صدرت الترجمة العربية لكتاب "لم نَعُد وحدَنا في العالَم: النّظام الدّولي من منظورٍ مُغايرٍ" كتاب للباحث الفرنسي برتران بادي، أستاذ العلاقات الدّولية في معهد العلوم السياسية في باريس ، وقد صدرت ترجمته العربية عن «مؤسّسة الفكر العربيّ». وكان الكتاب صدر عن دار لاديكوفرت الفرنسيّة، ونقله إلى العربيّة جان ماجد جبّور. وضع المؤلّف مقدمة خاصة بالطبعة العربيّة، مُخاطِباً فيها القارئ العربي الذي يعيش ضمن منطقته «الآمال والأحلام والإخفاقات» أكثر ممّا تعيشها أيّ منطقة أخرى في العالم. ويقول الكاتِب في مقدّمته: «في هذا العالم العربيّ الشاسع، كانت فلسطين هي الأرض الوحيدة التي لم أتمكّن من زيارتها. مع ذلك، فإنّ شعبها هو الضحيّة الأولى لكلّ ما وصفتُه في الكتاب، ضحيّة جهل هذا المبدأ الذي أردتُ تسليطَ الضوء عليه، والذي يذكّرنا على الرّغم من الانجرار وراء الاحتلال والهَيمنة والغَطرسة وغريزة التفوّق المُخزية، أنّنا «لم نَعُد وحدَنا في العالَم». لذا فإنّ هذه النسخة العربية مُهداة له، كما لآلامه وانتظاراته. والكتاب يندرجُ في سياق العلاقات الدّولية، ولا يكتفي بإعادة النّظر في النظام الدولي الذي تخضع له تلك العلاقات فحسب، وإنّما يحاول، انطلاقاً من زاوية نقديّة، تصويب الرؤى، ولاسيما في ما يتعلّق ب «المركزيّة الأوروبيّة» أو الغربيّة بعامّة، فهو كتاب ينضمّ إلى سلسلة الكتب الأجنبيّة التي تحذِّر من الهيمَنة «الوحيدة الجانب» على العالَم، ولاسيّما أنّ هذه الهيمَنة أفضت إلى خراب وعنف، ليس ثمّة مَن يعلم كيف ستكون عواقبهما أو تأثيراتهما اللاحقة. وعلى الرّغم من تناوله البانوراميّ لأوضاع العالَم من خلال لُعبة «الهَيمنة»، وما في هذا التناول أيضاً من عمقٍ تحليليّ وسعة أُفق،لا يدعو الكتاب الى مراجعة الماضي فحسب، بل الى تصويب الحاضر والمستقبل، بغية وضع حدٍّ لهذا الخراب أو العنف الدولي الذي لا تدفع ثمنه القارّات والبلدان والشعوب المُهمَّشة فحسب، بل كذلك أولئك الذي كرَّسوا أنفسهم أسيادَ العالم. لذا يُخاطبهم برتران بادي قائلاً: «لستُم وحدكم في العالم». وما ذلك إلا لاقتناعِه بأنّ معظم العنف الذي نعاني منه يتأتّى من سوء الفهم هذا، ومن هذا التجاهل الدائم للآخر، ومن افتقارنا للروح الغَيريّة، وأنا أسعى هنا لإقامة البرهان على ذلك. إنّ العالَم ينحو باتّجاه الكثير من القسوة، لأنّنا نريد أن نقاربه من خلال أنفسنا حصرياً. فلو كنّا نُدرِك حقّاً أنّنا لَسنا وحدَنا في العالَم، لتوصّلنا إلى فهمٍ آخر للوجود الجماعي، وهو بما لا يُقاس، أكثر نزوعاً إلى السِّلم وأكثر مَيلاً إلى التضامن. تُشكِّل فرضيّتي إذاً المفتاح لفَهم الساحة الدّولية المُعاصرة ووصفها، هذه الساحة التي نتسرَّع في اعتبارها عصيّةً على الفَهم والتوصيف. في رؤيته التي تؤسِّس لبناء سوسيولوجيا حقيقيّة للعلاقات الدّولية، يركِّز برتران بادي على ضرورة تغيير النظرة إلى العلاقات الدّولية، انطلاقاً من ملاحظتَين أو من منظورَين رئيسَيْن: أولاً، ضرورة عدم معالجة العلاقات الدّولية في إطارٍ مستقلّ، لكونها باتت تتشكّل أكثر فأكثر من وقائع اجتماعية تندرج في نسيج يوميات عالمنا؛ ثانياً، واقع أنّ تكوين العلاقات الدّولية لم يَعُد يخضع، ولن يخضع أبداً، لمبادرة الدّول لوحدها، لأنّ هذه الأخيرة محكومة بالتجاوب بشكل متزايد مع ديناميّة المجتمعات، أكثر من التأثير عليها. وديناميّة المجتمعات هذه تتكوّن من تغيّرات عميقة، مثل تكثيف الاتّصالات، والتنمية، والتطوّر الحضري، والضغط الديموغرافي، وواقع الهجرة، والحراك الاجتماعي، والمتخيّلات الجماعية، والعنف الاجتماعي. هذا فضلاً عن وطأة الإذلال والإحباط والفشل والغضب، وغيرها من المشاعر الاجتماعية التي أصبحت أساسية في الحياة الدّولية التي تتطوّر الآن على إيقاع غضب المجتمعات أكثر ممّا تتحرّك على وقع دبلوماسية «الوحوش الباردة» التابعة للدّول. وما «متعهّدو العنف» الحقيقيون، أمثال القاعدة وداعش، إلا دليل على التحوّلات في طُرق التعبير عن الرفض، وبخاصّة رفض سلوك القوى الغربيّة في المنطقة طوال القرن العشرين. صدرت الترجمة العربية لكتاب "لم نَعُد وحدَنا في العالَم: النّظام الدّولي من منظورٍ مُغايرٍ" كتاب للباحث الفرنسي برتران بادي، أستاذ العلاقات الدّولية في معهد العلوم السياسية في باريس ، وقد صدرت ترجمته العربية عن «مؤسّسة الفكر العربيّ». وكان الكتاب صدر عن دار لاديكوفرت الفرنسيّة، ونقله إلى العربيّة جان ماجد جبّور. وضع المؤلّف مقدمة خاصة بالطبعة العربيّة، مُخاطِباً فيها القارئ العربي الذي يعيش ضمن منطقته «الآمال والأحلام والإخفاقات» أكثر ممّا تعيشها أيّ منطقة أخرى في العالم. ويقول الكاتِب في مقدّمته: «في هذا العالم العربيّ الشاسع، كانت فلسطين هي الأرض الوحيدة التي لم أتمكّن من زيارتها. مع ذلك، فإنّ شعبها هو الضحيّة الأولى لكلّ ما وصفتُه في الكتاب، ضحيّة جهل هذا المبدأ الذي أردتُ تسليطَ الضوء عليه، والذي يذكّرنا على الرّغم من الانجرار وراء الاحتلال والهَيمنة والغَطرسة وغريزة التفوّق المُخزية، أنّنا «لم نَعُد وحدَنا في العالَم». لذا فإنّ هذه النسخة العربية مُهداة له، كما لآلامه وانتظاراته. والكتاب يندرجُ في سياق العلاقات الدّولية، ولا يكتفي بإعادة النّظر في النظام الدولي الذي تخضع له تلك العلاقات فحسب، وإنّما يحاول، انطلاقاً من زاوية نقديّة، تصويب الرؤى، ولاسيما في ما يتعلّق ب «المركزيّة الأوروبيّة» أو الغربيّة بعامّة، فهو كتاب ينضمّ إلى سلسلة الكتب الأجنبيّة التي تحذِّر من الهيمَنة «الوحيدة الجانب» على العالَم، ولاسيّما أنّ هذه الهيمَنة أفضت إلى خراب وعنف، ليس ثمّة مَن يعلم كيف ستكون عواقبهما أو تأثيراتهما اللاحقة. وعلى الرّغم من تناوله البانوراميّ لأوضاع العالَم من خلال لُعبة «الهَيمنة»، وما في هذا التناول أيضاً من عمقٍ تحليليّ وسعة أُفق،لا يدعو الكتاب الى مراجعة الماضي فحسب، بل الى تصويب الحاضر والمستقبل، بغية وضع حدٍّ لهذا الخراب أو العنف الدولي الذي لا تدفع ثمنه القارّات والبلدان والشعوب المُهمَّشة فحسب، بل كذلك أولئك الذي كرَّسوا أنفسهم أسيادَ العالم. لذا يُخاطبهم برتران بادي قائلاً: «لستُم وحدكم في العالم». وما ذلك إلا لاقتناعِه بأنّ معظم العنف الذي نعاني منه يتأتّى من سوء الفهم هذا، ومن هذا التجاهل الدائم للآخر، ومن افتقارنا للروح الغَيريّة، وأنا أسعى هنا لإقامة البرهان على ذلك. إنّ العالَم ينحو باتّجاه الكثير من القسوة، لأنّنا نريد أن نقاربه من خلال أنفسنا حصرياً. فلو كنّا نُدرِك حقّاً أنّنا لَسنا وحدَنا في العالَم، لتوصّلنا إلى فهمٍ آخر للوجود الجماعي، وهو بما لا يُقاس، أكثر نزوعاً إلى السِّلم وأكثر مَيلاً إلى التضامن. تُشكِّل فرضيّتي إذاً المفتاح لفَهم الساحة الدّولية المُعاصرة ووصفها، هذه الساحة التي نتسرَّع في اعتبارها عصيّةً على الفَهم والتوصيف. في رؤيته التي تؤسِّس لبناء سوسيولوجيا حقيقيّة للعلاقات الدّولية، يركِّز برتران بادي على ضرورة تغيير النظرة إلى العلاقات الدّولية، انطلاقاً من ملاحظتَين أو من منظورَين رئيسَيْن: أولاً، ضرورة عدم معالجة العلاقات الدّولية في إطارٍ مستقلّ، لكونها باتت تتشكّل أكثر فأكثر من وقائع اجتماعية تندرج في نسيج يوميات عالمنا؛ ثانياً، واقع أنّ تكوين العلاقات الدّولية لم يَعُد يخضع، ولن يخضع أبداً، لمبادرة الدّول لوحدها، لأنّ هذه الأخيرة محكومة بالتجاوب بشكل متزايد مع ديناميّة المجتمعات، أكثر من التأثير عليها. وديناميّة المجتمعات هذه تتكوّن من تغيّرات عميقة، مثل تكثيف الاتّصالات، والتنمية، والتطوّر الحضري، والضغط الديموغرافي، وواقع الهجرة، والحراك الاجتماعي، والمتخيّلات الجماعية، والعنف الاجتماعي. هذا فضلاً عن وطأة الإذلال والإحباط والفشل والغضب، وغيرها من المشاعر الاجتماعية التي أصبحت أساسية في الحياة الدّولية التي تتطوّر الآن على إيقاع غضب المجتمعات أكثر ممّا تتحرّك على وقع دبلوماسية «الوحوش الباردة» التابعة للدّول. وما «متعهّدو العنف» الحقيقيون، أمثال القاعدة وداعش، إلا دليل على التحوّلات في طُرق التعبير عن الرفض، وبخاصّة رفض سلوك القوى الغربيّة في المنطقة طوال القرن العشرين.