خطط ومهارات وبطولات مهدت لنصر أكتوبر المجيد ومازالت أسرار ودوافع الانتصار من مفاتيح النجاح فى مختلف ميادين حياتنا رغم مرور 42 عاما على إحراز النصر . التقينا عددا من الخبراء العسكريين من أبطال ملحمة أكتوبر فى محاولة لكشف المزيد من البطولات والدروس والفنون والخطط الواعدة التى هيأت سبل النصر وجسدت صمود الجندى المصرى وأهمية التخطيط واستلهام روح أكتوبر سواء فى معارك التنمية أو الحرب ضد الارهاب..فماذا قالوا ؟: معركة الأسلحة المشتركة اللواء أركان حرب دكتور نبيل فؤاد نائب وزير الدفاع الأسبق وأحد أبطال أكتوبر حيث كان رئيس أركان حرب العمليات فرقة 2 بمنطقة الاسماعيلية -الفردان، قال للموقع إن الفرقة نجحت فى السيطرة على نقاط كثيرة للعدو بالفردان وعلى "لسان التمساح" بعد عبور الجزيرة بالعربات المدرعة البرمائية ومفاجئة جنود العدو الذين فروا وقتها مذعورين من هول المفاجأة . وأضاف أن حرب اكتوبر كانت معركة الاسلحة المتكاملة التى تلاحمت لتسجيل النصر الذى يعد ميلادا جديدا للبلد ،فمصر دخلت الحرب بعقيدة تعاون الأسلحة المشتركة. وأوضح اللواء فؤاد قائلا إن كل سلاح تعاون بامكانياته بكل وطنية وحماس مع الاخر فى مثال رائع للتلاحم نحتاجه اليوم وكل سلاح كانت له ميزة ودور.. فمثلا الدفاع الجوى الذى لم بأخذ حقه فى نظرى بعد الحرب كان غطاءً للعمليات وحماية للقوات أثناء العبور وبعده وجنود سلاح المشاة واجهوا العدو بصدورهم من 7-9 ساعات حتى تم العبور بعد تركيب الكبارى وتم تدريبنا على التعامل مع الدبابات بشكلها المخيف وما تثيره من رمال وقذائف وتعلم الجندى من خلال تدريبات شاقة ودقيقة كيف يرتمى أسفل الدبابة ثم يقفز فوقها ليركبها من الخلف ويفجرها بقنابل مضادة للدبابات وكل هذه الدروس والمهارات نحرص الآن على تدريسها فى المعاهد والكليات الحربية لنقلها للاجيال القادمة وتعريفهم بامجاد الابطال من المحاربين القدامى. وتابع الخبير الاستراتيجى "أتذكر ان التعبئة المعنوية كان لها تأثير كبير فى تحفيزنا وتفاؤلنا بالنصر حين اذيع ان شيخ الأزهر وقتها زار الرئيس الراحل السادات وبشره برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم فى المنام يحمل راية النصر وقد تحقق النصر ولمسناه عندما وضعنا أقدامنا على الضفة الشرقية للقناة ورغم استمرار القصف بث الله الطمأنينة فى قلوبنا وسجد الجنود شاكرين لله وكان التخطيط والاستعداد المسبق ورسم الخرائط له دور فى هذا الانتصار التاريخى. بشائر نصر أكتوبر وقال الكاتب والمؤرخ العسكرى أحمد عطية الله رئيس جمعية أصدقاء المحارب تحت التأسيس"لعل المعارك العسكرية التى خاضتها مصر فى البر والبحر والجو عقب نكسة يونيو 1967 والتى كانت جميعها فى صالح القوات المسلحة المصرية دليل على أن الانتصار المزيف الذى حصلت عليه إسرائيل بدون وجه حق فى حرب يونيو 1967 كان حدثا استثنائيا فى تاريخ العسكرية المصرية العتيدة ومؤشراً ومبشراً على النصر العظيم الذى حققه الجيش المصرى على إسرائيل فى 1973 ، وكانت تلك المعارك قد بدأت بمعركة رأس العش ليلة 30 يونيو/ا يوليو1967 حين استطاعت وحدة من قوات الصاعقة المصرية على الضفة الشرقية للقناة منع القوات المدرعة الاسرائيلية من الوصول إلى مدينة بور فؤاد لاستكمال احتلالها لجميع أرجاء سيناء ولكن هذه المعركة منعتهم من تحقيق أهدافهم وظلت مدينة بور فؤاد حتى حرب أكتوبر تحت السيادة المصرية مروراً بضربة الطيران المصرية المركزة بكل ماتملكه مصر من طائرات مقاتلة يومى 14 و15 يوليو 1967 ضد جميع الأهداف الأرضية للعدو الاسرائيلى شرق قناة السويس، الأمر الذى دفع موشيه ديان وزير الدفاع الاسرائيلى وقتها بإعطاء أوامر لجمبع قواته بسيناء بالانسحاب إلى ما خلف المضايق على بعد حوالى 60 كيلو مترا من القناة . واضاف عطية الله أنه أعقب ذلك قيام البحرية المصرية العريقة بإغراق إحدى أكبر قطعتين بحريتين لدى إسرائيل بواسطة لنشات الصواريخ وهو التكتيك الذى تم تدريسه بالمعاهد العسكرية للدول العتيدة ، وكذلك البطولة التى أظهرها الجنود المصريون على جزيرة "شدوان" بالاضافة إلى الضربات الموجعة التى كالتها مجموعة العمليات الخاصة المعروفة بالمجموعة 39 قتال بقيادة البطل الشهيد عميد اركان حرب ابراهيم الرفاعى ضد العدو بكل أرجاء سيناء. وقال الخبير العسكرى"لعل عملية الجزيرة الخضراء بخليج السويس خلال حرب الاستنزاف هى إحدى العمليات التى لم يسلط عليها الضوء والتى تكشف عن بطولة خارقة للجندى المصرى وتشبثه بأرضه رغم كثافة قوات العدو المهاجمة". وأشار الى ملحمة "الجزيرة الخضراء" التى لو لم يكن بعض أبطالها لايزالون يعيشون بيننا ،وسجلاتها محفوظة لدى القوات المسلحة فى وثائقها العسكرية لظن من يقرأ تفاصيلها أنها من تاليف كاتب شطح به الخيال فأطلق له العنان فى وصف وتجميع كل مايمكن أن يكتب عن أساطير البطولة فى قصة واحدة ولما لا وهى لوحدة مدفعية مصرية صغيرة مضادة للطائرات قابعة فوق جزيرة بخليج السويس .. ويتعرض من فوق هذه الجزيرة لهجوم مكثف وشرس لقوات العدو الخاصة التى تبلغ فى العدد أكثر من عشرة أضعاف القوة المصرية بهدف الاستيلاء على هذه الجزيرة من بين أيدى الوحدة المصرية بعد أن حاصر الجزيرة ومنع عنها أى دعم .. وتشبث أبطال مصر بجزيرتهم ودافعوا عنها دفاعا مستميتا وصل الى حد الاشتباك بالسلاح الأبيض.. ولم يتنازلوا عنها للعدو رغم فداحة ما قدموه من تضحيات بلغت حد أنهم فقدوا أربعة أخماس قوة الرجال الذين على الجزيرة وحاربوا بالخمس وظلوا صامدين حتى اعترف العدو بفشله وانسحب يحمل قتلاه ومصابيه ويجر أذيال الخزى والذل بعد حصار استمر ثمانية أيام للجزيرة. ولفت الى أنه سيروى فى كتابه قريبا قصة هذه البطولة النادرة على لسان قائد المجموعة المصرية والذى أدار تلك الملحمة المحفورة بذاكرته بكل تفاصيلها وسكناتها كأنها حدثت بالأمس .. إنه العميد دفاع جوى مجدى بشارة قلينى وكان من بين أبطالها اللواء محمد عبد الحميد قائد قوة الجزيرة واللواء مصطفى ابو سديرة وعاش جيش مصر خير أجناد الأرض. تصحيح المعادلة المغلوطة وأكد اللواء حسام سويلم الخبير العسكرى والاستراتيجى إننا تعلمنا الكثير من هزيمة 1967 وقمنا بتصحيح الكثير من الاوضاع لاستغلال امكانياتنا اللوجستية والتلاحم والتخطيط المسبق مما هيأ لنا عوامل النصر . وأضاف اللواء سويلم انه من أبرز الدروس المستفادة أن عدد سكان مصر فى عام 1967 كان 50مليون نسمة ولدبنا 4فرق فقط و250طائرة بينما كان تعداد اسرائيل 4.5 مليون نسمة ولديهم 10 فرق ..فقمنا بتصحيح المعادلة المغلوطة وصار لدينا 10 فرق و2500طائرة . ولفت الخبير العسكرى الى أن الكثير من الدروس عندما طبقناها حققنا انتصارات عديدة ،فمثلا تلاحم الشعب مع الجبش كان واضحا فى حرب 6اكتوبر1973 وعندما تلاحم الشعب مع الجيش فى ثورة 30يونيو أسقط نظام حكم "الاخوان" وحاليا نلمس تضافر الشعب مع القوات المسلحة والشرطة فى معاركها على 5 جبهات داخليا وخارجيا. وقال "بوجه عام اذا عملنا بروح اكتوبر وأحسنا استغلال قدراتنا ومواردنا فى كل مجال سنحرز المزيد من الانجازات كوجود نهر غرب النوبارية يجب استغلاله أو أراضى يمكن زراعتها". اعداد ..عبقرى ورجع اللواء كمال عامر الخبير العسكرى والاستراتيجى بالذاكرة الى أيام البطولة حين كان قائدا لسارية مشاة فى مايو 1967 بمنطقة خليج العقبة بعد طرد البوليس الدولى. ويرى اللواء كمال عامر أن وقت الحرب شهد تربصا بمصر لأن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر نجح فى دعم استقلال 22دولة ووقف فى وجه الاستعمار وأمم قناة السويس وحقق نهضة لمصر وعدالة اجتماعية وبلغت ثورة 1952 مدى غير مرغوب للغرب. وأكد أن فترة ماقبل الحرب شهدت اعدادا عبقريا وتم الاستفادة من دروس حرب الاستنزاف من التخطيط والعمل الشاق والايمان والعزم وتطبيق أحدث فنون الحروب . **وتظل روح أكتوبر قوة دافعة لانتصاراتنا عبر العصور ومن هنا تتجلى أهمية إحيائها بين الأجيال الشابة ووضع قواعد محكمة ومعايير تضمن بثها فى كل مؤسسات الدولة لبناء مصر الجديدة .