50 لاعبا في بطولة الجمهورية للشطرنج لذوي الهمم المؤهلة لأولمبياد 2025    «التعليم العالي»: بدء قبول طلاب الشهادات المعادلة بمكتب التنسيق غدًا    افتتاح جامعة الطفل بمدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية    «الاستراتيجي للفكر والحوار»: اللقاء بين الرئيس السيسي وبن سلمان يعكس عمق التنسيق بين البلدين    ضباط بجيش الاحتلال: ندفع ثمنًا باهظا في غزة    «ريبيرو» يعقد محاضرة للاعبين.. وفقرات متنوعة استعدادًا لمباراة غزل المحلة    مرموش: اللعب بجوار هالاند يدفعني للتطور    ناجي حكما لمباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    كرة طائرة - منتخب الشباب يحقق الفوز الثاني على حساب تايلاند في بطولة العالم    مؤتمر إيدي هاو: موقف إيزاك خاسر للجميع.. ومن المؤسف أننا في هذا الوضع    حملات مكثفة.. ضبط 162 سائقًا بسبب تعاطي المخدرات أثناء القيادة    بالأرقام.. الأمن الاقتصادي يضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة    بالصور.. نقل القطع الأثرية المكتشفة تحت مياه أبو قير إلى المسرح اليوناني الروماني بالإسكندرية    تسجيل مركز قصر العيني للأبحاث السريرية رسميا بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية    "التنظيم والإدارة" يعلن توقف الامتحانات غدًا السبت بمركز تقييم القدرات    رسميًا.. دوجلاس لويز يعود إلى الدوري الإنجليزي    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    نائب محافظ الفيوم يُكرم المشاركين في البرنامج التدريبي "العمليات التصميمية وإعداد مستندات الطرح"    التموين: ضبط 4 أطنان دقيق خلال 24 ساعة    ضبط ورشة بها 196 قطعة سلاح في الشرابية    دون سابق إنذار.. بند مهم في قانون الإيجار القديم 2025 يُنهي عقدك ويُخسرك منزلك فجأة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    افتتاح مسجدين بمركزي مغاغة وأبوقرقاص في المنيا    تعيش بكلية واحدة منذ 5 سنوات واحتاجت غسيل كلى عاجل.. شجاعة أطباء مستشفى دسوق العام تنقذ حياة صغيرة    محافظ مطروح يستقبل رئيس جامعة الازهر لافتتاح مقر لكلية البنات الأزهرية    غدير ماتت من سوء التغذية..التجويع الإسرائيلي لغزة يقتل رضيع عمرها 5 شهور    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    صحيفة عبرية: نتنياهو يشجع بن جفير وسموتريتش على تقويض فرص التوصل إلى اتفاق    زيلينسكي: صمدنا 1276 يوما من الحرب أمام روسيا للحصول على استقلالنا    زلزال بقوة 7.5 درجة يضرب ممر دريك بين أمريكا الجنوبية والقارة القطبية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا السبت |إنفوجراف    انقلاب سيارة ربع نقل على طريق أسيوط الصحراوي يصيب 6 أشخاص بالفيوم    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    الزحف الإثيوبي لأسيوط مستمر في احتفالات السيدة العذراء    علاء زينهم يرفض الاعتزال ويؤكد: العمر لا يوقف الإبداع |خاص    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    رئيسة حكومة إيطاليا: قرار إسرائيل احتلال غزة يفاقم الأزمة الإنسانية فى القطاع    للقضاء على قوائم الانتظار.. الانتهاء من 225 عملية متنوعة بمستشفى العريش    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    منير أديب يكتب: اختراق أم احتراق الإخوان أمام السفارات المصرية بالخارج؟    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    ضبط المتهمين بالتسول واستغلال الأطفال أسفل كوبري بالجيزة    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نابليون وأسطورة التنوير: عن أي صدمة نتحدث؟
نشر في صوت البلد يوم 27 - 03 - 2016

لّما جرى الحديث عن تفسير دخول العرب مرحلة التحديث (أو النهضة)، يظهر الاختلاف بين قراءتين؛ إحداها ترى أن الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت على مصر (1798 -1801) كانت وراء هذا التغيير، فيما ترى الأخرى بأن البيئة العربية كانت قد بدأت تتبلور فيها شروط التحديث، فكان مجيء الحملة (ثم الاستعمار لاحقاً) أشبه بتحويل وجهة للتحديث الذاتي.
كانت هاتان الرؤيتان حاضرتين، أمس، في النقاش الذي دار حول كتاب "نقد أسطورة التنوير الكولونيالي في مصر"، ل مجدي فارح، والذي نُظّم في مقر "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس.
يتبنّى المؤلّف وجهة النظر التي تعيد عوامل التحديث إلى أسباب داخلية، فيما تبنّى مقدّم الكتاب، المؤرّخ إبراهيم جدلة الأطروحة المضادة. يقول فارح إن دافع كتابة عمله، الذي يندرج ضمن اختصاص "تاريخ الأفكار"، هو "التصدّي لأطروحة تجعل من الحملة الفرنسية تاريخاً مفصلياً في النهضة العربية"، أي أنه "ضد القول بأن التحديث جاء في سياق كولونيالي" في إطار رفض "منطق ما قبل وما بعد في كتابة التاريخ".
يدعو فارح إلى العودة إلى ما يسمّيه ب "تاريخ محلّي" (الأوراق الإدارية، أرشيف المحاكم..) الذي يكشف، بحسبه، قدرة مجتمع على التحديث ذاتياً من عدمها. يقول "من خلال البحث في التاريخ المحلي، أردت إبراز أن التحديث قام على مقوّمات داخلية، فمصر لم تكن صحراء ثقافية قاحلة كما قيل"، مبيّناً بأنها كانت تعرف قبل الحملة طبقة تجارية لها مبادلات حتى مع فرنسا، كما شهدت نهضة حرفية منظّمة، ويشير بأن الوثائق تحفل بإشارات عن مكتبات خاصة، بعضها ظهرت في نزاعات في المحاكم بين الورثة ما يدلّ على قيمتها.
هنا ينبّه فارح إلى أنه حين نتحدّث عن بذور نهضة ينبغي أن نعيدها إلى مقاييس عصرها، إذ لا ينكر بأن النخب المصرية والعربية عموماً ظلّت عاجزة عن فهم الثورة الفرنسية، أي أن النهضة (الذاتية)، لو وقعت، لن تكون بمقاييس النهضة في الغرب. كما يوضّح أن المصريين لم يفهموا أن الحملة لها علاقة بالتوازنات الدولية، فهي مرتبطة بالتسابق مع الإنجليز على الطريق إلى الهند، وهو ما يضعه في إطار "جهل متبادل" بين الشرق والغرب.
يدعو المؤلّف إلى إعادة طرح الكثير من الأسئلة؛ مثلاً: عن أية صدمة نتحدّث؟ هل يمكن لحملة لم يزد مداها عن 38 شهراً أن تتحوّل إلى السبب الرئيسي للتحديث؟ وهنا يعتبر أن "الحملة الفرنسية كانت شمعة أحرقت جنين نهضة حقيقية"، مشيراً إلى أن حملة بونابرت تزامنت مع حملة برتغالية على الخليج العربي لا نجد من يعلّق عليها بالقول بأنها صنعت نهضة عربية.
يرى المؤلّف أنه ينبغي أن نرى الحملة في حد ذاتها، فهي تدخل ضمن أسطورة بونابرت الشخصية، ولها سياقاتها الفرنسية الخاصّة. يفنّد الكتاب مجموعة من المقولات مثل "ذهب المدفع وظلّت المطبعة"، حيث يشير إلى أن الفرنسيين لم يعلّموا مصرياً واحداً الطباعة، وإنما وصلتهم بعد ذلك من خلال الشاميين.
أما عن البعد العلمي للحملة، فيرى أنه كان ضرورياً من جهة لإبهار المصريين، وإخضاعهم، وأيضاً من أجل تبرير البعد "التنويري" وإخفاء الهدف الاقتصادي والجغراسياسي.
بشكل حاسم، يختم فارح كلمته "أعتقد أنه لا يمكن أن تأتي النهضة والحداثة في ركاب الغزاة"، ثم يقول أن "كل ما يصل إليه المؤرّخ ليس إلا نتائج نهائية مؤقتاً، أو نتائج مؤقتة نهائياً".
لّما جرى الحديث عن تفسير دخول العرب مرحلة التحديث (أو النهضة)، يظهر الاختلاف بين قراءتين؛ إحداها ترى أن الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت على مصر (1798 -1801) كانت وراء هذا التغيير، فيما ترى الأخرى بأن البيئة العربية كانت قد بدأت تتبلور فيها شروط التحديث، فكان مجيء الحملة (ثم الاستعمار لاحقاً) أشبه بتحويل وجهة للتحديث الذاتي.
كانت هاتان الرؤيتان حاضرتين، أمس، في النقاش الذي دار حول كتاب "نقد أسطورة التنوير الكولونيالي في مصر"، ل مجدي فارح، والذي نُظّم في مقر "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس.
يتبنّى المؤلّف وجهة النظر التي تعيد عوامل التحديث إلى أسباب داخلية، فيما تبنّى مقدّم الكتاب، المؤرّخ إبراهيم جدلة الأطروحة المضادة. يقول فارح إن دافع كتابة عمله، الذي يندرج ضمن اختصاص "تاريخ الأفكار"، هو "التصدّي لأطروحة تجعل من الحملة الفرنسية تاريخاً مفصلياً في النهضة العربية"، أي أنه "ضد القول بأن التحديث جاء في سياق كولونيالي" في إطار رفض "منطق ما قبل وما بعد في كتابة التاريخ".
يدعو فارح إلى العودة إلى ما يسمّيه ب "تاريخ محلّي" (الأوراق الإدارية، أرشيف المحاكم..) الذي يكشف، بحسبه، قدرة مجتمع على التحديث ذاتياً من عدمها. يقول "من خلال البحث في التاريخ المحلي، أردت إبراز أن التحديث قام على مقوّمات داخلية، فمصر لم تكن صحراء ثقافية قاحلة كما قيل"، مبيّناً بأنها كانت تعرف قبل الحملة طبقة تجارية لها مبادلات حتى مع فرنسا، كما شهدت نهضة حرفية منظّمة، ويشير بأن الوثائق تحفل بإشارات عن مكتبات خاصة، بعضها ظهرت في نزاعات في المحاكم بين الورثة ما يدلّ على قيمتها.
هنا ينبّه فارح إلى أنه حين نتحدّث عن بذور نهضة ينبغي أن نعيدها إلى مقاييس عصرها، إذ لا ينكر بأن النخب المصرية والعربية عموماً ظلّت عاجزة عن فهم الثورة الفرنسية، أي أن النهضة (الذاتية)، لو وقعت، لن تكون بمقاييس النهضة في الغرب. كما يوضّح أن المصريين لم يفهموا أن الحملة لها علاقة بالتوازنات الدولية، فهي مرتبطة بالتسابق مع الإنجليز على الطريق إلى الهند، وهو ما يضعه في إطار "جهل متبادل" بين الشرق والغرب.
يدعو المؤلّف إلى إعادة طرح الكثير من الأسئلة؛ مثلاً: عن أية صدمة نتحدّث؟ هل يمكن لحملة لم يزد مداها عن 38 شهراً أن تتحوّل إلى السبب الرئيسي للتحديث؟ وهنا يعتبر أن "الحملة الفرنسية كانت شمعة أحرقت جنين نهضة حقيقية"، مشيراً إلى أن حملة بونابرت تزامنت مع حملة برتغالية على الخليج العربي لا نجد من يعلّق عليها بالقول بأنها صنعت نهضة عربية.
يرى المؤلّف أنه ينبغي أن نرى الحملة في حد ذاتها، فهي تدخل ضمن أسطورة بونابرت الشخصية، ولها سياقاتها الفرنسية الخاصّة. يفنّد الكتاب مجموعة من المقولات مثل "ذهب المدفع وظلّت المطبعة"، حيث يشير إلى أن الفرنسيين لم يعلّموا مصرياً واحداً الطباعة، وإنما وصلتهم بعد ذلك من خلال الشاميين.
أما عن البعد العلمي للحملة، فيرى أنه كان ضرورياً من جهة لإبهار المصريين، وإخضاعهم، وأيضاً من أجل تبرير البعد "التنويري" وإخفاء الهدف الاقتصادي والجغراسياسي.
بشكل حاسم، يختم فارح كلمته "أعتقد أنه لا يمكن أن تأتي النهضة والحداثة في ركاب الغزاة"، ثم يقول أن "كل ما يصل إليه المؤرّخ ليس إلا نتائج نهائية مؤقتاً، أو نتائج مؤقتة نهائياً".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.