راحلا عن الأهلي في الانتقالات الصيفية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    تصعيد خطير ضد الوجود المسيحي بفلسطين.. مستوطنون يعتدون على دير للروم الأرثوذكس    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    منال عوض تتابع ملفات وزارة البيئة وتبحث تطوير منظومة إدارة المخلفات    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعرة السورية ريم الخش في دوامة أسئلة الانتماء
نشر في صوت البلد يوم 14 - 01 - 2017

ما الذي تريده شاعرة حالمة من وطن مطعون، تدكّ قلاعه و تهدر دماء أهله و تنسف معالمه في كل وقت وحين ..؟ سوى جرّ المخيلة إلى توليدات بلاغية تستعير فلتات الذات من نوبات الحلم في تصوير فني بديع و مدغدغ لحواس التلقي ، يفيض عن أوجاع الإنسان ليرقى إلى علياء التهكّم من أيادي الهدم والفوضى ومجانية الموت.
لينرسم التعبير عن الذات خارج الزمن ،متشبعا بالمرجعيات التي يمليها ضمير المحاسبة،وجملة آبقة من الاستنطاقات التي تصب انتهاء وترفد في معين ما ينتصف للانتماء المطموس ويرنو إلى لملمة الهوية المشروخة.
بحيثُ على الدوام، بؤرة التدويرات الشعرية،تختزل في إضفاء الهالة والقداسة على الوطن، مهما جار في شخص مردة هم في النهاية من كرتون،وأشبه برغوة فوقية وفقاعات ما تلبث تضمحل وتتفكك صولتها وتزول.
هكذا يبدأ الخطاب خفيضا هامسا ،لينفجر كقنبلة مدوية أخيرا،مشحونا بأوجاع المعنى ومعاني الوجع،زارعا صوت النخوة والكبرياء والإباء في شتى أرجاء الصمت والتواطؤ والبياض.
إنه وجع بنكهة الأنوثة إذ يوبّخ عالم الفرجة ،ويطعن في تراكمات أ يديولوجيات الصياغة السلبية لكائن الهامش لمشاهد الذائب في خيبة ومرارة وتغضّب المكتفي بالفرجة إن طواعية أو إكراها.
وتستمرّ الشاعرة السورية المتألقة ريم الخش،متأبطة لتجارب المستجدات الميدانية وإفرازات الخبرة الحياتية، كما مستأنسة بعوالم الكوميديا الساخرة،ومطوّرة أساليب نضالها ،ومتبنية لثورة الشرفاء ،عزاؤها في ذلك، الحرف الناري غير المهادن،وبساطة وبراءة الورق ، ولون المحاججة المكشوفة والعارية والكافرة بفلسفة الأقنعة.
وإذن... لنحاول فض بكارة هذه المستملحات المقتبسة من التجربة الغضة والثرية لشاعرتنا، قصد الوقوف عند كمّ زاه من الميكانيزمات المترجمة لطاقة دفينة مزلزلة وملغية للحدود بين الأصوات لدى الجنسين حال تعلق المسألة بشعرية الكلاسيكيات الحديثة الرافلة بالمحطات الطوباوية في مساءلة الهوية بمعزل عما قد يشوه المعنى الرّسالي ويبعث على تثاقل التراكيب ويطال الخيط الناظم للأنساق في إقحام فلكلوري لموضوعة العشق عبر تنويعات وجدانية محتفية بالطبيعة والجمال وباعتماد إيقاعات كريستالية موغلة في البعد القيميّ والصوفي للإنسان.
" وأصبرُ إذْ يغاضبني/ وأنسى قوله اللاذع"
...................
"جموحُ الثغرِ رُوِّضَ باشتهائكْ
ويرغبُ في رحيقكَ في دوائكْ"
...................
"ثاروا على الظلمِ والإجحادِ يا حلب / لمَ اكتأبتِ وهذا الحشدُ والغضبُ
ياعزم طالوت ياإقدام من وثبوا / اقتل بنا اليأس خلِّ النصرَ ينسكبُ
ياعزم طالوت لاتأبه لنائبةٍ / مهما تراءت لنا الآلام والنوبُ"
....................
"قددتُ قميصَ البوحِ عن عمدٍ / سراج شوقٍ بزيت النبضِ أذكيه
لا خير في ولهٍ كالنار يأسرنا / إن لم نكن بدم العشاق نرويه
ما أجمل العشق بركانا نفجره / يجتث غربتنا والروح نعطيه"
........................
ركبت الشعر في وله لعلي / أذوق ببحره حلو الشراب
ولولا الحب يمسي الشعر نثرا / ويختصم الكلام مع الصواب
فخرت حولي الكلمات سكرى / وفاض السحر من حرف الكتاب
..............................
"لها لمسٌ كنسماتٍ أطلتْ....على زهري بأعماق الروابي
وأنهارٌ من العسل المصفى ....وخمر الروح تكمن بالرضابِ
ودون العشق يمضي العمر قهرا ...وخمر الكرم ضرب من سراب
لقد بدأت حياتي من لظاها....بجنتنا أعيشُ بلا حسابِ
فتعتق روحنا من قيدِ جسمٍ ....وتطلقها لترقصَ بالسحابِ
وفي شفتيك أعلنه انتسابي.....وأعلن موطني بعد اغترابي"
.......................
"ويسوع مصلوبٌ هنا
كم من يسوعٍ في العراء
يا بؤسَ أمتنا التي
ذَبُلتْ وأُشْرِبتِ الشقاء
يا ويحَ عالمنا الذي
ترك الأحبة في العناء
صْرتِ يا حلب العطاء
حبلى بأوجاع البقاء"
.......................
"أيا أمة العُرْبِ إستفيقي تأهبي / وضمي لنهديكِ الشباب وقرّبي
صُلبنا وفي الأحزان تاهت قلوبنا / وسرنا عراةً في طريقٍ مُغيَبِ
فصرخة أوجاع الحياة كبيرةٌ / وضبع الردى يهوي علينا بمخلبِ
أيا أمة النجوى كفانا تأرجحا / كفانا اقتتالا بين بعض المذاهبِ"
..........................
"كم ساقني نور الصباح لمقلتيه / وغدا لهيب الوجد نارا تحترقْ
كم شدني دفء الحياة لوجنتيه / وبدت ثنايا النفس طيباٌ تعتنق
كم فاض بي ولهاً وكم يهفوُ إليه / في ظلمة الآلام عشقٌ ينبثقْ
كم سجدة راحت تُطمْئنني عليه / حزنا يضاجع في حناياه الشبقْ"
......................
"كنتِ جمرا....صرتِ بردا
في حنايا الروح سرّكْ
اعشقيني.. قبليني
آمنٌ بالدفء حضنكْ
اغمريني..امتطيني
منهلٌ للشوقِ نهدكْ "
................................
" سلّتْ شفاه الحب جسمي فانبرى...قلبي الملوع صادحا أشعاري
ياأنت يا أسطورة العشق الذي...يجتاحني كضرامة الثوار
اشعل غرامك بالجنان مؤججا...لاخلد لاروضا بدون النار
احرق بثغرك مهجتي حتى اذا...ذبت اضطراما فاحترق بجواري
أفنيتني ثم الحياة رددتني....ومن الجوى فاضت بكم أنهاري "
...................................
"ولقد أتانا عنوة
حكْمُ السفيه السافلِ
ولكم رأينا بلوةً
في حكمه كالدملِ "
........................
"من رحمها هو مضغة .. هو قبلتي ومنارتي
هو من سناها ومضة ...سوريتي وحضارتي
هو أنبل الجينات يسمو مبدعا في رؤيتي
هو بالذكاء مؤجج ..نورٌ يضيئ بمهجتي
ولتعلموا أن الحياة ..وميضها..من فكرتي
تباً لكم...تبا لهم...لن تكسروا سوريتي "
....................
"وهبناها نفوسا والحنايا......عشقناها بعنفٍ واضطرامِ
وقامرنا بأملاكٍ وجاهٍ......تركناها ....لحقنا بالغرام
تعاهدنا على بذل وجود....فإن الجود من طبع الكرامِ
تماهينا بثورتنا كأنا.......ظلالٌ من ظلالٍ من هيامِ
فإن أخذت حياة لم نلمها......وإن سلخت لحوما عن عظامِ
عشقناها لذات الحسن حتى......تشربت النفوس مع التحامِ
فما عدنا كما كنا ولكن......تبعناها بعشق المستهامِ
فلا معنى لهجر أو جفاء.....عشيقتنا وحتى وفي السقامِ
أنا للنصر محتاجٌ وروحي .....به انسكبت لخيرات عظامِ "
إنه الفعل الإبداعي كضرب من خلاص وولوج ما يشبه الغيبوبة المانحة لضمادات معينة ضدّا للجلد الذاتي الذي تمارسه الغربة مضاعفة . اقتراف القصيدة كلون من هروب من قدر إلى آخر تماهيا وذوبانا في اشتعال أبدي للمعاناة.
تجربة بمعسول و لذاذة الاغتراب دا خل أدغال القصيدة العامودية المقفاة،تلمّسا لتقليص المسافة بين الذات المتشظية والذاكرة المستنسخة لمعاني البكارة والنضارة والتجديد.
اطراد نصّي عصي و متفلّت ومتعال عن تكرار الذات الإبداعية برغم كون صاحبته مكثارة ومعطاء ،ما تنفك تطالعنا بالمزيد والمزيد والمزيد مما يغذي الذائقة والأذهان على حد سواء.
بخلاصة إنها الثرثرة القادرة على استيعاب آلام العصر واحتواء التّخبطات الروحية وتوثيق حياديّ غير مندفع للمرحلة باشتهاء ونرجسية ودماء دافقة من قصائد غضبى تأبى البرودة والاجتفاف.
.....
شاعر وناقد مغربي
ما الذي تريده شاعرة حالمة من وطن مطعون، تدكّ قلاعه و تهدر دماء أهله و تنسف معالمه في كل وقت وحين ..؟ سوى جرّ المخيلة إلى توليدات بلاغية تستعير فلتات الذات من نوبات الحلم في تصوير فني بديع و مدغدغ لحواس التلقي ، يفيض عن أوجاع الإنسان ليرقى إلى علياء التهكّم من أيادي الهدم والفوضى ومجانية الموت.
لينرسم التعبير عن الذات خارج الزمن ،متشبعا بالمرجعيات التي يمليها ضمير المحاسبة،وجملة آبقة من الاستنطاقات التي تصب انتهاء وترفد في معين ما ينتصف للانتماء المطموس ويرنو إلى لملمة الهوية المشروخة.
بحيثُ على الدوام، بؤرة التدويرات الشعرية،تختزل في إضفاء الهالة والقداسة على الوطن، مهما جار في شخص مردة هم في النهاية من كرتون،وأشبه برغوة فوقية وفقاعات ما تلبث تضمحل وتتفكك صولتها وتزول.
هكذا يبدأ الخطاب خفيضا هامسا ،لينفجر كقنبلة مدوية أخيرا،مشحونا بأوجاع المعنى ومعاني الوجع،زارعا صوت النخوة والكبرياء والإباء في شتى أرجاء الصمت والتواطؤ والبياض.
إنه وجع بنكهة الأنوثة إذ يوبّخ عالم الفرجة ،ويطعن في تراكمات أ يديولوجيات الصياغة السلبية لكائن الهامش لمشاهد الذائب في خيبة ومرارة وتغضّب المكتفي بالفرجة إن طواعية أو إكراها.
وتستمرّ الشاعرة السورية المتألقة ريم الخش،متأبطة لتجارب المستجدات الميدانية وإفرازات الخبرة الحياتية، كما مستأنسة بعوالم الكوميديا الساخرة،ومطوّرة أساليب نضالها ،ومتبنية لثورة الشرفاء ،عزاؤها في ذلك، الحرف الناري غير المهادن،وبساطة وبراءة الورق ، ولون المحاججة المكشوفة والعارية والكافرة بفلسفة الأقنعة.
وإذن... لنحاول فض بكارة هذه المستملحات المقتبسة من التجربة الغضة والثرية لشاعرتنا، قصد الوقوف عند كمّ زاه من الميكانيزمات المترجمة لطاقة دفينة مزلزلة وملغية للحدود بين الأصوات لدى الجنسين حال تعلق المسألة بشعرية الكلاسيكيات الحديثة الرافلة بالمحطات الطوباوية في مساءلة الهوية بمعزل عما قد يشوه المعنى الرّسالي ويبعث على تثاقل التراكيب ويطال الخيط الناظم للأنساق في إقحام فلكلوري لموضوعة العشق عبر تنويعات وجدانية محتفية بالطبيعة والجمال وباعتماد إيقاعات كريستالية موغلة في البعد القيميّ والصوفي للإنسان.
" وأصبرُ إذْ يغاضبني/ وأنسى قوله اللاذع"
...................
"جموحُ الثغرِ رُوِّضَ باشتهائكْ
ويرغبُ في رحيقكَ في دوائكْ"
...................
"ثاروا على الظلمِ والإجحادِ يا حلب / لمَ اكتأبتِ وهذا الحشدُ والغضبُ
ياعزم طالوت ياإقدام من وثبوا / اقتل بنا اليأس خلِّ النصرَ ينسكبُ
ياعزم طالوت لاتأبه لنائبةٍ / مهما تراءت لنا الآلام والنوبُ"
....................
"قددتُ قميصَ البوحِ عن عمدٍ / سراج شوقٍ بزيت النبضِ أذكيه
لا خير في ولهٍ كالنار يأسرنا / إن لم نكن بدم العشاق نرويه
ما أجمل العشق بركانا نفجره / يجتث غربتنا والروح نعطيه"
........................
ركبت الشعر في وله لعلي / أذوق ببحره حلو الشراب
ولولا الحب يمسي الشعر نثرا / ويختصم الكلام مع الصواب
فخرت حولي الكلمات سكرى / وفاض السحر من حرف الكتاب
..............................
"لها لمسٌ كنسماتٍ أطلتْ....على زهري بأعماق الروابي
وأنهارٌ من العسل المصفى ....وخمر الروح تكمن بالرضابِ
ودون العشق يمضي العمر قهرا ...وخمر الكرم ضرب من سراب
لقد بدأت حياتي من لظاها....بجنتنا أعيشُ بلا حسابِ
فتعتق روحنا من قيدِ جسمٍ ....وتطلقها لترقصَ بالسحابِ
وفي شفتيك أعلنه انتسابي.....وأعلن موطني بعد اغترابي"
.......................
"ويسوع مصلوبٌ هنا
كم من يسوعٍ في العراء
يا بؤسَ أمتنا التي
ذَبُلتْ وأُشْرِبتِ الشقاء
يا ويحَ عالمنا الذي
ترك الأحبة في العناء
صْرتِ يا حلب العطاء
حبلى بأوجاع البقاء"
.......................
"أيا أمة العُرْبِ إستفيقي تأهبي / وضمي لنهديكِ الشباب وقرّبي
صُلبنا وفي الأحزان تاهت قلوبنا / وسرنا عراةً في طريقٍ مُغيَبِ
فصرخة أوجاع الحياة كبيرةٌ / وضبع الردى يهوي علينا بمخلبِ
أيا أمة النجوى كفانا تأرجحا / كفانا اقتتالا بين بعض المذاهبِ"
..........................
"كم ساقني نور الصباح لمقلتيه / وغدا لهيب الوجد نارا تحترقْ
كم شدني دفء الحياة لوجنتيه / وبدت ثنايا النفس طيباٌ تعتنق
كم فاض بي ولهاً وكم يهفوُ إليه / في ظلمة الآلام عشقٌ ينبثقْ
كم سجدة راحت تُطمْئنني عليه / حزنا يضاجع في حناياه الشبقْ"
......................
"كنتِ جمرا....صرتِ بردا
في حنايا الروح سرّكْ
اعشقيني.. قبليني
آمنٌ بالدفء حضنكْ
اغمريني..امتطيني
منهلٌ للشوقِ نهدكْ "
................................
" سلّتْ شفاه الحب جسمي فانبرى...قلبي الملوع صادحا أشعاري
ياأنت يا أسطورة العشق الذي...يجتاحني كضرامة الثوار
اشعل غرامك بالجنان مؤججا...لاخلد لاروضا بدون النار
احرق بثغرك مهجتي حتى اذا...ذبت اضطراما فاحترق بجواري
أفنيتني ثم الحياة رددتني....ومن الجوى فاضت بكم أنهاري "
...................................
"ولقد أتانا عنوة
حكْمُ السفيه السافلِ
ولكم رأينا بلوةً
في حكمه كالدملِ "
........................
"من رحمها هو مضغة .. هو قبلتي ومنارتي
هو من سناها ومضة ...سوريتي وحضارتي
هو أنبل الجينات يسمو مبدعا في رؤيتي
هو بالذكاء مؤجج ..نورٌ يضيئ بمهجتي
ولتعلموا أن الحياة ..وميضها..من فكرتي
تباً لكم...تبا لهم...لن تكسروا سوريتي "
....................
"وهبناها نفوسا والحنايا......عشقناها بعنفٍ واضطرامِ
وقامرنا بأملاكٍ وجاهٍ......تركناها ....لحقنا بالغرام
تعاهدنا على بذل وجود....فإن الجود من طبع الكرامِ
تماهينا بثورتنا كأنا.......ظلالٌ من ظلالٍ من هيامِ
فإن أخذت حياة لم نلمها......وإن سلخت لحوما عن عظامِ
عشقناها لذات الحسن حتى......تشربت النفوس مع التحامِ
فما عدنا كما كنا ولكن......تبعناها بعشق المستهامِ
فلا معنى لهجر أو جفاء.....عشيقتنا وحتى وفي السقامِ
أنا للنصر محتاجٌ وروحي .....به انسكبت لخيرات عظامِ "
إنه الفعل الإبداعي كضرب من خلاص وولوج ما يشبه الغيبوبة المانحة لضمادات معينة ضدّا للجلد الذاتي الذي تمارسه الغربة مضاعفة . اقتراف القصيدة كلون من هروب من قدر إلى آخر تماهيا وذوبانا في اشتعال أبدي للمعاناة.
تجربة بمعسول و لذاذة الاغتراب دا خل أدغال القصيدة العامودية المقفاة،تلمّسا لتقليص المسافة بين الذات المتشظية والذاكرة المستنسخة لمعاني البكارة والنضارة والتجديد.
اطراد نصّي عصي و متفلّت ومتعال عن تكرار الذات الإبداعية برغم كون صاحبته مكثارة ومعطاء ،ما تنفك تطالعنا بالمزيد والمزيد والمزيد مما يغذي الذائقة والأذهان على حد سواء.
بخلاصة إنها الثرثرة القادرة على استيعاب آلام العصر واحتواء التّخبطات الروحية وتوثيق حياديّ غير مندفع للمرحلة باشتهاء ونرجسية ودماء دافقة من قصائد غضبى تأبى البرودة والاجتفاف.
.....
شاعر وناقد مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.