ظاهرة العنف لا يمكن أن تحل بمجموعة مقالات بل بتضافر كل الجهود المخلصة للبلد من وسائل الاعلام وكما ذكرت فى مقالات سابقة أن العنف يعنى اللجوء الى استخدام القوة ضد الافراد والاشياء مع وجود قانون يحرمه ويجرمه. لقد اعتبر معظم الناس ان اللجوء الى القوة الجسدية لحل المشاكل التى تواجههم اسهل من طريق القانون متخذين المثل الكورى (قبضة اليد اقوى من القانون). وفى تعريف بسيط للعنف السياسى انه محاولة تغيير فى السياسة سواء فى القائمين على الحكم كأفراده أو نظام الحكم ذاته وقوانينه التى تحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويكون من خلال استخدام القوة بكل اشكالها مثل الاكراه بالقوة والجبر أو حتى الاكراه بالقناعة كمحاولة اقناع الناس ان انتخاب فئة ما فى المجتمع جواز مرور الى الجنة وأن التصويت لمنافسيهم يوردهم جنهم و تلك التصرفات والاساليب التى لا تترك فرصة لأحد للتفكير وألاختيار. وما يحدث فى مصر الآن ذروة العنف السياسى أكثر مما كان موجودًا فى أيام مبارك فقد استبدلت ديكتاتورًا كبيرًا بعدة ديكتاورات صغار متصلبين لآرائهم ولافكارهم. والمثير للجدل فعلا ان مصدر العنف دائما ايد خفية: قوى داخلية تلعب هل الامر غير واضح الى هذا الحد؟ هل قوة الاجرام والبلطجة وصلت الى هذا الشكل؟ قطع الطريق وتدمير المنشأت وتخريب الاستثمارات. المجلس العسكرى الحاكم بموجب تفويض من الرئيس المتنحى لا يحرك ساكنا كل ما يفعله الدفع بقوات الامن فى مواجهة متظاهرين غاضبين وعلى مدار السنة الماضية لم تتحقق مطالب الثوار الحقيقيين (اصبح لدينا زائفون وابطال من كرتون وباحثين عن مكان ومنصب وكثر ذوو المطالب الشخصية) صحيح أن مبارك فى محبوس فى المستشفى وواولاده ورجاله محبسون فى سجن طرة ونتابع وقائع محاكمتهم وهم خلف القفص الحديدى ومعهم مبارك لكن لا شيء تغير ولم يحدث شيء. أمال ورغبات الناس فى البناء والاصلاح واستتاب الامن والاستقرار اصبحت وهم فلا استعاد الشارع أمنه ولا الاقتصاد عافيته بل يسوء الامر يوم بعد يوم. المظاهرة السلمية قد تتحول الى اعمال شغب وعنف وتدمير وتخريب فى لحظة مثلا عند انتشار شائعة كاذبة عن مقتل احد المتظاهرين على يد القوات او حتى تعذيبه، أو حتى الاحتكاك الحقيقى بالأمن. والقصة دائما متكررة مظاهرة ثم اعتصام وغالبا مع طول الاعتصام تتدخل الشرطة لفض الاعتصام واجلاء المعتصمين من مكان الاعتصام، والذى غالبا ما يكون مكانًا حيويًا مؤثرًا، فيرفض المعتصمون ترك المكان خوفا من ضياع قضيتهم فيلجأوا الى المقاومة وقد يتطور الامر الى العنف خاصة فى ظل وجود عناصر غير الثواركالبلطجية والمندسين واصحاب الاغراض الخاصة او الذين يرون فى المظاهرة فرصة للسلب والنهب والسرقة والخطف وحتى القتل وتصفية الحسابات فى ظل غياب السلطة. وهناك من يتأثر بالهتافات وشكل المظاهرات فيندفع الى اقتحام الصفوف لاظهار البطولة والشجاعة وحتى اطفال الشوارع والاحداث المتواجدين يالميدان ومع ما يعانوه من تفكك اسرى وعدم وجود قيم دينية ولاتعليم ولا عمل فتكون المظاهرة فرصة لافراغ الشحنات الغضب والعنف تجاه الناس والمجتمع (نراه فى حرق مبنى المجمع العلمى). وجود النساء والفتيات فى الصفوف الاولى للمظاهرات له عدة اهداف ومقصودة دون النظر الى الظروف الاجتماعية او العادات والتقاليد المعروفة لكن لحث الرجال على التقدم وايضا لمنع الشرطة من التقدم فى مواجهة النساء وقد يكون لافتعال حوادث معينة. والسؤال: ما الذى يدفع المتظاهرين السلميين الى العنف والتخريب؟. السبب المباشر والأساسى فى ذلك هو سوء التعامل مع المتظاهرين. لذلك يجب على القوات سواء الامينة او العسكرية ان تراعى عدة امور وتتحلى بعدة صفات: - ضبط النفس فى مواجهة السباب والشتائم وإهانات من جانب المتظاهرين والتجاوزات التى تحدث اثناء المظاهرات. - إعداد الضباط والقوات ذهنيا ونفسيا لتفهم وتقبل المهمة المسندة اليهم مثل حفظ النظام وحماية المتظاهرين السلميين. - التحدث معهم بأسلوب هادى والبعد عن أسلوب التهديد والقوة - الشكل الجيد لقوات الموجودة من حيث الزى والتسليح مما يوحى بالهيبة والاحترام والخوف من التعدى على القانون. وأخيرا يجب أن نقتلع الشكوك من جذورها والظنون بأن كل انسان لا يقوم بعمل شيء للبلد الا اذا جنى من ورائه منفعة او مكسب ماديا والتأكيد على حرية التعبير عن الرأى مكفولة للجميع بشرط ان تكون فى حدود القانون واستخدام وسائل شرعية ويارب يمر غدا 25يناير يوما احتفاليا يليق بمصر الثورة وبالثوار الحقيقيون.