بالأرقام.. جامعة السويس الأهلية تعلن مصروفات 10 كليات جديدة (صور)    وزير البترول يبحث مع "السويدي إليكتريك" مستجدات مشروع مجمع الصناعات الفوسفاتية بالسخنة    وزير الخارجية الألماني يصل إلى إسرائيل    ترامب يعلن فترة مفاوضات مع المكسيك 90 يوما بشأن الرسوم الجمركية    "ثوابت النادي".. شوبير يعلق على انتهاء أزمة مستحقات كولر مع الأهلي    مصرع شخصين وإصابة آخرين في انقلاب سيارة بترعة في سوهاج (صور)    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    رامي رضوان يشيد ب "روكي الغلابة": "الفيلم خطير ورتمه سريع"    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    الصحة العالمية: غزة تشهد أسوأ سيناريو للمجاعة    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    توتنهام يسعى لضم بالينيا من بايرن ميونخ    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    بمشاركة جيوكيريس.. أرسنال يخسر من توتنهام وديًا    جدول ولائحة الموسم الجديد لدوري الكرة النسائية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    محافظ القليوبية يكرم 44 طالبا من أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    كندا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين سبتمبر المقبل    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    وكيل صحة شمال سيناء يبدأ مهامه باجتماع موسع لوضع خطة للنهوض بالخدمات الطبية    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    المشدد 3 سنوات ل سائق متهم بالاتجار في المواد المخدرة بالقاهرة    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"رؤى للأفلام القصيرة" يتحدّى كورونا
نشر في صوت البلد يوم 08 - 04 - 2020

للمرة الثالثة على التوالي، أتابع فعاليات مهرجان القاهرة للفيلم المصري القصير "رؤى" الذي تنظمه الجامعة الأميركية في القاهرة. فمنذ إطلاق نسخته الأولى عام 2015 وإدارة المهرجان تتوخّى التجديد على مستوى العروض والتنظيم، مع وجود عددٍ كبيرٍ من العراقيل وبعض التسهيلات، إذ يخضع مهرجان "رؤى" إلى منهجية التطوّع بالأساس، التي يشترك فيها شباب السينمائيين من طلبة معهد السينما أو قسم السينما في الجامعة الأميركية، وهي خطوة مهمة في عملية تمكين الشباب وإشراكهم في العمل الجمعي.
بالفعل، اختلفت دورة العام الماضي كثيرًا عن الدورة الأولى، التي أعرب فيها رئيس المهرجان د. مالك خوري- رئيس قسم السينما في الجامعة الأميركية بالقاهرة- عن رغبته في أن يظل المهرجان معنيًّا بالفيلم المصري القصير –على الرغم من دعاوى بعض السينمائيين إلى التوسع في الدورات المقبلة باستقطاب أفلام عربية وأجنبية للمشاركة- مؤكداً أن الفيلم القصير في مصر لا يزال يعاني من التهميش والظلم أحياناً، داعياً كل محبي هذا النوع السينمائي إلى المساهمة في إزاحة ذلك التهميش. وكنّا نتمنى أن نرصد مزيد من الاختلاف في هذه الدورة عن قرب، التي كان من المقرر أن تقام على مدار تسعة أيام من 11 إلى 19 مارس (آذار) الماضي، لا سيما وأنّ برنامج هذا العام شمل فعاليات مصاحبة عدّة لعروض الأفلام. لولا أنّ المهرجان كان على موعد مع حدث استثنائي هذا العام. وبالأحرى، كلّنا كنّا على هذا الموعد وليس المهرجان فحسب.
إلى أجل غير مُسمى
تحتشد الخريطة الثقافية في مصر بكمٍّ لا بأس به من الفاعليات والمهرجانات السنوية، منها على المستوى السينمائي فقط، ما يُقارب 30 مهرجاناً، بعضها يتبع وزارة الثقافة والمؤسسات السينمائية وهي المهرجانات الرسمية، والبعض الآخر يُنظّم بجهود المجتمع المدني كمهرجان الجزويت والفيلم الأوروبي ومهرجان الفيلم اللبناني وأيام القاهرة، وغيرها.
وهذا العام، خُطِّطت هذه الخريطة لتنفّذ على أرض الواقع خلال شهرَيْ مارس (آذار) وأبريل (نيسان) بمهرجانات سينمائية ومسرحية عدّة، ولكنها ما لبثت أن عدّلت برامجها لهذا العام في ظل كارثة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره، وظهرت أو ما ظهرت في مصر أثناء فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، وتحديداً في يومه الثالث، وترتّب على ذلك تعليق العروض الجماهيرية للأفلام، وبالتالي الندوات والورش المصاحبة على إثر إعلان الحكومة المصرية منع كل التجمعات في الفترة المقبلة.
وبمجرد أن ظهرت أولى الحالات المصابة بالفيروس نهاية عام 2019، راح معدّله ينتشر مجتازًا حدود البلدان بسرعة مخيفة، أفضت إلى حالة عالمية غير مسبوقة من الذعر، تلاها الإعلان عن إلغاء معظم المهرجانات السينمائية والمسرحية أو تعليقها إلى أن تتّضح الرؤية. وكان مهرجان تسالونيكي السينمائي في اليونان هو البادئ في ذلك – على الرغم من أنّ موعده الرسمي لا يزال في نهاية العام- ليحذو حذوه عدد كبير من المهرجانات، مثل مهرجان البحر الأحمر بالسعودية في أولى دوراته، ومهرجانات البحرين وتطوان في المغرب والشرق الأقصى في إيطاليا، وتدور التكهنات الآن حول المصير ذاته لمهرجانَيْ فينيسيا وكان. في ظل تلك الأوضاع، قرّرت إدارة مهرجان "رؤى" التفكير خارج الصندوق –كما يُقال- باللجوء إلى إقامة فعاليات الدورة الجديدة من دون تجمعات تخالف توصيات منظمة الصحة العالمية، وذلك عبر العالم الافتراضي وكل أطراف المهرجان في بيوتهم لا يبرحونها يتابعون "رؤى" من خلال حفلات مشاهدة جماعية في أوقات محدّدة –وفق الجدول- يُحذف بعدها الفيلم من صفحة المهرجان، ليكون بذلك المهرجان الأول على مستوى العالم –حاليًا- يُقيم فعالياته من دون تجمعات.
أيام... بين بين
لم يستيقظ العالم بين يوم وليلة على إجراءات حاسمة لمواجهة تداعيات الفيروس، بل تخبّطت التفسيرات داخل كل بلد وتعدّدت الآراء حول إمكانية الإصابة من عدمها. بالتالي، خلق هذا تصاعدًا في تلك الإجراءات، بدءًا من التعليق ثم الإلغاء التام، لينتهي بالحجر المنزلي. وكان من الطبيعي أن يأخذ التدرج ذاته على مستوى الأفراد أيضًا والمنظمات، وهو ما حدث مع إدارة المهرجان، إذ توصّلت إلى قرارها النهائي –بالعرض الافتراضي- بعد مراحل عدّة على مدار أيام متقاربة وسريعة بسرعة انتشار الفيروس عالميًّا.
أعلنت إدارة المهرجان حرصها على سلامة الجميع ولذلك، أُجّلت فعالياته التي كان من المزمع عقدها في 11 مارس، نتيجة تعرّض البلاد لموجة عالية من سوء الأحوال الجوية، أدت إلى تساقط الأمطار لأيام على محافظات مصر كافة –لا يزال شبح الرعب من كورونا بعيدًا من الحسبان، فقط تأجيل جراء سوء الطقس- ترتّب عليه إلغاء حفل الافتتاح على أن تقتصر فعاليات المهرجان على عروض الأفلام فقط وإلغاء كلّ الفعاليات المصاحبة لهذه العروض مثل الندوات والورش السينمائية المختلفة. وكان من ضمن برنامج المهرجان لهذا العام، تكريم الناقد السينمائي الراحل سامي السلاموني، عبر أفلام نادرة قصيرة له تُعرض للمرة الأولى، ومعرض خاص وندوة للحديث عن مسيرته الفنية والنقدية من قبل سينمائيين وبعض المقرّبين المتخصّصين. ويُعتبر السلاموني من أهم الأسماء في النقد السينمائي في مصر وواحدًا من الذين أسهموا في تمهيد طريق الثقافة السينمائية لأجيال على المستويين –المتخصصين والجمهور العادي- على الرغم من أنّه بدأ حياته بقصة أولى وأخيرة ذهب بها إلى الكاتب عبد الفتاح الجمل -الذي كان مشرفاً على الملحق الأدبي لجريدة المساء- ولمّا لم تعجب الأخير، نصح السلاموني بأنه ليس كاتب قصة ودعاه إلى النظر حوله جيدًا قبل الكتابة، فما كان من السلاموني إلّا التجريب في كتابة المقال، وحين نشر مقاله النقدي الأول وتم الاحتفاء به، سهر السلاموني ليلتها طوال الليل يقرأ المقال عشرات المرات في الجورنال، واشترى بكلّ ما يملك نسخاً لتوزيعها على الأهل والأصدقاء في قريته.
خيبة الأمل
بيان مهم: احترامًا للتخوفات المشروعة التي أبداها عددٌ كبيرٌ من أصدقاء المهرجان، وعملاً بمنطق تفادي تعريض أي شخص إلى أي نوع من المخاطر الصحية أو غيرها نتيجة لمتابعة أعمال الدورة الثالثة للمهرجان كما كان مخططًا، قرّرنا إلغاء النسخة "الحية" للمهرجان وفعالياته. بالمقابل، فإنّ "رؤى" كعادته لن يرضخ للضغوط التي حاولت ومنذ إطلاقه ثنيه عن الاستمرار أو التطوّر، وتعبيراً عن هذا الإصرار، قررنا مشاركة أفلام المهرجان كافة عبر الإنترنت، نأسف لأي خيبة أمل قد يسبّبه هذا القرار لكثيرين.
طرحت إدارة المهرجان استفتاء عامًا لصنّاع الأفلام من خلال استمارة "تحديد موقف" حول الموافقة على عرض الأفلام "أون لاين"، الأمر الذي وجد فيه كثيرون عزاءً عن إلغاء الدورة بكاملها، وظهرت بعض الأصوات الرافضة للفكرة باعتبارها خرقًا للحقوق الملكية والفكرية، ومنهم أسامة السيد، المشرف على فيلم "ميكروفون" الذي أعلن انسحابه من التنافس والعرض. وأوضح مصطفى حسين، المدير التنسيقي للمهرجان، مراحل اتخاذهم لهذا القرار، إذ ذهبت الآراء في البداية إلى استقبال 200 متفرج فقط في القاعة الشرقية للجامعة الأميركية التي تستوعب 900 مشاهد لإتاحة متر بين كل فرد وآخر، ولكنّهم حين توصّلوا إلى الحل الإلكتروني وأجروا الاستفتاء عليه، كانت النتيجة موافقة أكثر من 70 في المئة من صنّاع الأفلام.
وحول التجربة، يقول رئيس المهرجان مالك خوري إنّ "رؤى هو المهرجان السينمائي الوحيد –حتى الآن- الذي حاول مجابهة الظرف الطارئ العالمي لوباء كورونا بالعالم الافتراضي"، مضيفاً "ربما ضوء شمعة صغيرة رمزية في هذه الأيام المظلمة والحزينة التي نعيش فيها. لا يمكن لأحد أن يلغي السينما البديلة في مصر، هي تتحدّى و"تعافر" وبالنهاية تبقى وتقوى وتعود "كابوساً" للبعض، وأملاً بالحياة والتغيير والثورة على الذات لكثيرين، ولو بأشكال مختلفة". لا شك في أنّها خطوة مغايرة وسط الحالة التي يعيشها العالم حالياً من خوف وترقب للغد، فأن يكون هناك متنفسٌ للفن وللجمال وفي بلد من بلدان –العالم الثالث- المعنيّ في المقام الأول بتفاصيله المعيشية، لهو مكسب في حدّ ذاته.
"التشرنق"... دعوة إلى الخروج
"صلصال"، فيلم تحريك صامت، إخراج مصطفى أحمد زين، 5 دقائق، وهو دعوة إلى الخروج من الذات المتشرنقة على نفسها، إذ يعرض الفيلم بداية يوم من حياة البطل على صياح الديك يتبعه صوت لغربان وبعض الكلاب مع تقلّب في الحالة المناخية. لا نعرف من هو البطل وما هي مشكلته، ولكنّ المخرج يرسم صورة عامة لحالته من خلال ملابسه الملقاة على الأرض وبجوارها زجاجة خمر فارغة، ثم محاولاته المضنية في كتابة شيءٍ ما لا يأتي أبدًا. يقرّر البطل الذهاب في رحلة خارج الحجرة المميتة التي يعيش فيها، فيُفاجأ بطقس أكثر قسوة في الخارج، جليد يكسو كل الأماكن، وحين يشرع في الرسم في دفتره، يتحوّل الجليد من حوله وتكتسي الشوارع بالأشجار وإلى جواره، تنتصب شجرة كبيرة لعيد الميلاد "الكريسماس"، كإشارة إلى استطاعته خلق عالم آخر مملوء بالحياة، على خلاف العالم الضيّق المتشرنق فيه.
"170 كلمة يومياً"... فيلم روائي، سيناريو وإخراج حسن محمد الشواف 20 دقيقة، ينطلق الفيلم من فكرة ديستوبية مفادها بأنّ الدولة قرّرت تخصيص حصة يومية لكل مواطن من الكلمات لا يستطيع النطق فور انتهائها بمقدار 170 كلمة للمواطن، ويُستثنى من ذلك الرؤساء والوزراء والسياسيين والإعلاميين. يبدأ الفيلم بصوت الراوي وهو يحكي عمّا آلت إليه البلد منذ فترة، نتيجة القرارات الجديدة الخاصة بالكلام، تصاحب ذلك صورة هلامية لترابيزة بلياردو تسبح في فضاء أحمر داكن وخلفيّة لصوت ضربات قلب، ربما هذا الفضاء هو الرحم الذي يسكن فيه هذا المواطن الجديد، في مواجهة قوى السلطة. يُفتتح الفيلم بمشهد لامرأة تتم سرقتها وقتلها أمام باب المبنى، وحين تحاول طلب النجدة بعد هروب الجاني، يتّضح أن رصيدها من الكلمات قد نفذ، فلا تستطيع الاستغاثة بكلمة لإنقاذ حياتها.
نجح الفيلم في استخدام "ثيمات" العالم الافتراضي من خلال محادثات التشات بين "يوسف" البطل وحبيبته، وظهور عدّاد تنازلي أعلى الرأس يطرح كل كلمة ينطقانها من رصيدهما اليومي. والفيلم يستند إلى قصيدة الشاعر الإنجليزي جيفري ماكدانييل بعنوان "العالم الهادئ": "في محاولة لدفع الناس إلى النظر في عيون بعضهم البعض وترضية للبكم قررت الحكومة أن تخصص لكل فرد 167كلمة في اليوم.
للمرة الثالثة على التوالي، أتابع فعاليات مهرجان القاهرة للفيلم المصري القصير "رؤى" الذي تنظمه الجامعة الأميركية في القاهرة. فمنذ إطلاق نسخته الأولى عام 2015 وإدارة المهرجان تتوخّى التجديد على مستوى العروض والتنظيم، مع وجود عددٍ كبيرٍ من العراقيل وبعض التسهيلات، إذ يخضع مهرجان "رؤى" إلى منهجية التطوّع بالأساس، التي يشترك فيها شباب السينمائيين من طلبة معهد السينما أو قسم السينما في الجامعة الأميركية، وهي خطوة مهمة في عملية تمكين الشباب وإشراكهم في العمل الجمعي.
بالفعل، اختلفت دورة العام الماضي كثيرًا عن الدورة الأولى، التي أعرب فيها رئيس المهرجان د. مالك خوري- رئيس قسم السينما في الجامعة الأميركية بالقاهرة- عن رغبته في أن يظل المهرجان معنيًّا بالفيلم المصري القصير –على الرغم من دعاوى بعض السينمائيين إلى التوسع في الدورات المقبلة باستقطاب أفلام عربية وأجنبية للمشاركة- مؤكداً أن الفيلم القصير في مصر لا يزال يعاني من التهميش والظلم أحياناً، داعياً كل محبي هذا النوع السينمائي إلى المساهمة في إزاحة ذلك التهميش. وكنّا نتمنى أن نرصد مزيد من الاختلاف في هذه الدورة عن قرب، التي كان من المقرر أن تقام على مدار تسعة أيام من 11 إلى 19 مارس (آذار) الماضي، لا سيما وأنّ برنامج هذا العام شمل فعاليات مصاحبة عدّة لعروض الأفلام. لولا أنّ المهرجان كان على موعد مع حدث استثنائي هذا العام. وبالأحرى، كلّنا كنّا على هذا الموعد وليس المهرجان فحسب.
إلى أجل غير مُسمى
تحتشد الخريطة الثقافية في مصر بكمٍّ لا بأس به من الفاعليات والمهرجانات السنوية، منها على المستوى السينمائي فقط، ما يُقارب 30 مهرجاناً، بعضها يتبع وزارة الثقافة والمؤسسات السينمائية وهي المهرجانات الرسمية، والبعض الآخر يُنظّم بجهود المجتمع المدني كمهرجان الجزويت والفيلم الأوروبي ومهرجان الفيلم اللبناني وأيام القاهرة، وغيرها.
وهذا العام، خُطِّطت هذه الخريطة لتنفّذ على أرض الواقع خلال شهرَيْ مارس (آذار) وأبريل (نيسان) بمهرجانات سينمائية ومسرحية عدّة، ولكنها ما لبثت أن عدّلت برامجها لهذا العام في ظل كارثة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره، وظهرت أو ما ظهرت في مصر أثناء فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، وتحديداً في يومه الثالث، وترتّب على ذلك تعليق العروض الجماهيرية للأفلام، وبالتالي الندوات والورش المصاحبة على إثر إعلان الحكومة المصرية منع كل التجمعات في الفترة المقبلة.
وبمجرد أن ظهرت أولى الحالات المصابة بالفيروس نهاية عام 2019، راح معدّله ينتشر مجتازًا حدود البلدان بسرعة مخيفة، أفضت إلى حالة عالمية غير مسبوقة من الذعر، تلاها الإعلان عن إلغاء معظم المهرجانات السينمائية والمسرحية أو تعليقها إلى أن تتّضح الرؤية. وكان مهرجان تسالونيكي السينمائي في اليونان هو البادئ في ذلك – على الرغم من أنّ موعده الرسمي لا يزال في نهاية العام- ليحذو حذوه عدد كبير من المهرجانات، مثل مهرجان البحر الأحمر بالسعودية في أولى دوراته، ومهرجانات البحرين وتطوان في المغرب والشرق الأقصى في إيطاليا، وتدور التكهنات الآن حول المصير ذاته لمهرجانَيْ فينيسيا وكان. في ظل تلك الأوضاع، قرّرت إدارة مهرجان "رؤى" التفكير خارج الصندوق –كما يُقال- باللجوء إلى إقامة فعاليات الدورة الجديدة من دون تجمعات تخالف توصيات منظمة الصحة العالمية، وذلك عبر العالم الافتراضي وكل أطراف المهرجان في بيوتهم لا يبرحونها يتابعون "رؤى" من خلال حفلات مشاهدة جماعية في أوقات محدّدة –وفق الجدول- يُحذف بعدها الفيلم من صفحة المهرجان، ليكون بذلك المهرجان الأول على مستوى العالم –حاليًا- يُقيم فعالياته من دون تجمعات.
أيام... بين بين
لم يستيقظ العالم بين يوم وليلة على إجراءات حاسمة لمواجهة تداعيات الفيروس، بل تخبّطت التفسيرات داخل كل بلد وتعدّدت الآراء حول إمكانية الإصابة من عدمها. بالتالي، خلق هذا تصاعدًا في تلك الإجراءات، بدءًا من التعليق ثم الإلغاء التام، لينتهي بالحجر المنزلي. وكان من الطبيعي أن يأخذ التدرج ذاته على مستوى الأفراد أيضًا والمنظمات، وهو ما حدث مع إدارة المهرجان، إذ توصّلت إلى قرارها النهائي –بالعرض الافتراضي- بعد مراحل عدّة على مدار أيام متقاربة وسريعة بسرعة انتشار الفيروس عالميًّا.
أعلنت إدارة المهرجان حرصها على سلامة الجميع ولذلك، أُجّلت فعالياته التي كان من المزمع عقدها في 11 مارس، نتيجة تعرّض البلاد لموجة عالية من سوء الأحوال الجوية، أدت إلى تساقط الأمطار لأيام على محافظات مصر كافة –لا يزال شبح الرعب من كورونا بعيدًا من الحسبان، فقط تأجيل جراء سوء الطقس- ترتّب عليه إلغاء حفل الافتتاح على أن تقتصر فعاليات المهرجان على عروض الأفلام فقط وإلغاء كلّ الفعاليات المصاحبة لهذه العروض مثل الندوات والورش السينمائية المختلفة. وكان من ضمن برنامج المهرجان لهذا العام، تكريم الناقد السينمائي الراحل سامي السلاموني، عبر أفلام نادرة قصيرة له تُعرض للمرة الأولى، ومعرض خاص وندوة للحديث عن مسيرته الفنية والنقدية من قبل سينمائيين وبعض المقرّبين المتخصّصين. ويُعتبر السلاموني من أهم الأسماء في النقد السينمائي في مصر وواحدًا من الذين أسهموا في تمهيد طريق الثقافة السينمائية لأجيال على المستويين –المتخصصين والجمهور العادي- على الرغم من أنّه بدأ حياته بقصة أولى وأخيرة ذهب بها إلى الكاتب عبد الفتاح الجمل -الذي كان مشرفاً على الملحق الأدبي لجريدة المساء- ولمّا لم تعجب الأخير، نصح السلاموني بأنه ليس كاتب قصة ودعاه إلى النظر حوله جيدًا قبل الكتابة، فما كان من السلاموني إلّا التجريب في كتابة المقال، وحين نشر مقاله النقدي الأول وتم الاحتفاء به، سهر السلاموني ليلتها طوال الليل يقرأ المقال عشرات المرات في الجورنال، واشترى بكلّ ما يملك نسخاً لتوزيعها على الأهل والأصدقاء في قريته.
خيبة الأمل
بيان مهم: احترامًا للتخوفات المشروعة التي أبداها عددٌ كبيرٌ من أصدقاء المهرجان، وعملاً بمنطق تفادي تعريض أي شخص إلى أي نوع من المخاطر الصحية أو غيرها نتيجة لمتابعة أعمال الدورة الثالثة للمهرجان كما كان مخططًا، قرّرنا إلغاء النسخة "الحية" للمهرجان وفعالياته. بالمقابل، فإنّ "رؤى" كعادته لن يرضخ للضغوط التي حاولت ومنذ إطلاقه ثنيه عن الاستمرار أو التطوّر، وتعبيراً عن هذا الإصرار، قررنا مشاركة أفلام المهرجان كافة عبر الإنترنت، نأسف لأي خيبة أمل قد يسبّبه هذا القرار لكثيرين.
طرحت إدارة المهرجان استفتاء عامًا لصنّاع الأفلام من خلال استمارة "تحديد موقف" حول الموافقة على عرض الأفلام "أون لاين"، الأمر الذي وجد فيه كثيرون عزاءً عن إلغاء الدورة بكاملها، وظهرت بعض الأصوات الرافضة للفكرة باعتبارها خرقًا للحقوق الملكية والفكرية، ومنهم أسامة السيد، المشرف على فيلم "ميكروفون" الذي أعلن انسحابه من التنافس والعرض. وأوضح مصطفى حسين، المدير التنسيقي للمهرجان، مراحل اتخاذهم لهذا القرار، إذ ذهبت الآراء في البداية إلى استقبال 200 متفرج فقط في القاعة الشرقية للجامعة الأميركية التي تستوعب 900 مشاهد لإتاحة متر بين كل فرد وآخر، ولكنّهم حين توصّلوا إلى الحل الإلكتروني وأجروا الاستفتاء عليه، كانت النتيجة موافقة أكثر من 70 في المئة من صنّاع الأفلام.
وحول التجربة، يقول رئيس المهرجان مالك خوري إنّ "رؤى هو المهرجان السينمائي الوحيد –حتى الآن- الذي حاول مجابهة الظرف الطارئ العالمي لوباء كورونا بالعالم الافتراضي"، مضيفاً "ربما ضوء شمعة صغيرة رمزية في هذه الأيام المظلمة والحزينة التي نعيش فيها. لا يمكن لأحد أن يلغي السينما البديلة في مصر، هي تتحدّى و"تعافر" وبالنهاية تبقى وتقوى وتعود "كابوساً" للبعض، وأملاً بالحياة والتغيير والثورة على الذات لكثيرين، ولو بأشكال مختلفة". لا شك في أنّها خطوة مغايرة وسط الحالة التي يعيشها العالم حالياً من خوف وترقب للغد، فأن يكون هناك متنفسٌ للفن وللجمال وفي بلد من بلدان –العالم الثالث- المعنيّ في المقام الأول بتفاصيله المعيشية، لهو مكسب في حدّ ذاته.
"التشرنق"... دعوة إلى الخروج
"صلصال"، فيلم تحريك صامت، إخراج مصطفى أحمد زين، 5 دقائق، وهو دعوة إلى الخروج من الذات المتشرنقة على نفسها، إذ يعرض الفيلم بداية يوم من حياة البطل على صياح الديك يتبعه صوت لغربان وبعض الكلاب مع تقلّب في الحالة المناخية. لا نعرف من هو البطل وما هي مشكلته، ولكنّ المخرج يرسم صورة عامة لحالته من خلال ملابسه الملقاة على الأرض وبجوارها زجاجة خمر فارغة، ثم محاولاته المضنية في كتابة شيءٍ ما لا يأتي أبدًا. يقرّر البطل الذهاب في رحلة خارج الحجرة المميتة التي يعيش فيها، فيُفاجأ بطقس أكثر قسوة في الخارج، جليد يكسو كل الأماكن، وحين يشرع في الرسم في دفتره، يتحوّل الجليد من حوله وتكتسي الشوارع بالأشجار وإلى جواره، تنتصب شجرة كبيرة لعيد الميلاد "الكريسماس"، كإشارة إلى استطاعته خلق عالم آخر مملوء بالحياة، على خلاف العالم الضيّق المتشرنق فيه.
"170 كلمة يومياً"... فيلم روائي، سيناريو وإخراج حسن محمد الشواف 20 دقيقة، ينطلق الفيلم من فكرة ديستوبية مفادها بأنّ الدولة قرّرت تخصيص حصة يومية لكل مواطن من الكلمات لا يستطيع النطق فور انتهائها بمقدار 170 كلمة للمواطن، ويُستثنى من ذلك الرؤساء والوزراء والسياسيين والإعلاميين. يبدأ الفيلم بصوت الراوي وهو يحكي عمّا آلت إليه البلد منذ فترة، نتيجة القرارات الجديدة الخاصة بالكلام، تصاحب ذلك صورة هلامية لترابيزة بلياردو تسبح في فضاء أحمر داكن وخلفيّة لصوت ضربات قلب، ربما هذا الفضاء هو الرحم الذي يسكن فيه هذا المواطن الجديد، في مواجهة قوى السلطة. يُفتتح الفيلم بمشهد لامرأة تتم سرقتها وقتلها أمام باب المبنى، وحين تحاول طلب النجدة بعد هروب الجاني، يتّضح أن رصيدها من الكلمات قد نفذ، فلا تستطيع الاستغاثة بكلمة لإنقاذ حياتها.
نجح الفيلم في استخدام "ثيمات" العالم الافتراضي من خلال محادثات التشات بين "يوسف" البطل وحبيبته، وظهور عدّاد تنازلي أعلى الرأس يطرح كل كلمة ينطقانها من رصيدهما اليومي. والفيلم يستند إلى قصيدة الشاعر الإنجليزي جيفري ماكدانييل بعنوان "العالم الهادئ": "في محاولة لدفع الناس إلى النظر في عيون بعضهم البعض وترضية للبكم قررت الحكومة أن تخصص لكل فرد 167كلمة في اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.