الأفريقي• كما أنني لم أجد مؤامرة حقيقية يجب الحديث عنها عندما قامت دولتان عربيتان منهما قطر بالتصويت ضد مرشح دولة عربية مثلهما ، لأن هذا لو لم يحدث لكان شيئا ما خطأ في الأمر ! وإذا كان فاروق حسني قد صرح بعد انتهاء عملية التصويت قائلا: إنه "شعر بالمؤامرة منذ البداية، وزاد شعوره بها قبل الجولة الأخيرة من الانتخابات" متهما السفير الأمريكي في المنظمة ديفيد كيللين بلعب دور كبير في إسقاطه••إلا أن هذا الأمر لا يمكن اعتباره السبب الوحيد لضياع المنصب من المرشح العربي الوحيد• والحقيقة أنني أرفض أن نلقي بالمسئولية علي الدول الغربية ونتهمها بالعنصرية ، وخصوصا أن مرشحنا كان ترتيبه الأول في الجولة الأولي بفارق كبير عن جميع المتسابقين ، حيث جمع 22 صوتا وهو رقم كبير من أصل 58 صوتا تنافس عليه 5 مرشحين ، ولكن حدث خلل واضح في إدارة عملية التربيط مع أصحاب الأصوات بعد تساوي حسني مع بوكوفا في الجولة قبل الأخيرة بحصول كل منهما علي 29 صوتا ، ثم تغير اتجاه صوتين فقط في الجولة الأخيرة لتفوز البلغارية بعدد 31 صوتا وحسني 27 صوتا••إذن العملية في شكلها ديمقراطية جدا ، ولكن مضمونها يدل علي فشل الدعم للمرشح المصري العربي الأفريقي حتي اللحظة الأخيرة••وهذه هي الديمقراطية التي تعتمد علي لعبة توجيه الأصوات! سيقول لك البعض: إن الجريمة التي ارتكبها فاروق حسني أنه سبق أن قال في عام 2008 م إنه مستعد لأن "يحرق بنفسه" أية كتب إسرائيلية إذا كانت موجودة في المكتبات المصرية••ولكن هذا الأمر انتهي مفعوله تقريبا بعد أن أبدي ندمه علي تصريحاته السابقة المعادية لإسرائيل وطلب أن يقبل اعتذاره••بل ودعا إلي ترجمة أعمال الأديبين الإسرائيليين عاموس عوز ودافيد جروسمان إلي العربية، وتعهد بزيارة إسرائيل والعمل علي التقريب بين المسلمين واليهود• وسيذكرك آخرون بأن فاروق حسني أثار حفيظة الناس قبل سنوات إثر تصريحات له انتقد فيها ارتداء النساء للحجاب ، قائلا: إنه مظهر من مظاهر الرجعية والتخلف ، وهي جريمة أخري رفض التراجع عنها ، رغم إهدار البعض لدمه•• وآخر••وليس أخيرا••ستجد من يتساءل عن دور مصر الثقافي والتنويري الذي غاب تقريبا علي مدار 22 عاما تولي فيها فاروق حسني منصب وزير ثقافة مصر••وعن كارثة قصر ثقافة بني سويف الذي احترق بمن فيه••وغيرها الكثير• والسؤال الآن: هل لو كان اختيار مدير عام اليونسكو بيدنا نحن المصريين••فهل كان فاروق حسني سيحصل علي المنصب ؟ وإذا كانت غالبية المصريين ترفض هذا الرجل فلماذا نستغرب إذا رفضه الآخرون حتي ولو كانوا عربا مثلنا ؟ أظن أننا كان لدينا وجوه أخري كثيرة تحظي بشعبية كبيرة في العالم ، وعلي رأسها الدكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلي للآثار ، ولو رشحناه أو رشحنا غيره ممن يحظون بالقبول المحلي والدولي عن فاروق حسني لحصل مرشح مصر علي المقعد ، ولكن فاروق حسني صادر علي مصر والعرب حقهم ، وأفقدهم فرصتهم في قيادة اليونسكو ••وتلك هي الجريمة الحقيقة التي ارتكبها•