أكدت منظمة الصحة العالمية في بيانها الصادر حول ارتفاع أسعار المواد الغذائية أن ذلك يشكل تهديدا كبيرا للأمن الغذائي ويعرض ما يقرب من مليار شخص علي مستوي العالم للاصابة بأمراض سوء التغذية وفي مصر كانت للموجات الحارة المتتابعة الناتجة عن التغيرات المناخية والتقلبات الشديدة في أحوال الطقس آثار سيئة علي معظم الزراعات الأمر الذي أدي إلي قلة الإنتاج وبالتالي انخفاض معدل التكاثر لمعظم المحاصيل والخضراوات مما ترتب عليه انخفاض حاد في إنتاجية محصول الطماطم خلال العام الجاري من 40 طناً إلي 15 طناً. فقد تسببت الحرارة الشديدة في اتلاف كميات كبيرة من مخزونها هذا بخلاف انخفاض انتاجيتها الزراعية بنسبة 70% وهو ما أدي بدوره إلي ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة وصلت إلي ثلاثة أضعاف فقد زادت اللحوم بنسبة 38% والدجاج بنسبة 39% وهي الارتفاعات التي أثرت تأثيرا مباشرا في القدرة الشرائية للمواطنين حيث تسببت في استنزاف رواتبهم بصور سريعة. علاوة علي عدم قدرة غالبية المواطنين علي التعاطي مع الارتفاعات المتوالية في الأسعار وهنا اختفت الدولة وتوارت ولم تبادر بوضع خطط واستراتيجيات تحافظ به علي حقوق البسطاء في تدبير سلع مدعمة بالمجمعات الاستهلاكية وألقت بها علي شماعة الموجات الحارة دون تدبير احتياجات المواطنين . ومن جهته أكد يحيي السني رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة أن ارتفاع الأسعار ناتج عن التغيرات المناخية التي تتعرض لها مصر وليس للدولة شأن فيها. بينما أعرب عاصم عابدين أمين الجمعية القومية لحماية المستهلك عن استيائه الشديد من الارتفاعات المتوالية لأسعار الخضر واللحوم والتي يعجز المواطن الفقير عن مواجهتها وبالتالي فإن السواد الأعظم من الشعب قد تضرر من موجة الغلاء الشديد . ومن جانبه أكد د. نادر نور الدين أستاذ المحاصيل بجامعة القاهرة أنه من الخطأ الاعتقاد بأن ارتفاع الأسعار ناتج عن التغيرات المناخية كما يدعي المسئولون وذلك لأن هيئة الأرصاد الجوية تبلغ قبل حدوث موجة حارة بخمسة أيام وهي مدة كافية للعمل علي حماية محاصيلنا وهو ما لم يحدث بسبب سوء إدارة المسئولين لكيفية التعامل مع هذه التغيرات المناخية . وفي تعليقه علي ارتفاع الأسعار أكد د. جمال زهران عضو مجلس الشعب أن الارتفاع الجنوني للأسعار قد حاصر المواطنين في جميع السلع الغذائية معلنا أن هناك ثلاث جهات حكومية سبق وأكدت زيادة الأسعار بشكل غير مسبوق وأن الحكومة تكتفي بدور المتابع عن بعد ودون اكتراث تاركة المواطنين فريسة سهلة لجشع التجار وهذا ناتج عن تفريط الدولة في مسئوليتها السياسية تجاه احكام قبضتها علي الأسواق وحماية المستهلكين من انقلاب الأسعار والذي يمهد طريق التجار نحو استنزاف دخول الفقراء. وتساءل زهران : هل حكومة الأغنياء ورجال الأعمال غير قادرة علي حماية النسبة الكبيرة من الشعب المصري ؟ وأوضح أن تحركات الحكومة تكشف استسلامها ورضوخها لرغبات سطوة رأس المال وهيمنته علي مقدرات الدولة لدرجة تجعل من تصريحات الحكومة بلهاء لا قيمة لها تفتقد إلي المصداقية ويكون الغرض منها الغاء المسئولية علي عوامل ثانوية ليس من بينها ضبط الأسواق. وعن ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه كان للتجار رأيهم حيث أكد كمال مصطفي تاجر بسوق العبور أن ارتفاع الأسعار لا شأن للتجار فيه وأن السلعة تدخل الأسواق بسعر مرتفع وبالتالي فالتاجر ليس إلا وسيطا بين المزارع والمستهلك . بينما أوضح علي السيد تاجر خضار بالهرم أن التاجر مظلوم لأن لا يجد من يدافع عنه مثل الحكومة وأن ما يشاع بأنه المتسبب في ارتفاع الأسعار غير حقيقي لأن انخفاض الأسعار يؤدي إلي انتعاش أسواق السلع بالتالي فالفائدة تكون أكبر علي التاجر أما المشتري في ظل الغلاء الموجود حاليا فلا يأخذ إلا كمية قليلة بالنسبة إلي ما يتم شراؤه في ظل انخفاض الأسعار . وأكد السيد موافي تاجر خضار وفاكهة أن ارتفاع الأسعار الذي يحتاح الأسواق ليس للتجار علاقة به وعلي الحكومة أن تمارس صلاحيتها في ضبظ الأسعار لتعود إلي عهدها في متناول المواطن البسيط. وعن رأي المواطنين في هذه الظاهرة أكد محمود كمال محاسب أن الحكومة إذا كنت غير قادرة علي حماية أفراد هذا الوطن فلتغادر وليأتي من هو أصلح وقادر علي توفير احتياجات الشعب بأسعار تكون في متناول الفقراء . ويقول محمد البيومي مدرس: أعول ثلاثة أبناء وأمهم فكيف أواجه هذا الغلاء خاصة أن الراوتب ضعيفة؟ مطالبا الحكومة بزيادة الراوتب لما يتناسب مع ارتفاع الأسعار فهل يعقل أن تصل الطماطم إلي عشرة جنيهات لدرجة أن البعض يتوقع أن تقترب هذا الاسبوع من ال 15 جنيها؟ وقالت أميمة عبد الواحد مدرسة: إذا كانت الحكومة غير قادرة علي خفض أسعار اللحوم فيمكننا القضاء علي الغلاء بالاستغناء إذا توافرت الإرادة لكن الخضراوات لا غني للأسرة المصرية عنها لأنها عماد المائدة يوميا خاصة الطماطم التي لا تخلو مائدة من أنواعها . بينما إيمان محمد الدسوقي التي بدا عليها الغضب الشديد قالت: كنت أذهب للسوق بعشرة جنيهات وأشتري كل أنواع الخضار والفاكهة والآن لا تكفي إلا كيلو طماطم فقط وانتقدت الحكومة في عدم التزامها بتوفير الحماية للمواطن البسيط الذي يمثل غالبية هذا الوطن . وفي أحد الأسواق وجدنا سيدة كبيرة في السن قالت بكلمات بسيطة: ربنا يرجع أيام زمان لما اللحمة غلوها بجنيه كانت هتقوم ثورة ودلوقتي مش قادرين ناكل خضار وتساءلت بعفوية شديدة:هو ينفع يا ابني اشتري طمطماية واحدة ؟ هذا هو الشعب المصري البسيط الذي كلما اقتربت منه تشعر بحب شديد لهذا الوطن والتفاني من أجله.