وزير التعليم العالي يعلن أسماء (50) فائزًا بقرعة الحج    انتظام التصويت بالسفارة المصرية في الرياض    رئيس جامعة المنوفية يستقبل المحافظ وضيوف الجامعة في احتفال عيدها التاسع والأربعين    ارتفاع سعر الدولار في البنوك المصرية (آخر تحديث)    ميناء دمياط يستقبل 11 سفينة ويصدر أكثر من 43 ألف طن بضائع خلال 24 ساعة    مدبولي: الاقتصاد الوطني حقق نموًا ملحوظًا بمشاركة القطاع الخاص    جامعة أسوان تشارك في احتفالية عالمية لعرض أكبر لوحة أطفال مرسومة في العالم    باسل رحمى: خطة فى بورسعيد لتطوير مشروعات إنتاجية وجعلها قادرة على التصدير    جهود وزارة التموين لمنع محاولات الاحتكار والتلاعب بأسعار السلع.. تفاصيل    اليابان تدين استمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية    تواصل الاشتباكات الحدودية بين تايلاند وكمبوديا    بحضور بوتين.. مجلس الاتحاد الروسي يوصي الخارجية بالعمل على حوار مع واشنطن والتوصل لتسوية دائمة في أوكرانيا    بيراميدز يتلقى إخطارا بشأن تحديد مواعيد مباريات دور المجموعات لبطولة دوري أبطال أفريقيا    موعد مباريات بيراميدز فى الجولات 3 و4 و5 من مجموعات دوري أبطال أفريقيا    بدء جلسة محاكمة اللاعب السابق علي غزال بتهمة النصب    وكيل تعليم الإسكندرية: مدارس التكنولوجيا التطبيقية قاطرة إعداد كوادر فنية لسوق العمل الحديث    تأجيل محاكمة عامل استدرج صديقه بحجة إقراضه مبلغ مالى وقتله فى شبرا الخيمة لفبراير المقبل    أحمد فهمي يكشف لمعتز التوني في "فضفضت أوي" ذكريات خاصة مع أحمد السقا    عفت محمد عبد الوهاب: جنازة شقيقى شيعت ولا يوجد عزاء عملا بوصيته    أصداء أبرز الأحداث العالمية 2025: افتتاح مهيب للمتحف الكبير يتصدر المشهد    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    مستشفى الناس تحتفل بإطلاق مركز الأبحاث الإكلينيكية رسميا.. خطوة جديدة نحو التحول لمدينة طبية متكاملة بِتَسَلُّم شهادة اعتماد من مجلس أخلاقيات البحوث الإكلينيكية بحضور مستشار رئيس الجمهورية وممثل الصحة العالمية    السكة الحديد: تطبيق التمييز السعري على تذاكر الطوارئ لقطارات الدرجة الثالثة المكيفة.. ومصدر: زيادة 25%    سبق تداوله عام 2023.. كشفت ملابسات تداول فيديو تضمن ارتكاب شخص فعل فاضح أمام مدرسة ببولاق أبو العلا    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 7 ملايين جنيه    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    مدافع من سيتي وآخر في تشيلسي.. عرض لتدعيم دفاع برشلونة من إنجلترا    تسليم 2833 بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة بالشرقية    شقيقة طارق الأمير تنهار بعد وصول جثمانه لصلاة الجنازة    حوار إسلامي مسيحي لأول مرة بقرية «حلوة» بالمنيا حول ثقافة التسامح في الجمهورية الجديدة (صور)    حسام بدراوي يهاجم إماما في المسجد بسبب معلومات مغلوطة عن الحمل    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    «الصحة» تعلن تقديم أكثر من 1.4 مليون خدمة طبية بمحافظة البحر الأحمر خلال 11 شهرًا    بالأعشاب والزيوت الطبيعية، علاج التهاب الحلق وتقوية مناعتك    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    الداخلية تكشف حصاد 24 ساعة من الحملات المرورية وضبط أكثر من 123 ألف مخالفة    أمم أفريقيا 2025| تفوق تاريخي للجزائر على السودان قبل مواجهة اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    أمم إفريقيا – براهيم دياز: سعيد بتواجدي في المغرب.. والجمهور يمنحنا الدفعة    وزير الري يحاضر بهيئة الاستخبارات العسكرية ويؤكد ثوابت مصر في ملف مياه النيل    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    بولندا: تفكيك شبكة إجرامية أصدرت تأشيرات دخول غير قانونية لأكثر من 7 آلاف مهاجر    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    حمادة صدقي: منتخب مصر فاز بشق الأنفس ويحتاج تصحيحا دفاعيا قبل مواجهة جنوب أفريقيا    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد قدكت 3.5 مليون خدمة طبية وعلاجية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    دبابات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    رغم تحالفه مع عيال زايد وحفتر…لماذا يُعادي السيسي قوات الدعم السريع ؟    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :الصراع بين الإخوان والسلفيين.
نشر في الزمان المصري يوم 11 - 01 - 2013

لم تكن المفاجأة الكبرى في نتيجة الانتخابات البرلمانية المصرية هي فوز الإسلاميين بأغلبية كبيرة من الأصوات. فالمتأمل للمجتمع المصري كان سيقول بأن الأحزاب الإسلامية سوف تسود. لكن ما لم يتوقعه الكثيرون أن 40 بالمائة تقريبًا من الذين صوتوا للإسلاميين لم يختاروا جماعة الإخوان المسلمين، وهي أكبر وأقدم حركة معارضة في البلاد. لكنهم أيدوا تحالفاَ من ثلاث أحزاب سلفية حديثة العهد بالسياسة، لم يكن قادتها معروفين لمعظم المصريين قبل الثورة. وبالإضافة، كان السلفيون )باستثناء قلة منهم( معارضين للثورة في وقت اندلاعها ولم يعلنوا تأييدهم لميدان التحرير إلا قبل أيام من تنحي حسني مبارك. 2 و مع ذلك، حصد التحالف السلفي 28 بالمائة من الأصوات في انتخابات مجلس الشعب، بما يمثل 127 مقعدًا من أصل 508 مقاعد. وقد تأكد تأثير السلفيين لاحقًا في انتخابات مجلس الشورى، حيث حصلوا على 45 مقعدًا من أصل 180 مقعدًا. كيف لنا أن نفهم تقدم السلفيين؟ والآن وبعد أن أصبحوا يمثلون ثاني أقوى فصيل في البرلمان، ما الذي ينتظر حركتهم في المستقبل أن السلفية هي منهج فكري لفهم الإسلام، له قواعد وأصول. والمقصود به رؤية القرآن والسُّنة وتطبيقهما بمنظور وفهم السلف الصالح وهم الصحابة - رضوان الله عليهم - والتابعون وتابعو التابعين؛ أي القرون الثلاثة الأولى ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين. وتقوم الفكرة السلفية على مجموعة قواعد يطلَق عليها منهج التلقي، ومنها: كل ما وافق الكتاب والسنة يتم إثباته وما خالفهما يُبطَل، ولا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أن إجماع السلف حجة شرعية ملزمة للخلف، ولا تُقِرُّ السلفية قولاً ولا تقبل اجتهاداً إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة والإجماع، ولا تعارِض القرآن والسنة بعقل أو رأي أو قياس، وغير ذلك من القواعد. وهذه القواعد الواضحة في التعامل مع النصوص الشرعية تجعل الأساس في المنهج السلفي جليّاً نقياً، وهذا الوضوح يجعله في مقدمة المناهج على ساحة الصحوة الإسلامية. كما أن منهج التلقي هذا يجعله بمثابة إطار جامع لكل من ينتسب للسلفية. لقد كان المنهج السلفي هو المنهج الذي تلجأ إليه الأمة الإسلامية طيلة تاريخها في اللحظة الفارقة؛ عندما يختلط فهم الإسلام النقي بمفاهيم متعددة وافدة، أو مفروضة. والسمة الثانية لهذه اللحظة أيضاً: أنها لحظة صدام مادي مرتبط بالرؤية السلفية؛ ففي الصعود السلفي الأول زمان الإمام أحمد بن حنبل ارتبط هذا الحدث بشيئين، هما: فتنة خلق القرآن التي كان يقول بها المعتزلة، وأصرَّ الإمام أحمد على إظهار عقيدة السلف؛ فهنا تعرَّضت الرؤية العقيدية السلفية إلى التشويه. كما ارتبطت بتعذيب من يتمسك بها ومحاولة إجبار الناس على رؤية مخالفة. و نلمح صعوداً سلفياً آخر في زمن ابن تيمية عند المد التتري الثاني على العالم الإسلامي، وكان التتار حينئذٍ يدَّعون الإسلام، وامتنع المسلمون عن قتالهم، فخرج ابن تيمية للناس يذبُّ عن منهج الإسلام النقي الذي يرفض التحاكم الى غير القرآن كقانون (الياسق) الذي كان يتحاكم إليه التتار، مع ملاحظةِ أن تلك اللحظة التاريخية ارتبطت أيضاً بصدام بين المسلمين والتتار، وبين علماء أهل السُّنة والحكام. وفي انبعاث السلفية عصرَ دعوة ابن عبد الوهاب ارتبط ظهور السلفية بالشوائب التي شابت الإسلام بالبدع والخرفات والممارسات الشركية، فجاءت السلفية لتجلو وجه الإسلام الناصع مرة أخرى مع وجود الصدام المسلح أيضاً؛ سواء مع المناوئين للدعوة من داخل الجزيرة أو خارجها. ونجيء إلى اللحظة الراهنة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م فلم تكن نظرة الغرب لتلك الأحداث أن مجرد مجموعة من الشباب العرب المسلمين الغاضبين قد هاجموا بعض المنشآت الاقتصادية السياسية في الولايات المتحدة (طليعة الغرب وزعيمته، ونموذجه المبهر للعالم كله) ولكن الرؤية لتلك الأحداث كانت أعمق من هذا بكثير؛ حيث اعتبروه انتفاضة إسلامية على مسيرة حضارة غربية مظفَّرة تسود العالم وتنتشر قيمُها في كل بقعة وصقع، وهي التي ظنت أنها حسمت منذ فترة طويلة صراعها مع المسلمين أو بدا لها ذلك. وإذا كان السياسيون والعسكريون قد شرعوا في إعداد الإستراتيجيات للرد العسكري والسياسي على تلك الهجمات، فإن المفكرين الإستراتيجيين والباحثين الغربيين - وخاصة في الولايات المتحدة - أخذوا يفنِّدون خلفيات وجذور الفكر الذي استقى منه هؤلاء المهاجمون قيمَهم وأفكارَهم ليصوغوا إستراتيجيات جديدةً للمواجهة الفكرية مع العالم الإسلامي لتتبلور في ما بعد في شكل سياسات يحاول التنفيذيون تطبيقها في الواقع، وكان أكثر هذه الإستراتيجيات خطورة ما اصطلح عليه في الأدبيات الأمريكية ب (إعادة بناء الإسلام). إذن الصعود السلفي الحالي في العالم الإسلامي يرتبط بمحاولة فرض فهم جديد للإسلام، مثل: الإسلام الليبرالي والإسلام الفرنسي والإسلام الأمريكي، كما أنه أيضاً مرتبط بتصعيد الحرب العسكرية على بلاد المسلمين. أما المستوى الثاني في فهم السلفية: فهو الحديث عن تطبيقاتها المعاصرة على أرض الواقع، فيجيء الاختلاف عند وصف الواقع وكيفية التعامل مع هذا الوصف. ونتيجة لهذا الاختلاف ظهرت السلفيات المتعددة؛ فهناك السلفية الجهادية: وهي ترى أن الجانب العسكري مقدَّم للتعامل مع الواقع واستحضرت النصوص الشرعية التي تثبت به نظرتها هذه، وكذلك الحال عند الحديث عن السلفية العلمية والسلفية كان هذا التصادم بين الإسلاميين مدهشًا في بعض الحالات. فبالرغم من أن العلاقة بين الإخوان والسلفيين كانت متوترة بشكل عام قبل الثورة، شهدت الأشهر القليلة التالية لسقوط مبارك وفاقًا حقيقيًا بين الجماعتين. تفوه رواد السلفيين ببيانات إيجابية عن الإخوان، حيث وصفوهم بأنهم – على حد قول محمد حسان “الأكثر أهلية والأجدر بدخول البرلمان،" 28 بينما قام الإخوان بمحاولة جادة ليجعلوا السلفيين مصدر دعم للحركة. 29 وفي مارس 2011 ، أطلق المجموعتان معًا حملة للتصويت “"بنعم" وذلك للموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة. وتشير حقيقة حصول رأيهم على نسبة 77 في المئة من الأصوات إلى تحقيق النصر لكليهما. مع ذلك يبدو أن نقطة التحول في العلاقة هي مظاهرة 29 يوليو 2011 . فهذه هي أول مرة بعد الثورة يقرر فيها الإسلاميون جميعًا التظاهر في ميدان التحرير. تم إبرام صفقة مع القوى غير الإسلامية التي وافقت على المشاركة بشرط أن تقتصر الشعارات على المطالبات بالانتقال السريع إلى الحكم المدني ومحاكمة مسئولي النظام السابق. وبالرغم من التزام أعضاء الإخوان بالاتفاقية، استخدم كثير من السلفيين ملصقات تطالب بتطبيق الشريعة وهتفوا “إسلامية، إسلامية." كانت المظاهرة، التي أطلق عليها الليبراليون “جمعة قندهار،" بمثابة كارثة في العلاقات العامة بالنسبة للإسلاميين. فلم يجد الإخوان، الذين يعمدون دائمًا إلى الحفاظ على صورتهم المحترمة، خيارًا إلا انتقاد الأحداث بشدة. 30 ومن الآن فصاعدًا سيزداد الصدع بين الإخوان والسلفيين. عن استعدادها لخوض لعبة السياسة المؤسسية. فقد اتخذت موقفًا غير مناوئ نسبيًا بشأن حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقد أدى هذا إلى استنكار بعض أعدائها الليبراليين “للصفقة" المزعومة بين الإسلاميين والجيش. 45 كانت إستراتيجية تجنب معارضة المجلس الحاكم ناجحة في أنها ساعدت هذه الأحزاب على أن تجعل البرلمان بمثابة معقل للنفوذ الإسلامي. ولكن البرلمان ليس المركز الوحيد للسلطة أو الشرعية في مصر الثورة. فقد استمر ميدان التحرير يمثل مصدرًا بديلاً للشرعية السياسية، بخطاب معادٍ بشكل متزايد للحكم العسكري. وقد شاهد الميدان غالبًا مظاهرات من اليساريين والليبراليين خلال الأشهر التالية للثورة. ومنذ صيف 2011 ، شارك السلفيون في هذه المظاهرات بأعداد متزايدة. هؤلاء السلفيون ليسوا غالبًا من مؤيدي حزب النور؛ فقد منع الحزب والدعوة السلفية في كثير من الأحيان الأعضاء من المشاركة. ينتمي هؤلاء السلفيون “الثائرون" إلى حركات أصغر منظمة على نحو غير محكم.
** كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.