تأتي زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الصين كدولة كبرى يزداد نفوذها على الساحة الدولية يوما بعد يوم، وكل الدول أصبحت تضع في حسبانها الصين لأي قرار دولي، زيارة مهمة خلال الفترة الحالية، خلال مراحل استعادة مصر لدورها الخارجي وزيادة التعاون مع دول العالم. بالإضافة إلى تميز الصين في مجال التكنولوجيا، والتجارة العالمية والاستثمارات. ويمكن لمصر الاستفادة من هذه الزيارة عبر توطين تكنولوجيا صينية في البلاد، وزيادة حجم الاستثمارات الصينية في مصر، بعد تكرار الحديث عن وجود تعديلات على قانون الاستثمار. وجاء دور الحكومة لتعزيز أوجه التعاون مع دولة بحجم الصين بأصدار المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بتشكيل لجنة وزارية تسمى (وحدة الصين)، تكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية وزراء: الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، البترول والثروة المعدنية، الكهرباء والطاقة المتجددة، الخارجية، التعاون الدولي وتكون مقررا للوحدة، الزراعة واستصلاح الأراضي، النقل، والاستثمار. وللوحدة أن تدعو لحضور اجتماعاتها من تراه من ذوي الخبرة أو المتخصصين. وتتولى (وحدة الصين) متابعة تطورات العلاقات الثنائية بين جمهورية مصر العربية والصين، والعمل على تطوير وتعميق هذه العلاقات في مختلف المجالات، وتجتمع الوحدة بصفة دورية مرة كل شهر على الأقل، أو كلما دعت الحاجة لذلك. وعقدت اللجنة الوزارية اجتماعين حتى الآن تولت فيهما التنسيق لزيارة الرئيس السيسي المرتقبة للصين، حيث ترأس المهندس محلب الاجتماع الأول ل "وحدة الصين" بمجلس الوزراء، بحضور وزراء التعاون الدولي (مقرر الوحدة)، والصناعة والتجارة، والاتصالات، والصحة، والنقل، والاستثمار، والزراعة، والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، وممثلين عن وزراة الخارجية. أشار وزير الصناعة والتجارة -خلال الاجتماع- إلى عدد من المشروعات التي يمكن للجانب الصيني المشاركة فيها مع مصر مثل صناعة الخلايا الشمسية، واستخدام الرمال المصرية بها، بالإضافة إلى المشاركة في دراسة إنشاء مركز عالمي للمعارض. من جهته، قدم وزير الاستثمار عرضا بالجهود التي تم بذلها لإزالة المعوقات التي قد تقف أمام بعض من الاستثمارات الصينية في مصر، مشيرا إلى أن من بين مقترحات التعاون المطروحة للتعاون إنشاء مصانع لإنتاج المنتجات الصينية، وأخرى عالمية في مصر للتصدير إلى الخارج، وكذلك الوفاء باحتياجات السوق المحلية. كما قدم وزير الاتصالات عرضًا بمشروعات التعاون الممكنة مع الصين، مشيرًا إلى أنه يتم حاليا إعداد دراسات الجدوى الخاصة بإنشاء 7 مناطق تكنولوجية، كما أن هناك مشروعًا قوميًا لتوصيل الاتصالات ذات النطاق العريض لجميع أنحاء الجمهورية، فضلا عن إمكانية المشاركة في تصنيع الكابلات البحرية و"السنترلات" والعدادات الذكية. من ناحيته، أوضح وزير الزراعة أنه يمكن تعزيز التعاون في مجال الزراعة من خلال دراسة تخصيص مناطق لشركات الاستصلاح والتصنيع الزراعي، وإنشاء مزرعة نموذجية للتقاوي، وزراعة وتصنيع عيش الغراب، بالإضافة إلى تصدير المنتجات الزراعية المصرية الطازجة للصين. كما أشار وزير الصحة إلى إمكان دراسة إنشاء مصنع لإنتاج المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية، كما أضاف وزير النقل أنه من بين المشروعات التي يمكن للشركات الصينية المشاركة فيها، إنشاء القطارات الكهربائية، وتطوير المناطق اللوجيستية، والمواني والأنفاق. على صعيد آخر، أكد الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس إمكانية مشاركة الصين في مشروعات بناء السفن العملاقة وتطوير الترسانات البحرية، إلى جانب تطوير الموانئ، فضلا عن إنشاء محطات الطاقة الشمسية في سيناء، والمزارع السمكية. من ناحية أخرى، أشار ممثلو وزارة الخارجية إلى أن الجانب الصيني بصدد إعداد وثيقة للارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مرتبة الشراكة الإستراتيجية الشاملة، تمهيدا للتوقيع عليها، مؤكدين أن رفع الصين للعلاقات إلى مستوى لشراكة الإستراتيجية الشاملة لا يتم إلا مع الدول ذات الأهمية الكبيرة لها، وهو ما يدلل على أهمية مصر بالنسبة للصين. وجاء الاجتماع الثاني برئاسة المهندس محلب وبحضور وزراء التعاون الدولي (مقرر الوحدة)، والصناعة والتجارة، والاتصالات، والصحة، والنقل، والزراعة، والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، وممثلين عن الوزارات والهيئات المصرية. في بداية الاجتماع، أكد رئيس مجلس الوزراء أهمية الاجتماع في ضوء الإعداد الجاري لزيارة رئيس الجمهورية إلى الصين، والتي من المنتظر أن يتم خلالها طرح العديد من مشروعات المشاركة بين الجانبين، بالإضافة إلى حرص الصين على تعزيز تعاونها مع مصر، كمدخل للعبور إلى إفريقيا. من جانبها، قامت وزيرة التعاون الدولي باستعراض أهم المشروعات التي اقترحتها الوزارات والهيئات المصرية المختلفة للتعاون مع الصين خلال المرحلة المقبلة، كما أوضحت بعض الجهود التي تم بذلها لحل عدد من المشكلات التي تواجهها بعض الشركات الصينية. وتناول كل من الوزراء الحضور كل في مجاله تقديم عرض تفصيلي للمشروعات المقترحة للتعاون مع الجانب الصيني خلال الفترة المقبلة، وأهم المعوقات التي تقف أمام بعض الاستثمارات الصينية وسبل حلها. وفي ختام الاجتماع، تم الاتفاق على أهمية أن تراعي المشروعات المطروحة احتياجات مصر التنموية، وأن تهدف إلى العمل على جذب الاستثمارات وعلاج الخلل في ميزان التبادل التجاري، وعلى أن يراعي في تمويلها المزج ما بين القروض والاستثمارات. وفي سياق الإعداد لزيارة السيسي للصين استقبل المهندس محلب، وفدا صينيا، ضم الرئيس الإقليمي لبنك الصادرات والواردات الصيني وعددًا من مسئوليه، إلى جانب ممثلين عن شركتي إفيك إنترناشيونال ومواني الصين، والقائم بأعمال السفارة الصينية بالقاهرة، حيث تمت مناقشة مشاركة الصين في عدد من المشروعات التنموية العملاقة بمصر خلال الفترة المقبلة. وعلى الجانب الآخر أكد مبعوث الرئيس الصيني خلال لقائه المهندس إبراهيم محلب عقب لقائه الرئيس السيسي، دعم بلاده للعلاقات الثنائية، ورغبتها في تطوير العلاقات، وتوسيع آفاق التعاون بينهما في كافة المجالات، في ضوء المستجدات الراهنة. وأضاف مبعوث الرئيس الصيني أن هناك العديد من مجالات التعاون المنتظر، وفي مقدمتها : المشاريع القومية، محور تنمية قناة السويس، البنية التحتية، السكك الحديدية، الطرق، الإسكان، الطاقة الجديدة والمتجددة، والطيران، والفضاء، والسياحة، والتبادل التجاري. وأشار المبعوث الصيني، إلى أن هناك توجها لإعادة إحياء "طريق الحرير" على القطاعين البري والبحري، والذي يربط بين غرب الصين وشمال مصر، حيث قامت الصين بتخصيص صندوق بقيمة 40 مليار دولار لتنفيذ هذا الطريق، وذلك لما يتمتع به هذا الطريق من مزايا سيكون لها آثار إيجابية على التنمية في مصر. وأكد المبعوث الصيني أن الصين تستعد للزيارة المرتقبة للرئيس المصري، ويعدون لها بكل اهتمام، حيث تتطلع لبناء شراكة إستراتيجية شاملة مع مصر في كل المجالات، وتبذل كل ما في وسعها لدعم خطط مصر المستقبلية. وأكد المبعوث الصيني استعداد بلاده لمساندة مصر في حربها ضد الإرهاب، معتبرا أن الإرهاب عدو مشترك لمصر والصين، وأشار إلى أن هذا يجعل التعاون الأمني بين البلدين شديد الأهمية في هذه المرحلة لمواجهة خطر الإرهاب ودحر خططه، مضيفا أن الصين ستجري مباحثات مع الجانب المصري في هذا الخصوص. من جانبها، استعرضت الدكتورة نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي عددا من جوانب العلاقات بين البلدين، باعتبارها مقررا لوحدة الصين، ثم تطرقت إلى الاستعدادات الخاصة بزيارة الرئيس المصري لبكين، حيث أشارت إلى أن هناك عددا من المشروعات التي ستعرضها مصر على الجانب الصيني قبل الزيارة المرتقبة، وذلك في مجالات: النقل، والكهرباء، والبترول، والزراعة، والصحة، والصناعة، ومحور قناة السويس.