انطلاق قوافل التنمية الشاملة من المنيا لخدمة المزارعين والمربين    ارتفاع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 12.5% خلال أكتوبر    موانئ أبوظبي: ندعم تطوير قطاع النقل المصري    رضا عبد العال: بيزيرا "خد علقة موت" من لاعبي الأهلي.. ويجب استمرار عبدالرؤوف مع الزمالك    اتخاذ الاجراءات القانونية حيال عنصر جنائي لغسله 200 مليون جنيه حصيلة نشاطه الإجرامي    الصحة تنفذ تدريبا مكثفا لتعزيز خدمات برنامج «الشباك الواحد» لمرضى الإدمان والفيروسات    أول أيام انتخابات مجلس النواب.. محافظ الجيزة يتابع انتظام فتح جميع اللجان    طلاب خدمة اجتماعية بني سويف ينظمون 5 زيارات ميدانية لمؤسسات رعاية    انطلاق التصويت في أسوان وسط إقبال ملحوظ على لجان انتخابات مجلس النواب 2025    أسعار الذهب اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في محال الصاغة    بعد ارتفاع الأوقية.. قفزة في أسعار الذهب محلياً خلال تعاملات الاثنين    نصر الله: الذكاء الاصطناعي التوليدي يفتح عصرًا جديدًا من الابتكار للشركات الناشئة في المنطقة    الاثنين 10 نوفمبر 2025.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب 20 مليار جنيه    إيران: تصريحات ترامب بشأن الهجوم على طهران تمثل اعترافا صريحا بارتكاب جريمة دولية    كيف مرر الشيوخ الأمريكى تشريعاً لتمويل الحكومة؟.. 8 ديمقراطيين صوتوا لإنهاء الإغلاق    بعد حجة جديدة.. إلغاء جلسة لمحاكمة نتنياهو في قضايا الفساد    إعصار «فونج وونج» يجتاز الفلبين مخلفا قتيلين ومئات آلاف النازحين    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    اليوم.. أحمد الشرع يلتقي ترامب في البيت الأبيض    رئيس جامعة المنيا يدعو للمشاركة في انتخابات مجلس النواب    الأهلي يُخطر جهاز المنتخب الوطني بإصابة تريزيجيه    إطلاق منصات رقمية لتطوير مديرية الشباب والرياضة في دمياط    الزمالك عن إيقاف القيد بسبب فرجاني ساسي: متوقع وننتظر الإخطار الرسمي    «الله أعلم باللي جواه».. شوبير يعلق على رفض زيزو مصافحة نائب رئيس الزمالك    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    حالة الطقس .. البلاد على موعد مع انخفاض حاد فى حرارة الجو بعد 48 ساعة    اندلاع حرائق مفاجئة وغامضة بعدة منازل بقرية في كفر الشيخ | صور    «الداخلية»: تحرير 1248 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» ورفع 31 سيارة متروكة بالشوارع خلال 24 ساعة    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    وصول أسرة المتهم الثاني بقضية «الدارك ويب» لحضور ثاني جلسات الاستئناف    «الداخلية» تكشف حقيقة مشاجرة بين قائدي سيارتين    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية تتسبب في إغماء مؤقت.. ونقله للمستشفى    عرض فيلم مروان حامد الست بطولة منى زكي في مهرجان مراكش السينمائي    مسرح وكتابة سيناريو.. ورش تدريبية لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع «أهل مصر»    عائلات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان يكشفون أسرارا جديدة عن حياة الراحلين (تفاصيل)    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في محافظة بورسعيد    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة للحد من أضرار التدخين وحماية الصحة العامة    عاجل- بدء سداد رسوم حج القرعة لموسم 2026 بالبنوك الوطنية ومكاتب البريد    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    «السادة الأفاضل» يتصدر الإيرادات السينمائية بأكثر من 3 ملايين جنيه    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    الرئيس الأمريكي يصدر عفوا عن عشرات المتهمين بالتدخل في انتخابات 2020    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدمر.. الحرب على التاريخ
نشر في صوت البلد يوم 12 - 02 - 2016

تدمر.. مملكة عربية قديمة تحتوي على الكثير من الحفريات الأثرية التي يعود تاريخها إلى الإمبراطوريات المختلفة، وهى إحدى المدن الأثرية عالمياً التي تقع في وسط سوريا، حيث تبعد حوالي 200 كيلومتر عن العاصمة دمشق، ويطلق عليها أهل الشام بأنها "عروس الصحراء"، نظراً لما تحتويه من آثار وكنوز تاريخية، ويقال: إن تدمر تعني "بلد المقاومين" باللغة العمورية، أو "البلد التي لا تقهر" باللغة الآرامية السورية القديمة.
وأصل كلمة تدمر لا يزال غامضاً، ولكنه يعود إلى مطلع الألفية الثانية قبل الميلاد، حيث يقال إنها مشتقة من كلمة سامية تدعى "تامار"، وتشير إلى أشجار النخيل التي تحيط المدينة، ويقال أيضاً إن الاسم ظهر خلال أوائل القرن الأول الميلادي، وكان يستخدم في جميع أنحاء العالم اليوناني الروماني، ويعتقد عموما أن "تدمر" مشتقة من الكلمة اللاتينية "بالما" التي تعني النخيل.
وتعود الاكتشافات الأثرية في المدينة إلى العصر الحجري، ونمت المدينة من خلال القوافل التجارية، حيث أنشئت مساكن على طول طريق الحرير، الأمر الذي مكن الإمبراطورية الرومانية من بناء مشاريع ضخمة، مثل: الرواق الكبير، ومعبد بل، ومقابر برج المميزة، وكان سكان تدمر مزيجاً من الآموريين والآراميين والعرب، وكانت البنية الاجتماعية في المدينة من القبائل التي تتحدث اللهجة الآرامية، وقد استخدمت اللغة اليونانية في أوقات معينة لأغراض تجارية ودبلوماسية، حيث عكست الثقافة اليونانية الفن المميز والعمارة التي تجمع بين التقاليد الشرقية والغربية.
وبحلول القرن الثالث الميلادي، كانت تدمر مركزا إقليميا مزدهراً، وفي القرن الرابع الميلادي تحول التدمريون إلى المسيحية، وإلى الإسلام في النصف الثاني من الألفية الأولى بعد الفتح العربي لبلاد الشام، وتم استبدال اللغات التدمرية واليونانية إلى العربية، وكان مجتمع تدمر خليطا من مختلف الشعوب التي تقطن المدينة، والتي ينظر إليها في أسماء العشائر الآرامية والعربية والأموريين، ومع ذلك كان يغلب على السكان النزعة القبلية، وخلال العصر الأموي كانت تدمر يسكنها قبيلة بني كلب.
وعلى الرغم من تأثير الفن والعمارة اليونانية على تدمر، والذي كان أسلوباً مميزاً وفريداً من نوعه في منطقة الفرات الوسطى، إلا أن حكام المدينة استخدموا التوابيت، وأقاموا مراسم الدفن والحجر الجنائزية، والمومياوات المدفونة المرصعة بالجواهر والمحنطة، بطريقة مماثلة لتلك التي كانت تستخدم في مصر القديمة، ويعتبر هذا التحول بمثابة استجابة للتغيرات الثقافية في الإمبراطورية الرومانية الغربية.
وتحتوي تدمر على جدران قديمة بنيت من قبل التدمريين خلال العديد من المعالم الجنائزية على نطاق واسع، والتي تشكل الآن وادي القبور، كما يوجد أيضاً "أغورا تدمر"، وهو جزء من مجمع يضم محاكم الاعترافات، ويعدّ الأغورا مبنى ضخم يصل طوله من 71 إلى 84 متراً، مع هيكل يحتوي على 11 مدخلا، وداخل الأغورا تم العثور على 200 قاعدة عمودية تستخدم لنقش التماثيل للمسؤولين البارزين في الدولة.
وتحتوي مدينة تدمر على العديد من المعابد التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، مثل: معبد نابو الذي لم يتبق منه سوى بقايا أثرية وقواعد أعمدة، وأيضاً معبد اللات، ولم يتبق منه أيضاً سوى عدد قليل من الأعمدة وبقايا أبواب متبقية، وداخل المعبد كان يوجد "أسد اللات"، وكان يوجد أيضاً المعبد الجنائزي، والذي تم تشييده خلال القرن الثاني الميلادي، ويحتوي على غرفة كبيرة تسمى "بيت القبور"، وتقع في الطرف الغربي من الرواق العظمى، ويحيط به ستة أعمدة وأنماط مختلفة من المنحوتات، وداخل الغرفة يوجد ممر يؤدي الى سرداب قبو، يحتوي على ضريح عائلة مالكة.
وأصبحت تدمر مدينة مسيحية في أواخر عام 527، حيث أمر الملك جستنيان بتحصين البلدة، وبدء عملية ترميم الكنائس والمباني العامة لحماية الإمبراطورية ضد غارات الأعداء، وفي عام 634، ضمت تدمر إلى الخلافة الراشدة بعد الاستيلاء عليها من قبل القائد خالد بن الوليد، الذي استولى بجيوشه على المدينة بعد مسيرة 18 يوماً عبر الصحراء السورية من بلاد ما بين النهرين، ومنذ ذلك الحين أصبحت جزءاً من محافظة حمص.
وشهدت تدمر درجة من الرفاهية عندما كانت جزءاً من الخلافة الأموية، حيث كانت محطة رئيسية على طريق التجارة بين الشرق والغرب، مع سوق كبير بناه الأمويون، وخلال هذه الفترة، كانت تدمر معقل قبيلة بني كلب، والتي كانت رافضة للحكم الأموي والعباسي، وكانت ترغب في حكم ذاتي، لكن القبيلة لم تستطع مقاومة الحكم الأموي أو العباسي واستسلمت إلى حكم الإمبراطوريتين.
وخلال منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، حكمت تدمر من قبل سلالة الملك نور الدين زنكي محمود، وأعطيت تدمر باعتبارها إقطاعية إلى الأيوبي شيركوه عام 1167، وبعد وفاته تم ضم البلدة إلى السلطنة الأيوبية عام 1174، وفي العام التالي قدم السلطان صلاح الدين الأيوبي مدينة حمص وتدمر، لابن عمه ناصر الدين محمد كإقطاعية يحكم على أهلها، وبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي، أعطيت تدمر لابنه ناصر الدين محمد المجاهد شيركوه الثاني، الذي بنى قلعة تدمر المعروفة باسم "فخر الدين"، وكان سكان تدمر يعيشون وكأنهم في قلعة محاطة بسور من الحجر.
وقد استخدمت تدمر كملاذ آمن من قبل الأشرف موسى حفيد شيركوه الثاني، والذي تحالف مع الملك المغولي هولاكو خان لمحاربة المماليك، لكنه هرب بعد هزيمة المغول في معركة عين جالوت عام 1260 ضد المماليك، وآلت منطقة حمص وتدمر تحت حكم الماليك، وعندها طلب الأشرف موسى عفو السلطان المملوكي قطز.
ومع مرور التاريخ وضعف الإمبراطورية المملوكية نتيجة الإضرابات الداخلية، أصبحت سوريا جزءا من الإمبراطورية العثمانية عام 1516، وأصبحت تدمر مركزاً إدارياً لمنطقة دمشق، وخلال العهد العثماني، كانت تدمر قرية صغيرة، لكنها شهدت العديد من التقدم والازدهار خلال العصر العثماني، واستعادت البلدة بعضاً من أهميتها، وأصبحت محطة للقوافل والتجارة والزراعة.
وفي عام 1918، وخلال الحرب العالمية الأولى انسحب العثمانيون من متصرفية الزور دون قتال من الجيش البريطاني، وفي عام 1919، اقترح ممثل عسكري دائم لبريطانيا لدى مجلس الحرب الأعلى هنري ويلسون بأن تكون تدمر تحت سلطة الانتداب البريطاني، ولكن الجنرال البريطاني إدموند اللنبي أقنع حكومته بالتخلي عن هذه الخطة، وفي عام 1920، أصبحت سوريا بما في ذلك تدمر جزءاً من الانتداب الفرنسي بعد هزيمة سوريا في معركة ميسلون، والتي قامت بين قوات المتطوعين السوريين من جهة، وبين الجيش الفرنسي من جهة أخرى، وكانت معركة غير متكافئة دامت ساعات قليلة، حيث اشتركت فيها الطائرات والدبابات والمدافع الثقيلة الفرنسية، يقابله تسليح بدائي وبسيط للجنود السوريين.
ونتيجة للحرب الأهلية السورية، تم نهب وتدمير آثار تدمر من قبل المقاتلين المسلحين على نطاق واسع، وخلال صيف عام 2012، تم نهب متحف تدمر، حيث تم نشر فيديو لمجموعة من الأشخاص يحطمون الحجارة الجنائزية، وفي العام التالي تعرضت واجهة معبد بيل لثقب كبير من قذائف الهاون، وتضررت أعمدة الرواق بشظايا.
وفي عام 2015، أزيلت بعض القطع الأثرية من متحف تدمر من قبل الحكومة السورية، ونقلها في شاحنتين إلى دمشق، وقد تم العثور على عدد من المجوهرات والتماثيل النصفية اليونانية الرومانية. (خدمة وكالة الصحافة العربية)
تدمر.. مملكة عربية قديمة تحتوي على الكثير من الحفريات الأثرية التي يعود تاريخها إلى الإمبراطوريات المختلفة، وهى إحدى المدن الأثرية عالمياً التي تقع في وسط سوريا، حيث تبعد حوالي 200 كيلومتر عن العاصمة دمشق، ويطلق عليها أهل الشام بأنها "عروس الصحراء"، نظراً لما تحتويه من آثار وكنوز تاريخية، ويقال: إن تدمر تعني "بلد المقاومين" باللغة العمورية، أو "البلد التي لا تقهر" باللغة الآرامية السورية القديمة.
وأصل كلمة تدمر لا يزال غامضاً، ولكنه يعود إلى مطلع الألفية الثانية قبل الميلاد، حيث يقال إنها مشتقة من كلمة سامية تدعى "تامار"، وتشير إلى أشجار النخيل التي تحيط المدينة، ويقال أيضاً إن الاسم ظهر خلال أوائل القرن الأول الميلادي، وكان يستخدم في جميع أنحاء العالم اليوناني الروماني، ويعتقد عموما أن "تدمر" مشتقة من الكلمة اللاتينية "بالما" التي تعني النخيل.
وتعود الاكتشافات الأثرية في المدينة إلى العصر الحجري، ونمت المدينة من خلال القوافل التجارية، حيث أنشئت مساكن على طول طريق الحرير، الأمر الذي مكن الإمبراطورية الرومانية من بناء مشاريع ضخمة، مثل: الرواق الكبير، ومعبد بل، ومقابر برج المميزة، وكان سكان تدمر مزيجاً من الآموريين والآراميين والعرب، وكانت البنية الاجتماعية في المدينة من القبائل التي تتحدث اللهجة الآرامية، وقد استخدمت اللغة اليونانية في أوقات معينة لأغراض تجارية ودبلوماسية، حيث عكست الثقافة اليونانية الفن المميز والعمارة التي تجمع بين التقاليد الشرقية والغربية.
وبحلول القرن الثالث الميلادي، كانت تدمر مركزا إقليميا مزدهراً، وفي القرن الرابع الميلادي تحول التدمريون إلى المسيحية، وإلى الإسلام في النصف الثاني من الألفية الأولى بعد الفتح العربي لبلاد الشام، وتم استبدال اللغات التدمرية واليونانية إلى العربية، وكان مجتمع تدمر خليطا من مختلف الشعوب التي تقطن المدينة، والتي ينظر إليها في أسماء العشائر الآرامية والعربية والأموريين، ومع ذلك كان يغلب على السكان النزعة القبلية، وخلال العصر الأموي كانت تدمر يسكنها قبيلة بني كلب.
وعلى الرغم من تأثير الفن والعمارة اليونانية على تدمر، والذي كان أسلوباً مميزاً وفريداً من نوعه في منطقة الفرات الوسطى، إلا أن حكام المدينة استخدموا التوابيت، وأقاموا مراسم الدفن والحجر الجنائزية، والمومياوات المدفونة المرصعة بالجواهر والمحنطة، بطريقة مماثلة لتلك التي كانت تستخدم في مصر القديمة، ويعتبر هذا التحول بمثابة استجابة للتغيرات الثقافية في الإمبراطورية الرومانية الغربية.
وتحتوي تدمر على جدران قديمة بنيت من قبل التدمريين خلال العديد من المعالم الجنائزية على نطاق واسع، والتي تشكل الآن وادي القبور، كما يوجد أيضاً "أغورا تدمر"، وهو جزء من مجمع يضم محاكم الاعترافات، ويعدّ الأغورا مبنى ضخم يصل طوله من 71 إلى 84 متراً، مع هيكل يحتوي على 11 مدخلا، وداخل الأغورا تم العثور على 200 قاعدة عمودية تستخدم لنقش التماثيل للمسؤولين البارزين في الدولة.
وتحتوي مدينة تدمر على العديد من المعابد التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، مثل: معبد نابو الذي لم يتبق منه سوى بقايا أثرية وقواعد أعمدة، وأيضاً معبد اللات، ولم يتبق منه أيضاً سوى عدد قليل من الأعمدة وبقايا أبواب متبقية، وداخل المعبد كان يوجد "أسد اللات"، وكان يوجد أيضاً المعبد الجنائزي، والذي تم تشييده خلال القرن الثاني الميلادي، ويحتوي على غرفة كبيرة تسمى "بيت القبور"، وتقع في الطرف الغربي من الرواق العظمى، ويحيط به ستة أعمدة وأنماط مختلفة من المنحوتات، وداخل الغرفة يوجد ممر يؤدي الى سرداب قبو، يحتوي على ضريح عائلة مالكة.
وأصبحت تدمر مدينة مسيحية في أواخر عام 527، حيث أمر الملك جستنيان بتحصين البلدة، وبدء عملية ترميم الكنائس والمباني العامة لحماية الإمبراطورية ضد غارات الأعداء، وفي عام 634، ضمت تدمر إلى الخلافة الراشدة بعد الاستيلاء عليها من قبل القائد خالد بن الوليد، الذي استولى بجيوشه على المدينة بعد مسيرة 18 يوماً عبر الصحراء السورية من بلاد ما بين النهرين، ومنذ ذلك الحين أصبحت جزءاً من محافظة حمص.
وشهدت تدمر درجة من الرفاهية عندما كانت جزءاً من الخلافة الأموية، حيث كانت محطة رئيسية على طريق التجارة بين الشرق والغرب، مع سوق كبير بناه الأمويون، وخلال هذه الفترة، كانت تدمر معقل قبيلة بني كلب، والتي كانت رافضة للحكم الأموي والعباسي، وكانت ترغب في حكم ذاتي، لكن القبيلة لم تستطع مقاومة الحكم الأموي أو العباسي واستسلمت إلى حكم الإمبراطوريتين.
وخلال منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، حكمت تدمر من قبل سلالة الملك نور الدين زنكي محمود، وأعطيت تدمر باعتبارها إقطاعية إلى الأيوبي شيركوه عام 1167، وبعد وفاته تم ضم البلدة إلى السلطنة الأيوبية عام 1174، وفي العام التالي قدم السلطان صلاح الدين الأيوبي مدينة حمص وتدمر، لابن عمه ناصر الدين محمد كإقطاعية يحكم على أهلها، وبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي، أعطيت تدمر لابنه ناصر الدين محمد المجاهد شيركوه الثاني، الذي بنى قلعة تدمر المعروفة باسم "فخر الدين"، وكان سكان تدمر يعيشون وكأنهم في قلعة محاطة بسور من الحجر.
وقد استخدمت تدمر كملاذ آمن من قبل الأشرف موسى حفيد شيركوه الثاني، والذي تحالف مع الملك المغولي هولاكو خان لمحاربة المماليك، لكنه هرب بعد هزيمة المغول في معركة عين جالوت عام 1260 ضد المماليك، وآلت منطقة حمص وتدمر تحت حكم الماليك، وعندها طلب الأشرف موسى عفو السلطان المملوكي قطز.
ومع مرور التاريخ وضعف الإمبراطورية المملوكية نتيجة الإضرابات الداخلية، أصبحت سوريا جزءا من الإمبراطورية العثمانية عام 1516، وأصبحت تدمر مركزاً إدارياً لمنطقة دمشق، وخلال العهد العثماني، كانت تدمر قرية صغيرة، لكنها شهدت العديد من التقدم والازدهار خلال العصر العثماني، واستعادت البلدة بعضاً من أهميتها، وأصبحت محطة للقوافل والتجارة والزراعة.
وفي عام 1918، وخلال الحرب العالمية الأولى انسحب العثمانيون من متصرفية الزور دون قتال من الجيش البريطاني، وفي عام 1919، اقترح ممثل عسكري دائم لبريطانيا لدى مجلس الحرب الأعلى هنري ويلسون بأن تكون تدمر تحت سلطة الانتداب البريطاني، ولكن الجنرال البريطاني إدموند اللنبي أقنع حكومته بالتخلي عن هذه الخطة، وفي عام 1920، أصبحت سوريا بما في ذلك تدمر جزءاً من الانتداب الفرنسي بعد هزيمة سوريا في معركة ميسلون، والتي قامت بين قوات المتطوعين السوريين من جهة، وبين الجيش الفرنسي من جهة أخرى، وكانت معركة غير متكافئة دامت ساعات قليلة، حيث اشتركت فيها الطائرات والدبابات والمدافع الثقيلة الفرنسية، يقابله تسليح بدائي وبسيط للجنود السوريين.
ونتيجة للحرب الأهلية السورية، تم نهب وتدمير آثار تدمر من قبل المقاتلين المسلحين على نطاق واسع، وخلال صيف عام 2012، تم نهب متحف تدمر، حيث تم نشر فيديو لمجموعة من الأشخاص يحطمون الحجارة الجنائزية، وفي العام التالي تعرضت واجهة معبد بيل لثقب كبير من قذائف الهاون، وتضررت أعمدة الرواق بشظايا.
وفي عام 2015، أزيلت بعض القطع الأثرية من متحف تدمر من قبل الحكومة السورية، ونقلها في شاحنتين إلى دمشق، وقد تم العثور على عدد من المجوهرات والتماثيل النصفية اليونانية الرومانية. (خدمة وكالة الصحافة العربية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.