أبناء سيناء: الإرهاب أوقف الحياة وشهدائنا مع الشرطة والجيش طهروها بدمائهم    4 أيام متواصلة.. موعد إجازة شم النسيم وعيد العمال للقطاعين العام والخاص والبنوك    بعد ارتفاعها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وغرامات التأخير    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 مايو 2024 في البنوك بعد تثبيت سعر الفائدة الأمريكي    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    إسرائيل تؤكد مقتل أحد الرهائن المحتجزين في غزة    فلسطين.. وصول إصابات إلى مستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال منزل بحي تل السلطان    إبراهيم سعيد يهاجم عبد الله السعيد: نسي الكورة ووجوده زي عدمه في الزمالك    أحمد شوبير منفعلا: «اللي بيحصل مع الأهلي شيء عجيب ومريب»    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    جمال علام يكشف حقيقة الخلافات مع علاء نبيل    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    فوز مثير لفيورنتينا على كلوب بروج في نصف نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجوى عانوس تعيد الاعتبار ليعقوب صنوع
نشر في صوت البلد يوم 11 - 12 - 2019

اتخذ بعض باحثي المسرح من يهودية يعقوب صنوع ذريعة للعبث بريادة المسرح المصري من خلال إقصاء تاريخه باعتباره رائد هذا المسرح ومؤسسه عام 1870، وتحديد انطلاقة المسرح المصري بالعام 1905، ومن ثم خصم 35 عامًا من عمر ورصيد المسرح المصري، بل ذهب أحدهم في كتاب له بعنوان "محاكمة مسرح يعقوب صنوع" إلى التساؤل عن احتمالية بأن يكون صنوع عميلًا للصهيونية وأن الخلية الصهيونية هي التي أدخلت اسمه في مجتمع المسرح العربي"؛ الأمر الذي دفع أستاذة علوم المسرح نجوى عانوس أحد أبرز المشتغلين على تراث المسرح المصري عامة ومسرح يعقوب صنوع منذ انطلاق دراساتها الأكاديمية على يد د.عز الدين إسماعيل عام 1977، إلى أن تضع حدًّا نهائيًّا لهذه الترهات التي اعتمد صاحبها ومروجها على منهج المغالطات، ومن ثم إعادة الاعتبار لصنوع وريادة المسرح المصري.
الكتاب الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان "يعقوب صنوع رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة دراسة أبستمولوجية" يقف على جزء مهم من تاريخ المسرح المصري بمنهج نقدي لكشف الأخطاء ومحاولة تصحيحها، وقد رصدت د.عانوس في جانب من مقدمتها للكتاب أسباب تصديها لما ورد من مغالطات وأخطاء بحق يعقوب صنوع وريادة المسرح المسرح، قالت "طلب مني د.سيد علي مصادري في مسرح يعقوب صنوع، فقدمت له صورة كاملة من مجلة أبي نضارة وصورة من ألبوم أبي نضارة وصورة من مسرحية الزوج الخائن باللغة الإيطالية آملة أن يقدم دراسة جديدة وأهديت المجلة كاملة إلى دار الكتب المصرية حتى تكون أمام جميع الدارسين، إلا أن د.سيد علي كتب محاكمة مسرح يعقوب صنوع الذي يعتمد على منهج المغالطات وترفعت عن الرد، ووجدت أن الرد يعد إهدارًا لوقتي، وقد هالني ما حدث في مهرجان المسرح العربي الذي انعقد بالقاهرة في يناير/كانون الأول 2019، حيث حددت الندوة الفكرية بداية المسرح من 1905 حيث يمثل هذا التاريخ عبثا لتاريخ وذاكرة مصر وجاء السؤال لصالح من إغفال وتقليم أظافر القوي الناعمة لمصر".
وأوضحت د.عانوس تفاصيل الدافع الحقيقي وراء كتابها الضخم، قالت "إن ريادة يعقوب صنوع للمسرح المصري من 1870 من الثوابت التي اتفق عليها مؤرخو المسرح المعاصر، وفي تلك الفترة التاريخية وعندما ثار ذلك الجدل حول إنكار صنوع وريادته ترفعت عن الولوج في هذا العبث المعرفي الذي اعتبرته هدرًا للجهد الإنساني والمعرفي لإثبات ما هو حقيقي، إلا أن المغالطات تضخمت وانتشرت، إذ فاجأني كتاب محاكمة مسرح يعقوب صنوع للدكتور سيد علي، ويشير العنوان بداية إلى فرض الأحكام المسبقة فهو يحاكم صنوع ويوحي للمتلقي بأنه متهم".
وأضافت "يستهل صاحب المحاكمة كتابه بتوضيح إعجابه بأحد طلابه ويصفه بأحد النابهين، الذي طرح أسئلة وهي: يوجد احتمال بأن يعقوب صنوع عميل للصهيونية، وأن الخلية الصهيونية هي التي أدخلته إلى مجتمع المسرح العربي، فلماذا لا يكون هناك تعاون مسبق بينكم وبين الحكومة المصرية بحيث تثبتوا للعالم بأن رائد المسرح المصري هو مسلم مصري؟
الشيء الغريب في الأمر هو كمية الأدلة الضخمة التي استطاع د.سيد علي الحصول عليها، لذلك ذكرت أن الحكومة المصرية لها دخل في الموضوع وإلا كيف استطاع الحصول على تلك المعلومات المهمة بهذه السرعة القياسية؟ إن تمهيد المحاكمة المزعومة بمقولة هذا الطالب للتأثير على المتلقي فيقول إن الخلية الصهيونية هي التي أدخلت يعقوب صنوع في المسرح ليمهد للقارئ نتيجة خاطئة وهي أن "يعقوب صنوع صهيوني يحمل جرم إسرائيل في فلسطين ومن ثم يكرهه المتلقي ويرفضه ابتداء، إنها حالة من التلاعب الخطابي على لسان أحد طلابه ليضلل المتلقي ويصادر على العقلية النقدية عند القارئ الذي يرفع عن نفسه الاتهام، وكأنه يقول للقراء ما رأيكم لو جعلنا مؤسس المسرح العربي مسلما ولو بالمغالطات؟ وما دخل الحكومة المصرية التي لا تعرف تفريقًا بين الأديان في الإدعات وما دخلها في ريادة يعقوب صنوع للمسرح؟!".
هكذا أعلنت د.عانوس ترفعها عن الرد على مغالطات التأريخ للمسرح المسرحي والتي انتشرت على مدار عشرين عاما تقريبا إيمانا منها أن البحث الجاد سيسقط كل تلك الأخطاء التي اعتمدت منهج المغالطات السفسطائية والتي أرادت أن تعتمد ريادة للمسرح الحديث لغير صنوع وروجت لها كتابات اتخذت من يهودية صنوع سببًا لإقصاء تاريخه وليس من البحث والتدقيق والتمحيص فأصبح غير موجود تارة ثم له وجود باهت تارة أخرى. صنوع ذلك العبقري الذي قد نختلف معه لكن لا يمكن أن نختلف على ريادته للصحافة الهزلية والكاريكاتير والمسرح والصحف المصورة واللعبات التياترية كانت كل محاولات إقصاء يعقوب صنوع تعتمد علي تقصير الباحثين في عدم البحث عن مصادر. وهو ما دفع د.عانوس للسفر لأكثر من مكتبة والبحث في أرشيفات وطنية لبلدان مختلفة تحتفظ بوثائق عن مصر في القرن التاسع عشر وهو ما نحجت فيه بالوصول لأدلة دامغة تؤكد فاعلية وريادة صنوع بل أن جمهور حفلاته وصل لألف شخص في بعض الحفلات.
استطاعت د.عانوس أن تبحث في دوريات وادي النيل والجوائب وإيجبت والبحث في مكتبة أتاتورك لدحض تلك المغالطات المزعومة، وفي مقدمة وتمهيد كتابها تكشف عن مشروعها الرائد في دراسة تاريخ المسرح المصري حيث قدمت في هذا المجال أكثر من 30 كتابا وبحثًا محكمًا منها كتابها العمدة في المسرح المصري "التمصير في المسرح المصري"، "مسرح يعقوب صنوع" و"اللعبات التياتيرية"، و"مسرح أمين صدقي" و"مسرح يونس القاضي" وغيرها ويعد هذا الكتاب هو الثالث الذي تتناول فيه مسرح يعقوب صنوع.
وكانت عانوس قد بدأت دراستها بالبحث في دوريات الفترة 1970 1972 وأهمها وادي النيل الجوائب إيجيبت، إلا أنني لم أجد وادي النيل في دار الكتب المصرية فمعظمها قد سرق والبعض الآخر قد تم دفنه في مقبرة الترميم. أما صحيفة الجوائب فقد عثر فيها ابني د.نبيل بهجت على خبر يفيد ريادة جيمس سنوا أو يعقوب صنوع للمسرح، مما شجعني على البحث في هذه الدورية ولكني لم أجد في دار الكتب المصرية إلا أعدادا متفرقة منها، وبالرجوع إلى كتاب فيليب دي طرازي (تاريخ الصحافة) وجدت أن مجلة الجوائب، تركية وانتشرت في مصر الخاضعة تحت السيطرة العثمانية. سافرت إلى تركيا (استنبول) لتكون تركيا هي البلد الثالث الذي سافرتها بحثا عن صنوع بعد بيروت وباريس".
ولفتت د.عانوس أن كتاب "المحاكمة" أسس دافعه البحثي على فرضيات سياسية ورغبة في إقصاء صنوع من المشهد لكونه يهوديا، وهو ما يتنافي ومنطق البحث العلمي بل وطبيعة الحياة الثقافية في مصر التي اعتمد مبدأ الاحتواء والاستفادة من كافة العناصر لتكوين الوعي الحضاري عبر تاريخ مصر من مبدأ التراكم وليس الاقصاء، وتقدم بداية الأسماء التي وقع به صنوع لنفسه. وتوضح سبب اختياره لاسم يعقوب قائلة "إن وعيه الفكري والسياسي كان حافزه المسيطر على طرح هويته من خلال إبداعاته المختلفة".
ثم تقدم د.عانوس من خلال التمهيد عددًا من الأخبار الصحفية المنشورة وقت عرض المسرحيات، والتي تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على وجود مسرح يعقوب صنوع وأثره الواضح في المجتمع، وتشرح تفاصيل تجربته الفنية وأن مسرح صنوع هو شكل للتمدين الذي يرنو إليه الخديوي.
إن أهم ما طرحته د.عانوس بخلاف الإعلانات المسرحية هي توضحيها للأسماء المختلفة والهويات التي طرح يعقوب صنوع من خلالها نفسه هي ما تسببت في كثير من اللبس وهي "ميسو جيمس، الخواجة جيمس سنوا، الخواجه جميس، مستر جيمس، جيمس سنوا المصري مؤسس التياتيرات العربية، مجلة أبونظارة أو أبونضارة، وكتب على مذكراته بقلم الشيخ "جيمس سنووا أبونضاره - شاعر الملوك".
وانهت د.عانوس تمهيدها قائلة "أكدت في هذا التمهيد على ريادة يعقوب للمسرح من 1872 – 1970 وأقصد هنا بهذا التاريخ العرض على خشبة المسرح، واستمر صنوع يكتب مسرحياته إلى 1910 إذ كتب بعد 1872 موليير مصر وما يقاسيه والزوج الخائن، وكتب ثلاثين لعبة تياترية منشورة في المجلة وهي عبارة عن دراما صحفية أو مسرحيات صحفية مصورة رسم فيها رؤيته الإخراجية رسمًا دقيقًا يجعل المتلقي يشاهد العرض بالصور وإن لم يشاهده على خشبة المسرح، ويصف لنا صنوع في لعباته تقنيات العرض المسرحي "ملابس حركة الممثل ديكور.. إلخ" وبالتالي لا ينتهي مسرح صنوع 1972 ولكن ظل هذا المسرح إلى 1910 بالصورة وليس بخشبة المسرح".
جاء الفصل الأول من الكتاب بعنوان "عالم يعقوب الفكري" حيث تقف د.عانوس على ماسونية يعقوب صنوع وأثر ووعي الحركة الماسونية في المجتمع آنذاك وعلاقة صنوع بالمصلح الاجتماعي الثوري جمال الدين الأفغاني الذي كان عضوًا بمحل كوكب الشرق الماسوني، وتنهي الفصل بمقولة عبد الوهاب المسيري "إن يعقوب صنوع عبقري يهودي وثمرة رائعة للمجتمع المصري العربي الإسلامي بتركيبته وعراقته وتسامحه، ومع هذا لا بد أن نشير إلى أن البعد اليهودي قد يفسر حركية يعقوب صنوع الزائدة وقدراته الفائقة على التحرك داخل تشكيلات حضارية مختلفة واستيعابها وتعلمها العديد من اللغات ومع هذا يظل انتماؤه إلى مجتمعه والمصري العربي المسلم هو العنصر الأكثر تفسيرية".
وجاء الفصل الثاني تحت عنوان "عالم يعقوب الفكري في لعباته التياتيرية" وتقف د.عانوس في هذا الفصل على دراسة المسرحيات المصورة، اللعبات التياتيرية، كشكل لإبداع جديد في المسرح العربي، كما تقف على أثر التراث الشعبي في تشكيل تلك اللعبات خاصة "القرادتي حكم قراقوش الواد المرق أبو شادوف". كذلك تقدم للمسرحيات المصورة عنده ووعيه الإخراجي الذي طرحه من خلال الرسم المصاحب. كذلك وقفت بالتحليل على سلطان الكنوز أو رشيد سلطان الكنوز وغيرها من اللعبات "لعبة ستي وحيدة أم نضارة بيضا الطف وافخر هوانم شيخ الحارة يالله بنا على السودان ولعبة الجهادي.
وقدمت عانوس في القسم الثاني من الكتاب المسرحيات المجهولة ليعقوب صنوع "جميس وما يقاسيه" وعدد من اللعبات التياتيرية منها "القرادتي حكم قراقوش بالوظة أغا وعدالته الكبانية لعبه تياتيرية الدخاخني زمزم المسكينة جرسة اسماعيل" ثم قدمت المسرحيات المصورة "سلطان الكنوز وملعوب الحدق ومحاورة بين سي مرجان اغا والشيخ منصور وجعفر اغا وعلي أفندي وعشيق جمال هانم في سلاملك من سلاملكات فرعون، وعصبة الأنجال على الوزير الدجال، والبارلمنتوا المصري، والجهادي وشيخ الحارة، والواد، والواد المرق زابوشدوف الحدق، وستي وحيدة أم نظارة بيضا، وسقوطنوبار، ويالله بينا على السودان، وتشكر الانكليز، ولفة توفيق الصعيدي بالزفاف والحيل الانكليزية، والأسد الافريقي، والخديو عباس الثاني النسر الاسود الالماني، وفتح بربروالمستر بول بلع الاسطول، ورواية فتح السودان، ويا مسكين ياسوداني، وانتصار الفلاح، والخديو عباس والإنجليزي الخساس وغيرها.
وهكذا يمثل الكتاب حلقة مهمة في تاريخ المسرح المصري يفتح باب النقاش مجددا حول يعقوب صنوع خاصة أن مؤلفته واحدة من أهم المتخصصين في المسرح المصري ويؤكد الكتاب على عبقرية مصر التي احتوت الجميع لتصنع حضارتها ونهضتها الحديثة.
اتخذ بعض باحثي المسرح من يهودية يعقوب صنوع ذريعة للعبث بريادة المسرح المصري من خلال إقصاء تاريخه باعتباره رائد هذا المسرح ومؤسسه عام 1870، وتحديد انطلاقة المسرح المصري بالعام 1905، ومن ثم خصم 35 عامًا من عمر ورصيد المسرح المصري، بل ذهب أحدهم في كتاب له بعنوان "محاكمة مسرح يعقوب صنوع" إلى التساؤل عن احتمالية بأن يكون صنوع عميلًا للصهيونية وأن الخلية الصهيونية هي التي أدخلت اسمه في مجتمع المسرح العربي"؛ الأمر الذي دفع أستاذة علوم المسرح نجوى عانوس أحد أبرز المشتغلين على تراث المسرح المصري عامة ومسرح يعقوب صنوع منذ انطلاق دراساتها الأكاديمية على يد د.عز الدين إسماعيل عام 1977، إلى أن تضع حدًّا نهائيًّا لهذه الترهات التي اعتمد صاحبها ومروجها على منهج المغالطات، ومن ثم إعادة الاعتبار لصنوع وريادة المسرح المصري.
الكتاب الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان "يعقوب صنوع رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة دراسة أبستمولوجية" يقف على جزء مهم من تاريخ المسرح المصري بمنهج نقدي لكشف الأخطاء ومحاولة تصحيحها، وقد رصدت د.عانوس في جانب من مقدمتها للكتاب أسباب تصديها لما ورد من مغالطات وأخطاء بحق يعقوب صنوع وريادة المسرح المسرح، قالت "طلب مني د.سيد علي مصادري في مسرح يعقوب صنوع، فقدمت له صورة كاملة من مجلة أبي نضارة وصورة من ألبوم أبي نضارة وصورة من مسرحية الزوج الخائن باللغة الإيطالية آملة أن يقدم دراسة جديدة وأهديت المجلة كاملة إلى دار الكتب المصرية حتى تكون أمام جميع الدارسين، إلا أن د.سيد علي كتب محاكمة مسرح يعقوب صنوع الذي يعتمد على منهج المغالطات وترفعت عن الرد، ووجدت أن الرد يعد إهدارًا لوقتي، وقد هالني ما حدث في مهرجان المسرح العربي الذي انعقد بالقاهرة في يناير/كانون الأول 2019، حيث حددت الندوة الفكرية بداية المسرح من 1905 حيث يمثل هذا التاريخ عبثا لتاريخ وذاكرة مصر وجاء السؤال لصالح من إغفال وتقليم أظافر القوي الناعمة لمصر".
وأوضحت د.عانوس تفاصيل الدافع الحقيقي وراء كتابها الضخم، قالت "إن ريادة يعقوب صنوع للمسرح المصري من 1870 من الثوابت التي اتفق عليها مؤرخو المسرح المعاصر، وفي تلك الفترة التاريخية وعندما ثار ذلك الجدل حول إنكار صنوع وريادته ترفعت عن الولوج في هذا العبث المعرفي الذي اعتبرته هدرًا للجهد الإنساني والمعرفي لإثبات ما هو حقيقي، إلا أن المغالطات تضخمت وانتشرت، إذ فاجأني كتاب محاكمة مسرح يعقوب صنوع للدكتور سيد علي، ويشير العنوان بداية إلى فرض الأحكام المسبقة فهو يحاكم صنوع ويوحي للمتلقي بأنه متهم".
وأضافت "يستهل صاحب المحاكمة كتابه بتوضيح إعجابه بأحد طلابه ويصفه بأحد النابهين، الذي طرح أسئلة وهي: يوجد احتمال بأن يعقوب صنوع عميل للصهيونية، وأن الخلية الصهيونية هي التي أدخلته إلى مجتمع المسرح العربي، فلماذا لا يكون هناك تعاون مسبق بينكم وبين الحكومة المصرية بحيث تثبتوا للعالم بأن رائد المسرح المصري هو مسلم مصري؟
الشيء الغريب في الأمر هو كمية الأدلة الضخمة التي استطاع د.سيد علي الحصول عليها، لذلك ذكرت أن الحكومة المصرية لها دخل في الموضوع وإلا كيف استطاع الحصول على تلك المعلومات المهمة بهذه السرعة القياسية؟ إن تمهيد المحاكمة المزعومة بمقولة هذا الطالب للتأثير على المتلقي فيقول إن الخلية الصهيونية هي التي أدخلت يعقوب صنوع في المسرح ليمهد للقارئ نتيجة خاطئة وهي أن "يعقوب صنوع صهيوني يحمل جرم إسرائيل في فلسطين ومن ثم يكرهه المتلقي ويرفضه ابتداء، إنها حالة من التلاعب الخطابي على لسان أحد طلابه ليضلل المتلقي ويصادر على العقلية النقدية عند القارئ الذي يرفع عن نفسه الاتهام، وكأنه يقول للقراء ما رأيكم لو جعلنا مؤسس المسرح العربي مسلما ولو بالمغالطات؟ وما دخل الحكومة المصرية التي لا تعرف تفريقًا بين الأديان في الإدعات وما دخلها في ريادة يعقوب صنوع للمسرح؟!".
هكذا أعلنت د.عانوس ترفعها عن الرد على مغالطات التأريخ للمسرح المسرحي والتي انتشرت على مدار عشرين عاما تقريبا إيمانا منها أن البحث الجاد سيسقط كل تلك الأخطاء التي اعتمدت منهج المغالطات السفسطائية والتي أرادت أن تعتمد ريادة للمسرح الحديث لغير صنوع وروجت لها كتابات اتخذت من يهودية صنوع سببًا لإقصاء تاريخه وليس من البحث والتدقيق والتمحيص فأصبح غير موجود تارة ثم له وجود باهت تارة أخرى. صنوع ذلك العبقري الذي قد نختلف معه لكن لا يمكن أن نختلف على ريادته للصحافة الهزلية والكاريكاتير والمسرح والصحف المصورة واللعبات التياترية كانت كل محاولات إقصاء يعقوب صنوع تعتمد علي تقصير الباحثين في عدم البحث عن مصادر. وهو ما دفع د.عانوس للسفر لأكثر من مكتبة والبحث في أرشيفات وطنية لبلدان مختلفة تحتفظ بوثائق عن مصر في القرن التاسع عشر وهو ما نحجت فيه بالوصول لأدلة دامغة تؤكد فاعلية وريادة صنوع بل أن جمهور حفلاته وصل لألف شخص في بعض الحفلات.
استطاعت د.عانوس أن تبحث في دوريات وادي النيل والجوائب وإيجبت والبحث في مكتبة أتاتورك لدحض تلك المغالطات المزعومة، وفي مقدمة وتمهيد كتابها تكشف عن مشروعها الرائد في دراسة تاريخ المسرح المصري حيث قدمت في هذا المجال أكثر من 30 كتابا وبحثًا محكمًا منها كتابها العمدة في المسرح المصري "التمصير في المسرح المصري"، "مسرح يعقوب صنوع" و"اللعبات التياتيرية"، و"مسرح أمين صدقي" و"مسرح يونس القاضي" وغيرها ويعد هذا الكتاب هو الثالث الذي تتناول فيه مسرح يعقوب صنوع.
وكانت عانوس قد بدأت دراستها بالبحث في دوريات الفترة 1970 1972 وأهمها وادي النيل الجوائب إيجيبت، إلا أنني لم أجد وادي النيل في دار الكتب المصرية فمعظمها قد سرق والبعض الآخر قد تم دفنه في مقبرة الترميم. أما صحيفة الجوائب فقد عثر فيها ابني د.نبيل بهجت على خبر يفيد ريادة جيمس سنوا أو يعقوب صنوع للمسرح، مما شجعني على البحث في هذه الدورية ولكني لم أجد في دار الكتب المصرية إلا أعدادا متفرقة منها، وبالرجوع إلى كتاب فيليب دي طرازي (تاريخ الصحافة) وجدت أن مجلة الجوائب، تركية وانتشرت في مصر الخاضعة تحت السيطرة العثمانية. سافرت إلى تركيا (استنبول) لتكون تركيا هي البلد الثالث الذي سافرتها بحثا عن صنوع بعد بيروت وباريس".
ولفتت د.عانوس أن كتاب "المحاكمة" أسس دافعه البحثي على فرضيات سياسية ورغبة في إقصاء صنوع من المشهد لكونه يهوديا، وهو ما يتنافي ومنطق البحث العلمي بل وطبيعة الحياة الثقافية في مصر التي اعتمد مبدأ الاحتواء والاستفادة من كافة العناصر لتكوين الوعي الحضاري عبر تاريخ مصر من مبدأ التراكم وليس الاقصاء، وتقدم بداية الأسماء التي وقع به صنوع لنفسه. وتوضح سبب اختياره لاسم يعقوب قائلة "إن وعيه الفكري والسياسي كان حافزه المسيطر على طرح هويته من خلال إبداعاته المختلفة".
ثم تقدم د.عانوس من خلال التمهيد عددًا من الأخبار الصحفية المنشورة وقت عرض المسرحيات، والتي تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على وجود مسرح يعقوب صنوع وأثره الواضح في المجتمع، وتشرح تفاصيل تجربته الفنية وأن مسرح صنوع هو شكل للتمدين الذي يرنو إليه الخديوي.
إن أهم ما طرحته د.عانوس بخلاف الإعلانات المسرحية هي توضحيها للأسماء المختلفة والهويات التي طرح يعقوب صنوع من خلالها نفسه هي ما تسببت في كثير من اللبس وهي "ميسو جيمس، الخواجة جيمس سنوا، الخواجه جميس، مستر جيمس، جيمس سنوا المصري مؤسس التياتيرات العربية، مجلة أبونظارة أو أبونضارة، وكتب على مذكراته بقلم الشيخ "جيمس سنووا أبونضاره - شاعر الملوك".
وانهت د.عانوس تمهيدها قائلة "أكدت في هذا التمهيد على ريادة يعقوب للمسرح من 1872 – 1970 وأقصد هنا بهذا التاريخ العرض على خشبة المسرح، واستمر صنوع يكتب مسرحياته إلى 1910 إذ كتب بعد 1872 موليير مصر وما يقاسيه والزوج الخائن، وكتب ثلاثين لعبة تياترية منشورة في المجلة وهي عبارة عن دراما صحفية أو مسرحيات صحفية مصورة رسم فيها رؤيته الإخراجية رسمًا دقيقًا يجعل المتلقي يشاهد العرض بالصور وإن لم يشاهده على خشبة المسرح، ويصف لنا صنوع في لعباته تقنيات العرض المسرحي "ملابس حركة الممثل ديكور.. إلخ" وبالتالي لا ينتهي مسرح صنوع 1972 ولكن ظل هذا المسرح إلى 1910 بالصورة وليس بخشبة المسرح".
جاء الفصل الأول من الكتاب بعنوان "عالم يعقوب الفكري" حيث تقف د.عانوس على ماسونية يعقوب صنوع وأثر ووعي الحركة الماسونية في المجتمع آنذاك وعلاقة صنوع بالمصلح الاجتماعي الثوري جمال الدين الأفغاني الذي كان عضوًا بمحل كوكب الشرق الماسوني، وتنهي الفصل بمقولة عبد الوهاب المسيري "إن يعقوب صنوع عبقري يهودي وثمرة رائعة للمجتمع المصري العربي الإسلامي بتركيبته وعراقته وتسامحه، ومع هذا لا بد أن نشير إلى أن البعد اليهودي قد يفسر حركية يعقوب صنوع الزائدة وقدراته الفائقة على التحرك داخل تشكيلات حضارية مختلفة واستيعابها وتعلمها العديد من اللغات ومع هذا يظل انتماؤه إلى مجتمعه والمصري العربي المسلم هو العنصر الأكثر تفسيرية".
وجاء الفصل الثاني تحت عنوان "عالم يعقوب الفكري في لعباته التياتيرية" وتقف د.عانوس في هذا الفصل على دراسة المسرحيات المصورة، اللعبات التياتيرية، كشكل لإبداع جديد في المسرح العربي، كما تقف على أثر التراث الشعبي في تشكيل تلك اللعبات خاصة "القرادتي حكم قراقوش الواد المرق أبو شادوف". كذلك تقدم للمسرحيات المصورة عنده ووعيه الإخراجي الذي طرحه من خلال الرسم المصاحب. كذلك وقفت بالتحليل على سلطان الكنوز أو رشيد سلطان الكنوز وغيرها من اللعبات "لعبة ستي وحيدة أم نضارة بيضا الطف وافخر هوانم شيخ الحارة يالله بنا على السودان ولعبة الجهادي.
وقدمت عانوس في القسم الثاني من الكتاب المسرحيات المجهولة ليعقوب صنوع "جميس وما يقاسيه" وعدد من اللعبات التياتيرية منها "القرادتي حكم قراقوش بالوظة أغا وعدالته الكبانية لعبه تياتيرية الدخاخني زمزم المسكينة جرسة اسماعيل" ثم قدمت المسرحيات المصورة "سلطان الكنوز وملعوب الحدق ومحاورة بين سي مرجان اغا والشيخ منصور وجعفر اغا وعلي أفندي وعشيق جمال هانم في سلاملك من سلاملكات فرعون، وعصبة الأنجال على الوزير الدجال، والبارلمنتوا المصري، والجهادي وشيخ الحارة، والواد، والواد المرق زابوشدوف الحدق، وستي وحيدة أم نظارة بيضا، وسقوطنوبار، ويالله بينا على السودان، وتشكر الانكليز، ولفة توفيق الصعيدي بالزفاف والحيل الانكليزية، والأسد الافريقي، والخديو عباس الثاني النسر الاسود الالماني، وفتح بربروالمستر بول بلع الاسطول، ورواية فتح السودان، ويا مسكين ياسوداني، وانتصار الفلاح، والخديو عباس والإنجليزي الخساس وغيرها.
وهكذا يمثل الكتاب حلقة مهمة في تاريخ المسرح المصري يفتح باب النقاش مجددا حول يعقوب صنوع خاصة أن مؤلفته واحدة من أهم المتخصصين في المسرح المصري ويؤكد الكتاب على عبقرية مصر التي احتوت الجميع لتصنع حضارتها ونهضتها الحديثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.