مدبولي: الاعتماد الكامل لمصر على نهر النيل يجعلنا نعتبره قضية حياة أو موت    وزير الري: مصر تستورد 40 مليار متر مكعب من المياه في صورة أغذية وحبوب.. ونعمل أكبر محطات تحلية بالعالم    دعمًا لذوي الهمم بسوهاج.. إطلاق مشروعين رائدين بالشراكة مع وزارة العمل وجهاز شؤون البيئة    مدبولي: تطوير وسط البلد للحفاظ على طابعها التاريخي والمعماري ونرحب بالقطاع الخاص    البحيرة تنفذ 10 مشروعات تعليمية بتكلفة 300 مليون جنيه في ذكرى عيدها القومي    رئيس الوزراء: الانتقال من الدعم العيني للنقدي تدريجيًا.. والتطبيق في محافظة واحدة كمرحلة أولى    مصر تلزم شركات البترول الأجنبية بخمسة تعليمات لتقنين أوضاعها الضريبية (خاص)    جماعة الحوثي تعلن ضرب هدف حساس في يافا ومطار رامون بإسرائيل    جوناثان ديفيد يقود هجوم يوفنتوس ضد دورتموند في دوري أبطال أوروبا    وزير الخارجية يُتابع التحضيرات الجارية للنسخة الخامسة لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة    اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة: أي اعتداء على أسطول الصمود جريمة كبرى    قدوس يقود تشكيل توتنهام أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    23 سبتمبر ..فيفا يُخطر بيراميدز بموعد مواجهة الأهلي السعودي    «بينها زيادة الاشتراكات وقبول 200 عضوية جديدة».. «عمومية عادية» للأوليمبي لبحث 8 بنود رئيسية    الإعدام ل4 أشخاص والسجن للمتهمة الخامسة في قضية مخدرات وقتل ضابط بالأقصر    الإعدام ل4 متهمين لاتهامهم بمقاومة السلطات وحيازة مخدرات فى الأقصر    إصابة شقيقين بطلق نارى فى مشاجرة بقرية السكساكة في طما بسوهاج    شن حملات تفتيشية على المستشفيات للوقوف على التخلص الآمن من المخلفات في مرسى مطروح    ما حكم تزييف الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    اجتماع أمنى إسرائيلى فى "الكرياه" وسط استمرار العمليات العسكرية بغزة    أكرم حسني يوجه رسالة مؤثرة لابنته :«أحلى يوم في حياتي يوم ما شوفتك»    في وداع سليمان شفيق    عمرو عبدالله يقدم ماستر كلاس عن فلسفة السينوغرافيا في مهرجان الإسكندرية المسرحي (صور)    أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي «حرام شرعًا».. ويدخل تحت بند الغش والخداع    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    الصحة: توفير لقاح الإنفلونزا الموسمية مجانًا للفرق الطبية    الشيخ خالد الجندى: أبو هريرة كان أكثر الصحابة رواية للسنة النبوية    شاهد تخريج الدفعة 7 من المدرسة القرآنية فى سوهاج    "حياة كريمة" تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي القنطرة غرب بالإسماعيلية    افتتاح المؤتمر السابع للشراكة من أجل المبادرات الدولية للقاحات (PIVI) فى القاهرة    رابط الاستعلام عن مخالفات المرور وطرق سدادها إلكترونيًا    طريقة تجديد بطاقة الرقم القومي إلكترونيًا 2025    أمل غريب تكتب: المخابرات العامة المصرية حصن الأمن القومي والعربى    رئيس هيئة النيابة الإدارية يلتقي معاوني النيابة الجدد    أم كلثوم على مسرح العرائس بساقية الصاوي.. وهذه شروط الحضور    إيقاف حركة القطارات الصيفية على خط القاهرة – مرسى مطروح    برشلونة يعلن مواجهة خيتافي على ملعب يوهان كرويف    8 صور ترصد استقبال زوجه وأبناء حسام حسن له بعد مباراة بوركينا فاسو    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    وزير الدفاع الإسرائيلي: سندمر غزة إذا لم تسلم حماس سلاحها وتطلق سراح المحتجزين    وزيرة الخارجية البريطانية: الهجوم الإسرائيلي على غزة متهور    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    مهرجان الجونة يكرم منة شلبي بجائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    بالصور.. محافظ أسوان يتفقد مدارس فى كوم أمبو    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    مصر تتسلم جائزة الآغا خان العالمية للعمارة عن مشروع إحياء إسنا التاريخية    "أحدهم سيرحل".. شوبير يكشف تفاصيل جلسة مصارحة لاعبي الأهلي بسبب العقود    99.1% لفني صحي طنطا.. نتيجة تنسيق الثانوية التجارية 3 سنوات كاملة    الغلق لمدة أسبوع كامل.. بدء تطوير نفق السمك بشبين الكوم -صور    نائبة وزير الصحة: استراتيجية لدمج "القابلات" تدريجيًا في منظومة الولادة الطبيعية    بلدية غزة: اقتراب موسم الأمطار يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية بالمدينة    ارتفاع أسعار الخضروات اليوم بأسواق الإسكندرية.. الطماطم ب15 جنيها للكيلو    كامل الوزير: حددنا 28 صناعة وفرصة واعدة لجذب الاستثمارات لتعميق التصنيع المحلي وسد احتياجات السوق    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميسون الإرياني شاعرة تتعلق بالحب في زمن الحرب
نشر في صوت البلد يوم 22 - 02 - 2016

لعل من الأسماء الشعرية التي استطاعت أن تلفت الانتباه إليها في المنطقة العربية الشاعرة والمترجمة اليمنية ميسون الإرياني، والتي صدر لها حديثا ديوانها الرابع بعنوان “حيل”، عن دار مخطوطات للنشر والتوزيع بهولندا.
جاء في مقدمة الديوان التي كتبها الأديب اليمني عباس علي الديلمي "إن الشاعرة امتلكت المقدرة في توظيف الكلمة بقدر امتلاكها لحذاقة استخدام الرمز، بقدر امتلاكها لناصية اللغة ولهذا فقد عدلت عن التعليق على بعض القصائد وتعامل الشاعرة الذكي مع الرمز الشعري وتوضيحه لسببين إثنين: أولهما أن القصيدة قد تفسُدْ إذا ما شرحت أو تم التوضيح لما تعنيه بعض دلالاتها وإشارتها. أما ثانيهما فلأن إسهابي في الحديث عن الشاعرة والديوان، قد يعيق القارئ - لبعض الوقت - عن الولوج المباشر إلى عالم الشاعرة، وسعادة المتعبة بالإبداع". الديوان يضم 83 قصيدة من القطع المتوسط، والقارئ المتابع للشاعرة لن يجد اغترابا شعريا، نظرا إلى ذلك الاسترسال الشعري لدى ميسون الأرياني في النص، حيث أنها لم تحد عمّا رسمته من خط شعري في منجزاتها الشعرية السابقة.
تتميز اللغة لدى ميسون الإرياني بالبساطة والعمق، فهي من جهة تتعمد أن تسلك طريق الاختزال اللغوي البسيط والفاتن، ومن جهة تحشو لغتها بجملة من الدلالات المفتوحة على ما قد تقترفه القراءة من ذنوب التأويل. تقول: القزم بالمرآة المعلقة في يده/ يرى المستقبل/ حيث يأكلني ظلي/ وأموت وحيدة/ أطفالي الشقر/ كيف ستخبئهم الملائكة/ في جنة النسيان/ لم أعد أهتمّ إذا ما تداعى العالم/ أو أكله قندس ما/ بحنجريه الكبيرين/ حين يغنيان لذات الغابة التي ستسرق أقدامي/ بعد أن أرمّمهما/ بسلم من خشب.
للوهلة الأولى يشعر القارئ بغرابة الصورة وعدم تجانسها لأن الشاعرة تتخلى عن الفعل الحسي، وتذهب إلى التشكيل الذهني لترسم صورها الشعرية التجريدية مستعينة بالتجسيد أو التشخيص، مستعينة بالاستعارة والتشبيه والرمز لتشكيل صورتها الشعرية التجريدية. تقول الإرياني: حان الوقت/ يمكنني أن أموت هذه اللحظة/ الشوارع تتلهف الآن لمطر خفيف/ الدموع رغيف كبير لبرد العزلة/ حان الوقت/ لحرية تحمل شكل جثة/ جسد حرّ وفوضى/ قلب مسكوب عند ناصية/ خصلات كأنها ترقص.
تبدو القصيدة عند الشاعرة اليمنية ميسون الإرياني تسجيلا حسيا، وإدراكا نفسيا وتصويرا تخيليا لما يدور حولها في الواقع الذي تعيش فيه، بحيث تتراوح الصورة بين المادية الصريحة والمعنوية المجردة، تثيرها عاطفة الشاعرة الحزينة، حزن غير مبتذل بقدر ما يتلحف باللغة، ليلبس كبرياءها وشموخها.
إن الصورة عند ميسون الإرياني وليدة الوجدان وليست وليدة الرؤية أو المشاهدات العادية، هي انعكاس لدواخل الشاعرة وتوق إلى الانعتاق، بحيث جاءت تجسيدا لعمق الوجع “الدموع رغيف كبير لبرد العزلة/ حان الوقت لحرية تحمل شكل جثة”. وهي (الصور) ليست استعراضا لغويا بقدر ما هي تفاعل واع مع والواقع، وما ينتجه من معاناة وكذلك من قناعات الشاعرة: البعبع وضع دجاجتي في الحوض/ غسلني من اللعب/ أمي بكت/ وأخواتي/ حين لم أبك/ ولم تعد لي يدان/ ثمة جنود خرق وشرهون/ لا يعرفون عدوّهم/ يلاحقون الوقت/ ويشترون الأقنعة.
حركة متنامية
ثمة حركة متنامية تخلق الصورة، تمرّ عبر ذات الشاعرة “البعبع وضع دجاجتي في الحوض، غسلني من اللعب”، لتتفاعل مع الآخر “أمي بكت، وأخواتي”، لتلامس الواقع “ثمة جنود خرق وشرهون، لا يعرفون عدوّهم” وتجسّد تعاسة الواقع.
الحقيقة أن هذا المرور (ذات الشاعر/ الآخر/ الواقع) الذي تشكله الشاعرة بطعم الحزن اللذيذ، يرسم الكثير من الصدق، الذي يفضي بدوره إلى جماليته الخاصة النابعة من ذاته، وليست بالغريبة والساقطة عليه؛ فالقصيدة لدى ميسون الإرياني “تعبير غير عادي عن عالم عادي” كما يقول جان كوهن، وهو أمر لا يتمّ إلا من خلال تحويل المشاعر إلى كلمات، حتى يُخلق الشعر عبر تلك المجازات المشكلة. الأمر الذي يكسب القصيدة حساسيتها المرهفة والنابعة من صدقها، على الرغم من متانتها المبنية على عمق هذه الصورة وجماليتها.
الشاعرة اليمنية ميسون الإرياني لا تكتب شعرا بل “تنزف بؤسا” كما تقول: أنا لا أكتب كلاما/ أنا أذرف بؤسا/ أبعثر خاصرتي في المكان/ أبحث عنك.
تتعلق الشاعرة بالحب لتركل قبح عوالمها، وتؤسس عالما مغايرا لواقعها، فعلى الرغم من مسحة الحزن والرمز المتعلق بواقعها إلا أن الشاعرة تخلق واقعا آخر من الشعر والحب: بكل ما يمكنني/ سأصنع تنينا/ لحراسة العالم/ أجلب عينيك/ يقولون إن النجمة جناحان/ مضمومان على قلب السماء/ هات نهرا/ المجرى بذرة المعركة/ القلب رمح/ هذا جيّد بما يكفي.
تتخلص ميسون الإرياني من أعباء واقعها، لتتشكل القصيدة عندها غنية بالرموز وجمالية الصورة المشكلة، رغم أن القصيدة عندها تمتاز بالقصر وعدم الإطالة إلا أنها استطاعت أن تعبئها بالصورة الرمزية التجريدية، التي بيّنت قدرات الشاعرة ورسمت خطها الشعري الخاص. ميسون تستعين بالحب لتتخلص من قبح العالم وقيئه المستمر، تهبه عكاز الشعر لتخلق غابتها المتفردة.
يذكر أن ميسون الإرياني هي شاعرة ومترجمة يمنية من مواليد 1987، درست الأدب الإنكليزي في جامعة صنعاء. وتعمل في الصحافة. صدر لها دواوين “الموارب من الجنة” و“مدد” و“سأثقبُ بالعاشقين السماء”.
لعل من الأسماء الشعرية التي استطاعت أن تلفت الانتباه إليها في المنطقة العربية الشاعرة والمترجمة اليمنية ميسون الإرياني، والتي صدر لها حديثا ديوانها الرابع بعنوان “حيل”، عن دار مخطوطات للنشر والتوزيع بهولندا.
جاء في مقدمة الديوان التي كتبها الأديب اليمني عباس علي الديلمي "إن الشاعرة امتلكت المقدرة في توظيف الكلمة بقدر امتلاكها لحذاقة استخدام الرمز، بقدر امتلاكها لناصية اللغة ولهذا فقد عدلت عن التعليق على بعض القصائد وتعامل الشاعرة الذكي مع الرمز الشعري وتوضيحه لسببين إثنين: أولهما أن القصيدة قد تفسُدْ إذا ما شرحت أو تم التوضيح لما تعنيه بعض دلالاتها وإشارتها. أما ثانيهما فلأن إسهابي في الحديث عن الشاعرة والديوان، قد يعيق القارئ - لبعض الوقت - عن الولوج المباشر إلى عالم الشاعرة، وسعادة المتعبة بالإبداع". الديوان يضم 83 قصيدة من القطع المتوسط، والقارئ المتابع للشاعرة لن يجد اغترابا شعريا، نظرا إلى ذلك الاسترسال الشعري لدى ميسون الأرياني في النص، حيث أنها لم تحد عمّا رسمته من خط شعري في منجزاتها الشعرية السابقة.
تتميز اللغة لدى ميسون الإرياني بالبساطة والعمق، فهي من جهة تتعمد أن تسلك طريق الاختزال اللغوي البسيط والفاتن، ومن جهة تحشو لغتها بجملة من الدلالات المفتوحة على ما قد تقترفه القراءة من ذنوب التأويل. تقول: القزم بالمرآة المعلقة في يده/ يرى المستقبل/ حيث يأكلني ظلي/ وأموت وحيدة/ أطفالي الشقر/ كيف ستخبئهم الملائكة/ في جنة النسيان/ لم أعد أهتمّ إذا ما تداعى العالم/ أو أكله قندس ما/ بحنجريه الكبيرين/ حين يغنيان لذات الغابة التي ستسرق أقدامي/ بعد أن أرمّمهما/ بسلم من خشب.
للوهلة الأولى يشعر القارئ بغرابة الصورة وعدم تجانسها لأن الشاعرة تتخلى عن الفعل الحسي، وتذهب إلى التشكيل الذهني لترسم صورها الشعرية التجريدية مستعينة بالتجسيد أو التشخيص، مستعينة بالاستعارة والتشبيه والرمز لتشكيل صورتها الشعرية التجريدية. تقول الإرياني: حان الوقت/ يمكنني أن أموت هذه اللحظة/ الشوارع تتلهف الآن لمطر خفيف/ الدموع رغيف كبير لبرد العزلة/ حان الوقت/ لحرية تحمل شكل جثة/ جسد حرّ وفوضى/ قلب مسكوب عند ناصية/ خصلات كأنها ترقص.
تبدو القصيدة عند الشاعرة اليمنية ميسون الإرياني تسجيلا حسيا، وإدراكا نفسيا وتصويرا تخيليا لما يدور حولها في الواقع الذي تعيش فيه، بحيث تتراوح الصورة بين المادية الصريحة والمعنوية المجردة، تثيرها عاطفة الشاعرة الحزينة، حزن غير مبتذل بقدر ما يتلحف باللغة، ليلبس كبرياءها وشموخها.
إن الصورة عند ميسون الإرياني وليدة الوجدان وليست وليدة الرؤية أو المشاهدات العادية، هي انعكاس لدواخل الشاعرة وتوق إلى الانعتاق، بحيث جاءت تجسيدا لعمق الوجع “الدموع رغيف كبير لبرد العزلة/ حان الوقت لحرية تحمل شكل جثة”. وهي (الصور) ليست استعراضا لغويا بقدر ما هي تفاعل واع مع والواقع، وما ينتجه من معاناة وكذلك من قناعات الشاعرة: البعبع وضع دجاجتي في الحوض/ غسلني من اللعب/ أمي بكت/ وأخواتي/ حين لم أبك/ ولم تعد لي يدان/ ثمة جنود خرق وشرهون/ لا يعرفون عدوّهم/ يلاحقون الوقت/ ويشترون الأقنعة.
حركة متنامية
ثمة حركة متنامية تخلق الصورة، تمرّ عبر ذات الشاعرة “البعبع وضع دجاجتي في الحوض، غسلني من اللعب”، لتتفاعل مع الآخر “أمي بكت، وأخواتي”، لتلامس الواقع “ثمة جنود خرق وشرهون، لا يعرفون عدوّهم” وتجسّد تعاسة الواقع.
الحقيقة أن هذا المرور (ذات الشاعر/ الآخر/ الواقع) الذي تشكله الشاعرة بطعم الحزن اللذيذ، يرسم الكثير من الصدق، الذي يفضي بدوره إلى جماليته الخاصة النابعة من ذاته، وليست بالغريبة والساقطة عليه؛ فالقصيدة لدى ميسون الإرياني “تعبير غير عادي عن عالم عادي” كما يقول جان كوهن، وهو أمر لا يتمّ إلا من خلال تحويل المشاعر إلى كلمات، حتى يُخلق الشعر عبر تلك المجازات المشكلة. الأمر الذي يكسب القصيدة حساسيتها المرهفة والنابعة من صدقها، على الرغم من متانتها المبنية على عمق هذه الصورة وجماليتها.
الشاعرة اليمنية ميسون الإرياني لا تكتب شعرا بل “تنزف بؤسا” كما تقول: أنا لا أكتب كلاما/ أنا أذرف بؤسا/ أبعثر خاصرتي في المكان/ أبحث عنك.
تتعلق الشاعرة بالحب لتركل قبح عوالمها، وتؤسس عالما مغايرا لواقعها، فعلى الرغم من مسحة الحزن والرمز المتعلق بواقعها إلا أن الشاعرة تخلق واقعا آخر من الشعر والحب: بكل ما يمكنني/ سأصنع تنينا/ لحراسة العالم/ أجلب عينيك/ يقولون إن النجمة جناحان/ مضمومان على قلب السماء/ هات نهرا/ المجرى بذرة المعركة/ القلب رمح/ هذا جيّد بما يكفي.
تتخلص ميسون الإرياني من أعباء واقعها، لتتشكل القصيدة عندها غنية بالرموز وجمالية الصورة المشكلة، رغم أن القصيدة عندها تمتاز بالقصر وعدم الإطالة إلا أنها استطاعت أن تعبئها بالصورة الرمزية التجريدية، التي بيّنت قدرات الشاعرة ورسمت خطها الشعري الخاص. ميسون تستعين بالحب لتتخلص من قبح العالم وقيئه المستمر، تهبه عكاز الشعر لتخلق غابتها المتفردة.
يذكر أن ميسون الإرياني هي شاعرة ومترجمة يمنية من مواليد 1987، درست الأدب الإنكليزي في جامعة صنعاء. وتعمل في الصحافة. صدر لها دواوين “الموارب من الجنة” و“مدد” و“سأثقبُ بالعاشقين السماء”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.