يحتفل المسلمون في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام في مشارق الأرض ومغاربها، بذكرى عطرة عزيزة على القلوب، هي ذكرى مولد نبي الرحمة سيدنا "محمد " صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي بمولده وطلعته إستنار الكون وأشرقت الأرض بنور ولادته، كيف لا وهو الرحمة المهداة، والنعمة العظيمة، والأمل المنتظر الذي أرسله الله عز وجل للناس أجمعين ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)). فكان صل الله عليه وسلم رحمة للبشرية كلها. وببعثته ورسالته ودعوته انقشعت الظلمات وتبدلت الأرض غير الأرض والناس كذلك، فإنتشرَ العدل بعد طول سيطرة للظلم والبغي، وعم الإحسان بعد طول كراهية وجفاء، وانمحت ظلمات غشيت العقول وأعمت الأبصار. إن الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف لخير ؛ وإنه يدفعنا إلى تجديد الولاء لهذا النبي الخاتم ؛ ويدفعنا إلى أن نشرح سيرة هذا النبي العظيم ؛ وإلى أن نبين معالم الرسالة الإسلامية ذكرى المولد النبوي ليست مجرد مناسبة لمولد إنسان عظيم فحسب، بل إنها ذكرى " مولد أمة" فبولادته عليه الصلاة والسلام ولدت أمة وحضارة عربية إنسانية باهرة ، فقد نقل العرب من قبائل معزولة متناحرة متصارعة إلى أُمة واحدة راقية ، تظللها راية الاسلام العظيمة ، وانبثاق حضارة إنسانية راقية ، انقذت البشرية من التيه والضياع والشرك وعبادة الاصنام لتنحت في افاق الحرية المعاني العظام وتؤسس صرحاً يانعاً للحضارة ، ونشرت نور العلم والمعرفة في أرجاء المعمورة، من أمة كانت ترعي الغنم الي أمة تقود البشر . الذكرى العظيمة هي رسالة تسامح وعدل حيث تمضي الأيام وتبقى الرسالة خالدة مهما حاولوا اعداء هذا الدين من أن ينالوا منه لتشويه صورة الإسلام تبقى الحقيقة خالدة ولا تتبدل ونحن اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى العودة الصادقة لنهج المحبة والمودة والتآلف والوحدة التي دعا إليها صاحب الذكرى العطرة ونادى بها طيلة فترة بعثته المباركة ، فاليوم علينا العودة إلى النهج الصافي لدعوة الرسول الكريم الهادفة إلى وحدة وتلاحم الأُمَّة بكل أطيافها .. إننا اليوم أحوج ما نكون إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة والوقوف جميعاً صفاً واحداً ، ما أحوجنا اليوم الي الأخلاق في ذكري صاحب الخلق العظيم ، والدعوة إلى كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة والخلاف والتشرذم ، ما أحوجنا الي أن نسير بنهج المصطفى في الحكمة والتسامح والتآلف والتعاون سبيلاً لتحقيق وحدتنا العربية والوطنية وأصولنا الاجتماعية الراسخة التي يعتز بها كل مسلم. كل عام والأمة العربية والاسلامية بخير وأمن وسلام