فور أن أعلن الفريق أحمد شفيق، المرشح المحتمل للإنتخابات الرئاسية أنه قد حصل على موافقة المشير حسين طنطاوي، القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قبل أن يقوم بإعلان الترشح، وأنه لو رفض لم يكن يعلن ترشحه.. راحت الساحة السياسية المصرية تنتفض وترتبك، داعية المجلس العسكري بعدم دعم أي مرشح للرئاسة، على أن يقف على مسافة متساوية بين كافة المرشحين لأنه (ليس له دخل في الانتخابات وليس طرفًأ فيها، وما عليه سوى تأمينها وفقط). وعلى الرغم من نفي المؤسسة العسكرية دعمها لمرشح بعينه على الساحة أو طرح اسم من جانبها، إلا أن تصريحات شفيق حركت المياة الراكدة في هذا الاتجاه، وأثارت مخاوف الشارع المصري، الأمر الذي دعا الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وهو من أقوى المرشحين الحاليين على الساحة، لمطالبة المجلس بعدم التدخل، مؤكدًا على احترامه للمؤسسة العسكرية التي لابد أن تقف على مسافة واحدة بين كل المرشحين، وألا تميل لترجيح كفة مرشح عن آخر، خاصة أن ذلك لن يأتي في صالح مصر أو الساحة السياسية. يأتي ذلك في الوقت الذي قام فيه كافة المرشحين على الساحة السياسية بالتأكيد على كونهم ليسوا مرشحي المؤسسة العسكرية، وأن المؤسسة لا تدعمهم على الإطلاق، وأبرزهم عمرو موسى، وحسام خيرالله، ومحمد سليم العوا، والفريق أحمد شفيق نفسه أيضًا. فيما توقع آخرون أن يكون للمجلس العسكري دور كبير في تحديد ماهية المرشح الجديد، وفقًا لصفقة بينه وبين بعض القوى السياسية الموجودة الآن على الساحة، لضمان دعم مرشح "توافقي" يرضى عنه المجلس نفسه، وتباركه الولاياتالمتحدةالامريكية في مصر، على الرغم من الخلافات التي نشبت مؤخرًا بينها وبين القاهرة. وعلى الرغم من نفي المجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد حاليًا، ونفي جماعة الإخوان المسلمين، أكبر الفصائل السياسية على الساحة أيضًا، إمكانية دعم مرشح للرئاسة، إلا أن مراقبون شككوا في جدية حدوث ذلك، خاصة أن كلا الطرفين، سواء العسكري أو الإخوان، لديهم مصالح مع مرشحين مختلفين، ولذا فسوف يضطرون بشكل أو بآخر لتقديم أي نوع من أنواع الدعم لمرشح ما، فالجماعة يهمها جدًا أن يكون الرئيس الجديد توافقي، وأن يتقبل فكرها الاسلامي النهضوي، ومن الممكن أن تدعم مرشح غير إسلامي أيضًا، لكنها لا تقبل في الوقت ذاته بأبوالفتوح رئيسًا بعد مخالفته لقرار مكتب الإرشاد.. أما المجلس العسكري فمن مصلحته أن يحافظ له الرئيس الجديد على وضع مميز في الحياة السياسية، وأن يعطي له حق الخروج الآمن، بأثر رجعي، بمعنى ألا يحاسب القوات المسلحة عن أي شئ حدث خلال المرحلة الانتقالية أو حتى خلال عهد الرئيس السابق، حسني مبارك.. أما التيار السلفي، صاحب ثاني أكبر تواجد أسفل قبة البرلمان، فلن يرضى سوى بمرشح إسلامي حدده سلفًا. من جانبها، قالت المستشارة نهي الزيني، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، إنه لابد ألا تتم الإنتخابات الرئاسية أو وضع الدستور أثناء وجود المجلس العسكري في سدة الحكم، لأن ذلك سوف يؤثر بشكل أو بآخر على نتيجة الدستور وشكل الانتخابات، قائلة "أنا على يقين أن وجوده سيؤثر بشكل كبير". جاء ذلك تزامنًا مع رفض شباب الثورة وعدد من القوى السياسية إجراء الانتخابات نفسها في وجود العسكري، رافعين شعار "لا انتخابات ولا دستور في وجود العسكر"، مؤكدين أن ذلك الأمر سيؤثر، وسيقوم العسكري بالتدخل بطريقة أو بأخرى، بما يثير الشارع، خاصة بعد الاتهامات الكثيرة له خلال الفترة الأخيرة.