نفى أسامة صالح، رئيس الهيئة العامة للاستثمار، ممارسة أى دولة عربية أو رجال أعمال ضغوطاً سياسية أو اقتصادية على مصر، من خلال ما سماه «اللعب بكارت الاستثمارات»، للتأثير على محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك، أو فرض رؤيتهم الخاصة بالقضايا المتهم فيها. وقال «صالح» فى حواره لبرنامج «مصر بكرة»، الذى تقدمه الإعلامية دينا عبدالفتاح، على قناة «المحور»، إن الدول العربية ترى أنه دون مصر لا وجود للوطن بأكمله، وإن المستثمر لا يدخل مصر ليساعد اقتصادها فقط، بل أيضاً ليقوى موقفه بتقوية موقف مصر. وكشف «صالح» عن عقد الهيئة خلال الفترة الحالية، العديد من الاجتماعات المكثفة مع المستثمرين لحل الخلافات بينهم وبين الدولة، بسبب حصولهم على الأراضى بأسعار غير مناسبة للواقع، لمناقشة موقفهم الحالى ومراجعة جميع العقود الخاصة بهم للتوصل إلى حلول جذرية لها، وعقد تسويات مناسبة مع هؤلاء المستثمرين، باستثناء بعض الحالات التى تمت خلال عهد النظام السابق، وتخص بعض الأمور السيادية بالدولة. وأضاف أن لجنة التصالح بقيادة اللواء محمود نصر، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية والمحاسبية، تقوم بوضع مشروع قانون «التصالح»، الذى يسهل المأمورية خلال الفترة المقبلة، والذى يتمثل أهم بنوده فى وضع عقوبة «مالية» على المستثمرين المخطئين بقدر الخطأ الذى ارتكبوه. وأوضح أن القانون المصرى لم يكن يعرف فى هذه الحالة سوى العقوبة الجنائية، التى تقضى بالحبس فقط، ما يعنى أن تلك الجرائم ستدخل تحت بند «جرائم الياقات البيضاء»، لأن المستثمر المخطئ من حقه أن يعاقب عقوبة مالية بقدر المخالفة التى ارتكبها- على حد قوله. وتابع «صالح» أن تطبيق العقوبة الجنائية لن يؤدى لتخوف المستثمر الجاد، لأن الاستثمار بطبعه يحمل مخاطرة، ما دامت نية المستثمر سليمة، ويرغب بالفعل فى إقامة المزيد من المشروعات، مؤكداً أن أى مستثمر يعرف القواعد والقوانين التى تحكم عملية الاستثمار فى أى دولة قبل أن يتخذ قراراً بالاستثمار فيها. وأكد أن جميع التعاقدات التى تمت مع المستثمرين، الذين تتم محاكمتهم كانت بقرار وليست ب«قانون»، والأخطاء التى حدثت معهم كانت فى الإجراءات نفسها، مشيراً إلى إعلان الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، عن تشكيل لجنة خاصة لحل مشاكل عقود الاستثمار، تعنى بالتفريق بين المستثمر الجاد والفاسد، وقال إن ذلك سيظهر جلياً من خلال ما يقدمه المستثمر نفسه من مستندات تثبت جديته فى المضى قدماً فى مشروعاته المختلفة. وأوضح أنه فى حالة المستثمر الجاد فسيتم إجراء مفاوضات معه لبحث سبل التسوية، مثلما حدث مع شركة «الملكة»، التى قال إنها تعتبر مثالاً جيداً لذلك، وستتم مراجعة جميع العقود بشكل عادل خلال الفترة المقبلة. وعن المستثمرين الذين هددوا باللجوء للتحكيم الدولى، والذين يتم التحقيق معهم فى مخالفات التعاقدات المبرمة مع النظام السابق، أوضح أن التعاقدات التى يتم إبرامها مع العديد من المستثمرين تتم وفقاً لاتفاقية «حماية الاستثمار»، وتكون الدولة ملزمة بحماية مستثمرى الدول الأخرى، وفقاً لتلك الاتفاقية، وتعاملهم بنفس الآلية التى تتم معاملة المستثمر المحلى بها أو بمعاملة تفضيلية، وبالتالى فمن حق هؤلاء المستثمرين فى حالة وجود تجاوزات من قبل الدولة، تحمل مخالفات واضحة لبنود تلك الاتفاقية- اللجوء للتحكيم الدولى، موضحاً أن الأمر ليس بتلك السهولة لأنه يشترط لأى شركة ترغب فى اللجوء للتحكيم أن تكون الدولة أخلت ببنود الاتفاق نفسه. ودعا «صالح» الشركات التى لديها مشكلات فى العقود إلى اللجوء لهيئة الاستثمار أولاً، لأن الهيئة لديها عدة آليات مختلفة لمساعدة المستثمرين، وهى المدافع الأول عنهم، وقال: «لدينا لجنة تسوية المنازعات، وهناك أيضاً لجنة لفض المنازعات يرأسها وزير العدل شخصياً، وأتولى فيها مهام الأمانة الفنية، بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء، وقرارات تلك اللجنة ملزمة». وأضاف أن النصف الأول من العام المالى 2011/2012 شهد تراجعاً فى حجم الاستثمار الأجنبى بنسبة 51.8٪، حيث أصبح 2.1 مليار جنيه، مقارنة ب4.3 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضى، ما يعنى أن الثورة بريئة من ذلك، موضحاً أن البنك المركزى لم يعلن البيانات الخاصة بحجم الاستثمار الأجنبى بعد الثورة، وأنه تم تأسيس 2512 شركة منذ يناير حتى الآن، 15٪ منها مساهمات أجنبية، 5٪ «عرب»، و10٪ أجانب، بقيمة 630 مليون جنيه، من إجمالى 4.2 مليار جنيه، وتنوعت تلك الشركات عبر القطاعات المختلفة، القطاع الزراعى، الصناعى، الخدمى، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، العقارات، القطاع التمويلى، وشركات متعددة النشاط، موزعة على 25 محافظة. وتابع أن مصر تحتاج نحو 24 مليار دولار أو 150 مليار جنيه تقريباً لتحقق معدلات نمو إيجابية تصل إلى 4.8٪، مؤكداً قدرة مصر على جذب تلك الاستثمارات، وقال إن ذلك ظهر من خلال الزيارات التى أجراها الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، إلى العديد من الدول العربية والأفريقية، التى وجد خلالها رغبة شديدة فى الاستثمار بمصر، ومشاعر طيبة من الإخوة العرب، تنذر بأن هناك المزيد من الاستثمارات التى تنتظرها مصر، بعد عودة الاستقرار السياسى وعودة الأمن إلى الشارع المصرى.