بدا واضحا في تونس مساء الأحد أن طرفي الخلاف السياسي قد اختارا الشارع لتحسين شروط التفاوض حول اقتسام السلطة، وذلك بعد الهزة التي اصابت البلاد مع اغتيال المعارض القومي وعضو المجلس التأسيسي، المعارض محمد البراهمي. وتمكّن معارضو النهضة بعد كرّ وفرّ من الاعتصام أمام المجلس الوطني التأسيسي في باردو بالعاصمة تونس، ونصبوا خياما بعد أن منعتهم الشرطة في عدة مناسبات من التمترس أمام المجلس. ودفعت حركة النهضة الاسلامية التي تقود المرحلة الانتقالية في البلاد، بأنصارها الى ذات المكان للدفاع عن "الشرعية" ورفض ما أسمته "محاولات للانقلاب على اختيار التونسيين". وتطالب المعارضة العلمانية في تونس بحل المجلس التأسيسي واستقالة الحكومة الاسلامية بعد اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي الذي شيع السبت في جنازة تحولت الى تظاهرة وأعمال عنف، جعلت البلاد تدخل منعطفا قد يكون حاسما حسب كثير من المتابعين. وقال شهود عيان، إن أعداد المتظاهرين من الجانبين، تزايدت مساء الأحد بعد الافطار، وان الشرطة عززت وجودها للفصل بينهما، وسط مخاوف من اشتباكات بينهما. وبعد غلق كل المداخل المؤدية إلى ساحة باردو التي تضمّ المجلس الوطني التأسيسي، قامت الشرطة معززة بالكلاب المدربة بالفصل بين مساندي الشرعية والمطالبين بحل المجلس التأسيسي والحكومة، بحواجز حديدية وحرصت على ترك مسافة فاصلة بين طرفي الخلاف السياسي. وينادي شق من المتظاهرين أمام المجلس التأسيسي في منطقة باردو، بمساندة الشرعية والمؤسسات المنتخبة من ناحية، فيما يطالب الآخر بحل الحكومة والتأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وقام منظمو وقفة مساندة الشرعية بتوزيع بيان على الحاضرين يدعو إلى الوقوف صفا واحدا لاستكمال كتابة الدستور وانجاز انتخابات حرة وشفافة في أقرب الآجال وتفويت الفرصة على من وصفهم ب"المغامرين" لإدخال البلاد في المجهول وبث الفتنة والفرقة بين التونسيين، وفق نص البيان. ومنذ السبت الماضي، وبعد تشييع البراهمي الذي قضى بإطلاق 14 رصاصة عليه، تجمع متظاهرون امام مقر المجلس الوطني التاسيسي وقامت الشرطة بتفريق هذا الاعتصام بالقوة، ولكن اصرار المعارضين على الاعتصام جعل الشرطة ترضخ للأمر الواقع. واتهمت السلطات التونسية سلفيين متطرفين قريبين من حركة انصار الشريعة باغتيال البراهمي. لكن انصار الشريعة نفت الاحد في بيان نشرته على موقع فيسبوك اي ضلوع لها في هذا الاغتيال "السياسي الذي يشكل جزءا من محاولات معروفة لدفع البلاد الى الفوضى" لمصلحة "بقايا النظام السابق". وكانت وزارة الداخلية نشرت الجمعة قائمة باسماء 14 مشتبها بهم قالت انهم ضالعون في اغتيال البراهمي وفي قتل المعارض اليساري شكري بلعيد في شباط/فبراير الفائت. لكن عائلتي البراهمي وبلعيد تصران على اتهام النهضة. وأصيب جراء العنف المتبادل بين الشرطة وأنصار المعارضة أمام المجلس التأسيسي، نائب يساري هو المنجي الرحوي، فيما حاولت قوات الامن فصل مجموعتي المتظاهرين مستخدمة الحواجز، علما بان كلا الطرفين تبادل الهتافات والشتائم والشعارات المناوئة للطرف الآخر. ونقلت تقارير اعلامية محلّية عن المعارضة الاحد، قولها انها قد تشكل "حكومة إنقاذ" بديلة عن حكومة الاسلامي علي العريض. وقال زعماء المعارضة الذين شجعهم عزل الرئيس الاسلامي في مصر على يدي الجيش انهم غير مهتمين بالمصالحة مع حزب النهضة الاسلامي المهيمن. وقال الجيلاني الهمامي العضو القيادي في ائتلاف جبهة الانقاذ وحزب العمال التونسي "جبهة الانقاذ ستجتمع مساء يوم الأحد وستناقش تشكيل حكومة جديدة وستدرس تعيين مرشح لمنصب رئيس الوزراء خلفا لهذه الحكومة الفاشلة التي لم يعد هناك شك في ان موعد رحليها قد حان." ويتحسب التونسيون لما يخشى كثيرون ان يكون فترة من أكثر الفترات اضطرابا في انتقالهم الى الديمقراطية منذ الاطاحة بالرئيس المستبد زين العابدين بن علي في 2011 في انتفاضة كانت مصدر الهام لانتفاضات أخرى في انحاء العالم العربي. ونقلت وكالة تونس افريقيا للانباء الرسمية فجر الاثنين، عن مصدر رسمي برئاسة الحكومة قوله إنّ مجلس الوزراء سيعقد الاثنين 29 يوليو، بداية من الساعة التاسعة صباحا، اجتماعا برئاسة رئيس الحكومة المؤقت للتداول في الوضع العام بالبلاد، دون تقديم توضيحات أخرى.