غزة من هداية الصعيدي لم يتوقع الشاب الفلسطيني، طارق يونس، أن يضطر عقب رحلة جامعية استمرت 4 سنوات، في قسم المحاسبة، للعمل سائقا على "توك توك". لكن هذه المركبة (دراجة نارية بثلاثة عجلات)، باتت –رغم تواضعها- بالنسبة له "كنزا ثمينا"، محظوظ من يمتلكه في غزة، أمام الفقر وأرقام البطالة التي تكبر يومًا بعد يوم، كما يقول لمراسلة الأناضول. ويتابع صاحب البشرة "القمحية" والقامة الطويلة: "هذه العربة الصغيرة توفر الطعام والقليل من المال لأسرتي المكونة من سبعة أفراد بعد أن فشلت في الحصول على عمل في مجال دراستي". ولجأ يونس، ، كما العشرات من الباحثين عن مصدر رزق، إلى عربة "التوك توك"، التي يبيع عليها حزم من أكياس "النايلون" على قارعة إحدى مفترقات سوق "الزاوية" بغزة، أهم أسواق القطاع، لتوفير ما يسد رمق عائلته. ويقول وهو منهمك بترتيب بضاعته، "بأنه لم يكن أمامه أي بديل ليحارب الفقر سوى هذه العربة، وحتى إن كان عمله يدر عليه دخلا بسيطًا جدًا إلا أنه يلبي بعض الاحتياجات". و"التوك توك" عبارة عن دراجة نارية متصلة بعربة، تستخدم لنقل البضائع، وبدأ مؤخرًا يستخدم ك "بسطة متنقلة" من قبل بعض البائعين، وانتشر في قطاع غزة، بشكل ملحوظ، بعد عام 2007، حيث دخلت القطاع عبر أنفاق التهريب التي حفرها أسفل الحدود بين مصر وغزة؛ لتّخفيف من وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أزيد عن ثماني سنوات. ويصل سعر "التوك توك" إلى 2000 دولار أمريكي، وهو مبلغ كبير بالنسبة لسكان القطاع بسبب الفقر، مما يضطر معظم مشتريه لمحاولة شراءه عن طريق تقسيط ثمنه على دفعات. وتنتشر عربات "التوك توك" في أسواق وشوارع قطاع غزة، ويبيع مالكوها بضائع مختلفة، إلا أنهم يشتكون في بعض الأحيان، من منع الجهات المسؤولة لتواجدهم في الطرقات. وعند الثامنة صباحًا من كل يوم، وحتى ساعات المساء يعلو صوت الفلسطيني أحمد الغزالي، مناديًا على بضاعته من السكاكر والمسليات المرتبة بشكل لافت على "التوك توك" الخاصة به، التي يوقفها أمام المدارس والمتنزهات. واشترى الغزالي الأب ل 6 أبناء، عربته قبل نحو عامين، بعد أن فقد عمله، بسبب الحصار، وفق قوله. ويقول:" هذا البسطة المتنقلة سهلة التنقل، ورأس مالها بسيط مقارنة بالمحال التجارية، فأنا لا أملك ثمن شراء بضاعة واستئجار محل، لذلك لجأت للتوك توك، لا أريد شيء سوى أن ألبي أدنى احتياجات أبنائي". وتحاصر إسرائيل غزة، حيث يعيش نحو 1.9 مليون نسمة، منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006، ثم شددت الحصار إثر سيطرة الحركة على القطاع منتصف العام التالي. وما زال الحصار متواصلا رغم تخلي "حماس′′ عن حكم القطاع، مع الإعلان عن حكومة الوفاق الفلسطينية في 2يونيو/حزيران الماضي. ووفقاً لمركز الإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفع معدل البطالة، في قطاع غزة إلى 40% في الربع الأول من عام 2014. وفي سوق "الزاوية"، وسط مدينة غزة، انهمك محمد أبو عجوة بالبحث عن مكان تبتعد فيه أشعة الشمس عن بضاعته المكونة من أجهزة راديو صغير الحجم، وكشافات إنارة، وعدد من الخلاطات الكهربائية. ويوضح أبو عجوة "32′′ عامًا، الذي يعيل، 9 أفراد، أنه استدان بعض المال لشراء "التوك توك" والبضاعة، ويقول" لا يمكنني فتح محل خاص بالأجهزة الكهربائية، وهذا التوك توك ميزته أنني أتحرك فيه إلى أي سوق أريد، بحثًا عن زبائن". وأضاف:" قطاع غزة له وضعه الخاص، ينتشر فيه الفقر والبطالة، والحصار والحروب وتداعياتها، التوك توك يساعدنا في تجاوز معاناتنا الإنسانية والحياتية قليلا". وقال الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، في بيان صحفي، أصدره مؤخرًا، إنه تم تسريح أكثر من 30 ألف عامل من وظائفهم بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع في ال 7 يوليو/تموز الماضي، مما رفع نسبة البطالة لأكثر من 55%. وشنت إسرائيل حربًا على قطاع غزة، في ال 7 يوليو/تموز الماضي، استمرت مدة 51 يومًا، اودت بحياة أكثر من 2160 فلسطينيًا، وإصابة ما يزيد عن 11 ألف آخرين. ويتجول الشاب محمود قاعود 24 عامًا، في "توك توكه" يوميًا في شوارع وأزقة غزة، بحثًا عن مشتر لبضاعته من "الكعك". ولم يستطع قاعود، إكمال دراسته الجامعية، بسبب الظروف المادية الصعبة التي تعاني منها أسرته، لذلك اضطر إلى هذا العمل، كما يقول للأناضول. ولفت إلى أنه يستخدم ال "توك توك" أيضًا في نقل البضائع والأثاث لمن يرغب، مضيفًا:" العديد من الأشخاص يبحث عن التوك توك كوسيلة نقل، فهو مقارنة بمركبات نقل البضائع أقل تكلفة لزبون بما يزيد عن النصف".(الاناضول)