قال د. أحمد فرح: إن الفن القصصي والروائي يُعد من أكثر الأشكال الأدبية اهتماماً بالمهمشين، فقد انحازت فنون القص والتعبير عن الواقع الإنساني لفئات لم تحظ من قبل بكل هذا التواجد داخل النص الأدبي، وأشار إلى أن المهمشين والفقراء طبقات غيبت عنها حقوق الحياة والعيش الكريم، وقليلاً ما تم تناول معاناتها، وإن كانت همشت عن واقع الحياة لأسباب سياسية واقتصادية وعرقية، ولم تجد من يسمع أنينها وصرخاتها. وتابع: "عالمي الرواية والقصة أنصفاها بعدما امتلأ الأدب العربي بقصص هذه الطبقات، حيث كانت معاناتها موضوع كثير من الروايات"، وأكد - مختتماً حديثه عن هذا الجانب على المستوى الأدبي العام - أنه في الآونة الأخيرة كثُرت مصطلحات تصف أصحاب هذه الأعمال بأنهم منحازون لهذه الطبقات المظلومة في الجلسات النقدية للأعمال الأدبية، حتى شكل الاهتمام بهم ظاهرة أدبية، وسُمت بها بعض أعمال الروائيين، - على حد قوله -. وأسرد "فرح"، تعليقاته النقدية على العمل الأول "بوابة رقم 10" للكاتب عمرو الرديني، حيث قال أن الرواية تعتبر مثالًا لنموذجيًّا لما بدأه من كلام بهذا الصدد، فشخصيات الرواية بائسة ومشوهة وشبه منعدمة، ونادراً ما تكون في دائرة الضوء، ولمح إلى أن الرواية أخذت على عاتقها إضاءة البقاع المظلمة في داخل شخصياتها، وفضح المستور ومواجهة القارئ بحقيقة مؤلمة، وعلى مستوى الزمن، تخضع الرواية لسطوة الزمن الكرنولوجي، فالأحداث كلها تقع صباحاً ومساءً، كما تناثرت الرواية بعض الرجوعات إلى الوراء، وجاء فضاء الرواية محدوداً بصور المجمع وحجرة الأمن التي تمثل العالم الصغير بأشيائها المتواضعة، إلى جانب بعض الأماكن الأخرى، مثل: حجرة التحقيق، المسجد، نقطة الأمن والبوابات الأخرى، والتي مارست دوراً في منح المكان طبيعته، أما عن لغة الرواية، فقد جاءت بسيطة متوافقة مع سلوك الشخصيات، وجاء تقديم كل مشهد بأبيات من شعر العامية لإحداث مراوحة بين إيقاع الشعر وإيقاع النثر، ولكسر رتابة السرد، كما مثلت هذه الأبيات إطاراً فنياً لكل مشهد. وفي نهاية الحديث، أشار فرح إلى أن رواية "بوابة رقم 10" تُعد محاولة جادة لرصد التحولات الاجتماعية والثقافية للمجتمع المصري ووشخوصه في فترة مهمة من تاريخ مصر المعاصر. وتحدثت هالة البدري عن قصة "تأكل الطير من رأسه" للكاتب مصطفى زكي، حيث تأخذك قصصه إلى عوالم حميمة الطريق إليها موسد بلغة فصيحة واضحة، تسرقك مما حولك بسرعة لتستغرق في أحداثها بل لتصبح أنت نفسك قطعة من الفسيفساء التي تكون اللوحات المتتالية للقصص. وقالت البدري: إن مجموعة "تأكل الطير من رأسه" هي المجموعة القصصية الثانية بعد مجموعته الأولى "مشهد من ليل القاهرة" الصادرة عن دار العين في القاهرة عام 2010، وهي مجموعة لفتت الأنظار للكاتب الذي كان قد نشر بعض قصصه في عدد من الصحف. وأضافت البدري: أن قصص تأكل الطير من رأسه تقع بين قوسين الأول هو المدخل أي رغبة ديدالوس في الخروج من المتاهة مع ابنة بالطيران بالرغم من علمه أن ابنه لن ينجو، والقوس الثاني هو الخروج ومنه نعلم أن الاقتراب من الشمس هو الخلاص الذي يعتمد على معرفة الحقيقة حتي لو أدت إلي الغناء الذي يقره الأب، تدور الشخصيات من متاهتها بحثًاً عن خلاص ما، بعضها يفلت من قدره، وبعضها لا يستطيع. وأضافت البدري: أن في قصص مصطفى زكي يلعب الحلم دوراً أساسياً في خلق حياة موازية يعيها بطلها أحياناً ولا يعيها في أحيان أخرى، لكنها تظل بالنسبة إليه مهرباً حقيقاً من واقع مخيف.