بالصور والفيديو| الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك بمركز شباب بشتيل    بالصور.. شلالات البالونات ترسم البسمة على وجوه الأطفال في بورسعيد    محافظ القليوبية يوزع الورود ويلتقط الصور التذكارية مع المواطنين احتفالًا بعيد الأضحى.. صور    الألاف يصلون صلاة عيد الأضحى في مجمع أبو العباس بالإسكندرية    القنوات الناقلة لمباراة إنجلترا وصربيا في كأس أمم أوروبا يورو 2024    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش    توافد آلاف المصلين على ساحة مسجد السلطان لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم على طريق بحيرة قارون السياحي بالفيوم    بالصور والفيديو.. توافد الآلاف من المصلين على مسجد خاتم المرسلين بالهرم لأداء صلاة العيد    عاجل - بث مباشر شعائر صلاة عيد الأضحى المبارك 2024 من مسجد السيدة زينب    بسبب صلاة العيد، زحام مروري بمصر الجديدة (فيديو)    بدء توافد مواطني الأقصر على ساحة أبو الحجاج لأداء صلاة عيد الأضحى (بث مباشر)    محمد رمضان يحقق 80 ألف مشاهدة بأغنية العيد "مفيش كده" في ساعات    الاحتلال يمنع الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى قبيل صلاة عيد الأضحى (فيديو)    الرئيس السيسي يشيد بحسن تنظيم السلطات السعودية لمناسك الحج    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى فى مشعر منى    حماس: نتنياهو يراكم كل يوم العجز والفشل.. والحقائق تؤكد انهيار جيش الاحتلال    قوات الاحتلال تمنع مئات الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    ريهام سعيد: «أنا عملت عملية وعينيا باظت ومش محتاجة حد يصدقني» (فيديو)    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    ننشر موعد صلاة عيد الأضحى المبارك لعام 1445ه‍    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم في السعودية الاحد 16 يونيو 2024    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    مع زيادة الطلب على الأضاحي.. تعرف على أسعار اللحوم اليوم الأحد    طقس أول أيام العيد.. أمطار وعواصف تضرب الوادي الجديد    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    «الغرف التجارية»: زيادة الاحتياطى يزيد من ثقة المستثمرين    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب الروسي الذي ركعت مارلين ديتريتش على ركبتيها لتحيّته
نشر في صوت البلد يوم 24 - 09 - 2016

قرأت في عام 1963 – وانا طالب في موسكو – نتائج استطلاع للرأي بين القراء الروس عن أحب كاتب الى قلوبهم. وكم كانت دهشتي عظيمة، عندما تصدر الكاتب الروسي قسطنطين باوستوفسكي القائمة، التي كانت تضم أشهر كتاب روسيا والعالم.
كنت قد سمعت باسم هذا الكاتب أول مرة من مدرسة اللغة الروسية في الكلية التحضيرية بجامعة موسكو، وغلب على ظني حينئذ أنه من الكتاب الذين يحظون بمباركة رسمية. ونسيته بعد ذلك تماما.
ودفعني هذا الاستطلاع الى البحث عن أعماله الروائية والقصصية في متاجر الكتب بالمدينة، ولكن دون جدوى، لأن كل كتاب جديد له كان ينفد بعد أيام من عرضه للبيع، رغم صدوره في مئات الآلاف من النسخ.
فما كان مني الا أن أبحث في المكتبة العامة القريبة من مسكني عن نتاجاته. وما أن شرعت بقراءة أعماله حتى سحرني أسلوبه وعالمه القصصي، الذي يشغل فيه وصف الطبيعة الساحرة لروسيا الوسطى جانباً كبيراً منه، وهو لا يقص أحداثاً خطيرة أو وقائع عظيمة، بل يجعل الأحداث الصغيرة، والأشياء العادية مثيرة للاهتمام.
قسطنطين باوستوفسكي (1892- 1968) كاتب غزير الإنتاج، كتب عشرات الروايات والقصص الرائعة، كما كتب للأطفال مجموعة من الحكايات الجميلة، وحولت السينما الروسية العديد من قصصه ورواياته الى أفلام سينمائية ناجحة.
وقد استوقفتني روايته الرائعة "الوردة الذهبية" (1955) المكرسة لجوهر الكتابة الإبداعية. وهي على شكل فصول مستقلة، وكل فصل مكرس للحديث عن تجربة ابداعية معينة للمؤلف. وكما يقول في مقدمة الكتاب، فإن هذه الرواية ليست بحثا في قواعد كتابة الرواية أو القصة، مؤكداً أنه لا وجود لمثل هذه القواعد، بل يدعو القاريء الى الدخول في مختبره الإبداعي.
وفي الفصل المعنون "ندوب على القلب" يتحدث عن خلفية كتابة أشهر قصة قصيرة له وهي "البرقية" عندما قضى عدة اشهر في دار امرأة عجوز مريضة ببلدة ريفية، وتفرغ فيها للكتابة. ولكنه ازال نفسه من القصة، وكتبها بالضمير الثالث، وأضاف اليها شخصيات من وحي الخيال. والقصة أعمق وأغنى من الواقع بكثير.
قرأت قصة "البرقية" بتمعن، وأعدت قراءتها المرة تلو المرة، وأنا مأخوذ بأناقة لغة الكاتب وجمال أسلوبه، وعمق تصويره السايكولوجي، الذي يحرك مشاعر القاريء ويترك في نفسه أثراً عميقاً، ويدفعه إلى تأمل الحياة من حوله برؤية جديدة.
ويبدو أنني لم أكن وحدي من هزتّه هذه القصة السايكولوجية، فقد كرست المغنية والممثلة الألمانية - الأميركية الشهيرة مارلين ديتريتش، اسطورة هوليود، صديقة همنجواي وريمارك، فصلاً كاملاً في كتاب لها بعنوان "تأملات" (1985)، للحديث عن هذه القصة وكاتبها باوستوفسكي ولقائها بالكاتب في موسكو عام 1964، عندما أحيت عدة حفلات غنائية على مسرح "دار الكتّاب".
تقول ديتريتش: "ذات مرة قرأت قصة لباوستوفسكي – الذي لم أسمع به من قبل - بعنوان "البرقية" تركت في نفسي انطباعا قويا، وجعلتني لا أنسى القصة ولا اسم كاتبها مدى الحياة. لم أعثر على أعمال أخرى لهذا الكاتب المدهش. وعندما سافرت الى روسيا في جولة فنية، ووطأت قدماي أرض مطار موسكو، أخذت أسأل عن باوستوفسكي.
كان هناك مئات الصحفيين الذين لم يوجهوا لي أي أسئلة غبية من قبيل الأسئلة التي ابتليت بها في البلدان الأخرى. وكانت اسئلتهم مثيرة للاهتمام. استغرق حديثنا أكثر من ساعة، وعندما وصلت الى فندقي، كنت أعرف كل شيء عن باوستوفسكي. كان مريضا، وراقدا في المستشفى في ذلك الوقت. وقد قرأت لاحقاً كلا المجلدين لسلسلة رواياته المعنونة "قصة حياة" وكنت منتشية بنثره الفني. قدمنا عدة حفلات للكتّاب، والفنانين، والممثلين. واحياناً كنا نقدم أربع حفلات يومياً.
وفي أحد هذه الأيام، وأنا خلف الكواليس، أستعد للظهور على خشبة المسرح، جاءت مترجمتي (نورا)، وقالت: ان باوستوفسكي موجود في القاعة. لم أصدق ذلك. وقلت: هذا مستحيل. فهو يرقد الآن في المستشفي بسبب نوبة قلبية، كما قيل لي في المطار. ولكن (نورا) أكدت: نعم أنه هنا برفقة زوجته. كانت الحفلة جيدة، ولكنك لن تحقق ما تنشده، عندما تحاول بكل جهدك أن يكون أداؤك على أفضل وجه.
طلبوا مني البقاء على المسرح، بعد انتهاء الحفلة. وفجأة صعد باوستوفسكي الدرج الى خشبة المسرح. ذهلت عندما رأيته شاخصاً أمامي، وانعقد لساني، ولم أستطع ان اتفوه بكلمة واحدة بالروسية. ولم أجد طريقة أخرى للتعبير عن إعجابي به سوى الركوع على ركبتي أمامه.
كنت قلقة على صحته، وأريد أن يعود الى المستشفي حالاً. ولكن زوجته طمأنتني: هكذا سيكون أفضل له. لقد بذل جهدأ كبيراً لكي يأتي لرؤيتك. وقد توفي بعد ذلك بوقت قصير. بقيت لدي كتبه وذكرياتي عنه. كَتَبَ باوستوفسكي برومانسية، ولكن بوضوح، ومن دون تزويق. لست على يقين أنه معروف في أميركا، ولكنهم سيكتشفونه يوماً. إنه من أفضل الكتاب الروس الذين أعرفهم. لقد التقيت به في وقت متأخر جدا."
ويروي بعض الكتّاب الروس الذين حضروا الحفلة ذكرياتهم عن هذا الحادث. وهم يختلفون في بعض التفاصيل، ولكنهم يجمعون على أن الجمهور أصيب للحظات بالذهول، وساد القاعة الكبيرة صمت غريب، ثم صرخت فتاة داخل القاعة بكلمات مبهمة، دوّت بعدها عاصفة من التصفيق المتواصل.
ويقول هؤلاء الشهود بأن ديتريتش ارتمت على المسرح جاثية على ركبتيها وأخذت تقبّل اليد التي كتبت قصة "البرقية"، ثم وضعت يد باوستوفسكي على خدها المبللة بالدموع.
كانت ديتريتش ترتدي فستاناً ضيقاً، ابيض اللون، وكان من الصعب عليها النهوض، فساعدها بعض الحضور على ذلك، ثم خاطبت الجمهور قائلة: "كنت أحلم بلقاء باوستوفسكي، من أجل سداد دين له في عنقي، وانا في غاية السعادة لأن حلمي قد تحقق."، كان في القاعة العديد من المصورين، ولكنهم كانوا في حالة ذهول ولم يفطن أحد منهم لألتقاط صورة لهذا المشهد النادر سوى أحد الحضور، الذي التقط صورة واحدة، نشرت فيما بعد في الصحف السوفيتية.
قصة "البرقية"
تتناول القصة الأيام الأخيرة في الحياة لامرأة عجوز مريضة تدعى كاترينا بتروفنا، التي تعيش وحدها في في دار بناها والدها الفنان التشكيلي الراحل في بلدة (زابوريا) بعد عودته من العاصمة الروسية القديمة بتروغراد.
كانت كاترينا في شبابها في غاية الجمال والنشاط والحيوية، زارت باريس مع والدها وعاشت فيها عدة أشهر، وشاهدت جنازة فيكتور هوجو، وكانت لعائلتها علاقات اجتماعية واسعة بالفنانين والكتاب والشعراء، اما اليوم فأنها تقضي أيامها في استعادة صور الماضي، ولولا بنت الجيران "مانوشكا" التي تأتي لأداء الأعمال المنزلية، ولولا عامل الإطفاء، الذي يهيأ لها الحطب للشتاء الروسي القاسي، لماتت في غرفتها من البرد والجوع دون أن يدري بها أحد. ادارة البلدية حجزت على الدار بذريعة انها تراثية، وعلى اللوحات الفنية الثمينة فيها. لكنها لا تبدي أي اهتمام، لا بالدار ولا بصاحبتها.
ناستيا الإبنة الوحيدة لكاترينا بتروفنا تعيش في لينينغراد، المرة الأخيرة التي جاءت فيها لزيارة امها كانت قبل ثلاث سنوات. لم تكن كاترينا بتروفنا تراسل ابنتها الا ما ندر، فهي لم تكن راغبة في التدخل في حياة ابنتها، ولكنها كانت دائمة التفكير فيها .. ناستيا أيضاّ لم تكن تكتب أية رسائل لأمها، وتكتفي بإرسال حوالة مالية لها بمبلغ مائتي روبل كل شهرين أو ثلاثة اشهر.
في أواخر اكتوبر، وفي ساعة متأخرة من الليل، سمعت كاترينا بتروفنا دقات على باب الحديقة، وذهبت لتفتح الباب ولكن لم يكن هناك أحد. في تلك الليلة كتبت رسالة لابنتها ترجوها أن تأتي لزيارتها.
كانت ناستيا تعمل سكرتيرة لاتحاد الفنانين التشكيليين، وكان الفنانون يسمونها "سولفيك" لشعرها الأشقر وعيونها الوسيعة الباردة. عندما استلمت رسالة أمها كانت جد مشغولة بتنظيم معرض للوحات فنان موهوب ومغمور اسمه تيموفييف، ولهذا فإنها دست الرسالة في حقيبتها لتقرأها فيما بعد. الرسالة طمأنتها بأن أمها ما زالت على قيد الحياة ما دامت قد كتبت لها رسالة.
عند زيارتها لمرسم الفنان تيموفييف كان ثمة تمثال نصفي لجوجول وخيل اليها بأن جوجول يحدق فيها بنظرة تهكمية ساخرة. انشغلت ناستيا أسبوعين كاملين في تنظيم المعرض. وخلال حفل الافتتاح جلبت ساعية البريد برقية عاجلة لها بتوقيع تيخون: "كاتيا تحتضر". لم تفهم فحوى البرقية على الفور، الى أن قرأت اسم بلدة (زابوريا) التي صدرت عنها البرقية.
"كاتيا" اختصار لاسم "كاترينا". كوّمت ناستيا البرقية في قبضتها، وخيل اليها مرة اخرى ان جوجل ينظر اليها نظرة عتاب وتقريع. وفي مساء اليوم نفسه قررت السفر الى (زابوريا). توجهت الى محطة القطار مشيا على الأقدام، كانت الريح المثلوجة تضرب وجهها، ولكنها لم تكن تبالي بها.
كانت كاترينا بتروفنا طريحة الفراش منذ عشرة أيام وظلت "مانوشكا" الى جانب المريضة لليوم السادس. ذهب تيخون الى دائرة البريد في البلدة واخذ استمارة برقية، وفكر طويلا قبل ان يكتب شيئا ما على الاستمارة، ثمّ جلبها لكاترينا بتروفنا وقرأ في رهبة: "انتظرني .. أنا في الطريق. اظل إبنتك المحبة دائما. ناستيا" شكرت كاترينا بتروفنا تيخون لكلماته الطيبة واستدارت تحو الحائط وكأنها قد غلبها النعاس.
تم تشييع كاترينا بتروفنا في اليوم التالي والذي حضره العجائز والصبيان. وفي الطريق الى المقبرة شاهدت المعلمة الشابة في مدرسة البلدة النعش، فتذكرت امها العجوز التي تركتها وحيدة في المدينة. اقتربت المعلمة من النعش وقبلت يد كاترينا بتروفنا الصفراء الجافة.
وصلت ناستيا الى (زابوريا) في اليوم الثاني لدفن أمها. ووجدت بدلا منها كومة تراب على قبرها، وغرفة فارغة باردة ومظلمة ظلت تبكي فيها طوال الليل. ومع حلول الفجر غادرت (زابوريا) خلسة لكي لا يشاهدها او يسألها أحد. وخيل اليها أن لا احد يستطيع ان ينزع عنها ثقل الذنب الذي لا يمكن اصلاحه سوى امها الراحلة.
هذه هي القصة التي ابكت الكثيرين. وهي قصة كالجبل الجليدي، لا يظهر منها على السطح سوى جزء بسيط والبقية بين الاسطر وما وراءها. باوستوفسكي مثل تشيخوف وهمنجواي يترك القاريء ليكمل القصة بنفسه كل على طريقته الخاصة، اما الكاتب فيكتفي بالتلميحات والتفاصيل الدّالة. ومن هذه التفاصيل ان الفنانين كانوا يطلقون على ناستيا اسم "سولوفيك" وهو اسم بطلة مسرحية "بير جينت" للكاتب النرويجي هنريك ابسن. ومن قرأ هذه المسرحية يعرف المقصود ب "سولفيك".ومن هذه التفاصيل ايضا ان كاترينا بتروفنا كانت تحمل دائما حقيبتها اليدوية، وتفتحها بين حين وآخر لتتطلع الى صورتها، وهي شابة والى صورة ابنتها، والى بعض الاوراق الرسمية يداخلها. وهذا تلميح إلى أن زوج كاترينا، الذي تجاهل المؤلف الاشارة اليه ربما يقبع في المعتقل وهذه الاوراق تخص قضيته.
وثمة تلميح آخر وهو ان كاترينا، حين خيل اليها ان احدا يدق باب الحديقة، في وقت متأخر من الليل وذهبت لتفتح الباب ولم تجد احدأ، انما كانت تنتظر عودة زوجها. والقصة زاخرة بهذه التفاصيل الموحية.
باوستوفسكي أحد الكتّاب القلائل الذين حافظوا على استقلاليتهم وحريتهم الداخلية في ظروف بالغة القسوة في ظل النظام الستاليني الشمولي. لم ينتم الى الحزب الشيوعي، ولم يكن عضوا في مجلس السوفييت الأعلى، كما العديد من زملائه الكتّاب. بل أنه لم يكن عضوا قيادياً حتى في اتحاد الكتاب السوفييت. لم يكتب كلمة واحدة في مديح ستالين أو النظام البلشفي، ولم يحاول التسويق لنفسه بالتملق لذوي النفوذ. وظل ضميره حياً، يقظاً، ونقياً. واستطاع أن يحافظ على سمعته ككاتب صادق وانسان نزيه.
لم يترجم شيء يذكر من أعمال باوستوفسكي الرائعة الى اللغة العربية، رغم أنه ومنذ الخمسينيات معروف عالميا، وترجمت أعماله الى أهم لغات العالم، وكان في مقدمة المرشحين لنيل جائزة نوبل للآداب لعام 1965، بل أن لجنة نوبل أتمت كل التحضيرات لإعلان فوزه بالجائزة، ولكن الاتحاد السوفييتي مارس ضغطاً دبلوماسياً واقتصادياً هائلاً على السويد، لصرف النظر عن منح الجائزة لباوستوفسكي. وفعلاً أثمر ذلك عن منح الجائزة الى مرشح الدولة السوفيتية ميخائيل شولوخوف.
قرأت في عام 1963 – وانا طالب في موسكو – نتائج استطلاع للرأي بين القراء الروس عن أحب كاتب الى قلوبهم. وكم كانت دهشتي عظيمة، عندما تصدر الكاتب الروسي قسطنطين باوستوفسكي القائمة، التي كانت تضم أشهر كتاب روسيا والعالم.
كنت قد سمعت باسم هذا الكاتب أول مرة من مدرسة اللغة الروسية في الكلية التحضيرية بجامعة موسكو، وغلب على ظني حينئذ أنه من الكتاب الذين يحظون بمباركة رسمية. ونسيته بعد ذلك تماما.
ودفعني هذا الاستطلاع الى البحث عن أعماله الروائية والقصصية في متاجر الكتب بالمدينة، ولكن دون جدوى، لأن كل كتاب جديد له كان ينفد بعد أيام من عرضه للبيع، رغم صدوره في مئات الآلاف من النسخ.
فما كان مني الا أن أبحث في المكتبة العامة القريبة من مسكني عن نتاجاته. وما أن شرعت بقراءة أعماله حتى سحرني أسلوبه وعالمه القصصي، الذي يشغل فيه وصف الطبيعة الساحرة لروسيا الوسطى جانباً كبيراً منه، وهو لا يقص أحداثاً خطيرة أو وقائع عظيمة، بل يجعل الأحداث الصغيرة، والأشياء العادية مثيرة للاهتمام.
قسطنطين باوستوفسكي (1892- 1968) كاتب غزير الإنتاج، كتب عشرات الروايات والقصص الرائعة، كما كتب للأطفال مجموعة من الحكايات الجميلة، وحولت السينما الروسية العديد من قصصه ورواياته الى أفلام سينمائية ناجحة.
وقد استوقفتني روايته الرائعة "الوردة الذهبية" (1955) المكرسة لجوهر الكتابة الإبداعية. وهي على شكل فصول مستقلة، وكل فصل مكرس للحديث عن تجربة ابداعية معينة للمؤلف. وكما يقول في مقدمة الكتاب، فإن هذه الرواية ليست بحثا في قواعد كتابة الرواية أو القصة، مؤكداً أنه لا وجود لمثل هذه القواعد، بل يدعو القاريء الى الدخول في مختبره الإبداعي.
وفي الفصل المعنون "ندوب على القلب" يتحدث عن خلفية كتابة أشهر قصة قصيرة له وهي "البرقية" عندما قضى عدة اشهر في دار امرأة عجوز مريضة ببلدة ريفية، وتفرغ فيها للكتابة. ولكنه ازال نفسه من القصة، وكتبها بالضمير الثالث، وأضاف اليها شخصيات من وحي الخيال. والقصة أعمق وأغنى من الواقع بكثير.
قرأت قصة "البرقية" بتمعن، وأعدت قراءتها المرة تلو المرة، وأنا مأخوذ بأناقة لغة الكاتب وجمال أسلوبه، وعمق تصويره السايكولوجي، الذي يحرك مشاعر القاريء ويترك في نفسه أثراً عميقاً، ويدفعه إلى تأمل الحياة من حوله برؤية جديدة.
ويبدو أنني لم أكن وحدي من هزتّه هذه القصة السايكولوجية، فقد كرست المغنية والممثلة الألمانية - الأميركية الشهيرة مارلين ديتريتش، اسطورة هوليود، صديقة همنجواي وريمارك، فصلاً كاملاً في كتاب لها بعنوان "تأملات" (1985)، للحديث عن هذه القصة وكاتبها باوستوفسكي ولقائها بالكاتب في موسكو عام 1964، عندما أحيت عدة حفلات غنائية على مسرح "دار الكتّاب".
تقول ديتريتش: "ذات مرة قرأت قصة لباوستوفسكي – الذي لم أسمع به من قبل - بعنوان "البرقية" تركت في نفسي انطباعا قويا، وجعلتني لا أنسى القصة ولا اسم كاتبها مدى الحياة. لم أعثر على أعمال أخرى لهذا الكاتب المدهش. وعندما سافرت الى روسيا في جولة فنية، ووطأت قدماي أرض مطار موسكو، أخذت أسأل عن باوستوفسكي.
كان هناك مئات الصحفيين الذين لم يوجهوا لي أي أسئلة غبية من قبيل الأسئلة التي ابتليت بها في البلدان الأخرى. وكانت اسئلتهم مثيرة للاهتمام. استغرق حديثنا أكثر من ساعة، وعندما وصلت الى فندقي، كنت أعرف كل شيء عن باوستوفسكي. كان مريضا، وراقدا في المستشفى في ذلك الوقت. وقد قرأت لاحقاً كلا المجلدين لسلسلة رواياته المعنونة "قصة حياة" وكنت منتشية بنثره الفني. قدمنا عدة حفلات للكتّاب، والفنانين، والممثلين. واحياناً كنا نقدم أربع حفلات يومياً.
وفي أحد هذه الأيام، وأنا خلف الكواليس، أستعد للظهور على خشبة المسرح، جاءت مترجمتي (نورا)، وقالت: ان باوستوفسكي موجود في القاعة. لم أصدق ذلك. وقلت: هذا مستحيل. فهو يرقد الآن في المستشفي بسبب نوبة قلبية، كما قيل لي في المطار. ولكن (نورا) أكدت: نعم أنه هنا برفقة زوجته. كانت الحفلة جيدة، ولكنك لن تحقق ما تنشده، عندما تحاول بكل جهدك أن يكون أداؤك على أفضل وجه.
طلبوا مني البقاء على المسرح، بعد انتهاء الحفلة. وفجأة صعد باوستوفسكي الدرج الى خشبة المسرح. ذهلت عندما رأيته شاخصاً أمامي، وانعقد لساني، ولم أستطع ان اتفوه بكلمة واحدة بالروسية. ولم أجد طريقة أخرى للتعبير عن إعجابي به سوى الركوع على ركبتي أمامه.
كنت قلقة على صحته، وأريد أن يعود الى المستشفي حالاً. ولكن زوجته طمأنتني: هكذا سيكون أفضل له. لقد بذل جهدأ كبيراً لكي يأتي لرؤيتك. وقد توفي بعد ذلك بوقت قصير. بقيت لدي كتبه وذكرياتي عنه. كَتَبَ باوستوفسكي برومانسية، ولكن بوضوح، ومن دون تزويق. لست على يقين أنه معروف في أميركا، ولكنهم سيكتشفونه يوماً. إنه من أفضل الكتاب الروس الذين أعرفهم. لقد التقيت به في وقت متأخر جدا."
ويروي بعض الكتّاب الروس الذين حضروا الحفلة ذكرياتهم عن هذا الحادث. وهم يختلفون في بعض التفاصيل، ولكنهم يجمعون على أن الجمهور أصيب للحظات بالذهول، وساد القاعة الكبيرة صمت غريب، ثم صرخت فتاة داخل القاعة بكلمات مبهمة، دوّت بعدها عاصفة من التصفيق المتواصل.
ويقول هؤلاء الشهود بأن ديتريتش ارتمت على المسرح جاثية على ركبتيها وأخذت تقبّل اليد التي كتبت قصة "البرقية"، ثم وضعت يد باوستوفسكي على خدها المبللة بالدموع.
كانت ديتريتش ترتدي فستاناً ضيقاً، ابيض اللون، وكان من الصعب عليها النهوض، فساعدها بعض الحضور على ذلك، ثم خاطبت الجمهور قائلة: "كنت أحلم بلقاء باوستوفسكي، من أجل سداد دين له في عنقي، وانا في غاية السعادة لأن حلمي قد تحقق."، كان في القاعة العديد من المصورين، ولكنهم كانوا في حالة ذهول ولم يفطن أحد منهم لألتقاط صورة لهذا المشهد النادر سوى أحد الحضور، الذي التقط صورة واحدة، نشرت فيما بعد في الصحف السوفيتية.
قصة "البرقية"
تتناول القصة الأيام الأخيرة في الحياة لامرأة عجوز مريضة تدعى كاترينا بتروفنا، التي تعيش وحدها في في دار بناها والدها الفنان التشكيلي الراحل في بلدة (زابوريا) بعد عودته من العاصمة الروسية القديمة بتروغراد.
كانت كاترينا في شبابها في غاية الجمال والنشاط والحيوية، زارت باريس مع والدها وعاشت فيها عدة أشهر، وشاهدت جنازة فيكتور هوجو، وكانت لعائلتها علاقات اجتماعية واسعة بالفنانين والكتاب والشعراء، اما اليوم فأنها تقضي أيامها في استعادة صور الماضي، ولولا بنت الجيران "مانوشكا" التي تأتي لأداء الأعمال المنزلية، ولولا عامل الإطفاء، الذي يهيأ لها الحطب للشتاء الروسي القاسي، لماتت في غرفتها من البرد والجوع دون أن يدري بها أحد. ادارة البلدية حجزت على الدار بذريعة انها تراثية، وعلى اللوحات الفنية الثمينة فيها. لكنها لا تبدي أي اهتمام، لا بالدار ولا بصاحبتها.
ناستيا الإبنة الوحيدة لكاترينا بتروفنا تعيش في لينينغراد، المرة الأخيرة التي جاءت فيها لزيارة امها كانت قبل ثلاث سنوات. لم تكن كاترينا بتروفنا تراسل ابنتها الا ما ندر، فهي لم تكن راغبة في التدخل في حياة ابنتها، ولكنها كانت دائمة التفكير فيها .. ناستيا أيضاّ لم تكن تكتب أية رسائل لأمها، وتكتفي بإرسال حوالة مالية لها بمبلغ مائتي روبل كل شهرين أو ثلاثة اشهر.
في أواخر اكتوبر، وفي ساعة متأخرة من الليل، سمعت كاترينا بتروفنا دقات على باب الحديقة، وذهبت لتفتح الباب ولكن لم يكن هناك أحد. في تلك الليلة كتبت رسالة لابنتها ترجوها أن تأتي لزيارتها.
كانت ناستيا تعمل سكرتيرة لاتحاد الفنانين التشكيليين، وكان الفنانون يسمونها "سولفيك" لشعرها الأشقر وعيونها الوسيعة الباردة. عندما استلمت رسالة أمها كانت جد مشغولة بتنظيم معرض للوحات فنان موهوب ومغمور اسمه تيموفييف، ولهذا فإنها دست الرسالة في حقيبتها لتقرأها فيما بعد. الرسالة طمأنتها بأن أمها ما زالت على قيد الحياة ما دامت قد كتبت لها رسالة.
عند زيارتها لمرسم الفنان تيموفييف كان ثمة تمثال نصفي لجوجول وخيل اليها بأن جوجول يحدق فيها بنظرة تهكمية ساخرة. انشغلت ناستيا أسبوعين كاملين في تنظيم المعرض. وخلال حفل الافتتاح جلبت ساعية البريد برقية عاجلة لها بتوقيع تيخون: "كاتيا تحتضر". لم تفهم فحوى البرقية على الفور، الى أن قرأت اسم بلدة (زابوريا) التي صدرت عنها البرقية.
"كاتيا" اختصار لاسم "كاترينا". كوّمت ناستيا البرقية في قبضتها، وخيل اليها مرة اخرى ان جوجل ينظر اليها نظرة عتاب وتقريع. وفي مساء اليوم نفسه قررت السفر الى (زابوريا). توجهت الى محطة القطار مشيا على الأقدام، كانت الريح المثلوجة تضرب وجهها، ولكنها لم تكن تبالي بها.
كانت كاترينا بتروفنا طريحة الفراش منذ عشرة أيام وظلت "مانوشكا" الى جانب المريضة لليوم السادس. ذهب تيخون الى دائرة البريد في البلدة واخذ استمارة برقية، وفكر طويلا قبل ان يكتب شيئا ما على الاستمارة، ثمّ جلبها لكاترينا بتروفنا وقرأ في رهبة: "انتظرني .. أنا في الطريق. اظل إبنتك المحبة دائما. ناستيا" شكرت كاترينا بتروفنا تيخون لكلماته الطيبة واستدارت تحو الحائط وكأنها قد غلبها النعاس.
تم تشييع كاترينا بتروفنا في اليوم التالي والذي حضره العجائز والصبيان. وفي الطريق الى المقبرة شاهدت المعلمة الشابة في مدرسة البلدة النعش، فتذكرت امها العجوز التي تركتها وحيدة في المدينة. اقتربت المعلمة من النعش وقبلت يد كاترينا بتروفنا الصفراء الجافة.
وصلت ناستيا الى (زابوريا) في اليوم الثاني لدفن أمها. ووجدت بدلا منها كومة تراب على قبرها، وغرفة فارغة باردة ومظلمة ظلت تبكي فيها طوال الليل. ومع حلول الفجر غادرت (زابوريا) خلسة لكي لا يشاهدها او يسألها أحد. وخيل اليها أن لا احد يستطيع ان ينزع عنها ثقل الذنب الذي لا يمكن اصلاحه سوى امها الراحلة.
هذه هي القصة التي ابكت الكثيرين. وهي قصة كالجبل الجليدي، لا يظهر منها على السطح سوى جزء بسيط والبقية بين الاسطر وما وراءها. باوستوفسكي مثل تشيخوف وهمنجواي يترك القاريء ليكمل القصة بنفسه كل على طريقته الخاصة، اما الكاتب فيكتفي بالتلميحات والتفاصيل الدّالة. ومن هذه التفاصيل ان الفنانين كانوا يطلقون على ناستيا اسم "سولوفيك" وهو اسم بطلة مسرحية "بير جينت" للكاتب النرويجي هنريك ابسن. ومن قرأ هذه المسرحية يعرف المقصود ب "سولفيك".ومن هذه التفاصيل ايضا ان كاترينا بتروفنا كانت تحمل دائما حقيبتها اليدوية، وتفتحها بين حين وآخر لتتطلع الى صورتها، وهي شابة والى صورة ابنتها، والى بعض الاوراق الرسمية يداخلها. وهذا تلميح إلى أن زوج كاترينا، الذي تجاهل المؤلف الاشارة اليه ربما يقبع في المعتقل وهذه الاوراق تخص قضيته.
وثمة تلميح آخر وهو ان كاترينا، حين خيل اليها ان احدا يدق باب الحديقة، في وقت متأخر من الليل وذهبت لتفتح الباب ولم تجد احدأ، انما كانت تنتظر عودة زوجها. والقصة زاخرة بهذه التفاصيل الموحية.
باوستوفسكي أحد الكتّاب القلائل الذين حافظوا على استقلاليتهم وحريتهم الداخلية في ظروف بالغة القسوة في ظل النظام الستاليني الشمولي. لم ينتم الى الحزب الشيوعي، ولم يكن عضوا في مجلس السوفييت الأعلى، كما العديد من زملائه الكتّاب. بل أنه لم يكن عضوا قيادياً حتى في اتحاد الكتاب السوفييت. لم يكتب كلمة واحدة في مديح ستالين أو النظام البلشفي، ولم يحاول التسويق لنفسه بالتملق لذوي النفوذ. وظل ضميره حياً، يقظاً، ونقياً. واستطاع أن يحافظ على سمعته ككاتب صادق وانسان نزيه.
لم يترجم شيء يذكر من أعمال باوستوفسكي الرائعة الى اللغة العربية، رغم أنه ومنذ الخمسينيات معروف عالميا، وترجمت أعماله الى أهم لغات العالم، وكان في مقدمة المرشحين لنيل جائزة نوبل للآداب لعام 1965، بل أن لجنة نوبل أتمت كل التحضيرات لإعلان فوزه بالجائزة، ولكن الاتحاد السوفييتي مارس ضغطاً دبلوماسياً واقتصادياً هائلاً على السويد، لصرف النظر عن منح الجائزة لباوستوفسكي. وفعلاً أثمر ذلك عن منح الجائزة الى مرشح الدولة السوفيتية ميخائيل شولوخوف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.