خيمت الاضطرابات السياسية على الوضع الاقتصادي في مصر خلال العامين الماضيين وباتت قدرة الدولة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر هو التحدي الأكبر أمامها والتي لن تتمكن من تحقيق ذلك إلا من خلال وضع برنامج واضح المعالم لتسويق مصر استثماريا يلعب فيه القطاع الخاص الدور الأكبر لقدرته على التواصل خارجيا مع المستثمرين . ويعد القطاع العقاري أحد ابرز القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية لمصر خلال السنوات السابقة والذي تأثر بشكل ملحوظ جراء التداعيات السياسية التي تشهدها مصر إلا أن خبراء التسويق العقاري يرون أن القطاع لا يزال يمتلك فرصا لجذب الاستثمار خلال العام الجاري ويدعمه في ذلك الدور الذي تلعبه المعارض الدولية التي تتم في مصر خاصة " سيتي سكيب " أكبر مؤتمر عقاري يقام في مصر بنهاية مارس المقبل. قال كريس سبيلر مدير عام انفورما ايجبت " المنظمة ل "سيتى سكيب " إن إقامة المؤتمر فى هذا التوقيت بمصر يساهم في تنشيط القطاع العقاري مرة أخرى من خلال جذب أنظار المستثمرين للاستثمار في مصر مرة ثانية ،خاصة أنه سيجمع بين صناع القرار في قطاع الاستثمار العقاري ممثلين في وزارتي الإسكان والاستثمار والعديد من المطورين العقاريين ،وذلك من أجل عرض كافة التحديات التي تواجه الاستثمار العقاري في مصر وبحث تذليلها لتنشيط القطاع العقاري الذي يعد الأكثر جذبا للاستثمارات الأجنبية خلال السنوات السابقة مما يعنى انه القطاع الأقدر على قيادة معدلات نمو البلاد الفترة المقبلة . من جانبه قال ياسر غازي رئيس شركة "ليد ماركتينج"،إحدى الشركات المنظمة لمعرض " سيتى سكيب "،إن الاستقرار السياسي هو الجاذب الأول للاستثمار الأجنبي بالسوق العقارية المصرية ،خاصة بعد الاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد مؤخرا مؤكدا أن القطاع العقاري يساهم بشكل كبير في الناتج القومي . وأضاف أن الوقت الحالي يعتبر انسب الأوقات لإقامة معرض " سيتي سكيب " والمقرر انعقاده نهاية مارس المقبل حيث تحتاج الدولة خلال أزماتها الاقتصادية لإقامة المعارض المنشطة للقطاعات المختلفة،مشيرا إلى أن هذا التوقيت يعتبر فترة الذروة بالنسبة للسوق العقارية المصرية وهو ما يتواكب مع خطط ومشروعات الدولة الاستثمارية والدعم الحكومي للمعارض المختلفة. من جهته قال أحمد غزي، رئيس مجلس إدارة شركة "ACG-ITF" المنظمة ل "سيتي سكيب " إن الدولة تحتاج إلى تأهيل البنية التحتية بجانب الاستقرار السياسي لجذب مزيد من الاستثمارات والتسويق للاقتصاد القومي ، مع العلم ان25% من إجمالي الناتج القومي لدبى يأتي عن طريق المعارض لذلك يجب أن يكون هناك المزيد من المعارض المسوقة للاقتصاد القومي . ودعا غزي إلى تخصيص أرض لإقامة المعارض العقارية عليها والتي تهم المستثمر الأجنبي في المقام الأول الذي يحرص دائما على حضور المعارض العالمية للتعرف على طبيعة المنتجات العقارية المعروضة وحالة العرض والطلب بالسوق،مشيرا إلى أن حصة المعارض بألمانيا بلغت 20% من الناتج القومي. واتفق معه عبد الناصر طه، مدير تطوير مشروع ميفيدا التابع لمجموعة اعمار مصر أن هناك العديد من المستثمرين الأجانب الراغبين في العمل بالسوق العقارية المصرية ولكنهم يترددون في اتخاذ هذه الخطوة،مؤكدا على ضرورة توفير البيئة الاستثمارية اللازمة للتقليل من حدة هذا التردد وتشجيعهم على الاستثمار بالسوق العقارية المصرية. وأضاف طه أن المعارض العقارية تعد وسيلة هامة لتقليل حدة هذا التردد وذلك لدورها في توفير المناخ المدعم لثقة المستثمر الأجنبي بالسوق العقارية المصرية فضلا عن دورها في عرض كافة التحديات التي تواجه القطاع ومحاولة الوصول لحلول عقارية وتمويلية،موضحا أن لها دورا محوريا في خلق طلب حقيقي على الوحدات العقارية بمختلف شرائحها والمدعومة بقوى شرائية لدى المستهلك. ولفت إلى أن السوق العقارية المصرية تتمتع بتنوع نسبي في طبيعة الإسكان التي تقدمها للمواطن المصري بين إسكان فوق المتوسط ومتوسط واقل من المتوسط ،مشيرا إلى أن شريحة الإسكان الفاخر لا تمثل سوى 20% من السوق العقارية . ومن ناحيتها قالت مي عبد الحميد رئيس صندوق دعم وضمان التمويل العقاري أن نشاط التمويل العقاري تراجع بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين متأثرا بالاضطرابات السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة يناير إلا أن كافة التوقعات تشير إلى عودة نمو التمويل العقاري في مصر خلال الفترة القليلة المقبلة . وأوضحت أن هناك العديد من العوامل التي ستسهم في دعم نمو التمويل العقاري خلال الفترة المقبلة يتمثل أبرزها في التعديلات التي تم إدخالها على قانون التمويل العقاري والمتوقع إقرارها خلال الفترة البرلمانية المقبلة وهو الأمر الذي سيعطى مرونة لجهات التمويل في تحديد قيمة القسط من نسبة الراتب مما يتيح استفادة محدود الدخل من هذا التمويل . وتري هالة بسيونى رئيس الجمعية المصرية للتمويل العقاري، أن التسويق يجب أن يبدأ بالدولة بشكل عام قبل التسويق لقطاعات معينة والتأكيد على ثقة المستثمرين الأجانب بهذه الدولة، مؤكدة أن ارتفاع أسعار صرف الدولار أمام الجنيه المصري خلال الفترة الأخيرة رغم أنها تعتبر عائقا أمام الاستثمارات الراهنة إلا أنها تمثل فرصة ذهبية للقطاع العقاري المصري. وأكدت بسيوني أن السوق العقاري يمرض ولا يموت حيث تعد المعارض العقارية فرصة هامة لمساعدته خلال تلك الفترة حيث انه يمر بفترات هدوء قد تصل أحيانا إلى مرحلة الركود إلا أن الجميع يعلم قوة السوق المصرية وجدية الاستثمارات به بدليل أن هناك بعض الشركات التي استطاعت خلال الأزمات الاقتصادية التي مرت بها الدولة في الفترة الأخيرة الالتزام بمواعيد تسليم مشروعاتها مع عملائها. و قال المهندس خالد عباس،المستشار الفني لوزير الإسكان والمجتمعات العمرانية ان السوق العقارية تتسم بالقوة بفضل وجود طلب حقيقي عليها ووجود نقص في العرض مقابل الطلب،موضحا ان السوق العقارية المصرية تحتاج لعدد وحدات يتراوح بين 300 الي 400 الف وحدة سنويا. وأوضح أن وزارة الإسكان تركز خلال المرحلة الانتقالية حول المحافظة علي السوق من التغيرات والتقلبات التي طرأت عليه،من خلال تقديم العديد من التيسيرات للمستثمرين إضافة إلى تسوية العديد من مشكلاتهم والتي يجري تسوية جزء كبير منها حاليا بهدف إرسال رسالة طمأنة للمستثمرين الأجانب خلال المرحلة المقبلة. وتوقع مساعد وزير الإسكان أن تشهد السوق العقارية انطلاقة سريعة خلال الفترة المقبلة،مؤكداً أنه دائماً ما يحدث ذلك عقب فترات الهدوء كما ان السوق ما يزال يمتلك كافة المقومات الجاذب للاستثمارات الأجنبية. وأشار انجوس بلير رئيس مجلس ادارة معهد the signet ان مصر سوقا جاذبا للاستثمار الأجنبي ولكنها تحتاج لعدد من الحلول الابتكارية مثل خلق مدن جديدة حول القاهرة وتطوير شبكة المواصلات بمحافظة القاهرة وتشجيع الحراك السكاني فضلا عن إعادة إحياء بعض الصيغ العقارية بالسوق والتي يأتي في مقدمتها الإيجار،موضحا ان هناك العديد من المستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار في مصر ولكنهم متخوفين من اللوائح والقوانين الاستثمارية بمصر. ويرى بلير ان كل التعاملات الاستثمارية في مصر يجب ان تتم بالجنيه المصري وذلك لرفع قيمته وخاصة بعد انهيار سعر صرفه مقابل الدولار خلال الفترة الأخيرة،لافتا إلى أن هناك العديد من الدول التي تنتهج هذه السياسة للحفاظ على عملتها المحلية. وأوضح احمد الصياد، مستشار رئيس الهيئة العامة للاستثمار للمشروعات القومية الكبرى، أن قطاع العقارات يتمتع بالعديد من الفرص الاستثمارية خلال المرحلة المقبلة،مشيراً الي أن الحكومة وضعت أولوية لعدد من مشروعات الإسكان ألكبري لمحدودي الدخل. وأوضح أن هذه المشروعات ستكون بمناطق العين السخنة، الساحل الشمالي، ومدينة اخرى بمنطقة شرق بورسعيد قضلاً عن مدينة سوهاج لافتاً الي وجود لجنة يرأسها د. عصام شرف رئيس الوزراء السابق لدعم تلك المشروعات. وأكد أن المستثمرين مازالوا مقتنعين بجودة السوق المصرية ويمتلكون ثقة كبيرة بها خاصة أن الاستثمار بمصر لازال مربحاً ويحقق عائد كبير على راس المال "ولكن قواعد اللعبة تغيرت" ويجب أن يتم اخذ كافة الموافقات علي المشروع وان تكون المنفعة متبادلة بين الطرفين.