تقوم مصانع السيارات ومكاتب الدراسات الملحقة بها بتطوير أنظمة أمان جديدة من أجل تقليص عدد ضحاياً حوادث السير، وتتجه أحدث الدراسات إلى ضرورة تزويد السيارات الحديثة بأجهزة إلكترونية، تعمل على تفادي الأخطاء البشرية، التي تؤدي إلى وقوع نسبة كبيرة من الحوادث، ويتساءل المهتمون: إذا كان ردود الفعل البشري غير صائبة فمتى يتخلى السائق عن مقعده للكمبيوتر؟ د.إبراهيم كامل، أستاذ التكنولوجيا بجامعة القاهرة، يقول:"إن الأمان الوقائي أصبح هاجساً حقيقياً عند بعض مصانع السيارات، فالقلة القلية من سائقي السيارات باستطاعتهم التحكم بردود أفعالهم عند تعرضهم لوقوع حادث سير، فبسبب المفاجأة يقوم الكثير منهم بكسر "دعسة الفرامل" بحركة ضغط شديد مفاجئ عليها، وهذا ما يزيد من إمكانية وقوع الحادث، خصوصاً إذا تزامنت حركة الفرملة المفاجئة مع طريق ملتف، ويقوم البعض الآخر بلف المقود ويغير بشكل مفاجئ وجهة سيره، في محاولة لتفادي الاصطدام، مما يتسبب في فقدان توازن السيارة ، فيقع ما كان يسعى للهروب منه". بعد دراسة مطولة لطبيعة تصرف السائق وعلاقته بسيارته أثناء القيادة، استخدمت شركة رينو سائقاً آلياً مزوداً بالقدرة على إبراز ردود فعل "خائفة"، وبناء عليه أصدرت لائحة تنبيهات جديدة زودت بها مقتني السيارات التي تصعنها. و من جهتها، أنهت ديملر بنز، معظم تجاربها على السائق الآلي المقلد، ونتج عن ذلك تطوير فعلي لكل مكونات السيارة (وزنها، قوة المحرك والكوابح، درجة تمسك الإطارات بالأرض، هندسة جسمها). وقد أخضعت السيارة الجديدة للامتحان في ظروف قاسية ومتنوعة، ثم أدخلت الشركة نظام فرملة جديد أسمته bas بمحازاة فرامل abs القديم في طرازها الجديد من فئة (s) وهذا النظام مؤسس على آلة حاسبة دقيقة تحلل ثم تقدر كمية الضغط اللازمة على دعسة الفرامل، وعندما يستشعر هذا النظام أي خطأ أو أي تردد عند السائق، فإنه يتدخل ويوعز إلى "bas" (الفرامل الذاتية) للعمل بالقوة المطلوبة، بمعزل عن السائق، وكانت نتائج التجارب التي أجريت على هذا النظام مرضية تماماً. نظام Aida المهندس سمير علي، المسئول عن إدارة الصيانة للسيارات بشركة نيسان، يقول: "تقوم شركة تمويل وإنشاء الطرق السريعة (أوتوسترادات خارج المدن) في فرنسا، بتجارب على امتداد 100 كلم من الطريق السريع الموصل بين جنوب باريس حسب النظام الجديد aida وتشارك رينو وبيجو وسيتروين في هذا المشروع الذي يقوم على مبدأ التراسل الإلكتروني الدائم بين السيارات وسنترال المعلومات، حيث تزود كل سيارة بجهاز يقوم بنقل حالتها ووضعها على الطريق فوراً إلى نقاط التماس المزروعة على جوانب الطريق السريع وفوق الجسور". تتلقى إذن نقطة التماس كل المعلومات عن السيارة، والأدوات التي في حالة تشغيل فيها حالياً، إضافة إلى المحرك مثل: المساحات، الفرامل، الإنارة الخارجية، وتقوم النقطة، بدورها، بنقل هذه المعلومات إلى السنترال المركزي الذي يقوم بتحليلها بسرعة شديدة فيتعرف على حالة السير بدقة. مثلاً.. إذا كانت نقطة التماس الموضوعة في الكيلو متر 54 تشير إلى أن السيارات المارة قربها تشغل مساحات زجاجها وتنير أضواءها وتستعمل الفرامل تكرارا وتتقدم ببطء، فإن السنترال يحلل هذه المعلومات، ويستنتج أن ثمة عاصفة طقسية وقعت في منطقة الكيلو متر 54، فيقوم بتعميم هذه المعلومة على لوحات إعلانية مضيئة وعلى جهاز "عايدة" الموجود في كل السيارات المتجهة إلى هذه المكان. وبالإضافة إلى هذا، فإن في قدرة نظام "عايدة" تقديم نصائح سياحية وفندقية ولكن تعميم هذا النظام يتطلب تجهييز بنية تحتية ضخمة ومكلفة جداً، هذا عدا عن كونه غير قابل للتطبيق على كل الطرق، لذلك فإن صانعي السيارات يدرسون أنظمة أمان أخرى قادرة على الإشارة إلى مكامن الخطر في الطرقات، وقادرة على التدخل بالسرعة اللازمة إلى جانب السائق لتلافي وقوع الحادث. وأكثر هذه الأنظمة تطوراً ر استخدمته مرسيدس في طرازها الجديد من فئة s إنه عبارة عن متحكم معدل للسرعة وللمسافة الفاصلة بين سيارتين تسيران خلف بعضهما، وهو يعمل باستعمال "ميني رادار" مركب على واقي الصدمات وبيث موجات بذبذبت قصيرة جداً "77 جيجا هيرتز"، تصطدم هذه الذبذبات بالحواجز (أو بالسيارة التي تسير أمامها).إن تحليل ما تعود به هذه الذبذبات يؤدي إلى استخلاص معلومات متنوعة ومفيدة، فالوقت الفاصل بين إرسال الذبذبة ثم ارتدادها ينبئ بالمسافة الفاصلة بين السيارتين، وتغيير شكل الذبذبة ينبئ بالسرعة العائدة لكل من السيارتين حسب قانون Doppler ثمة حاسبة دقيقة وسريعة جداً تستنتج فوراً طول المسافة الفاصلة بين السيارتين وسرعة كل منها، وفي حال قلت هذه المسافة عن 150 متراً، فإن صفيراً خاصاً ينبه السائق (في السيارة الخلفية) إلى ضرورة تخفيف سرعته. أما إذا اكتشف الكمبيوتر الموجود في السيارة، والذي يتلقي معلوماته كل لحظة من المنظم المركب على واقعي الصدمات في مقدمة السيارة، أن سيارة المقدمة خففت سرعتها بشكل مفاجئ، أو أنها فرملت فجأة وتوقفت تماماً فإنه يقوم بنفسه وبشكل أوتوماتيكي وبمعزل عن سائق السيارة بفرملتها لكي يمنع الاصصدام بالسيارة التي أمامه.