السوق السوداء أو السوق الموازية.. ظاهرة عاودت الانتشار بالسوق المصرية خلال العام الجاري عقب تراجع حجم المعروض من العملة الخضراء في ظل الشكاوي المتعددة لاصحاب الصرافات من تراجع حجم تغذية البنوك التي تتعامل معها فضلاً عن تراجع حجم الاحتياطات النقدية من العملات الاجنبية الي 13.4 مليار دولار بنهاية مارس وهو ما يكفي 3 أشهر فقط من حاجة الدولة للسلع الاستراتيجية من المواد البترولية والتموينية. وارتفع سعر الدولار بالسوق السوداء ليتجاوز ال 8 جنيهات خلال الأسبوع الجاري بزيادة تصل الي 18% عن السعر الرسمي للعملة الخضراء بالبنوك والبالغة 6.85 قرشاً مما يعني عدم توافر الدولار بالصرافات الذي يحد من انتشار السوق السوداء. وتعتبر السوق المصرية من الاسواق المستوردة في ظل التعداد السكاني البالغ 92 مليون نسمة وفقاً لاحدث احصائيات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء مما يعني أن ارتفاع سعر الدولار يمثل ارتفاعاً بمعدل التضخم والذي سجل خلال فبراير 8.21%. وتعول الحكومة علي الاقتراض الخارجي للتغلب علي الأزمة الاقتصادية الراهنة، والتي يتمثل ابرزها في تراجع حجم الاحتياطي الأجنبي المستمر عقب ثورة يناير، مع استمرار المفاوضات الجارية بين الحكومة المصرية والبعثة الفنية التابعة لصندوق النقد الدولي للحصول علي القرض البالغ قيمته 4.8 مليار دولار والذي سيمثل البداية للحصول علي بقيمة الحزمة التمويلية المُقدر إجماليها ب 14.5 مليار دولار. وكان البنك المركزي قد كشف مؤخراً عن تراجع العجز الكلي بميزان المدفوعات خلال العام الماضي 2012 الي 3.8 مليار دولار مقابل 18.3 مليار دولار خلال 2011 ليسجل اجمالي العجز 22.1 مليار دولار خلال العامين السابقين مما انعكس علي صافي الاحتياطيات الدولية لديه. من جانبه توقع محمد حسن الابيض، رئيس شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن يتراجع سعر الدولار خلال الفترة المقبلة بسوق الصرف بالرغم من استمرار الارتفاعات التي شهدتها العملة مؤخراً ووصولها الى 6.85 جنيه ببعض الصرافات. وأوضح رئيس الشعبة أن السيولة تتوفر بالصرافات ولكن ليست بكثرة لافتاً الي وجود ندرة نسبية للعملة الصعبة، مما يدفع المصدرين والمستوردين الي اللجوء للسوق السوداء لتدبير احتياجاتهم من العملات الأجنبية بالسوق الموازية. قال بلال خليل، سكرتير عام شعبة الصرافة، إن سوق الصرف تعاني نقصاً في السيولة الدولارية الامر الذي صاحبه انخفاض كبير في الطلب على شراء العملة من الصرافات واتجاه الافراد الى السوق الموازية لتوفير احتياجاتهم من العملة الصعبة في ظل اعتماد الدولة بشكل كبير على الاستيراد لتوفير السلع الضرورية، موضحا ان زيادة الاقبال على السوق الموازية دفع السعر الي الارتفاع ليصل الي 8 جنيهات بها في حين وصل الي 6.86 جنيه بالصرافات. وأوضح ان المركزي اتخذ العديد من الاجراءات في محاولة للقضاء على الازمة حيث الزام البنوك بتوفير الدولار للسلع الضرورية والاساسية ومد الصرافات بالعملة الصعبة تفادياً لظهور السوق السوداء وتطبيقه لآلية FX Auctions ومحاولات هشام رامز محافظ المركزي الناجحة بخصوص قرار خروج ودخول النقد الاجنبي والمبادرة الخاصة بالسياحة مما ادي الي احتواء ازمات عدم توفر العملة وانتشار السوق السوداء. واشار الى ان عدم استقرار الاوضاع السياسية والاقتصادية وراء ازمة نقص الدولار والتي تصحبها ظهور السوق السوداء حيث توقف حركة السياحة والاستثمارات وعجلة الانتاج والذي يؤدي بدوره الى ضعف معدل الوارادات من النقد الاجنبي للبلاد ، لافتا الى ان مثل هذه الاوضاع من شأنها ان تمثل عائقا امام قرارات المركزي بقيادة رامز لاحتواء ازمة الدولار . واضاف ان القضاء على السوق السوداء والتي تشعل سعر الدولار وتضيف المزيد من الاعباء على المواطن المصري حيث ارتفاع اسعار السلع الاساسية لن يكون بالاجراءات القانونية نظرا لعدم وضوح الامر بشأن تجار العملات كون السوق السوداء ليست سوقا بالمعنى المعروف، موضحا ان استقرار الاوضاع يصحبه ارتفاع واردات الدولة من النقد الاجنبي وبالتالي اختفاء السوق السوداء. وتوقع خليل ان تشهد الايام المقبلة انخفاضاً بسعر صرف العملة الصعبة بمجرد حصول مصر على الدعم الخارجي.