ولن نتحمل اخطاء الحكومة السابقة .. كشف عبد الله غراب، وزير البترول، في تصريحات خاصة ل"الشروق"، أن الشركة القابضة للغازات، الجهة المنوطة بقضية التحكيم الدولي ضد الشركة المصرية للأسمدة، المملوكة لرجل الأعمال ناصف ساويرس، قامت بالفعل بإرسال ملف الدعوى ضد الشركة المصرية إلى هيئة التحكيم الدولي، وذلك بعد اكتمال مستندات وأوراق الملف، و"نحن في انتظار تحديد موعد للقضية". ويقول مصدر مسئول في الشركة القابضة للغازات "الملف يتضمن مفاجآت عديدة تقوي من موقفنا"، بحسب قوله رافضا الإفصاح عنها حرصا على سريتها، ويضيف المصدر أن "الظروف الحالية الصعبة التي تمر بها البلاد، وضرورة تعزيز مواردها، تدعم من موقف الشركة القابضة، خاصة أن رفع السعر لن يكون ضد مصلحة المستثمر الذي طالما استفاد من السعر المنخفض، وحقق أرباحا طائلة. حان الوقت أن يتخلى عن هذا الدعم، الذي لم يعد يحتاجه، خاصة أن معظم إنتاجه موجه إلى التصدير. أليس من الأولى توجيه هذا الدعم إلى فئات أخرى أكثر احتياجا له؟". وكانت الشركة القابضة قد أعلنت أمس الأول عن بدء اتخاذ الإجراءات اللازمة للجوء إلى التحكيم الدولي ضد الشركة المصرية الأسمدة التابعة لمجموعة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، بعد رفضه تعديل سعر الغاز الذي تشتريه الشركة من قطاع البترول، والذي يبلغ 1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية. ويقول وزير البترول "من حقنا أن نلجأ إلى التحكيم الدولي للدفاع عن مصالحنا"، كاشفا أن الشركة اتخذت قرارها بإرسال الملف إلى هيئة التحكيم، وذلك بعد فشلها في التوصل إلى حل ودي مع الشركة. ويوضح غراب أن الوزارة تريد "وضع معادلة سعرية عادلة تسمح بتطور سعر الغاز المتعاقد عليه بالشكل الذي يمثل عائدا عادلا للجانبين، والذي لن يتعدى ثلاثة دولارات كحد أقصى"، بحسب قوله مشيرا إلى أن وزارة البترول لن تتنازل عن رفع أسعار الغاز للموردين في الداخل والخارج بما يتفق مع طبيعة السوق، خاصة أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد حاليا تفرض سيناريوهات جديدة للعقود الخاصة ببيع الغاز داخليا، وخارجيا. وكانت وزارة البترول قد بدأت منذ ثورة 25 يناير التفاوض مع جميع شركائها من الدول التي تصدر الغاز إليها من أجل تعديل سعر توريد الغاز، مثل الأردن وإسرائيل، كما قامت بتعديل أسعار الغاز إلى الشركات كثيفة استهلاك الغاز، وعلى رأسها شركات الأسمدة والكيماويات، العاملة في السوق المحلية مثل موبكو،وشركة أبو قير، وشركة الخرافي. وشركة المصرية للأسمدة، بحسب حمدي عبد العزيز،مسئول العلاقات العامة في وزارة البترول، كانت الوحيدة التي رفضت إجراء أي تعديل. ويقول مصدر مسئول في الشركة المصرية، رفض نشر اسمه، "لقد قمنا بشراء الشركة وكان لديها بالفعل عقد للغاز مع الحكومة بسعر منخفض، فنحن لم نتفاوض عليه، بل الحكومة هي التي حررت هذا العقد لإتمام صفقة البيع، وكان هذا العقد، أحد العوامل التي شجعتنا على إتمام الصفقة. له نستطيع الآن أن نقوم بإلغاء الصفقة بعد إلغاء هذه الميزة؟ بالطبع لا، إذن ليس من حق الوزارة أيضا العدول عن اتفاق سابق. نحن نرفض تحمل تكلفة قرارات أخطاء الدولة". ويرفض حسن بدراوي، مدير علاقات المستثمرين لشركة أوراسكوم، إعطاء أي تفاصيل بشأن عقد الغاز مع الحكومة "هناك التزام قانوني مع الحكومة بعدم الإفصاح عن تفاصيل العقد"، ويكتفي بدراوي بقوله: "لا أستطيع أن أؤكد أن هناك قضية تحكيم دولي". ويشير المصدر الذي رفض نشر اسمه إلى أن مالك الشركة رجل الأعمال ناصف ساويرس وافق على تطبيق المعادلة الجديدة في حالة ارتفاع السعر العالمي لطن الأسمدة إلى 450 دولارا، على أن يبقى الغاز عند 1.5 دولار في حالة انخفاض سعر الطن عن ال450 دولارا، وهو ما رفضته القابضة. وتجدر الإشارة إلى أن شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة قد استحوذت في 2008 على 100% من أسهم الشركة المصرية للأسمدة بقيمة بلغت 8.74 مليار جنيه (1.59 مليار دولار)، وذلك بعد شرائها من شركة أبراج كابيتال الإماراتية. هذا وكانت أبراج كابيتال اشترت في عام 2007 الشركة المصرية للأسمدة من شركتي القلعة المصرية وصافولا السعودية بقيمة تجاوزت 1.4 مليار دولار. ويرى وليد حجازي، خبير في القانون الدولي، وصاحب مكتب حجازي وشركاه للمحاماة، أنه من المؤكد أن قرار لجوء وزارة البترول إلى التحكيم الدولي جاء بعد أن أتمت الحكومة ملفها ووجدت لديها معطيات ومستندات كافية تعضد من موقفها، وتضمن لها الحصول على حكم لصالحها. "فالصورة الخارجية قد لا تعكس موقفا قويا للحكومة، ولكنه من المؤكد أن الوزارة سيكون في جعبتها ما يعزز من موقفها"، بحسب قوله، مشيرا إلى أن اللجوء إلى التحكيم الدولي يرفع الحرج عن الحكومة في إدانة أي مسئولي النظام السابق، والذين كانوا سببا مباشرا وراء توقيع هذه العقود. ويرى حجازي أنه من الصعب جدا أن يتم إثبات تورط أي من أفراد النظام السابق في إبرام هذا العقد بصورة ما لتحقيق مصلحة، ف"الظروف التي تم توقيع العقد فيها كنت مختلفة، والأسعار العالمية أيضا"، بحسب قوله، كما أنه من الصعب أيضا إبطال العقد إلا من خلال إثبات تورط أي طرف من الشركة المصرية في دفع رشوة مالية للحصول على قيمة منخفضة، وهذا لم يحدث. ويقدر إنتاج الشركة المصرية للأسمدة بمليون و300 ألف طن سنويا، يتم تصديره جميعا إلى الخارج وفقا للأسعار العالمية.