فقبل فترة صدرت فى تل أبيب تصريحات من متحدث رسمى فى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى، وكانت فى غاية السخرية من العرب ونتاجاتهم من البرامج التليفزيونية، حيث نقلت صحيفة "معاريف" عن مستشار إسرائيلى يدعى يمنان جيسن مطالبته القنوات التليفزيونية والفضائية العربية التى وصفها ب"المنفتحة" بإبرام "بروتوكولات" للتعاون الفنى المشترك مع نظيرتها الإسرائيلية لإنتاج برامج شبابية غنائية راقصة تشجع على الترفيه. ولا تظن بأن هذا الإسرائيلى يطالب العرب بهذا التعاون من أجل التخفيف عن مشاهديهم المكبوتين ببرامج تدعو للمرح ، ولكن العكس هو الصحيح تماما. فما شجع يمنان على أن يدلى بهذا التصريح هو إشادة وسائل الإعلام الإسرائيلية بالبرامج المنفتحة التى تقدمها فضائيات عربية وذكرت منها بالاسم برنامج "ستار أكاديمي"، وزادت الصحيفة على ذلك بأن وصفت هذا البرنامج بأنه يعكس الصورة الحقيقية للمواطنين العرب! وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن العرب ليسوا هم أصحاب الجلباب الذى ترتديه الفتيات المسلمات. والأدهى من ذلك ان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى ترك السياسة والعسكرية والتخطيط لعمليات القتل والتدمير ، وتفرغ للتعبير عن تأييده وتشجيعه لمثل هذه النوعية من البرامج على شاشات التليفزيون العربية! ولعل تصريحات كهذه التى صدرت عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى تشير إلى أى مدى وصلت الحال ببعض البرامج التى تقدمها الفضائيات العربية ، وإلى أى مدى يستفيد شباب العرب من هذه البرامج مادامت تعجب الإسرائيليين الذين أصبحوا يشجعوننا الآن على المضى قدما فى هذا الاتجاه "المنفتح" الذى يعبر عن "حقيقة" العرب كما يرون. فهل سترضى هذه التعليقات الإسرائيلية غرور منتجى ومقدمى برامج الترفيه فى الفضائيات العربية لأن صداها تخطى جمهورهم المستهدف أصلا ووصل إلى إسرائيل.. أم أنهم سيقلعون عن تقديمها على اعتبار أنها أصبحت الآن مطلبا إسرائيليا وهم لا يقبلون على أنفسهم إرضاء إسرائيل ؟ وإذا كنا لا نشك لحظة فى نوايا الإسرائيليين "المخلصة" تجاه العرب، فإن الأمر يصبح فى أيدى القائمين الآن على برامج الترفيه التى تقدم على الطريقة المفضلة لدى الإسرائيليين، وليراجع هؤلاء القائمين على الفضائيات أنفسهم، وبرامجهم، والعودة بهذه البرامج إلى رسالة الإعلام الحقيقية كأداة بناء وتنوير وتثقيف وتسلية محترمة، لا كأدة هدم وتضليل وتشويه للحقائق وتقديم الهدايا المجانية إلى من لا يستحقونها!