بعد الهجوم الإيراني.. مصر للطيران تعلن استئناف رحلاتها لدول الخليج    إعلام إيراني: انفجارات طهران الليلة هي الأكبر منذ 12 يومًا    انفجار في قاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين وسط العراق    قطر تعلن استئناف حركة الملاحة الجوية بعد تعليقها مؤقتًا    كأس العالم للأندية.. مفاجآت في تشكيل بورتو أمام الأهلي    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    كانت تعبر الطريق.. تفاصيل مصرع سيدة صدمتها سيارة في الهرم    اليوم.. طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان مادة اللغة الأجنبية الثانية    تامر عاشور يشعل ليالي "موازين 20" بالرباط.. ومسرح العظماء يستعد لصوته    جامعة عين شمس تستقبل وفدا رفيع المستوى من هونج كونج لتعزيز التعاون المشترك    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    محمد سلامة يعلن انتهاء أزمة مرتبات العاملين بالاتحاد السكندري ويجتمع بلاعبي السلة والقدم    الغضب سيطر على تصريحاتهم.. ماذا قال نجوم أتلتيكو مدريد بعد توديع كأس العالم للأندية؟    رويترز عن مسؤول بالبيت الأبيض: إسرائيل توافق على وقف النار شرط التزام إيران    تشكيل بورتو الرسمى أمام الأهلى فى كأس العالم للأندية 2025    ضبط عامل لاعتدائه على زوجته وزوجة شقيقه بسلاح أبيض في أبو النمرس    85.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الإثنين    10 صور ترصد عرض "الوهم" ضمن مهرجان الفرق المسرحية    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    تحرير 8 محاضر منشآت طبية غير مرخصة في سوهاج (صور)    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة في خطوات بسيطة    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    نجم الأهلي يقترب من الرحيل.. الغندور يكشف وجهته المقبلة    أحمد عبد القادر يعلن قراره بشأن الرحيل عن الأهلي.. مهيب عبدالهادي يكشف    مران خفيف للاعبي الأهلي في فندق الإقامة    عيار 21 الآن.. وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الثلاثاء 24 يونيو 2025    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025    روسيا: هجمات واشنطن وتل أبيب على إيران تؤدي إلى تصعيد متزايد في الشرق الأوسط    إصابة عامل بطلق خرطوش في دار السلام بسبب خلافات الجيرة وضبط الجاني    استعدوا للهجمات الصيفية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: درجة الحرارة 41 مئوية    ضبط صاحب محل ملابس استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بزعم توظيفها في سوهاج    المتحدث باسم الداخلية القطرية: الوضع الأمنى فى البلاد مستقر بالكامل    أيمن سمير يكتب: 4 سيناريوهات للحرب الإسرائيلية - الإيرانية    أخبار 24 ساعة.. وزارة التعليم: تنفيذ برنامج تدريبى لمعلمي المدارس الفنية    ذاكرة الكتب| التاريخ الأسود ل إسرائيل في اغتيال علماء الذرة العرب.. سميرة موسى نموذجًا    سلمى أبو ضيف: والدى كان صارما وصعبا مما جعلنى متمردة    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    وزير الخارجية الأسبق: يحدث الآن عملية تهجير ناعمة بغزة دون إدراك من العالم    واجهة المكتبات    "طلعت مصطفى" تتصدر قائمة أقوى 100 شركة فى مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    البابا تواضروس يعزي بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في ضحايا هجوم كنيسة مار إيلياس    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    "مصر للطيران" تعلن بدء استئناف الرحلات وفقًا للجدول المعدّل    منها الجزر والباذنجان.. 5 أطعمة تخفض الكوليسترول الضار ب الدم    د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام (هى الحل!!)    وزير قطاع الأعمال يشارك ممثلا عن مصر في افتتاح قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية في دورتها ال17 بأنجولا    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة قناة السويس    الحرس الثوري الإيراني يهدد باستهداف قاعدة الظفرة في حال انطلاق هجوم أمريكي منها    ليلى الشبح: الدراما العربية تعد من أبرز أدوات الثقافة في المجتمعات    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    دار الإفتاء توضح بيان سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    الرعاية الصحية تطلق الفيديو الخامس من حملة «دكتور شامل» لتسليط الضوء على خدماتها لغير المصريين    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    رئيس الشيوخ في ختام عمل المجلس: نجدد العهد مخلصين للوطن أيا كانت مواقعنا    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :الصراع بين الإخوان والسلفيين.
نشر في الزمان المصري يوم 11 - 01 - 2013

لم تكن المفاجأة الكبرى في نتيجة الانتخابات البرلمانية المصرية هي فوز الإسلاميين بأغلبية كبيرة من الأصوات. فالمتأمل للمجتمع المصري كان سيقول بأن الأحزاب الإسلامية سوف تسود. لكن ما لم يتوقعه الكثيرون أن 40 بالمائة تقريبًا من الذين صوتوا للإسلاميين لم يختاروا جماعة الإخوان المسلمين، وهي أكبر وأقدم حركة معارضة في البلاد. لكنهم أيدوا تحالفاَ من ثلاث أحزاب سلفية حديثة العهد بالسياسة، لم يكن قادتها معروفين لمعظم المصريين قبل الثورة. وبالإضافة، كان السلفيون )باستثناء قلة منهم( معارضين للثورة في وقت اندلاعها ولم يعلنوا تأييدهم لميدان التحرير إلا قبل أيام من تنحي حسني مبارك. 2 و مع ذلك، حصد التحالف السلفي 28 بالمائة من الأصوات في انتخابات مجلس الشعب، بما يمثل 127 مقعدًا من أصل 508 مقاعد. وقد تأكد تأثير السلفيين لاحقًا في انتخابات مجلس الشورى، حيث حصلوا على 45 مقعدًا من أصل 180 مقعدًا. كيف لنا أن نفهم تقدم السلفيين؟ والآن وبعد أن أصبحوا يمثلون ثاني أقوى فصيل في البرلمان، ما الذي ينتظر حركتهم في المستقبل أن السلفية هي منهج فكري لفهم الإسلام، له قواعد وأصول. والمقصود به رؤية القرآن والسُّنة وتطبيقهما بمنظور وفهم السلف الصالح وهم الصحابة - رضوان الله عليهم - والتابعون وتابعو التابعين؛ أي القرون الثلاثة الأولى ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين. وتقوم الفكرة السلفية على مجموعة قواعد يطلَق عليها منهج التلقي، ومنها: كل ما وافق الكتاب والسنة يتم إثباته وما خالفهما يُبطَل، ولا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أن إجماع السلف حجة شرعية ملزمة للخلف، ولا تُقِرُّ السلفية قولاً ولا تقبل اجتهاداً إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة والإجماع، ولا تعارِض القرآن والسنة بعقل أو رأي أو قياس، وغير ذلك من القواعد. وهذه القواعد الواضحة في التعامل مع النصوص الشرعية تجعل الأساس في المنهج السلفي جليّاً نقياً، وهذا الوضوح يجعله في مقدمة المناهج على ساحة الصحوة الإسلامية. كما أن منهج التلقي هذا يجعله بمثابة إطار جامع لكل من ينتسب للسلفية. لقد كان المنهج السلفي هو المنهج الذي تلجأ إليه الأمة الإسلامية طيلة تاريخها في اللحظة الفارقة؛ عندما يختلط فهم الإسلام النقي بمفاهيم متعددة وافدة، أو مفروضة. والسمة الثانية لهذه اللحظة أيضاً: أنها لحظة صدام مادي مرتبط بالرؤية السلفية؛ ففي الصعود السلفي الأول زمان الإمام أحمد بن حنبل ارتبط هذا الحدث بشيئين، هما: فتنة خلق القرآن التي كان يقول بها المعتزلة، وأصرَّ الإمام أحمد على إظهار عقيدة السلف؛ فهنا تعرَّضت الرؤية العقيدية السلفية إلى التشويه. كما ارتبطت بتعذيب من يتمسك بها ومحاولة إجبار الناس على رؤية مخالفة. و نلمح صعوداً سلفياً آخر في زمن ابن تيمية عند المد التتري الثاني على العالم الإسلامي، وكان التتار حينئذٍ يدَّعون الإسلام، وامتنع المسلمون عن قتالهم، فخرج ابن تيمية للناس يذبُّ عن منهج الإسلام النقي الذي يرفض التحاكم الى غير القرآن كقانون (الياسق) الذي كان يتحاكم إليه التتار، مع ملاحظةِ أن تلك اللحظة التاريخية ارتبطت أيضاً بصدام بين المسلمين والتتار، وبين علماء أهل السُّنة والحكام. وفي انبعاث السلفية عصرَ دعوة ابن عبد الوهاب ارتبط ظهور السلفية بالشوائب التي شابت الإسلام بالبدع والخرفات والممارسات الشركية، فجاءت السلفية لتجلو وجه الإسلام الناصع مرة أخرى مع وجود الصدام المسلح أيضاً؛ سواء مع المناوئين للدعوة من داخل الجزيرة أو خارجها. ونجيء إلى اللحظة الراهنة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م فلم تكن نظرة الغرب لتلك الأحداث أن مجرد مجموعة من الشباب العرب المسلمين الغاضبين قد هاجموا بعض المنشآت الاقتصادية السياسية في الولايات المتحدة (طليعة الغرب وزعيمته، ونموذجه المبهر للعالم كله) ولكن الرؤية لتلك الأحداث كانت أعمق من هذا بكثير؛ حيث اعتبروه انتفاضة إسلامية على مسيرة حضارة غربية مظفَّرة تسود العالم وتنتشر قيمُها في كل بقعة وصقع، وهي التي ظنت أنها حسمت منذ فترة طويلة صراعها مع المسلمين أو بدا لها ذلك. وإذا كان السياسيون والعسكريون قد شرعوا في إعداد الإستراتيجيات للرد العسكري والسياسي على تلك الهجمات، فإن المفكرين الإستراتيجيين والباحثين الغربيين - وخاصة في الولايات المتحدة - أخذوا يفنِّدون خلفيات وجذور الفكر الذي استقى منه هؤلاء المهاجمون قيمَهم وأفكارَهم ليصوغوا إستراتيجيات جديدةً للمواجهة الفكرية مع العالم الإسلامي لتتبلور في ما بعد في شكل سياسات يحاول التنفيذيون تطبيقها في الواقع، وكان أكثر هذه الإستراتيجيات خطورة ما اصطلح عليه في الأدبيات الأمريكية ب (إعادة بناء الإسلام). إذن الصعود السلفي الحالي في العالم الإسلامي يرتبط بمحاولة فرض فهم جديد للإسلام، مثل: الإسلام الليبرالي والإسلام الفرنسي والإسلام الأمريكي، كما أنه أيضاً مرتبط بتصعيد الحرب العسكرية على بلاد المسلمين. أما المستوى الثاني في فهم السلفية: فهو الحديث عن تطبيقاتها المعاصرة على أرض الواقع، فيجيء الاختلاف عند وصف الواقع وكيفية التعامل مع هذا الوصف. ونتيجة لهذا الاختلاف ظهرت السلفيات المتعددة؛ فهناك السلفية الجهادية: وهي ترى أن الجانب العسكري مقدَّم للتعامل مع الواقع واستحضرت النصوص الشرعية التي تثبت به نظرتها هذه، وكذلك الحال عند الحديث عن السلفية العلمية والسلفية كان هذا التصادم بين الإسلاميين مدهشًا في بعض الحالات. فبالرغم من أن العلاقة بين الإخوان والسلفيين كانت متوترة بشكل عام قبل الثورة، شهدت الأشهر القليلة التالية لسقوط مبارك وفاقًا حقيقيًا بين الجماعتين. تفوه رواد السلفيين ببيانات إيجابية عن الإخوان، حيث وصفوهم بأنهم – على حد قول محمد حسان “الأكثر أهلية والأجدر بدخول البرلمان،" 28 بينما قام الإخوان بمحاولة جادة ليجعلوا السلفيين مصدر دعم للحركة. 29 وفي مارس 2011 ، أطلق المجموعتان معًا حملة للتصويت “"بنعم" وذلك للموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة. وتشير حقيقة حصول رأيهم على نسبة 77 في المئة من الأصوات إلى تحقيق النصر لكليهما. مع ذلك يبدو أن نقطة التحول في العلاقة هي مظاهرة 29 يوليو 2011 . فهذه هي أول مرة بعد الثورة يقرر فيها الإسلاميون جميعًا التظاهر في ميدان التحرير. تم إبرام صفقة مع القوى غير الإسلامية التي وافقت على المشاركة بشرط أن تقتصر الشعارات على المطالبات بالانتقال السريع إلى الحكم المدني ومحاكمة مسئولي النظام السابق. وبالرغم من التزام أعضاء الإخوان بالاتفاقية، استخدم كثير من السلفيين ملصقات تطالب بتطبيق الشريعة وهتفوا “إسلامية، إسلامية." كانت المظاهرة، التي أطلق عليها الليبراليون “جمعة قندهار،" بمثابة كارثة في العلاقات العامة بالنسبة للإسلاميين. فلم يجد الإخوان، الذين يعمدون دائمًا إلى الحفاظ على صورتهم المحترمة، خيارًا إلا انتقاد الأحداث بشدة. 30 ومن الآن فصاعدًا سيزداد الصدع بين الإخوان والسلفيين. عن استعدادها لخوض لعبة السياسة المؤسسية. فقد اتخذت موقفًا غير مناوئ نسبيًا بشأن حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقد أدى هذا إلى استنكار بعض أعدائها الليبراليين “للصفقة" المزعومة بين الإسلاميين والجيش. 45 كانت إستراتيجية تجنب معارضة المجلس الحاكم ناجحة في أنها ساعدت هذه الأحزاب على أن تجعل البرلمان بمثابة معقل للنفوذ الإسلامي. ولكن البرلمان ليس المركز الوحيد للسلطة أو الشرعية في مصر الثورة. فقد استمر ميدان التحرير يمثل مصدرًا بديلاً للشرعية السياسية، بخطاب معادٍ بشكل متزايد للحكم العسكري. وقد شاهد الميدان غالبًا مظاهرات من اليساريين والليبراليين خلال الأشهر التالية للثورة. ومنذ صيف 2011 ، شارك السلفيون في هذه المظاهرات بأعداد متزايدة. هؤلاء السلفيون ليسوا غالبًا من مؤيدي حزب النور؛ فقد منع الحزب والدعوة السلفية في كثير من الأحيان الأعضاء من المشاركة. ينتمي هؤلاء السلفيون “الثائرون" إلى حركات أصغر منظمة على نحو غير محكم.
** كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.